حوار: مارش الحسام / لا ميديا -
تعد الرقائق الإلكترونية النواة الأساسية لنهضة البلدان تكنولوجيا وصناعيا، فلا يخلو أي منتج إلكتروني منها، بل إن كل الاختراعات التي يشهدها العالم اليوم انطلقت من منصة الرقائق الإلكترونية، ولطالما كانت هذه الرقائق عائقا كبيرا أمام المخترعين والمبتكرين اليمنين وتحول دون أن ترى إبداعاتهم وابتكاراتهم النور، وذلك لصعوبة الحصول عليها وبتكاليف باهظة وبطلب خاص من إحدى الدول الصناعية، وفي ظل العدوان والحصار صار من الصعب توفير هذه الرقائق.
وهو ما دفع المهندسين اليمنيين علي المرصد وعدي الجنيد إلى ابتكار خط إنتاج محلي الصنع هو الأول من نوعه في اليمن الوطن العربي لإنتاج الدوائر أو الرقائق الإلكترونية، والذي حصل على المركز الأول في المسابقة الوطنية لرواد المشاريع الابتكارية في نسخته الرابعة.
صحيفة “لا” التقت أصحاب هذا المشروع الابتكاري وأجرت معهم الحوار التالي، الذي تكفل بالإجابة على أسئلته المبتكر علي المرصد وبالإنابة عن شريكه في الابتكار عدي الجنيد.

 بداية حبذا لو نعرف القراء بأصحاب الابتكار؟
علي المرصد وعدي الجنيد، خريجا هندسة ميكاترونكس جامعة صنعاء عام 2021م، والفائزان بالمركز الأول في المسابقة الوطنية لرواد المشاريع الإبداعية والابتكارية الموسم الرابع.
 فكرة أو نبذة مختصرة عن الابتكار؟
اختراعنا هو عبارة عن خط إنتاج وتركيب للدوائر الإلكترونية المطبوعة، حيث إننا قمنا بتصنيع عدة آلات ومكائن قد تصل بين 12 و15 آلة، وجميعها محلية الصنع، والغرض منها إنتاج الدوائر الإلكترونية المطبوعة.

نواة النهوض التكنولوجي
 ما هي الاحتياجات التي يمكن أن يلبيها هذا الابتكار؟ أي بماذا سيفيدنا هذا الابتكار كيمنيين؟ أو ما الهدف منه؟
هذا الاختراع يعد النواة الأساسية نحو نهوض أي بلد في الناحية التكنولوجية، وما الحرب بين الصين وأمريكا إلا خير شاهد على أهمية المشروع، فمنذ أن قامت الصين بإنشاء مصانع لإنتاج الدوائر الإلكترونية فقد كسرت بذلك كل الحواجز التي وضعتها أمامها أمريكا للحيلولة دون النهضة التكنولوجية، وكما نرى تأثير شركة “هواوي” الصينية كمثال على كيف أن الغرب بأكمله يفرض عقوباتٍ عليها، وذلك لأنها أصبحت الشركة الرائدة في هذا المجال.
وأما بالنسبة لبلادنا فلا يكاد يخلو أي منتج محلي أو اختراع يمني من الدوائر الإلكترونية، فأي مخترع يحاول أن يخترع جهازا يمني الصنع يجب عليه أن يصنع دائرة إلكترونية، لذلك نحن نوفر لهم هذه الوسيلة كتسهيل لهم من أجل إخراج إبداعاتهم وابتكاراتهم إلى النور.

تلبية احتياج
 كيف جاءت الفكرة؟
توصلنا للفكرة بعد أن رأينا المعاناة التي نمر بها نحن الطلاب على وجه الخصوص والمهندسين العاملين في مجال الإلكترونيات بشكل عام، فعندما نحتاج إلى دائرة إلكترونية معينة يجب علينا أن نشتريها من الخارج، وقد تصل إلينا بعد مرور أكثر من 4 أشهر وبأسعار باهظة وتكاليف إضافية للشحن والجمارك وغيرها وكذلك بعد مدة طويلة جداً، فبدأنا في التفكير في ماذا لو قمنا بإنشاء خط إنتاج محلي الصنع بحيث يلبي احتياج السوق المحلية وكذلك يتيح المجال لأي مبتكر أو مستثمر أن يستثمر في مجال الإلكترونيات.

خبرات يمنية
 ابتكاركم ليس فكرة جديدة، فبماذا يمكن وصفه؟ هل هو تطوير أم اقتباس أم ماذا؟
الدوائر الإلكترونية ليست فكرة جديدة، ولكن الجديد هو أن خط إنتاجها محلي الصنع بالكامل بأياد وخبرات يمنية بحتة.

الأول على مستوى الوطن العربي
 ما الذي يميزه عن الأنواع الأخرى المنافسة له؟
الذي يميزه أنه الأول على مستوى اليمن والأول على مستوى الوطن العربي من حيث إن جميع المكائن يمنية الصنع، ومميزاته يمكن أن نلخصها في الآتي:
1. رخص السعر، لأن المنتج الخارجي يخضع لرسوم جمارك وشحن من الصين إلى اليمن، وتكاليف التصنيع و.. و.. إلخ.
2. سرعة الإنتاج، حيث يتم تجهيز المنتج بعد الطلب بمدة قصيرة جداً مقارنة بالمنتج الخارجي الذي يحتاج لمدة 10 أيام في الإنتاج و3 أشهر للشحن البحري إلى اليمن.
3. المطابقة للمتطلبات، فالمنتج الخارجي نجد فيه صعوبة في طلب التعديل، لأنه يتطلب رسوما باهظة من أجل التعديلات، ولكن عندنا يتم التصنيع حسب الطلب والمواصفات الخاصة بالزبون.
4. المقاومة الحرارية، لأن المسارات النحاسية التي يتم تصميمها عريضة جداً فلا تتعرض للحرارة مثل المنتج الخارجي.
5. سرعة نقل بيانات عالية.
6. سماكة عالية ومتانة للمادة الخام نفسها، فالمنتج الخارجي يقوم بتقليل سماكة المادة الخامة لتقليل التكاليف الإنتاجية.

نقلة نوعية
 كيف تصف مشاركتكم في مسابقة رواد الابتكار وحصدكم للمركز الأول في المسابقة؟
مشاركتنا في المسابقة كانت مميزة جداً، بل خطوة استثنائية ونقلة نوعية في تحديد مستقبلنا، والسبب في ذلك أن المرحلة الجادة للمشروع بدأت بعد انتهاء المسابقة، لأن المشروع كان عبارة عن اختراع ولكنه لم يدخل السوق الإنتاجية بعد، ولكن بعد المسابقة بدأ العمل على إخراجه وترجمته للسوق الإنتاجية.

كسب ثقة المستفيدين
 هذا يعني أن مشروعكم دخل فعلا خط الإنتاج.. والسؤال هل نال ثقة المستفيدين؟ وكيف تقبلوه؟
لا، لم يدخل بشكل كامل، لكن بدأنا ننتج بمقدار بسيط بحسب الموجود، والحمد لله المستخدمون والمستفيدون معجبون بالمنتجات بشكل كبير، لأن فيها عدة مميزات عن الدوائر الإلكترونية الخارجية وسبق أن ذكرناها في الفقرة السابقة.

الآن أفضل من السابق
 بشكل عام كيف تصف واقع المخترعين اليمنيين؟ وهل تعتقد أن الهيئة العليا للعلوم والابتكار تلبي طموحات من يحمل مشاريع ابتكارية؟
واقع المخترعين اليمنيين إبان الحكومات السابقة كان واقعا سيئا للغاية وذلك لسببين:
الأول: هو ضعف الوعي لدى المخترع بأهمية الاختراع لوطنه فيحاول جني المال من ورائه، وإذا لم يستطع يحاول السفر إلى الخارج ليخدم الخارج باختراعه.
أما السبب الثاني: فهو تهميش الحكومات السابقة للمخترعين، لأن الاهتمام بهذا الجانب كان شيئا غير مهم بالنسبة للحكومات السابقة، ولكن الآن بفضل الله والقيادة الثورية والسياسية فقد بدأ الاهتمام بهذا الجانب، بل أصبح من أهم الجوانب التي تركز عليها الحكومة، ولهذا السبب بالذات تم إنشاء الهيئة العليا للعلوم والتكنولوجيا والابتكار.

الجنون وتهمة التخابر بأوامر خارجية
 كثير من المخترعين اليمنيين أصيبوا بحالات نفسية أو إحباط بسبب تجاهل الحكومات السابقة لهم ومحاربتها للبعض.. ما السبب الذي يدفع الحكومات لمحاربة المبتكرين بدلاً من دعمهم؟
السبب في ذلك يعود أولاً إلى أنه كان هنالك أوامر خارجية تُلقى على الحكومة السابقة في مضمونها عدم النهوض باليمن، وتهميش العقول النابغة، لكي لا تقوم لليمن قائمة، فنجد الكثير من أصحاب المعدلات المتفوقة يصابون بنوبات من الجنون بسبب التهميش أو الظلم في إعطائهم استحقاقاتهم أو الاهتمام بهم، بل حتى كان يتم سجن البعض بتهمة التخابر للخارج وتعذيبهم حتى يصابوا بالجنون، ولكن الآن يوجد اهتمام خاص من القيادة للمخترعين وهذا يعتبر الحافز الأول للإبداع ويتبقى بعض القصور الذي نتمنى أن تتم معالجته مع الأيام بإذن الله.

اهتمام وتجاوب جيد
 كيف تصف اهتمام الحكومة الراهنة بالمخترعين؟
اهتمام جيد ولا بأس به في الحقيقة، نعتقد أن رؤية الحكومة للمخترعين هي رؤية رائعة جداً، ولكن يبقى القصور فقط في ترجمتها للواقع، أما بشكل عام فالاهتمام بالمخترعين اليمنيين موجود ولله الحمد.
 وماذا عن ابتكاركم هل لاقى تجاوبا حكوميا؟
التجاوب الحكومي يعتبر متمثلا بالهيئة العليا للعلوم والتكنولوجيا والابتكار، والهيئة تقدم ما في استطاعتها من أجل الاهتمام بهذا المجال، فقد أسست إدارة عامة خاصة بالمخترعين لتلبية احتياجاتهم، وأقامت المسابقة الوطنية لرواد المشاريع الإبداعية والابتكارية والتي من خلالها يتم التعرف على المخترع واختراعاته وكذلك تمويله وربطه بالمستثمرين إن أمكن، ولها جزيل الشكر في ما تقدمه.

 كلمة أخيرة..؟
أولاً، الحمد لله الذي منَّ علينا بهذه القيادة الحكيمة المتمثلة بالسيد المولى عبدالملك بن بدر الدين الحوثي حفظه الله.
والشكر أيضاً للقيادة السياسية للبلد ممثلة بفخامة المشير الركن مهدي المشاط، رئيس الجمهورية، الذي يدعم التوجه الابتكاري ويحاول تقديم كل ما يستطيع بذله في تبني المشاريع الابتكارية، فله جزيل الشكر منا ونتمنى منه الاستمرار في دعم هذا التوجه وعدم التوقف، كما نشكر كل وسائل الإعلام التي أظهرت مشروعنا وأبرزته إلى الشعب، والشكر الخاص لصحيفة “لا” على هذه الاستضافة لنا واهتمامها بالمخترعين بشكل دائم.