شعر: جميل الكامل / لا ميديا -
فاحتْ نسائمُ "طهَ" فارتوى الزمنُ
وأزهرتْ بربيعِ المولدِ اليمنُ

واخْضَوْضَرَتْ فرحةً أريافُنا وشَدتْ
على غُصُونِ ربيعِ المُصطَفَى المُدنُ

وأشرَقَ اليمنُ الميمونُ محتفلاً
في مولدٍ قطُّ لم تسمع به أُذُنُ

في مولدٍ أذهل الدنيا وفاجأها
فيه اليمانون كيف استنهضوا وبنوا

هذي الحشودُ ونصفُ الأرضِ يقصفهم
ونصفُ موطنِهِم أودى به الخَوَنُ

قيامةٌ، يمنُ الإيمانِ أعلنها
حبّاً ونصراً لمن وافتْ به المِنَنُ

حشرٌ مهيبٌ مهيبٌ لا تكاد ترى
من خلفهِ يمنِيّاً ضمه سكنُ

من كل فجٍّ عميقٍ أقبلوا وسعوا
وكلما اقتربوا من نوره أمِنوا

في مشهدٍ زلزل الكفار، أيأسهم
أودى بأحلام من خانوا أو ارتهنوا

رسالة ليهود الأرض سطَّرها
أنصارُ خيرِ الورى يسري بها العلنُ

اللهُ وقَّتَها في يوم عطلتهم
ومن له الأمرُ في تدبيرهِ سننُ

بها سيفزعُ أهلُ السبتِ ينذرهم
أنّا سنأتي إليهم حيثما قطنوا

وسوف نخرجهم من حلم دولتهِم
من وَهْمِ أنَّ لهم يوماً "ليفتهنوا"

من وَهْمِ أنَّ لهم مُلكاً سيحجزنا
من أن نُتَبِّرَ ما قد أفسدوا وبنوا

يومٌ سيرعبهم رعباً يزلزلهم
سيُلعنون به طراً كما لعنوا

فلا يمر بهم من بعده أبداً
سبتٌ وما ذكرتهم وعدها اليمنُ

في المولد النبوي اليوم نعلنها
نقول للأرضِ: إنا للهدى وطنُ

أحفادُ أنصارِ "طهَ" منذ شَعَّ سناً
فما وهَنَّا ولا أجدادُنا وهنوا

نُعلّم الأرضَ درساً في هُوِيَّتِنا
وأننا ليس تُثنِي عَزمنا المِحَنُ

ولا غرابةَ أن يُذكِي مَشاعِرَنا
بالمولد النبوي الشَّوقُ والشجنُ

ويخرج الشعب مسروراً ومبتهجاً
مَواكباً لهمُ الساحاتُ تَحتَضنُ

كأنّهم في الذُّرى الطوفانُ قد خرجوا
تكاد تحت خُطاهُم تغرقُ المُدُنُ

ولا غرابةَ إن جاؤوا أو احتشدوا
محبةً لرسولِ اللهِ أو ضعنوا

فمِن هنا "سبأٌ" وصى بنيه به
و"حِمْيَرٌ" من هنا وصى به "يَزَنُ"
 
ومن هنا هاجرَ الأنصارُ ذات ضحى
وفي ثرى "يثربٍ" حباً له سكنوا

وكيف لا نَملأُ الدُّنيا به فَرحاً
ونحن أولُ شعبٍ للهدى فطنوا

وأولُ الناسِ في الدنيا مبايعةً
ما أوقفت سعينا للمصطفى المحنُ

غبنا فأظلمت الدنيا بغفوتنا
وأفسد الشرُّ فيها واعتلى الوثنُ

وحينما مالَ ميزانُ الورى وطغوا
وللطواغيت دون الله قد ركنوا

عُدْنا نُعَدِّلُ بالإيمانِ كَفَّتها
فَبِاتِّبَاعِ رسولِ الله تَتَّزِنُ

جئنا نوثِّقُ ما أجدادُنا عقدوا 
من العهود لمن وافت به المِنَنُ

يا سيدي يا رسول الله نحن هنا
إن اليمانين ما هابوا ولا جَبُنوا

ورغم أحزانِنا جئنا لنرسلها
رسالةً للأعادي حيثما قطنوا

ما زاد أعراب "نَجْد" في سفاهتهم
إلا وزدنا رشاداً كلما فُتِنوا

حشد نكاد نرى فيه الرسول هنا
روحاً وإن غاب عن أبصارنا البدنُ

وحاضرٌ هو في البدر المنير هدىً
ما شُنِّفت بسديدٍ مثله أُذُنُ

تقود من آمنوا لله طلعته
كما تسوق إلى النيران من غبنوا

ويوقظ الهمم الوسنى ويشعلها
فقد طغى في عيون الأمة الوسنُ

القائد العلم الوافي على قدرٍ
في روحه نور خير الخلق يُختَزَنُ

ما لاح نور رسول الله في أَحَدٍ
إلا ومشكاته دون الورى اليمنُ

لأنهم من ينابيع الهدى انطلقوا
وبالمحبة أرواحاً به اقترنوا

خطَّانِ ما افترقا منذ التقائهما
ويشهد الله والتأريخ والزمنُ