«لا» 21 السياسي -
يعدّ هنري فورد، مؤسس شركة فورد للسيارات وراعي تطوير تقنية نظام التجميع للإنتاج المتسلسل، واحداً من أبرز الاقتصاديين الأمريكيين، وينسب إليه المساعدة في بناء اقتصاد أمريكا في سنوات ضعفها، وأحد رموز الثورة الصناعية الرأسمالية المتوحشة.
وعندما انتشرت الإضرابات العمالية والمطالب النقابية من قِبل ذوي الياقات الزرقاء الأوروبيين المسيّسين خلال الحرب العالمية الثانية، سأل فورد عن بلد لا تستهوي عمالَه الإضرابات ويعزفون عن الانخراط في العمل النقابي، فأشير له باليمن؛ فأرسل سفينة إلى ميناء عدن (تحت الاحتلال البريطاني حينها) عادت وعلى متنها ألفا يمني للعمل في مصانعه، دون أن يشغل نفسه بحقوقهم ومطالبهم.
اليوم (وعدن تحت الاحتلال مجدداً) يعاود أحفاد فورد العمل بما فعله الجد هنري نفسه، وإن بصورة أبشع وأشنع، حيث يجندون رخاص القوم للعمل معهم، ليس في مصانعهم وصناعاتهم، بل في قوادتهم وتحت قيادتهم، لتدمير وطن هؤلاء الخونة وقتل شعبه واحتلال جزره وموانئه وسرقة ثرواته.
يحكى أن هيلين كيلر، الأديبة الأمريكية الصماء والخرساء والعمياء الشهيرة، تحسست ذات يوم، كعادتها مع معظم مشاهير عصرها، وجه هنري فورد، فشعرت بالصدمة والفزع، ووصفته لاحقاً بالبشع والقاسي والوسخ، تعبيراً عن توحشه الرأسمالي، مثله مثل صديقه إمبراطور البترول روكفلر. والأخير ترك لفورد رسالة بعد مماته يقول له فيها: «ألتقيك في الجنة»، ليرد فورد: «هذا إن دخلناها أصلاً».
كيف لو عاشت كيلر حتى اليوم وتحسست بيديها وجوه ترامب وبايدن ونتنياهو ومبس ومبز؟!