تقرير -عادل بشر / لا ميديا -
شهدت محكمة غرب الأمانة، أمس، جلسة جديدة لمحاكمة المتهمين بجريمة الدواء الملوث الذي تسبب بوفاة 11 طفلاً من مرضى لوكيميا الدم في مستشفى الكويت بصنعاء، وإصابة 10 آخرين بمضاعفات، بينهم طفلان في مركز الأورام في سيئون بمحافظة حضرموت، أواخر أيلول /سبتمبر 2022م.

خلال الجلسة التي عُقدت برئاسة القاضي أسامة الجنيد، أفاد محامي أولياء أمور الأطفال الضحايا، عبدالمجيد صبرة، أن تعلٌل شركة «سيلون لابز» الهندية المُصنعة للدواء المُتسبب بالوفاة والإصابة لأطفال مرضى لوكيميا الدم، بأن الدواء لم يتم تصنيعه لليمن، لا يُعفيها من المسؤولية كون القوانين واللوائح التشريعية المحلية والدولية تلزمها بأن تصنع دواءً مطابقاً للمواصفات والمقاييس الغرض منه علاج المرضى وليس داءً قاتلاً لهم، سواء كان الدواء مُصنعاً للهند أو اليمن أو غيرها.
من جهته قال محامي الشركة الهندية إبراهيم الجنداري إن الشركة «لديها شهادة من منظمة الصحة العالمية بمطابقة الدواء المصنوع في الهند لجميع المواصفات والمقاييس، وإن كان ثمة إهمال فهو في اليمن، ومن الجهة المسؤولة وهي الهيئة العليا للأدوية، وليس من قبل الشركة المُصنعة للدواء». مُستفزاً بذلك محامي هيئة الأدوية الذي تقدم بسؤال لمحامي «سيلون لابز» لماذا لم تقم الشركة الهندية بتمكين فريق الهيئة الزائر لها عينة من أدوية الفيالات المصنعة لديها. وهو ما دفع محامي «سيلون لابز» للرد بأن الشركة الهندية ليست مسؤولة، كون دواء الميثوتركسات صُنع للهند فقط، وتم إدخاله إلى اليمن عبر التهريب، وعلى المحكمة التقصي عن الفاعل الرئيسي المتسبب بإدخاله إلى اليمن. لافتاً إلى أن الشركة لم يُطلب منها تسليم عينات لفريق هيئة الأدوية، الذي أوفدته الهيئة بعد الحادثة للتفتيش على مصانع الشركة الهندية.
وكان الأطفال من مرضى لوكيميا الدم في مستشفى الكويت، تلقوا أواخر أيلول/ سبتمبر 2022م، جرعة من دواء (methotrexate) ليتضح لاحقاً أن الدواء ملوث وأودى بحياة 11 طفلاً، وأدخل 10 آخرين العناية المركزة نتيجة للمضاعفات الخطيرة التي تسببت بها الجرعة الفاسدة.
وعززت هيئة الأدوية في جلسة الأمس، محاميها السابق بمحامٍ آخر، طلب فرصة لقراءة ملف القضية كون الملف كبيرا.
وفي ذات الجلسة حضر وكيل الشركة الهندية في اليمن يوسف يعقوب، الذي ألزمته المحكمة في جلسة الأسبوع المنصرم، بإحضار عقد الوكالة المبرم مع الشركة الهندية، فقدم في جلسة أمس، نسخة مصورة للعقد، وشدد عليه القاضي الجنيد بإحضار أصل العقد لجلسة الأسبوع القادم.
وقررت المحكمة تكليف الهيئة العليا للأدوية بتنفيذ قرار المحكمة السابق والمتضمن دفع مليون ريال لكل أسرة طفل متوفٍ أو مُصاب، جراء الجرعة الملوثة، كجزء من التعويض المستحق لهم، وأن يكون ذلك قبل الإجازة القضائية التي تبدأ في شهر ذي الحجة القادم.
يُذكر أن المتهمين في هذه الجريمة تسعة متهمين هم: فيصل محمد عوض، وفهد أبو بكر سالم، ويوسف علي صويلح، وعبدالله رشيد العريقي، والهيئة العليا للأدوية ممثلة برئيسها السابق محمد الغيلي، وصلاح الدين العامري، وصلاح عبدالله الحميري، وهيثم أحمد البكاري، وعمر رشيد العريقي، وجميع المتهمين مفرج عنهم بالضمان وتتم محاكمتهم خارج قضبان قفص الاتهام، عدا المتهم الأول.

والد طفلة الضحية جود: الله المستعان في المسؤولين
خارج قاعة المحكمة التقت صحيفة «لا» والد الطفلة جود فهد الصلاحي (13 عاماً)، التي كانت أحد الأطفال العشرة الذين حالفهم الحظ بالنجاة من الموت، لكنهم أُصيبوا بمضاعفات جعلتهم يتذوقون طعم الموت بشكل يومي.
يشير فهد الصلاحي إلى أن طفلته جود أُصيبت بمرض اللوكيميا وهي في العاشرة من عمرها، وتم إدخالها مستشفى الكويت، واستمرت في العلاج لأكثر من عام، حتى تحسنت صحتها كثيراً، مضيفا: «كان برنامج علاجها مجدولا لثلاث سنوات، وبعد ذلك جرعة واحدة وقائية وينتهي العلاج بإذن الله، وكنا قد تجاوزنا في الجدول خمسين أسبوعا، وصحتها تحسنت، حتى إن آخر فحص للنخاع العظمي أجريناه مطلع أيلول/ سبتمبر 2022م، كانت النتيجة صفر».
لم تدم فرحة الأسرة كثيراً، ففي أواخر ذلك الشهر ذهبت جود برفقة والدها إلى موعدها الأسبوعي بقسم لوكيميا الأطفال في مستشفى الكويت، ليتم إعطاؤها خُزعة في الظهر لأخذ عينة من نخاع العظم، تبين بعد ذلك أن الجرعة ملوثة وتسببت لها بمضاعفات مازالت تعاني منها حتى اللحظة، وفقاً لوالدها: «يوم 24/9/2022م، هو يوم الجرعة المشؤومة التي حقنوا بها ظهر جود، وكانت جرعة مفيرسة سببت لها ولبقية الأطفال مضاعفات جسيمة».
تمكنت جود من تجاوز مرحلة الموت، وتم إخراجها من العناية المركزة إلى قسم الرقود في مستشفى الكويت لتبقى هناك 45 يوماً: «ساءت حالتها النفسية كثيراً وهي في رقود المستشفى، فقمت بنقلها إلى البيت باتفاق مع الأطباء الذين عملوا خطة علاجية لها في المنزل، وأحضرت مختصا صحيا لعلاجها في البيت، على نفقتي، وبدأت صحتها تتقدم للأفضل، لكنها إلى الآن مازالت تعاني من المضاعفات، والمناعة لديها نزلت إلى الصفر، والخلايا السرطانية ارتفعت مجدداً، وقرر الأطباء أن نُعيد برنامج علاج اللوكيميا من البداية وحسبنا الله ونعم الوكيل».
واختتم الأب المكلوم حديثه لـ»لا» بالقول: «كنا آملين أن يتحرك المسؤولون وينقلوا أطفالنا ضحايا الجرعة الملوثة، للعلاج في الخارج ويجبروا بخاطرنا، لكن نقول لهم الله المستعان، ولو أن أحدا من أطفالهم بين المصابين أو المتوفين، لكانوا قلبوا الدنيا، لكننا مواطنون مستضعفون».