تقرير / لا ميديا -
يخفق كيان الاحتلال دائماً رغم المحاولات المتكررة للدخول إلى قطاع غزة، فخلال الليلة الماضية والتي سبقتها، حرّك الكيان جيوشه الجرارة، لبضعة أمتار، في رسالة قضم لأرض القطاع، وإعطاء معنويات للجنود، بضعة أمتار احتاجت لسيل من اللهب والنار رمى به الصهاينة مع كل حقدهم على رؤوس الأطفال والنساء والشيوخ، فأضافوا إلى المذبحة المستمرة مجازر جديدة، وأكملوا الحصار بقطع كل سبل التواصل والاتصال.
وبينما جيشه الهش يحاول التسلل عبر ثقوب أحدثوها في الجدار، أمطرهم الأبطال برسائل الموت الزؤام، واستقبلوهم بالكمائن وفاجؤوهم بالظهور من خلف ظهورهم، وعلى طول القطاع وعرضه واصلت صواريخ المقاومة دك «تل أبيب» ومستوطنات الاحتلال، ومازالت جُعبة الأبطال مُتخمة بالمفاجآت.
بعد الهزيمة القاسية، التي تلقّتها فِرَق «جيش» الاحتلال عند تخوم غزة من جانب أبطال المقاومة الفلسطينية، مساء أمس وأمس الأول، تأكّد لقياداته السياسية والعسكرية، أن تكلفة دخول قطاع غزة ستكون عالية جداً، ولا طاقة لهم على تحملها، وخصوصاً في ظل وجود أنفاق «حماس» التي تشكّل نوعاً من الاحتياطي الاستراتيجي لعمليات المقاومة وحركتها الميدانية واللوجستية، فضلاً عن أنها تُعَدّ خطاً دفاعياً غير مرئي للعدو، وتحدياً كبيراً وواضحاً محفوفاً بالمخاطر لأي توغل بري واسع، يهدف إلى ضرب حركة «حماس».
من هنا، عمد الاحتلال، طوال أيام عدوانه على غزة، إلى قصف مختلف المناطق الغزّية بصواريخ «ارتجاجية»، محاولاً تدمير شبكة الأنفاق المعقّدة تلك، والتي لطالما استخدمها مقاتلو المقاومة قاعدةً للعمليات العسكرية وتخزين الأسلحة، ومقراً للسكن والتخفي وإخفاء الأسرى، وفقاً للقيادات العسكرية الصهيونية، بحيث وصفت إحدى الأسيرات، التي تم إطلاق سراحها، ليلة الاثنين الماضي، المكان الذي تم أخذها إليه بعد أسرها من «كيبوتس» في الأراضي المحتلة بأنه «شبكة عنكبوت» من الأنفاق.

التحدي الهائل
ونشرت صحيفة «معاريف» العبرية، تقريراً بهذا الشأن تحت عنوان «جهنم تحت الأرض، والتحدي الهائل للجيش الإسرائيليّ، هذا هو عدد الأنفاق في غزة».
وقالت الصحيفة إن شبكة الأنفاق التي بنتها حماس في قطاع غزة تشكل تحديا كبيرا لأي توغل عسكري صهيوني بري في القطاع.
ونقلت عن خبراء عسكريين بينهم جون سبنسر، رئيس دراسات حرب المدن في معهد الحرب الحديثة في الأكاديمية العسكرية الأمريكية في ويست بوينت، القول إن حجم «التحدي الذي تواجهه إسرائيل في غزة في ما يتعلق بالأنفاق تحت الأرض فريد من نوعه».
وأضاف أن «شبكة الأنفاق الكبيرة والمتشعبة تشكل معضلة عصية على الحل، وخطرا يتربص بالقوات البرية الإسرائيلية».
وبحسب التقديرات، تضم شبكة الأنفاق 1300 نفق يبلغ طولها نحو 500 كيلومتر، ويصل عمق بعضها إلى 70 مترا تحت سطح الأرض، بينما تشير التقارير إلى أن معظم هذه الأنفاق يبلغ ارتفاعها مترين فقط، وعرضها مترين.
من جهته أفاد مايك مارتن، الخبير في شؤون الحرب في «كينغز كوليج» بلندن بأن «هذه الأنفاق سترغم القوات البرية الصهيونية على خوض حرب بثلاثة أبعاد».. موضحاً ذلك بالقول: «ستكون هناك عناصر ستطلق النار فوق الأبراج السكنية، وستكون هناك عناصر ستطلق النار تحت الأرض، وإذا تم تدمير مبنى، فإنه سيصبح كومة من الركام، بمعنى أنها ستصبح مكانا يسهل على أي مسلح الدفاع عنه وإطلاق النار منه».

كابوس
مجلّة «فورين بوليسي» الأميركية هي الأخرى أعدّت تقريراً بعنوان «القتال في الأنفاق كابوس».
ونقلت عن الرئيس السابق للقيادة المركزية الأميركية، الجنرال جوزيف فوتيل، قوله: «سيكون الأمر كذلك.. قتالا دمويا ووحشيا».
وحذر فوتيل من أن مقاتلي المقاومة «قد يستخدمون الأنفاق للظهور خلف القوات الإسرائيلية، أو نصب كمين لهم أو حتى أسر المزيد من الرهائن». مؤكداً أن قوات الاحتلال حاولت «قصف هذه الأنفاق، لكن من الصعب العثور عليها وتدميرها من الجو».
وأشارت المجلة إلى أنّ «إسرائيل تسعى إلى تدمير حماس، وهو ما يعني عملياً قتل قادتها. ومع ذلك، فقد ثبت أنه من الصعب العثور عليهم».

تقديرات صهيونية
وفي الواقع، لا يمتلك قادة «جيش» الاحتلال أي تصور واضح ودقيق بشأن أنفاق المقاومة، بل إن كل ما في حوزته مجرد تقديرات قابلة للخطأ، بصورة كبيرة. لذا، يزعم أنّ هذه الأنفاق، يمكن أن تتباين في الحجم والشكل، وتؤدي ممراتها الضيقة إلى غرف أكبر تُستخدم في تخزين الأسلحة وإيواء قادة المقاومة، بحسب الاستخبارات الصهيونية. كما أن شبكة الأنفاق متعرجة وغير متساوية، ومصممة، في بعض أجزائها، بطريقة متعرجة من أجل تجنب اكتشافها من الاحتلال وهي مزودة بالكهرباء. والأكثر أهمية، أن الدراجات النارية شوهدت وهي تسير داخلها، كما تم استخدام عربات لنقل الأسلحة، استناداً إلى الرواية الصهيونية.
ويقر القادة الصهاينة بأن القتال داخل الأنفاق أمر صعب للغاية، وهو يتطلب مجموعة مهارات محددة، ولاسيما أن التكتيكات والأسلحة غالباً ما تكون غير ملائمة تحت الأرض.
ليس هذا فحسب، بل يؤكد هؤلاء القادة أن من الصعب تنفيذ عمليات هجومية داخل الأنفاق، لأن أنظمة الملاحة والاتصالات، في كثير من الأحيان، لا تعمل حتى الآن تحت الأرض، وحتى أجهزة الرؤية الليلية تواجه صعوبات، لأنها تتطلب بعض الإضاءة المحيطة.
في المحصّلة، لا شكّ في أن قسماً كبيراً من أصعب المعارك، التي ستُخاض في هذه الحرب، سوف تكون بعيدة عن الأنظار، في ظروف بالكاد يتخيلها معظمنا. فالنتيجة قد تتوقف على ما يحدث في تلك الأعماق الكهفية، التي ستتحول إلى مقابر جماعية لضباط الاحتلال وجنوده إن فكروا في دخولها، أو إن عرفوا في الأصل مكانها.

متوعداً بالثأر.. فلسطيني يودع زوجته الشهيدة بكلمات خطّها على كفنها
في مشهد مؤثر، ودع فلسطيني في قطاع غزة زوجته وابنته الشهيدتين بكتابة كلمات مؤثرة على كفنيهما متوعدًا بالثأر لهما.
وظهر الفلسطيني المكلوم جالسًا أمام كفن زوجته وحاملًا ابنته الطفلة الشهيدة بيده، حيث بكى وقال: «والله سأنتقم منهم».
وعمد الرجل إلى الكتابة على كفن زوجته العبارات التالية: «قلبي تسنيم محمود. قلبي، قمري، عمري، حياتي، أحبك يا عمري، قلبي ونبضي».

حذر من تداعياته .. الإعلام الغربي: الغزو البري لغزة فاشل
مع استمرار محاولات قوات الاحتلال للدخول إلى قطاع غزة، تصاعدت الأصوات في الإعلام الغربي المؤكدة كارثية أي غزو بري للقطاع، على الكيان الصهيوني ومجنديه.
ففي مجلة «ناشونال إنترست» الأميركية، أوضح المحلل السياسي بول بيلار أن الغزو الصهيوني لغزة سيكون مصيره الفشل، مشيرًا إلى أن «إسرائيل» عمدت خلال حصارها الخانق للقطاع إلى تدميره بشكل دوري برًا وجوًا، خاصة بين عامي 2008 و2009، وكذلك في العام 2014، وقد كبدت تلك الغزوات قوات الاحتلال تكاليف كبيرة، ولم تنجح.
ورأى بيلار أنه فضلًا عن الغياب الواضح لأي خطة، فإنه كلما شنت «إسرائيل» غزوًا أكثر تدميرًا، زاد الغضب والاستياء منها.
وأضاف أن الحديث عن «تدمير» حماس، يتجاهل الإجابة على الأسئلة الأكثر أهمية عما قد يكون مطلوبًا لتحقيق الأمن.
وفي مجلة «فورين أفيرز» الأميركية، اعتبر مارك لينش أن أي عمل بري في غزة سيكون كارثة على الاحتلال، موضحًا أن «الغزو البري لغزة سوف يشكل كارثة إنسانية وأخلاقية واستراتيجية، فهو لن يضر بأمن إسرائيل على المدى الطويل ويلحق بالفلسطينيين تكاليف بشرية فحسب، بل سيهدد أيضًا المصالح الأميركية في الشرق الأوسط».
وشكك لينش في نجاح الغزو، مؤكداً أن فصائل المقاومة، توقعت مثل هذا الرد الصهيوني وهي مستعدة جيداً لحرب طويلة الأمد ضد قوات الكيان التي قال إنها  لم تشارك في مثل هذا القتال منذ عدة سنوات.
وفي صحيفة «نيويورك تايمز»، قال نيكولاس كريستوف: «بعد أسبوع أمضيته في إعداد التقارير في إسرائيل والضفة الغربية اسمحوا لي أن أشارككم الأسباب التي تجعلني أعتقد أننا سوف ننظر ذات يوم إلى هذه اللحظة ونرى فشلاً أخلاقيًا وسياسيًا».
واعتبر أن هناك شكوكًا في نجاح الغزو البري، ويرجع ذلك جزئيًا إلى أن معظم العمليات العسكرية التي بدأت بشكل متفائل انتهت بمستنقعات من الدم».
وأضاف كريستوف: «عندما نسمع مؤيدي الغزو يتحدثون عن القضاء على حماس، فإن ذلك يذكرنا بالأصوات التي سمعناها في عامي 2002 و2003، والتي وعدت بتحرير العراق».
أما بول روجرز فتحدث في «الغارديان» البريطانية، عن الأسباب التي تجعل أي هجوم بري على غزة يفشل.
وقال روجرز: «في يوليو/ تموز 2014، نفذ الجيش (الإسرائيلي) توغلًا بريًا كبيرًا في غزة، وتكبد لواء النخبة غولاني خسائر فادحة، واليوم من المؤكد أن حماس مستعدة وعلى يقين بأن إسرائيل ستلجأ إلى العمليات الجوية قبل أي هجوم».
وأضاف: «نظرًا لتصميم حكومة بنيامين نتنياهو المطلق على تدمير حركة حماس، فسوف يُقتل آلاف الفلسطينيين ويجرح عشرات الآلاف»، عندها بحسب الكاتب «بدلاً من القضاء على حماس، فإن الحرب ستؤدي إلى انضمام عشرات الآلاف من الشباب الفلسطينيين الغاضبين إلى الحركة أو فصائل المقاومة الأخرى».