تقرير / عادل عبده بشر
في ما يبدو أن الولايات المتحدة الأمريكية، استنفدت خياراتها لفك الحصار الذي تفرضه قواتنا المسلحة اليمنية على الاحتلال الصهيوني، كما فتحت واشنطن باباً لن تستطيع الخروج منه بسهولة، باستهدافها زوارق حربية تابعة للبحرية اليمنية، الأحد الماضي، وإن تكلفة هذا الاعتداء ستكون باهظة، بحسب تأكيدات القيادة في العاصمة صنعاء، لجأت الإدارة الأمريكية إلى محاولة تحريك مجلس الأمن ضد اليمن وتلت ذلك باستصدار بيان من 12 دولة، الأربعاء المنصرم، لوّحت فيه باستخدام القوة لفرض وقف العمليات اليمنية، مما يؤشر إلى نية أمريكية لتنفيذ عدوان على اليمن.
وبينما يناقش المحللون تبعات الهجوم الأميركي على 3 زوارق يمنية، ويختلف المسؤولون الغربيون حول جدوى دعمهم التحالف العسكري المسمى «حارس الازدهار» في وقت شديد الحساسية، يبقى الثابت الوحيد هو المشهد اليمني المتمثل بتماسك القيادة مع قواتها المسلحة مسنودة بتأييد ملايين الشعب اليمني، ما يؤكد أن صنعاء في أتم الجهوزية لحرب طويلة مع واشنطن و«تل أبيب» لن تتوقف عند الرد على جريمة الاعتداء على دورياتها البحرية التي أسفرت عن استشهاد 10 من منتسبي البحرية اليمنية، وقد تنتهي بطرد الوجود العسكري الأمريكي من البحر الأحمر.

تحذير شديد اللهجة واصطياد سفينة جديدة
القوات المسلحة اليمنية حذّرت «العدو الأميركي» أو غيره، من أي اعتداء أو إجراء يمثّل حماية للسفن التجارية التي تذهب إلى الكيان الصهيوني، مؤكدة أن أي اعتداء من هذا النوع لن يمرّ دون ردّ أو عقاب.
جاء ذلك التحذير على لسان المتحدث الرسمي باسم القوات المسلّحة، العميد يحيى سريع، في بيان، عصر الأربعاء 3 كانون الثاني/ يناير الجاري، أعلن أن قواتنا البحرية أفشلت محاولة جديدة لسفينة تابعة لمجموعة «سي إم آ سي جي إم» CMA CGM TAGE الفرنسية العملاقة للشحن، عبور البحر الأحمر، إلى موانئ فلسطين المحتلة، بعد رفض طاقمها الاستجابة للنداءات التحذيرية التي وُجّهت إليه عبر جهاز الراديو، كما للرسائل التحذيرية النارية، ما دفع بالقوات البحرية إلى تنفيذ عملية عسكرية نتج عنها وقف السفينة بالقوة.
وجدّد سريع تأكيد القوات المسلحة اليمنية الاستمرار في منع السفن «الإسرائيلية» أو المتجهة إلى موانئ فلسطين المحتلة من الملاحة في البحرين الأحمر والعربي، حتى إدخال ما يحتاجه قطاع غزة من غذاء ودواء.. مشددا على «حرص اليمن على أمن الملاحة البحرية الدولية» وأن هذه العمليات تشمل فقط السفن التي لها صلة بالاحتلال وتلك المتجهة إلى موانئه.
في غضون ذلك توعد وزير الدفاع بحكومة تصريف الأعمال اللواء الركن محمد ناصر العاطفي بأن الرد على الاعتداء الأمريكي بحق منتسبي القوات البحرية سيكون قاسياً ومتمكناً من مكامن الوجع والألم وبأساليب قتالية فوق احتمالاتهم وحساباتهم العسكرية.
وقال العاطفي خلال اجتماع ضم قيادة المنطقة العسكرية الخامسة والشُعب والتخصصات العسكرية في المنطقة، أمس  الخميس: «ليكن مفهوماً للأمريكي والبريطاني والفرنسي أننا لا نقبل الضيم ولا نرضى بأن تطالنا يد عابث أو مغامر، فنحن شعب عصيُ على التطويع وقويُ على الشدائد ومن يدفعه سوء حظه وتقديره أن يعبث معنا فلا يلوم إلا نفسه».
وأضاف: «نقول للصهاينة ومن يساندهم، البحر الأحمر قد تحول إلى مصيدة لهم وحصارهم أمر قائم حتى التخلي عن حصارهم وجرائمهم ضد شعبنا الفلسطيني».

رفض ادعاءات أمريكا
إلى ذلك أكد المكتب السياسي لأنصار الله، أن أي استهداف لليمن سوف يستدعي ردا واسعا وكبيرا، مشيرا إلى أن اليمن يرفض أي تهديد لأمنه واستقراره.
وأوضح المكتب السياسي لأنصار الله في بيان، أمس ، أن اليمن يرفض ادعاءات أمريكا وحلفائها عن وجود تهديد يمني للملاحة الدولية في البحر الأحمر، معتبرا ذلك تضليلا للرأي العام.
ووصف التصعيد الأمريكي الأخير بالخطير واللامسؤول وعلى أمريكا ومن معها أن يتحملوا تبعاته، لافتا إلى أن على أمريكا وحلفائها الأشرار أن يدركوا أن تحالفهم الخبيث لن يمنع اليمن من مواصلة دعمه لغزة بعمليات عسكرية.
وأشار المكتب السياسي لأنصار الله إلى أن تحالف أمريكا وحلفائها لحماية سفن «إسرائيل» هو ما يشكل الخطر الحقيقي لأمن وسلامة الملاحة الدولية ولأمن المنطقة ككل، نافياً ما تدعيه أمريكا وبيان الدول الـ12 بأن هناك تهديدا للملاحة الدولية.
وختم المكتب السياسي لأنصار الله بيانه بالتحذير لكيان العدو «الإسرائيلي» من مغبة استمرار عدوانه وأن عليه أن يدرك أن أي تحالف في البحر الأحمر لن يوفر الأمن للسفن التابعة له.

لا صواريخ تكفي لمواجهة اليمنيين
الإعلام الغربي وكعادته لم يكن بعيداً عن الأحداث في البحر الأحمر، حيث ذكرت صحيفة «ناشيونال إنترست» الأمريكية، أنّ خزانة الصواريخ والذخائر الأميركية «لاتزال عارية ضد الهجمات المتكررة من الأعداء، بأسلحة أرخص بكثير» حسب تعبيرها.
ورأت الصحيفة أنّ واشنطن بحاجة إلى تذكير بأنّ العالم غير المستقر بشكل متزايد في ثلاث مناطق قد كشف عن «سخافة خطط البنتاغون للاستعداد لحرب قصيرة واحدة فقط».
وأضافت أنّ ما يزيد الطين بلة، هو عجز البنتاغون عن استبدال مخزونات القنابل والصواريخ والذخيرة والقذائف المستنفدة بسرعة، «ما يعني أنّه يتعين على الأعداء، أن يستمروا في شن هجماتهم حتى ننفد ببساطة من الذخيرة»، مشيرة إلى أنّ إيران لديها أكثر من 3000 صاروخ باليستي «لاستخدامها أو إعطائها لقائمة أصدقائها المتزايدة» حدّ وصف الصحيفة.
وفي ظل عمليات واشنطن الحالية، لما اعتبروه «حماية الشحن التجاري من الهجمات المستمرة التي يشنها اليمنيون»، تلقي ضغوط الاستعداد المالي والعسكري الناجمة عن العمليات الحالية بظلالها أيضاً، على استعداد البحرية لمواجهة تحديات مقبلة، بحسب الصحيفة.
وأوردت أنّ «التكلفة الباهظة لذخائر الدفاع الجوي الدقيقة، تسلط الضوء على المعضلة التي تواجهها البحرية في اتخاذ إجراءات ضد التهديدات، عندما تكون المخزونات محدودة للغاية، كما يتفاقم التحدي بسبب التحليل الأخير، الذي يكشف عن عدم كفاية في عمق مخزن الأسلحة البحرية، مما قد يؤثر على استعدادها لصراع شديد الحدّة». مشددة بالقول إنّه «يجب على واشنطن أن تستيقظ من سباتها، وتتحرك بشكل أسرع وتعمل بإلحاح أكبر لاستعادة الردع التقليدي ذي المصداقية في جميع أنحاء العالم»، مؤكدةً أنّ «تكاليف القتال ستكون أعلى كثيراً إذا فشل صناع السياسات في بذل الجهود الكافية الآن».