«لا» 21 السياسي -
قبل أكثر من عقدين، وبعد هجمات الحادي عشر من سبتمبر والغزو الأمريكي لأفغانستان، لاحظت في الفصل الإعدادي طالباً يرتدي فانيلة مكتوباً عليها بالخط العريض (FBI): «وكالة المباحث الفيدرالية الأمريكية». سألته مستهجناً عن السبب. وبرغم صغر سنه أجاب: «ولم لا أفعل؟! فأمريكا وبعد مقتل بضع آلاف في برجي نيويورك غزت أفغانستان وستغزو العراق وقتلت وتقتل الملايين من المسلمين، بينما هؤلاء الأخيرون يتفرجون على أنفسهم يُذبحون كما يتفرجون على قتل الفلسطينيين منذ عقود»! ذُهلت لنباهة التلميذ، الذي عبر ببراءة عن تمرده على حالة الهوان العربية حينها، وإن بطريقته الخاصة. مرت السنون والأحداث لأجده قبل أيام مصادفةً وهو يرتدي بزةً عسكرية وبندقية ويضع شالاً فلسطينياً على كتفيه، فمازحته: «وماذا عن فانيلة الـFBI؟!». أجاب ضاحكاً: «ذلك زمن ولى يا أستاذ. الآن هو زمن المقاومة، ولقد كنت تائهاً ووجدت ضالتي اليوم».