بعد 600 يوم على الجريمة و8 أشهر من حكم قضائي ... قضية مجزرة «أطفال الكويت» قيد المماطلة والاستهتار
- تم النشر بواسطة عادل عبده بشر / لا ميديا

تقرير / عادل بشر / لا ميديا -
وجهت نيابة غرب الأمانة مذكرة إلى رئيس الهيئة العليا للأدوية، حصلت الصحيفة على نسخة منها، جاء فيها: "يتم تنفيذ الحكم الصادر من محكمة غرب الأمانة قِبل الهيئة العليا للأدوية حرفياً وعدم استقطاع أي مبالغ مالية، ما لم سيتم اتخاذ الإجراءات القانونية الكفيلة بتنفيذ الحكم وفقاً للقانون".
609 أيام، كان هذا الرقم آخر تحديث لـ"الحالة" في "واتسأب" الخاص بالمواطن ثابت الحوري، أمس الاثنين 27 أيار/ مايو 2024، حيث يحرص الحوري على تخليد ذكرى وفاة طفلته ذات الست سنوات ونيف، باحتساب الأيام والساعات منذ أودت جرعة دواء ملوثة بحياتها مع عشرة من أقرانها الأطفال في مركز لوكيميا الأطفال بمستشفى الكويت الجامعي بالعاصمة صنعاء، وإصابة عشرة أطفال آخرين بمضاعفات خطيرة، بينهم طفلان بمركز الأورام في سيئون بمحافظة حضرموت.
ثابت الحوري هو واحد من أهالي 21 طفلاً قضت الجرعة الملوثة على 11 منهم في بضعة أيام، فيما لا يزال 10 أطفال يصارعون المضاعفات التي سببتها لهم تلك الجرعة إلى جانب المرض الذي يعانون منه (سرطان الدم). ورغم مضي أكثر من 600 يوم على هذه الجريمة التي حدثت أواخر أيلول/ سبتمبر 2022، فإن أهالي الضحايا لم يجدوا وقتاً للحزن على أطفالهم، لأنهم أمضوا تلك الأيام في أروقة المحاكم والنيابات بحثاً عن العدالة، بينها عام كامل فترة التقاضي، حتى تم صدور الحكم، لتتبعه 8 أشهر لم يجد خلالها حكم المحكمة طريقاً للتنفيذ، ليجد أهالي الأطفال أنفسهم تائهين بين روتين قضائي فضفاض وبين غرماء حكوميين لا قيمة للمواطن لديهم.
استمرار المعاناة
وفيما يبدو أن معاناة أهالي الأطفال الضحايا ستطول أكثر، جدد أولياء أمور الأطفال شكاواهم لصحيفة "لا" متهمين الهيئة العليا للأدوية والمستلزمات الطبية بالمماطلة في تنفيذ الحكم الصادر من محكمة غرب الأمانة بتاريخ 24 أيلول/ سبتمبر 2023، والسعي بدلا من ذلك لمساومتهم في المبلغ المالي الذي فرضته المحكمة عليها.
وقضى منطوق حكم المحكمة في البند السابع منه، بإلزام الهيئة العليا للأدوية بدفع مبلغ عشرة ملايين ريال لأسرة كل طفل متوفى، ومبلغ خمسة ملايين ريال لأسرة كل طفل مصاب، تعويضاً لهم عن الأضرار التي تعرضوا لها، وإلزام الهيئة بمعالجة الأطفال الذين أُصيبوا بمضاعفات، على نفقتها الخاصة حتى يتماثلوا للشفاء.
وقال أولياء أمور الأطفال في شكواهم لـ"لا" إن إجمالي المبلغ المحكوم به على هيئة الأدوية 160 مليون ريال، وبعد اختصام مبلغ 21 مليون ريال سبق أن سلمته الهيئة لأهالي الأطفال بعد حدوث الجريمة، بواقع مليون ريال لأسرة كل طفل، كنوع من المواساة، يتبقى 139 مليون ريال.
وأفادوا بأنهم ذهبوا إلى هيئة الأدوية عدة مرات مطالبين بتنفيذ الحكم، إلا أن المسؤولين في الإدارة المالية بالهيئة أبلغوهم أنه لن يتم تسليم الـ139 مليون كاملة، وإنما سيكون هناك خصم قيمة الأدوية التي أُعطيت للأطفال الضحايا بعد الجرعة الملوثة، وزعموا أن تلك الأدوية قيمتها تصل إلى 80 مليون ريال.
وأرجع أولياء أمور الأطفال الضحايا، الذين التقتهم "لا" أمس في نيابة غرب الأمانة، مماطلة هيئة الأدوية في تنفيذ الحكم إلى استنفاد ما تبقى لديهم من طاقة في المتابعة بين أروقة المحاكم والنيابات وجيئة وذهاباً إلى مقر الهيئة، والرضوخ في نهاية المطاف لما تريده الهيئة بقبول أي مبلغ تقدمه لهم.
مساومة
والد أحد الأطفال المتوفين تحدث مع صحيفة "لا" قائلاً إنه ذهب إلى الهيئة العليا للأدوية والتقى رئيس الهيئة وأبلغه بمطالب أولياء دم الأطفال ضحايا الجرعة الملوثة، والمتمثلة في تنفيذ قرار المحكمة، فكان رد رئيس الهيئة مماثلاً لما ورد من مسؤولي الإدارة المالية بالهيئة، وهو: "سنخصم مبلغ 80 مليون قيمة الأدوية والعلاجات"، وحين أشهر والد الطفل الضحية في وجهه منطوق حكم المحكمة والذي يقضي إلزام الهيئة بمعالجة الأطفال المصابين بالمضاعفات على نفقتها الخاصة، خاطبه رئيس الهيئة باستهتار، بحسب تعبير والد الطفل، وقال له: "تعالوا نتفاوض على مبلغ مُعين نسلمه لكم كمواساة".
الصحيفة بدورها حاولت التواصل مع رئيس الهيئة العليا للأدوية، ظُهر أمس، عبر مدير مكتبه، لمعرفة حقيقة ما ذكره أولياء أمور الأطفال، وأسباب المماطلة في تنفيذ حكم المحكمة، إلا أن الرد جاء بأن رئيس الهيئة في اجتماع، ثم عاودت الصحيفة الاتصال بعد ساعة ونصف، دون أن يتم الرد.
وتأمل الصحيفة من رئيس الهيئة التجاوب والتوضيح بهذا الخصوص.
وكيل النيابة
في السياق، التقت "لا" وكيل نيابة غرب الأمانة، القاضي ياسر الزنداني، صباح أمس، وطرحت عليه شكوى أولياء أمور الأطفال الضحايا، واتهامهم للهيئة العليا للأدوية بالمماطلة في تنفيذ قرار المحكمة، ومحاولة اقتطاع نحو نصف المبلغ المحكوم به، تحت مسمى تكاليف العلاج، فقال القاضي الزنداني: "من حق الهيئة أن تخصم مبلغ 21 مليون ريال فقط، وهو المبلغ الذي سبق أن قدمته لأهالي الأطفال الضحايا، غير ذلك حكم المحكمة واضح وصريح". وأضاف متسائلاً: "هم تسببوا بوفاة الأطفال، متى عالجوهم؟!".
ومع ظهيرة أمس، وجهت نيابة غرب الأمانة مذكرة إلى رئيس الهيئة العليا للأدوية، حصلت الصحيفة على نسخة منها، جاء فيها: "يتم تنفيذ الحكم الصادر من محكمة غرب الأمانة قِبل الهيئة العليا للأدوية حرفياً وعدم استقطاع أي مبالغ مالية، ما لم سيتم اتخاذ الإجراءات القانونية الكفيلة بتنفيذ الحكم وفقاً للقانون".
كما حصلت الصحيفة على صورة لمذكرة موجهة من رئيس محكمة غرب الأمانة، القاضي عبدالرؤوف نعمان، والقاضي الجنائي بالمحكمة، أسامة الجنيد، بتأريخ 21 أيار/ مايو الجاري، أكدت على أن يتم صرف المبالغ المحكوم بها والمتبقية لدى الهيئة وقدرها 139 مليون ريال، وتسليمها لأمين صندوق المحكمة حتى يتسنى للمحكمة استكمال تسليمها للمجني عليهم.
المصدر عادل عبده بشر / لا ميديا