تقرير / لا ميديا -
في غزة، لا أحد يعرف أيُّهم سيأتي أولاً: وقف إطلاق النار، أم المجاعة، أم الموت؛ لكن ما يعرفه الجميع أن قصة هذه الحرب ستُكتب بمداد الدم الفلسطيني، والخزي العربي، والقبح العالمي المنافق.
وفي فصل جديد من فصول الإبادة الجماعية التي تتعرض لها غزة، استشهد، خلال 12 ساعة أمس، ما لا يقل عن 30 فلسطينياً، بينهم عريسان وأطفال ورضّع، بقصف صهيوني وحشي طال مخيمات النازحين والمنازل السكنية، لترتفع حصيلة الشهداء خلال 24 ساعة فقط إلى أكثر من 70، وسط تفاقم أزمة الجوع والانهيار التام للبنية الإنسانية في القطاع.
واستهدفت مقاتلات الاحتلال، أمس، منازل عائلات فلسطينية في مخيم خان يونس، أسفر عنها ارتقاء 11 شهيداً، بينهم طفل في الحادية عشرة وثلاثة رضع أعمارهم لا تتجاوز العام الواحد.
مشهد الجثامين المتناثرة على أنقاض المنازل يلخص قسوة المشهد الفلسطيني، فيما لم تشفع لهم خيام النازحين، فكان القصف حتمياً حتى على المهد، ليرتقي طفل عمره أربعة أشهر في منطقة أصداء، وآخر في منطقة المحطة.
كما استشهد عروسان فلسطينيان بعد ساعات من زواجهما، بقصف لقوات الاحتلال على قطاع غزة.
وأفاد المركز الفلسطيني للإعلام بـ«ارتقاء علاء أبو العينين وهالة زعرب في قصف إسرائيلي استهدف منزلهما فجر السبت».

 57 شهيداً من الجوع
فرق الإنقاذ، التي تعمل بأدوات بدائية، انتشلت جثامين متحللة لشهداء من شاطئ رفح، في حين لا تزال أصوات الاستغاثات تنبعث من تحت الأنقاض، وسط شلل كامل في النظام الصحي، حيث أكدت وزارة الصحة أن غزة تعيش «كارثة ممتدة تنذر بانهيار شامل».
طفلة تدعى «جنان» أصبحت الرقم 57 ضمن ضحايا سوء التغذية، ومولودة في مستشفى العودة، خرجت للحياة دون دماغ. الجوع يفتك، فيما الغذاء صار أداة من أدوات الحرب، كما وصفت المقررة الأممية فرانشيسكا ألبانيز، التي قالت في بيان دامع: «جوعكم عار علينا».
من جهة أخرى، أشادت حماس بدور العائلات والعشائر الفلسطينية في حماية الجبهة الداخلية ورفض الفوضى وعمليات نهب المحلات، مؤكدة أن الشعب الفلسطيني لن يسمح بتحويل غزة إلى ساحة مفتوحة لمشاريع الاحتلال التخريبية، في ظل اندماج كامل بين المقاومة والأجهزة الأمنية لحفظ النسيج الاجتماعي المهدد بفعل عدوان الإبادة.

 أسير «إسرائيلي»: لو كان ابن نتنياهو معنا لانتهت الحرب
في تطور بارز، بثت كتائب القسام - الجناح العسكري لحركة حماس، مشاهد لأسير صهيوني تم انتشاله بعد أن نجا بأعجوبة من قصف نفذته طائرات الكيان على موقعه بعد نكث العدو باتفاق وقف إطلاق النار. ظهر الأسير مصاباً، يتحدث بصوت منهك عن تفاصيل الرعب: «تم قصفنا في باطن الأرض... لا دواء، لا أمل... هذه نتائج الضغط العسكري الذي يدّعي نتنياهو أنه لأجل تحرير الأسرى».
وأضاف الأسير، في تسجيل قد يكون الأخير حسب قوله: «لو كان ابن نتنياهو معنا في الأسر لتوقفت الحرب من أول يوم». وانتقد احتفالات ما يسمى «عيد الاستقلال الإسرائيلي»، بينما لا يزال 59 من «مواطنيهم» في الأسر، قائلاً: «أي استقلال هذا وأبناؤكم في المجهول؟!».

عائلات الأسرى: نتنياهو يذبح أبناءنا لأجل مستقبله السياسي
في الداخل الصهيوني، اتهمت عائلات الأسرى في غزة نتنياهو بأنه يضحي بأبنائهم من أجل إنقاذ مستقبله السياسي. وقالت العائلات، في بيان مشترك، إن «الطريقة الوحيدة لإنقاذ الأسرى هي إسقاط الحكومة»، داعيةً الجميع للخروج إلى الشوارع، ومؤكدة أن استدعاء المزيد من قوات الاحتياط «لن يؤدي إلا لمزيد من القتلى».
كما اتهموا نتنياهو بتوسيع العمليات العسكرية عمداً لتصفية الأسرى بدلاً من إنقاذهم، محذرين من أن أي عملية عسكرية قادمة قد تعني مذبحة بحق أبنائهم الأسرى.

عملية المغازي التاريخية
في هزيمة وُصفت بأنها «الأكثر سوداوية في تاريخ الجيش الإسرائيلي»، كشف إعلام العدو تفاصيل صادمة حول واحدة من أعقد وأشد الضربات التي تلقتها قوات الاحتلال منذ بدء عدوانها البري على قطاع غزة.
ووفق تقرير مطول لـ»القناة 12»، قُتل 21 ضابطاً وجندياً صهيونياً، عدد كبير منهم من قوات النخبة، في عملية نوعية نفذتها كتائب القسام، في 22 كانون الثاني/ يناير 2024 شرق مخيم المغازي.
ووفق «القناة 12»، في تلك العملية خسرت وحدة النخبة (8208) من قوات العدو الصهيوني 14 من عناصرها في عملية معقّدة.
العملية، التي وُصفت بالتخطيط الدقيق، بدأت حين تم رصد الجنود وهم يعملون على تفخيخ 33 مبنى داخل المخيم، قبل أن يباغتهم مقاتل فلسطيني بقذيفة (آر بي جي) فجّرت الشحنات المحملة بالمتفجرات والمباني جوارها، ثم استهدفت دبابة ميركافا بقذيفة أخرى. استمرت عملية الإخلاء طوال الليل، وسط انهيار المعنويات في صفوف قوات الاحتلال، حيث ظهرت صور القتلى إلى جانب زملائهم الناجين، في تقرير بثته «القناة 12» العبرية.
وقد نشرت كتائب القسام حينها مشاهد مصورة للعملية، مؤكدة أنها استهدفت قوتين متحصنتين في مبنيين وتم تفجيرهما بالكامل بمن فيهما من جنود وضباط. ووصفت العملية بأنها جزء من «كمين محكم» أوقع ضربة موجعة بـ»قوات العدو المتقدمة».