تقرير / لا ميديا -
من تحت الركام ومن بين رماد البيوت المهدمة، تنهض كتائب القسام من جديد، وتضرب في العمق. ففي عملية نوعية تحمل بصمة المقاومة الفلسطينية الواثقة، فجّرت القسام صباح الأمس نفقًا أرضيًا شرق رفح بعد استدراج وحدة نخبة من قوات العدو داخله، ليتحوّل المكان إلى جحيم حارق التهم ضباطًا وجنودا من قوات العدو، وأصاب آخرين بجراح وصفت بالخطيرة.
العملية حملت رسائل واضحة: غزة رغم الجراح، تقاتل. والمقاومة ليست فقط على قيد الحياة، بل على قيد النصر والكرامة. أبو عبيدة، الناطق باسم القسام، وصف العملية بأنها «جزء من معركة الإرادة التي لا تعرف الانكسار»، مؤكدًا أن رجال القسام يشتبكون من مسافة الصفر، «ويضعون الموت في كمائن العدو دون تردد».
من جانبه أعلن العدو الصهيوني عن مقتل ضابط وجندي من وحدة النخبة التابعة لسلاح الهندسة، جراء انفجار نفق مفخخ في مدينة رفح جنوب القطاع. كما أعلن عن إصابة جنديان آخران خلال اشتباكات متفرقة، بينها اشتباكات عنيفة في حي الجنينة وبيت لاهيا وشرق خان يونس.

40 شهيدا خلال 24 ساعة
في أعقاب الضربة الموجعة على العدو، ردّ بسلسلة غارات هستيرية على أحياء رفح وخان يونس. عشرات الشهداء ارتقوا خلال دقائق، من بينهم عائلات بأكملها محيت من السجل المدني.
وأعلنت وزارة الصحة في غزة أن عدد الشهداء ارتفع إلى 52,535 شهيدًا، فيما فاق عدد الجرحى 118 ألفًا، بينما لايزال أكثر من 10 آلاف تحت الركام، في حرب قال عنها أحد الأطباء: «هذه ليست حربًا على مقاتلين... إنها حرب إبادة على أرواح بريئة».
وبلغ عدد الشهداء في القطاع خلال الأربع وعشرين ساعة الماضية فقط 40 شهيدًا، و125 إصابة جديدة.
في مشاهد تقشعر لها الأبدان، انتُشلت جثث أطفال من تحت الأنقاض، بعضهم مازالوا يحتضنون ألعابهم، وآخرون احتضنوا إخوتهم في لحظاتهم الأخيرة. ومع كل جنازة، ترتفع صيحات الغضب وتتعالى الهتافات: «لن نركع، لن ننسى، سننتصر».
وبينما يعجز الاحتلال عن فهم هذا الصمود الأسطوري لغزة، يستنفر قادته ويستدعي عشرات آلاف الاحتياط، في محاولة يائسة لكسر مقاومة يعرف أنها أقوى من كل محاولاته الدموية.
وفي السياق أكد المجرم بنيامين نتنياهو أن «الحرب على غزة» ستنتهي فقط عندما يحقق الكيان «نصرًا كاملاً ومطلقًا»، وزعم أن «الضغط العسكري» أثبت فعاليته في استعادة 80% من الأسرى، وأنه سيواصل هذا النهج لاستعادة الباقين.
كما أشار إلى أن معارك ضارية ما تزال تدور في القطاع، مؤكدًا أن الكيان قرر توسيع الهجمات على غزة بهدف الضغط على حماس لتقديم تنازلات تؤدي إلى الإفراج عن الأسرى.
في سياق متصل تواصل السلطات الأمريكية قمع أي مظاهر للتضامن مع غزة.
وهددت جامعة نيويورك طلاب القانون بالحرمان من الامتحانات على خلفية تظاهرات رافضة للإبادة في غزة.

الاحتلال يواصل جرائمه في الضفة
في الضفة الغربية، لا يختلف المشهد كثيرًا، إذ شنت قوات الاحتلال حملة اختطافات واسعة في مدن الخليل وطولكرم وجنين، تخللتها عمليات اقتحام وهدم وتهجير قسري. وقد تم اعتقال أكثر من عشرة فلسطينيين بينهم أطفال، فيما تتواصل الحملة العسكرية على جنين لليوم الـ104 على التوالي، وسط حصار مشدد وعمليات تجريف تهدف لتغيير معالم المخيم.
ووفق إحصائيات الإعلام الفلسطيني ففي جنين وحدها، بلغ عدد النازحين أكثر من 22 ألفًا، نتيجة حصار مشدد وتدمير واسع لبنية المخيم. أما في طولكرم، فقد نزحت أكثر من 4,200 عائلة نتيجة أوامر بهدم 106 منشآت سكنية.
أما في طولكرم، فقد أخطرت قوات الاحتلال بهدم 106 منشآت سكنية، ما تسبب في نزوح أكثر من 25,000 مواطن، في استمرار واضح لسياسة التطهير القسري والتضييق على المدنيين.

شهيد جديد داخل سجون العدو
من داخل زنازين العدو، ارتقى الأسير محيي الدين فهمي نجم،  نتيجة السياسات التنكيلية التي تمارسها إدارة السجون، ما بين التعذيب والإهمال الطبي، في ظروف لا إنسانية.
واستشهد نجم (60 عاما)، بعد أن أمضى 19 عامًا في سجون الاحتلال، بينها 17 عامًا متواصلة، بتهمة مقاومة الاحتلال والانتماء لكتائب الشهيد عز الدين القسام، ليكمل مسيرته الجهادية: جريحًا، فأسيرًا، فشهيدًا.
ونعت حركة المقاومة الإسلامية “حماس” الأسير والجريح محيي الدين نجم.
وقالت حماس في بيان صحفي أمس: “ننعى لأمتنا وشعبنا هذا الشهيد البطل، لنؤكد أن الاحتلال الصهيوني يمعن في جرائمه النازية بحق أسرانا الأبطال وقيادات الحركة الأسيرة، في سادية لم يشهد لها التاريخ مثيلًا في التعذيب والتنكيل”.
وحذرت من أن استمرار هذه الانتهاكات بحق الأسرى لن يمرّ دون رد، “فشعبنا ومقاومتنا باقون على العهد مع أسرانا الأحرار، الذين لن تنكسر إرادتهم أمام بطش الاحتلال، ولن يُنتزع منهم اليقين بأن حريتهم قريبة وآتية لا محالة”.