عادل بشر / لا ميديا -
مجدداً، استيقظ المستوطنون الصهاينة، أمس، على دوي صافرات الإنذار في عشرات البلدات الفلسطينية المحتلة، إثر قدوم صاروخ من اليمن، تلى ذلك بثلاث ساعات إطلاق صاروخ آخر، لتعلن القوات المسلحة اليمنية عن «ضربة مزدوجة» استهدفت من خلالها الكيان الصهيوني، ضمن تصعيد صنعاء لعملياتها العسكرية، توازياً مع استمرار العدو الصهيوني في ارتكاب المجازر بحق أبناء غزة.
وتكثف القوات المسلحة اليمنية من هجماتها، مستهدفة ما وصفه الإعلام العبري بـ«قلب الطيران الإسرائيلي» ممثلاً بمطار اللد «بن غوريون» في إطار السعي لشلّ حركة الملاحة بالمطار، وضرب شريان الاقتصاد الصهيوني، في وقت تؤكد مصادر خاصة لـ(لا) أن صنعاء ماضية في معركة إسناد غزة بتصعيد أكبر، وبقدرات عسكرية وأسلحة أكثر تطوراً.. متوقعة أن تشهد المرحلة القادمة إدخال أسلحة يمنية جديدة في الخدمة، وإدراج أهداف حيوية أخرى لدى كيان الاحتلال، في بنك الأهداف، إذا استمر العدو «الإسرائيلي» في إجرامه بحق قطاع غزة.
وأعلنت القوات المسلحة اليمنية، أمس، استهداف مطار اللد «بن غوريون» وهدف حيوي في منطقة يافا المحتلة بعملية نوعية مزدوجة، انتصاراً لمظلومية الفلسطينيين في غزة، ورداً على اقتحام الآلاف من المستوطنين للمسجد الأقصى الشريف.
وأوضح المتحدث العسكري العميد يحيى سريع، في بيان متلفز، أن العملية المزدوجة نفذتها القوة الصاروخية بصاروخين بالستيين، أحدهما فرط صوتي نوع «فلسطين2» استهدف مطار «اللد»، والآخر نوع «ذو الفقار» استهدف موقعاً حيوياً للعدو الصهيوني شرقي منطقة يافا المحتلة.
وأكد سريع أن «العملية حققت هدفها بنجاح، وتسببت في هروع ملايين الصهاينة الغاصبين إلى الملاجئ، وتوقف حركة المطار».
وجددت القوات المسلحة التأكيد بأن عملياتها العسكرية ضد العدو الصهيوني مستمرة وأنها تعمل على تصعيدها ولن تتوقف إلا بوقف العدوان على غزة ورفع الحصار عن القطاع.
وكعادته زعم «جيش الاحتلال» بتصديه للصاروخين قبل دخولهما أجواء فلسطين المحتلة، إلا أن وسائل إعلام عبرية، اعترفت بوصول الصاروخين ودوي صافرات الإنذار في عشرات البلدات المحتلة.
وأفاد إعلام العدو أن الصاروخ الأول شوهد في سماء فلسطين المحتلة قرابة الساعة الخامسة فجرًا، أعقبه صاروخ ثانٍ قرابة الساعة 7:42 صباحًا.. مشيراً إلى تعليق حركة الملاحة في مطار «بن غوريون» لمرتين متتاليتين نجم عنهما عرقلة هبوط وإقلاع عدد من الرحلات الجوية.
ونشرت وسائل الإعلام وناشطون فلسطينيون ومستوطنون على وسائل التواصل الاجتماعي، مشاهد فيديو توثق الصاروخين اليمنيين في سماء فلسطين المحتلة.

صفعات جديدة
وتلقى كيان الاحتلال، أمس، صفعات جديدة بعد إعلان شركات طيران عالمية تمديد تعليق رحلاتها الجوية مِن وإلى فلسطين المحتلة، بسبب استمرار الضربات اليمنية.
فبعد يوم من إعلان مجموعة «لوفتهانزا» الألمانية، تمديد تعليق رحلاتها إلى «إسرائيل» حتى 15 حزيران/ يونيو المقبل، عادت المجموعة، أمس، لتؤكد إيقاف 5 خطوط ملاحية إلى الأراضي المحتلة.
وأفادت «لوفتهانزا» في بيان لها، أنها قررت وقف رحلات تديرها إلى مطار «بن غوريون»، وذلك لصالح الخطوط الجوية السويسرية «سويس» والنمساوية «أوستريان» والبلجيكية «براسلز» وخطوط بروكسل الجوية و»يوروينجز ، وإلى جانب تلك الخطوط أيضاً خط الشحن التابع للشركة الألمانية.
وتعد لوفتهانزا من أهم الخطوط الأوروبية التي تسير رحلات يومية للاحتلال الصهيوني.
وفي السياق أعلنت شركة الطيران الإسبانية «إيبيريا إكسبريس»، أمس، إلغاء رحلاتها حتى 30 حزيران/ يونيو المقبل.
كما أعلنت شركة الطيران الإيطالية ITA عن تمديد تعليق الرحلات الجوية إلى مطار «بن غوريون» حتى 15 حزيران/ يونيو.

استهداف قلب الطيران «الإسرائيلي»
في ذات الإطار، قال موقع «ليكودنيك» العبري، إن من وصفهم بـ»الحوثيين» في اليمن «ضربوا قلب الطيران الإسرائيلي»، وأضروا بقدرة الاحتلال على إبقاء أجوائه مفتوحة.
وأكد الموقع أن اليمنيين في عملياتهم المساندة للشعب الفلسطيني «لن يحتاجوا إلى الاستيلاء على مطار بن غوريون، وعليهم فقط جعله فارغًا».. مشيراً إلى أن «إسرائيل تحمي سماءها، لكنها لا تحمي مجالها الجوي».
وأضاف أن «الصواريخ الحوثية القادمة من اليمن لم تعطل المدرجات أو تصب الركاب، ولكنها ألحقت الضرر بقدرة إسرائيل على الحفاظ على الأجواء المفتوحة، وهذا هو الأهم».
وأوضح أن شركات التأمين تصنف فلسطين المحتلة كمنطقة خطرة، منذ أن بدأ إطلاق الصواريخ من اليمن.. مؤكداً أن «على إسرائيل عدم ترك شركات الطيران وحدها في مواجهة الصواريخ اليمنية التي ليس لديها طريقة للتعامل معها».

«إسرائيل» عاجزة عن إخضاع اليمن
وفي ظل موقف صنعاء الثابت في مواصلة عمليات إسناد غزة، والسعي بوتيرة عالية لفرض حظر جوي وبحري على الاحتلال الصهيوني، أقرت وسائل إعلام عبرية، بعدم فاعلية أي عدوان «إسرائيلي» على اليمن وفشله في ردع القوات المسلحة اليمنية على مواصلة دعم غزة.
وأوضحت صحيفة «هآرتس» العبرية، في مقال لها أمس، أنه لا يوجد دولة نجحت في إخضاع اليمنيين فلماذا تستمر «إسرائيل» في المحاولة؟
وأشار المقال إلى أنّ «السخرية التي استُقبلت بها هجمات الحوثيين في بدايتها تراجعت»، بحيث «لم يعد هناك أحد يعتبر اليمن قصة قصيرة مسلية بعد مرور أكثر من عام ونصف، واتضاح حجم التأثيرات الميدانية التي تسبب بها، بما في ذلك استمراره في إطلاق صواريخ على إسرائيل وتعطيل روتين حياة المستوطنين، وتقليص عدد شركات الطيران الأجنبية في مطار بن غوريون، على الرغم من الضربات الإسرائيلية».
وتساءلت هآرتس: «ما الذي يمكّن الحوثيين من البقاء في ظل الاضطرابات الدراماتيكية في الشرق الأوسط، بل وحتى الزيادة من هجماتهم ضد إسرائيل؟».
وإجابة على ذلك نقلت الصحيفة عن الباحثة إليزابيث كاندل، رئيسة كلية «غيرتون» في جامعة كامبريدج، أنّ «الحوثيين يستفيدون من تضاريس شمالي اليمن الوعرة التي تحمي قياداتهم ومنشآتهم العسكرية، فضلاً عن خبرة تمتد لسنوات مع الحرب، وقدرتهم على التكيف مع الخسائر».
فيما قالت الباحثة في منتدى التفكير الإقليمي وجامعة «تل أبيب» عنبال نيسيم لوفاتون، إنّ «الحافز الديني لدى الحوثيين يعزز من صمودهم، ويمتد في دوافعه ليشمل القضية الفلسطينية، إذ يرون إسرائيل وكيلاً للمشروع الاستعماري الغربي».
وأكدت الصحيفة أن تكلفة الهجمات الجوية «الإسرائيلية» على اليمن باهظة للغاية، بينما النتائج التي تحدثها تلك الغارات «محدودة».. مشيرة إلى أن العدوان المتكرر على أهداف جرى استهدافها عدة مرات مسبقاً، لن «ينجح في ردع الحوثيين، أو الحد من قدرتهم على إطلاق النار».
ولفتت «هآرتس» إلى أنّ أحد الأسباب التي جعلت الرئيس الأميركي، دونالد ترامب، يعلن وقف العمليات العسكرية في اليمن «كان التكلفة الهائلة للعملية».. موضحة أن ترامب 
سئم من الحرب مع اليمنيين وبالتالي سعى إلى صفقة معهم، والسؤال هو مدى الضغط الذي سيمارسه على نتنياهو لعقد صفقة مع اليمنيين من أجل إيقاف الصواريخ باتجاه الأراضي المحتلة.
وأكدت الصحيفة أن «الحل العسكري محكوم بالفشل»، وأنه من «الصعوبة إخضاع الحوثيين».. مستشهدة بإخفاقات الولايات المتحدة والسعودية في تحقيق ذلك رغم سنوات من القتال المكثف.
وقالت إن «الحوثيين يمتلكون أسلوب تفكير مستقلاً، ويصعب إخضاعهم عبر الهجمات الجوية أو الاغتيالات».
ودعت «هآرتس»، الكيان إلى العمل على الورقة الداخلية فيما يتعلق باليمن، موضحة أن اليمنيين لا يخافون من أعدائهم ويؤمنون إيماناً حقيقياً بأن الله معهم.

آخر ألف دولار
في السياق نشرت صحيفة «غلوبس» العبرية تقريراً مطولاً حول التهديد الذي يمثله إعلان القوات المسلحة اليمنية السعي بفرض حصار جوي على مطار «اللد» وبحري على ميناء حيفا، مؤكدة أن هذه التهديدات وخصوصاً ما يتعلق بميناء حيفا الاستراتيجي، تسببت في إرباك واسع داخل المنظومة الملاحية للاحتلال، وتركت أثرًا نفسيًا واقتصاديًا يذكّر بشلل ميناء «إيلات».
وأشاد التقرير بشكل غير مباشر بالقدرة اليمنية على إعادة تأهيل المرافق المدنية التي قصفها طيران الاحتلال وأبرزها ميناء الحديدة ومطار صنعاء الدولي، في رسالة تلخص صمود الشعب اليمني ومثابرته، وقدرته على ضرب العدو من جهة، وبناء الداخل من جهة أخرى.
وبيقين تام من أن صنعاء لن تتراجع عن الاستمرار في موقفها المساند للشعب الفلسطيني ضد الكيان الصهيوني، مهما كانت العواقب والخسائر، قالت صحيفة «غلوبس»: «الحوثيون سيستخدمون آخر ألف دولار لديهم لإرسال طائرة مسيرة إلى إسرائيل».