تقرير / لا ميديا -
ما يزال الدم الفلسطيني يُسفك على مذبح العجز العربي والتواطؤ الغربي، بينما يواصل العدو الصهيوني اقتراف إبادة جماعية كاملة لم يشهد لها العصر الحديث مثيلاً.
وفي مشهد يتجلى فيه الحقد المطلق وغياب أدنى مظاهر الإنسانية، ارتكبت قوات العدو الصهيوني، اليوم، مجزرتين مروعتين في قطاع غزة، راح ضحيتهما أكثر من 90 شهيداً خلال 12 ساعة فقط، بينهم 63 فلسطينياً كانوا يصطفون في طوابير انتظار المساعدات الإنسانية المزعومة. المجزرتان وقعتا في منطقتي العلم بمدينة رفح والتحلية في خان يونس، حيث تناثرت جثامين المدنيين تحت ركام الانتظار، في مشهد يوثق استمرار استهداف الاحتلال للفلسطينيين عند نقاط توزيع المساعدات المزعومة.
وأكدت مصادر طبية في غزة أن نحو 30 شهيداً سقطوا في رفح، فيما تجاوز عدد الشهداء في خان يونس 50، بينهم نساء وأطفال وشيوخ، بعضهم استُهدف مباشرة بقصف جوي، وآخرون قضوا نتيجة شظايا قذائف سقطت على مكان التجمّع. هذه الجرائم الدامية تأتي في سياق جريمة مفتوحة يشنّها العدو الصهيوني على قطاع غزة منذ 7 تشرين الأول/ أكتوبر 2023، والتي أسفر عنها حتى اللحظة استشهاد أكثر من 55,432 فلسطينياً، وإصابة ما يزيد على 128,000 آخرين.

كمائن محكمة وقتلى في صفوف الاحتلال
في مقابل هذه الجرائم الصهيونية، واصلت فصائل المقاومة الفلسطينية، وعلى رأسها سرايا القدس وكتائب القسام، تنفيذ عمليات نوعية استهدفت قوات الاحتلال في خان يونس وشمال غزة. فقد أعلنت السرايا والقسام تدمير ناقلتي جند في عبسان الكبيرة باستخدام عبوتي «شواظ»، ما أدى إلى مقتل وجرح عدد من الجنود، وفق مشاهد مصوّرة أظهرت اشتعال النيران وهبوط مروحيات الإخلاء.
وفي عملية وُصفت بالمعقدة، فجرت القسام عبوة مضادة للأفراد في قوة صهيونية، فيما عرضت سرايا القدس مشاهد لتفجير دبابة صهيونية غرب عزبة بيت حانون، وقصفت تجمعات الجنود عند تلة المنطار في حي الشجاعية، محققة إصابات مباشرة.
من جهته، اعترف جهاز «الشاباك» الصهيوني بمقتل أحد كبار ضباطه، «تال موفشوفيتش» نائب قائد سرية في كتيبة الهندسة التابعة للواء جولاني، خلال كمين محكم في خان يونس. كما اعترف جيش الاحتلال بمقتل جندي ثانٍ «انفيه ليشيم» وإصابة 11 آخرين، ضمن مسلسل هزائمه التكتيكية على الأرض.

أزمة إنسانية تتفاقم
تؤكد المعطيات الرسمية الفلسطينية أن عدد الشهداء الذين سقطوا أثناء انتظار أو تسلّم المساعدات الإنسانية المزعومة بلغ حتى اليوم 338 شهيداً، فيما تجاوز عدد الجرحى 2800، ما يعكس تعمّد الاحتلال استهداف جهود الإغاثة ومنع إدخال الغذاء والدواء.
وتتواصل التحذيرات من وقوع كارثة إنسانية شاملة في غزة، خاصة مع اشتداد الحصار، وغياب أي ضغط دولي فعال لوقف العدوان أو فتح ممرات إنسانية، في ظل انهيار كامل للبنى التحتية الصحية والإغاثية، وانتشار الجوع والمرض.

جرائم مفتوحة في الضفة الغربية
في الضفة الغربية، يواصل العدو الصهيوني حربه المفتوحة عبر حملات اقتحام واختطافات عشوائية وعمليات هدم وتفجير للمنازل. فجر اليوم، شهدت مناطق متفرقة من القدس، رام الله، طولكرم، وبيت لحم، عمليات اقتحام واسعة، أسفر عنها إصابات بالرصاص، واعتقالات بالعشرات، وتخريب للممتلكات العامة والخاصة.
وفي تطور لافت، فجّرت قوات الاحتلال منزل عائلة الأسير عز الدين مسالمة، في بلدة بيت عوا جنوب الخليل، بعد اتهامه بتنفيذ عملية «نفق بيت لحم – القدس» التي أدت إلى مقتل غاصب صهيوني. المشهد ذاته تكرر في بلدات قلقيلية وطوباس، حيث نفذ الاحتلال مداهمات واقتحامات عدوانية، تخللتها اعتداءات على المدنيين من مختلف الفئات العمرية.

يافا.. العرب ممنوعون من دخول الملاجئ
في مشهد يختزل ويفضح قبح الحقد الصهيوني، يُمنع سكان شارع غزة العرب في مدينة يافا المحتلة من دخول الملاجئ التابعة لكلية يافا، رغم أنها متاحة للغاصبين الصهاينة في أي وقت. ومع سقوط الصواريخ الإيرانية على مواقع العدو الصهيوني وتواصل إطلاق صافرات الإنذار، يُغلق الحراس الصهاينة بوابات الملجأ بوجه الأهالي، ويوجّهون الفلسطينيين قسراً نحو موقف سيارات لا يرقى حتى لمستوى «الاحتماء المؤقت»، والذي تصنفه ما تسمى «الجبهة الداخلية الإسرائيلية» بأنه «غير ملائم للاستخدام كملجأ».
ويفتقر حي شارع غزة إلى ملاجئ خاصة، بسبب قدم طابعه المعماري، ما يجعل سكانه يعتمدون على الملاجئ العامة التي تُغلَق أمامهم عند كل إنذار، في مسعى صهيوني لقتلهم بأي وسيلة وبأي نيران.
ما يحدث في يافا هو وجه صارخ من أوجه الجريمة المنظمة ضد السكان العرب المختطفين في أرضهم المحتلة داخل ما يُفترض أنه «ملجأ آمن للجميع». فعند العدو الصهيوني تُسحق أبسط حقوق الحياة، ويدفع الفلسطينيون إلى ساحة المعركة التي يفر منها الكيان الصهيوني برمته.