فضيحة تهز اليمنية
- تم النشر بواسطة خاص / لا ميديا

خاص / لا ميديا -
تفجّرت خلال الساعات الماضية فضيحة من العيار الثقيل داخل شركة الخطوط الجوية اليمنية، بعد تسريبات مؤكدة كشفت صرف بدلات سفر تجاوزت ربع مليون دولار أميركي لأربعة من كبار موظفي الشركة خلال فترة زمنية قصيرة، في مشهد فاضح يعكس حالة فساد غير مسبوقة تعيشها أهم مؤسسات النقل الجوي في البلاد.
الوثائق المسرّبة، والتي أصبحت حديث موظفي الشركة والرأي العام، أظهرت أن المستفيدين الأربعة من هذه البدلات الخيالية هم قيادات تم تعيينها حديثًا بعد إزاحة الإدارة السابقة، وسط وعود زائفة بإصلاح أوضاع الشركة وإعادة أمجادها السابقة. لكن ما حصل كان العكس تمامًا، إذ تحوّلت “اليمنية” منذ اللحظة الأولى لتولي هذه الإدارة الجديدة إلى مشروع فساد ممنهج ومنظم، تقوده مجموعة محسوبة على تيار مناطقي ضيق، تفتقر للخبرة والكفاءة والمسؤولية.
ستة أشهر من «السفر» لرئيس مجلس الإدارة
وفقًا للتسريبات، فقد تقاضى رئيس مجلس الإدارة الحالي ناصر محمود بدل سفر لـ185 يومًا، أي ما يعادل أكثر من نصف عام، خلال فترة لم تتجاوز العامين من تعيينه. فيما حصل المدير التجاري محسن حيدرة على بدل لـ154 يومًا، والمدير المالي عادل العطاس (الملقب بـ”حمامة”) على 139 يومًا، أما المدير الفني المعروف بـ”لولو” فقد حصل على بدل سفر لـ115 يومًا.
هذه الأرقام، بحسب مصادر داخل الشركة، تعني أن هؤلاء الأربعة صرفوا مجتمعين مبالغ مالية تكفي لدفع رواتب مئات الموظفين لعدة أشهر، في وقت تشهد فيه الشركة تراجعًا كارثيًا في الأداء والخدمات، وتواجه أزمات تشغيلية ومالية خانقة تهدد استمراريتها.
مهام وهمية.. وسفر للترفيه لا للعمل
وتوضح المعلومات المسرّبة أن كثيرًا من هذه “المهمات” كانت مجرد غطاء لسفر ترفيهي بحت، شملت حضور حفلات، زيارات شخصية، أو حتى مواعيد خاصة، مثل لقاءات مع محامي هجرة أو “رحلات شهر عسل”، جميعها تم تحميلها على موازنة الشركة، تحت مسمى “بدلات سفر” رسمية.
ففي إحدى الوقائع، قام رئيس مجلس الإدارة بالسفر إلى كندا بحجة مهمة عمل، تزامنت مع عيد ميلاده، بينما رافقته تقارير أخرى تشير إلى “عطلة خاصة” في القاهرة تزامنت مع حفل زواجه الثاني، والتي تم تمويلها بالكامل من أموال الشركة ومنها فترة الإقامة لشهر العسل في فندق السلام بالعاصمة المصرية القاهرة. أما المدير التجاري، فقد تعددت وجهاته ما بين ألمانيا وجدة والقاهرة، لأسباب “غير مهنية”، بحسب وصف المصادر.
انهيار الشركة في ظل غياب الرقابة والمحاسبة
في الوقت الذي تعاني فيه “اليمنية” من تراجع كبير في خطوط التشغيل، وانكماش في خدماتها، واستياء واسع بين موظفيها، يواصل مسؤولو الصف الأول الاستفادة من “غنيمة المال العام” بلا حسيب أو رقيب. ويشير عدد من الموظفين إلى أن ما كان يُشترط سابقًا من تقارير تقييم بعد كل مهمة خارجية، قد تم إلغاؤه ضمنيًا في عهد الإدارة الجديدة، التي تسير بـ”مبدأ اصرف ما في الجيب يأتيك ما في الغيب”.
حتى افتتاح مكتب وكيل سفريات خارجي، والذي لا يُعدّ حدثًا استثنائيًا، تحوّل إلى مناسبة لصرف بدلات سفر لوفد كامل يضم رئيس مجلس الإدارة والمدير التجاري والمدير المالي، في واقعة وصفها مراقبون بـ”الفضيحة”.
صراعات داخلية وتحالفات انتهازية
الفضيحة لم تقف عند حدود المال، بل كشفت أيضًا صراعًا داخليًا محمومًا بين قيادات الشركة نفسها. فبينما يعمل المدير التجاري محسن حيدرة على تقديم نفسه كبديل محتمل لرئيس مجلس الإدارة، تشير مصادر إلى تحركات سرية وتحريض داخلي، وصل إلى حد استغلال بعض موظفي النقابة لنقل معلومات عن تحركات الرئيس، ضمن صراع نفوذ بدأ يظهر للسطح.
إلى أين تمضي “اليمنية”؟
في ظل هذه الفوضى العارمة، يُطرح سؤال جوهري: هل ستصمد الخطوط الجوية اليمنية أمام هذا الانهيار المتسارع؟ أم أن مصيرها المحتوم سيكون الإفلاس الكامل، إن لم يتم اجتثاث عناصر الفساد فورًا، ومحاسبة المسؤولين عن هذه التجاوزات الكارثية؟
ما يحدث اليوم هو تصفية ممنهجة لمؤسسة وطنية عريقة، كانت في يوم من الأيام فخرًا لليمنيين، وها هي اليوم تُسلب وتنهار تحت أقدام مسؤولين حولوا الشركة إلى «فيد» خاص للمكاسب الشخصية، في وقت يعيش فيه اليمني العادي في المناطق المحتلة أسوأ مراحل حياته دون كهرباء ولا ماء ولا أمن.
السؤال الآن: من سيتحرك لإنقاذ ما يمكن إنقاذه قبل فوات الأوان؟
المصدر خاص / لا ميديا