
تقرير / لا ميديا -
في يوم دموي جديد، يسجل العدو الصهيوني فصلاً آخر من فصول الإبادة الجماعية في غزة بالدم والنار، حين حول منازل وخيام النازحين إلى مقابر جماعية، وقتل العشرات في ساعات معدودة، كثير منهم أطفال.
في غزة لم يعد القصف استثناءً، ولا الدماء مفاجأة، بل جريمة ممنهجة تمارسها آلة القتل الصهيونية بدم بارد، تحت حماية أميركية وتواطؤ دولي، في مشهد يُثبت أن ما يجري ليس حرباً عادية، بل مشروع إبادة شاملة لشعب بأكمله.
وارتكبت قوات الاحتلال، أمس الجمعة، مجزرة جديدة بحق المدنيين في قطاع غزة، راح ضحيتها 70 شهيداً بينهم أطفال ونساء، وجرح 424 آخرين وفق مصادر طبية في مستشفيات غزة. وأفادت التقارير بأن 36 شهيداً ارتقوا في مدينة غزة وشمال القطاع وحدهما منذ ساعات الفجر، إثر غارات عنيفة استهدفت المنازل وخيام النازحين. مشاهد الرعب هذه ليست سوى حلقة في مسلسل طويل من الإبادة الممنهجة التي تشنها «إسرائيل» منذ نحو 700 يوم على التوالي، وسط صمت دولي وتواطؤ أميركي فجّ.
الاحتلال يدشن فصلاً إجرامياً جديداً
وفي مستهل الفصل الجديد من الجرائم في مدينة غزة، أقدم العدو الصهيوني على نسف برج مشتهى السكني، زاعماً أنه تحول إلى بنية عسكرية لحماس، ما جعل مئات النازحين باتوا بلا مأوى.
ورغم أن إدارة البرج أكدت أن المبنى مخصص حصراً للنازحين المدنيين ويخضع لرقابة صارمة منذ استهدافه العام الماضي، إلا أن الاحتلال لم يجد حرجاً في الكذب وتلفيق الروايات لتبرير جريمته.
من يسمى «وزير الأمن الإسرائيلي»، يسرائيل كاتس، خرج بتهديد علني قائلاً إن «العمليات ستزداد حتى قبول حماس بشروط إسرائيل»، في إصرار إجرامي على سياسة الأرض المحروقة، بل وتوعد بفتح «أبواب جهنم»، حسب تعبيره.
هذا التصريح يؤكد أن الاحتلال يمارس ابتزازاً دموياً: إما القبول بشروطه الجريمة الصهيونية، وإما مواجهة الإبادة الجماعية.
التهجير أو الإبادة
قوات العدو الصهيوني أصدرت تهديدات تدعو إلى عمليات إخلاء جديدة في حي الشيخ رضوان وأحياء أخرى، في خطوة تؤكد تصميمه على اقتلاع سكان مدينة غزة وتهجيرهم قسراً. هذه السياسة ليست سوى استمرار لمخطط قديم: تحويل غزة إلى أرض بلا شعب عبر المجازر المتكررة.
حركة المقاومة الإسلامية حماس من جانبها وصفت استهداف الأبراج المكتظة بأنه محاولة إجرامية لدفع أهالي غزة إلى الهجرة القسرية، وهو جريمة ضد الإنسانية اعتاد العدو الصهيوني على ارتكابها في غزة.
وفي بيان شديد اللهجة، أكدت حماس أن إعلان وزير حرب الاحتلال، كاتس، تصعيدَ عمليات قواته المجرمة ضد مدينة غزة، بعد أسابيع من بدء الهجوم الهمجي على المدينة، يمثِّل تحدياً غيرَ مسبوقٍ للقوانين الدولية والأعراف الإنسانية، ويُعدّ اعترافاً علنياً بالنوايا الإجرامية لتدمير مدينة مأهولة بالسكان وابتزازهم تحت التهديد والمجازر الوحشية، مع الشروع في ارتكاب جرائم إبادة بالمدينة، وتدمير أحيائها، والضغط لتهجير سكانها قسراً.
وقالت إن استهداف الاحتلال للأبراج السكنية المكتظة بالسكان والنازحين يأتي في سياق محاولاته الإجرامية لدفع أهالي المدينة إلى الهجرة قسراً، وهو ما يرقى إلى جريمة ضد الإنسانية. أما مزاعمه الكاذبة باستخدام هذه الأبنية من قِبَل المقاومة فليست سوى ذرائع مكشوفة لتمرير جريمته الوحشية وتضليل الرأي العام العالمي.
وأضافت: «تصريحات كاتس بشأن إخلاء المباني قبل قصفها تكشف سياسة تهجير ممنهج تحت النار، وتؤكد أن الاحتلال يستعمل المدنيين كرهائن لفرض شروطه، في ابتزاز سياسي سافر ومخالف للقانون الدولي».
نتنياهو يصر على إفشال المفاوضات
سياسياً، قالت حماس إن مجرم الحرب نتنياهو يصر على تعطيل وإفشال جهود الوسطاء، بينما أبدت الحركة مرونة في سبيل إنجاز اتفاق يفضي إلى وقف العدوان.
وأضافت، في بيان، أن العالم يشهد منذ 700 يوم أبشع إبادة عرفها التاريخ المعاصر، انتهكت خلالها حكومة مجرم الحرب نتنياهو كل القوانين الدولية.
وأكدت أن الإدارة الأميركية تتحمل مسؤولية استمرار جرائم الإبادة في قطاع غزة، بسبب توفيرها الغطاء السياسي والعسكري لحكومة نتنياهو.
مصر: لن نكون بوابة لتهجير الفلسطينيين
بدورها، أصدرت وزارة الخارجية المصرية بياناً استهجنت فيه تصريحات رئيس الوزراء الصهيوني بنيامين نتنياهو حول تهجير الفلسطينيين خارج أراضيهم.
وقال البيان إن مصر «تؤكد إدانتها ورفضها تهجير الشعب الفلسطيني تحت أي مسمى، سواء قسرياً أو طوعياً، عبر استهداف المدنيين والبنية التحتية ومناحي الحياة المختلفة لإجبار الفلسطينيين على المغادرة».
وأضاف البيان أن «مصر تعيد التأكيد على أنها لن تكون أبداً شريكاً في هذا الظلم من خلال تصفية القضية الفلسطينية، أو أن تصبح بوابة التهجير، وأن هذا الأمر يظل خطاً أحمر غير قابل للتغير».
كارثة التجويع
وإلى جانب القصف، يواجه أهالي غزة مجاعة متصاعدة بفعل الحصار الصهيوني القاتل.
وحذّرت منظمة الصحة العالمية من أن المئات قضوا حتى الآن جوعاً، بينهم 134 طفلاً. وأعلنت وزارة الصحة في غزة أن 3 حالات وفاة جديدة سُجلت خلال الـ24 ساعة الماضية نتيجة سوء التغذية، ليصل الإجمالي إلى 376 شهيداً. مشهد مروّع يثبت أن الاحتلال لا يكتفي بالقتل المباشر، بل يعتمد سياسة التجويع كسلاح حرب، في انتهاك صارخ لكل القوانين الإنسانية.
مدير منظمة الصحة العالمية، تيدروس أدهانوم، قالها بوضوح: «إنها كارثة كان يمكن لإسرائيل أن تتجنبها وتوقفها في أي لحظة». لكن «إسرائيل»، المهووسة بالجريمة، ترفض أن تتراجع، فيما العالم العربي والغربي يواصل التواطؤ بالصمت أو بالدعم المباشر.
الأسرى يتجولون بين ركام غزة
في تطور لافت، بثّت كتائب القسام - الجناح العسكري لحركة المقاومة الإسلامية حماس مقطع فيديو يُظهر الأسيرين «الإسرائيليين» غاي غلبوع دلال وألون أوهل يتجولان فوق الأرض في غزة.
الأسير دلال اتهم المجرمين نتنياهو وبن غفير وسموتريتش بأنهم السبب في استمرار أسره، قائلاً: «كنا نعتقد أننا أسرى لدى حماس؛ لكن الحقيقة أننا أسرى لدى نتنياهو». وأضاف: «لا ماء، لا طعام، لا كهرباء... نحن نعيش المعاناة نفسها التي يعيشها مليونا فلسطيني في غزة».
هذا الاعتراف ينسف أكاذيب حكومة الاحتلال، ويؤكد أن العدو يضحّي بمواطنيه الأسرى من أجل استمرار الإبادة.
بدورها عائلات أسرى العدو باتت تصرخ في وجه حكومتها، مؤكدة أن «ما لم ينجح في عربات جدعان الأولى لن ينجح في عربات جدعون الثانية ولا السابعة».
المحلل العسكري في إعلام العدو عاموس هرئيل اعتبر أن نتنياهو لم يعد يكترث بمصير الأسرى أو بمعاناة «الإسرائيليين» أنفسهم، بل يركّز فقط على كيفية البقاء في الحكم والهرب من السجن.
المصدر لا ميديا