تقرير / لا ميديا -
لم يكن صباح أمس عادياً في فلسطين، بل كان صباحاً متفجراً بالرصاص والدم والنار في وجه الاحتلال الصهيوني. في لحظة واحدة، التقت جبهتان فلسطينيتان متصلتان لتؤكدا أن المقاومة الفلسطينية ليست عابرة ولا طارئة، بل هي فعل أصيل ومشروع في كل أرض فلسطين، من القدس المحتلة إلى غزة المدمرة. ففي القدس، تحولت محطة حافلات إلى ساحة مواجهة مباشرة سقط فيها ستة قتلى صهاينة وعشرات المصابين في عملية غير مسبوقة هزت الكيان.
وفي شمال غزة، نسفت المقاومة أسطورة لواء النخبة المدرع وقتلت أربعة جنود بكمين نوعي. هذا المشهد المزدوج يقول بوضوح: لا أمن للمحتل على أرض مغتصبة، ولا هدوء في ظل حرب إبادة متواصلة.

القدس: رصاص المقاومة يخرق قلب الأمن الصهيوني
في القدس المحتلة، حيث يحاول الاحتلال فرض وهم «السيادة»، جاء الرد من شابين في مقتبل العمر، مثنى عمرو (20 عاماً) ومحمد طه (21 عاماً)، اللذين نفذا عملية إطلاق نار عند مفرق «راموت». العملية أسفر عنها مصرع ستة صهاينة، وإصابة 40 آخرين، بينهم على الأقل سبعة حالاتهم حرجة وفق اعتراف إعلام العدو نفسه.
بسيارة بسيطة وسلاحين شخصيين، اخترق الشهيدان قلب منظومة الاحتلال الأمنية، وأثبتا أن شباب فلسطين قادرون على تحويل المدينة المخطوفة إلى ساحة مقاومة، وذكرت إذاعة «الجيش الإسرائيلي»، أن المنفذين تمكنا من الوصول إلى القدس وتنفيذ العملية برغم أنه «لم يكن بحوزتهما تصاريح دخول لإسرائيل».
وبحسب رواية الاحتلال، فقد استشهد منفّذا العملية، فيما أغلق الاحتلال المعابر نحو مدينة القدس، ورفع حالة التأهّب في عدد من المناطق خشية محاولات محاكاة لعملية القدس.
الاحتلال هرع لحصار القرى المحيطة وشن حملات اختطاف؛ لكن هذه الإجراءات لم تُخفِ حجم الارتباك؛ إذ اضطر المجرم بنيامين نتنياهو نفسه إلى الوقوف في موقع العملية ليقر بالفشل قائلاً: «للأسف لم نتمكن من إحباط العملية».
أما وزير الحرب الصهيوني، يسرائيل كاتس، فقد توعد بمزيد من الجرائم ضد الفلسطينيين في الضفة الغربية والقدس.
تعليقاً على العملية، أكدت حركة المقاومة الإسلامية حماس أن عملية القدس هي «رد طبيعي على جرائم الاحتلال»، وأن المقاومة ستظل الطريق الوحيد لردع العدو. الحركة شددت على أن لا أوهام ستتحقق للاحتلال: لا تهجير، لا كسر لإرادة الشعب، ولا وأد للمقاومة. ما يحدث في غزة والقدس والضفة هو تجسيد لوحدة المصير الفلسطيني، حيث يرد المقاتلون بالرصاص والدم على آلة القتل الصهيونية.

غزة: دبابة تتحول إلى تابوت
أما في غزة فالهجوم الاستثنائي باعتراف الاحتلال، الذي نفذته المقاومة شمالي غزة صباح أمس، كان بمثابة صفعة مدوية للمؤسسة العسكرية الصهيونية. وفق اعتراف قوات الاحتلال، فإن أربعة جنود من «لواء 401 المدرع» قُتلوا وأُصيب جندي آخر بعدما اقتحمت مجموعة من المقاومين محيط موقع تحصين عسكري قرب جباليا. ، بثلاثة مقاتلين فقط من عناصر المقاومة تمكنوا من الوصول حتى مسافة الصفر من دبابة «ميركافا»، أطلقوا النار على طاقمها، وألقوا عبوة ناسفة داخلها، فاحترقت بمن فيها.
هذه العملية تكشف هشاشة المنظومة العسكرية الصهيونية، التي طالما تباهت بأنها الأكثر تدريباً واستعداداً. طاقم الدبابة لم يكن نائماً أو غافلاً، بل في حالة «استنفار الفجر» الكاملة وفق بيان الاحتلال؛ لكن النتيجة كانت جثثاً محترقة ورسالة واضحة: المقاومة قادرة على كسر «جهوزية» الاحتلال بعمليات مباغتة تضرب في العمق.

حرب إبادة تتواصل في غزة
في الأثناء يواصل الاحتلال عدوان الإبادة الشامل على قطاع غزة. أكثر من 52 شهيداً ارتقوا خلال 12 ساعة فقط، فيما وصل عدد الشهداء منذ 7 تشرين الأول/ أكتوبر 2023 إلى 64,522 شهيداً وأكثر من 163 ألف جريح. أحياء كاملة سويت بالأرض، أبراج سكنية دمرت على رؤوس ساكنيها، أطفال ونساء قُتلوا بدم بارد، وحتى الصحفيون هدف رئيسي، إذ استشهد المصور الصحفي أسامة بعلوشة بقصف منزله في الشيخ رضوان.
وفي استعراض جديد لإجرام الاحتلال وفشله، خرج المجرم نتنياهو ليعلن بفخر تدمير 50 «برجاً إرهابياً» في يومين فقط، كأن دماء المدنيين وسقوط الأبراج السكنية إنجاز عسكري يُفخر به. وأضاف بلغة رجال الجريمة مهدداً سكان غزة: «استمعوا إليّ جيداً، لقد حذرتكم، اخرجوا من هناك»، في محاولة يائسة لصناعة وهم السيطرة وإرهاب شعب يعرف أن الخروج يعني الهلاك.
وزير الحرب الصهيوني كاتس بدوره توعد بتوسيع الجريمة الصهيونية في مدينة غزة إلى أبعد مدى، زاعماً أن «عاصفة هائلة ستضرب غزة».
وعلى الصعيد السياسي، كشف عضو المكتب السياسي لحركة حماس، باسم نعيم، أنّ ما تطرحه واشنطن ليس سوى أفكار أولية تُسوّقها باعتبارها عرضاً لوقف إطلاق النار، بينما الهدف الحقيقي منها هو دفع المقاومة لرفضها وتحميلها مسؤولية تعطيل أي اتفاق. وأوضح نعيم أن المقترحات الأميركية تنص على تسليم الأسرى كافة في اليوم الأول، وربط أي انسحاب «إسرائيلي» من غزة بتشكيل حكومة ترضى عنها «تل أبيب»، إضافة إلى اشتراطات تتعلق بمصير قيادة حماس وكوادرها، وصولاً إلى نزع سلاح المقاومة، في الوقت الذي تغيب فيه أي ضمانات حقيقية لإعادة إعمار القطاع أو إنهاء العدوان. وشدد نعيم على أن حماس والفصائل الفلسطينية معنيون بالتوصل إلى اتفاق عادل ينهي العدوان، لا التوقيع على وثيقة استسلام مكتوبة بمداد الاحتلال.

استشهاد فتيين وإصابة 4 في الضفة
في الضفة الغربية المحتلة، الجريمة الصهيونية لا تتوقف. في مخيم جنين، استشهد الفتيان محمد علاونة (14 عاماً) وإسلام مجارمة (14 عاماً) برصاص الاحتلال، وأصيب 4 بجراح خطرة. الاحتلال يحاصر القرى، يحول البيوت إلى ثكنات عسكرية، ويطلق النار على الأهالي العزل. لكنه بذلك يؤكد أن حربه ليست ضد المقاومة المسلحة فقط، بل ضد جيل كامل ينشأ على مقاومة الظلم، جيل يرى في الشهادة أفقاً أوسع من حياة تحت حذاء المحتل.