تقرير / لا ميديا -
لم يكن المشهد في سماء الدوحة، مساء أمس الثلاثاء، عادياً. عشرة انفجارات متتالية هزّت العاصمة القطرية، في عدوان صهيوني غير مسبوق، شاركت فيه 10 مقاتلات، استهدفت مقارّ ووفود حركة حماس، في عملية وصفها العدو بأنها «قمة النار».
وبينما سارعت «إسرائيل» إلى التباهي بقدرتها على الوصول إلى قلب قطر، تكشّفت مفارقات كبرى، أعلنت أن ما جرى في العاصمة القطرية يفضح المشروع السياسي الذي أراد النظام القطري تسويقه: «وسيط نزيه، صديق المقاومة، وجسر مع الغرب»؛ لكن النتيجة أن الدوحة تحولت إلى ملعب خلفي لتصفية الحسابات الصهيونية.
وأسفر عن العدوان الصهيوني على قادة حماس في قطر استشهاد مجموعة من أعضائها، بينهم همام الحية، نجل القيادي خليل الحية، فيما نجا الوفد المفاوض لحماس، الذي كان بصدد مناقشة مقترح أميركي جديد عبر الوسيط القطري.
وأصدرت حركة المقاومة الإسلامية حماس بياناً عقب الهجوم، اعتبرت فيه محاولة الاحتلال اغتيال وفدها المفاوض في العاصمة القطرية الدوحة «جريمة بشعة وعدواناً سافراً وانتهاكاً صارخاً لكل الأعراف والقوانين الدولية». وأكد البيان فشل العدو الصهيوني في تحقيق هدفه باغتيال الوفد، مشيراً إلى استشهاد كل من جهاد لبد، همام الحية، عبد الله عبد الواحد، مؤمن حسونة، وأحمد المملوك، إضافة إلى الوكيل عريف بدر سعد الحميدي من قوات الأمن الداخلي القطري.
وشددت الحركة على أن استهداف الوفد خلال مناقشته مقترحاً أميركياً جديداً يثبت أن حكومة المجرم بنيامين نتنياهو لا تسعى لأي اتفاق، بل تعمل على إفشال كل الجهود الدولية، محمّلة الإدارة الأميركية المسؤولية الكاملة عن الجريمة إلى جانب الاحتلال.

صفقات قذرة
العدو الصهيوني زعم أن عدوانه الغادر «عملية إسرائيلية خالصة»، بينما الحقيقة تشير إلى أن الدم الفلسطيني أصبح ورقة في ملعب «تل أبيب» والدوحة وواشنطن (ثلاثية التطبيع والصفقات القذرة).
وتحدثت تقارير، أمس، عن دخول قطر في التنسيق «الإسرائيلي» الأمريكي للعملية الغادرة، إذ تم إبلاغ قطر بالهجوم الصهيوني على مكتب ومقار حركة حماس.
لكن الخارجية القطرية بررت ذلك بالقول إن «الاتصال الذي ورد من أحد المسؤولين الأميركيين جاء لحظة الانفجارات الناجمة عن الهجوم الإسرائيلي».
العدوان على مكتب حماس أظهر أن قطر، التي أرادت أن تُظهر نفسها دولة مركزية في القرار الإقليمي، تم إهانتها أمام أعين العالم برضى منها، واستخدمت أراضيها لضرب من ادّعت أنها تدعم قضيتهم.
وتأتي العملية الغادرة الفاشلة على قادة حماس بعد أيام من تفجر فضيحة تسريب صور خاصة لقادة حماس كانت بحوزة قناة «الجزيرة» القطرية، لتجد طريقها إلى الاستخبارات الصهيونية. هذه الفضيحة تعكس الوجه الحقيقي لدور «الجزيرة» القطرية: قناة ترفع شعارات الحرية والمقاومة، بينما في الكواليس تتحول إلى مخزن معلومات يخدم «إسرائيل» عند الحاجة.

تنسيق أمريكي
من جهتها نقلت «القناة 14» التابعة للعدو عن مسؤول صهيوني كبير تأكيده أنّه تم إبلاغ الولايات المتحدة بالعملية قبل تنفيذها، ومنحت «إسرائيل» الدعم الكامل لها.
كما أكد مسؤول صهيوني كبير أنّ الهجوم تم بالتنسيق مع الولايات المتحدة، وذلك في حديث إلى «القناة 13»، إذ شددت معلقة الشؤون السياسية فيها، موريا فلبرغ، على أنّ هذا التنسيق «تم بصورة كاملة».
وأضافت، نقلاً عن جهات مختلفة، أنّ «طائرات تجسس أمريكية وبريطانية مكثت فوق المنطقة قبل الهجوم»، موضحةً أنّ «على إسرائيل التنسيق مع الأمريكيين»، لأنّهم يسيطرون على الأجواء القطرية.
المفارقة أن قطر، التي تدعي التمترس في خندق المقاومة الفلسطينية، دفعت لحليف «إسرائيل» الأقرب على الإطلاق إلى دونالد ترمب أكثر من تريليون دولار قبل أشهر.
وفي الوقت الذي أصدرت فيه الدوحة بيانات التنديد بالعدوان الصهيوني على قادة حماس، فإن الوقائع على الأرض تقول شيئاً آخر: لا طائرة صهيونية تدخل الأجواء القطرية من دون إذن أميركي، ولا معلومة استخباراتية تصل «تل أبيب» من دون وسيط قطري. بمعنى آخر: ما جرى لم يكن «اعتداء على السيادة القطرية» بقدر ما كان مسرحية دامية شاركت فيها الدوحة.

الإبادة مستمرة في القطاع
على صعيد الإبادة في قطاع غزة، ارتفعت حصيلة العدوان الصهيوني على القطاع، أمس، إلى 64,605 شهداء، بعد وصول 83 شهيداً إلى مستشفيات قطاع غزة خلال الـ24 ساعة الماضية.
ووفق التقرير الإحصائي اليومي لعدد الشهداء والجرحى جراء العدوان «الإسرائيلي» على قطاع غزة، وصل إلى مستشفيات القطاع خلال الـ24 ساعة الماضية، 83 شهيداً و 223 إصابة جديدة.
ولا يزال عدد من الضحايا تحت الركام وفي الطرقات، إذ تعجز طواقم الإسعاف والدفاع المدني عن الوصول إليهم حتى اللحظة. كما بلغت حصيلة الشهداء والإصابات منذ 18 آذار/ مارس 2025 حتى أمس: 12,059 شهيداً و51,278 مصاباً.

إسبانيا تصفع سموتريتش وبن غفير
في صفعة دبلوماسية جديدة للكيان الصهيوني، أعلنت السلطات الإسبانية، أمس الثلاثاء، منع اثنين من أكبر مجرمي الكيان الصهيوني، الوزيرين في حكومة الاحتلال، إيتمار بن غفير وبتسلئيل سموتريتش، من دخول أراضيها، في خطوة تعكس تصاعد الغضب الدولي من جرائم الإبادة التي يرتكبها الاحتلال ضد غزة.
وقال وزير الخارجية الإسباني، خوسيه مانويل ألباريس، إن وزيري الداخلية والمالية الصهيونيين أُدرجا على «قائمة العقوبات الرسمية»، ولن يُسمح لهما بدخول البلاد، في رسالة واضحة بأن مدريد لم تعد تقبل التعامل مع رموز العنصرية والفاشية الصهيونية.
القرار جاء رداً على خطوة انتقامية سابقة للاحتلال بمنع مسؤولتين إسبانيتين من دخول الأراضي المحتلة، وسط تهجمات وقحة من وزير خارجية الكيان، جدعون ساعر، الذي وصف الحكومة الإسبانية بـ»الفاسدة»، في مشهد يعكس عجز الاحتلال عن مواجهة المواقف الأوروبية المتصاعدة ضده.وتترافق الخطوة مع قرار تاريخي لحزب العمال الاشتراكي الحاكم في إسبانيا فرض حظر دائم على تصدير السلاح إلى الكيان الصهيوني، وإغلاق الموانئ الإسبانية أمام البواخر التي تنقل الأسلحة والوقود العسكري إلى الاحتلال، إضافة إلى منع شخصيات متورطة في جرائم الحرب في غزة من دخول إسبانيا.