تقرير / لا ميديا -
في جريمة جديدة تضاف إلى سجل العدو الصهيوني الملطخ بدماء الأبرياء، استشهد فلسطيني أمس الأحد جراء قصف نفذته طائرة مسيّرة استهدفت بلدة بني سهيلا شرق مدينة خان يونس جنوبي قطاع غزة.
كما أطلقت المروحيات الصهيونية النار باتجاه شمال شرق مخيم البريج وسط القطاع، فيما قصفت الزوارق الحربية المناطق الشرقية من رفح، ونفذ الاحتلال عمليات نسف ضخمة شرق خان يونس. لا شيء يردعهم، لا اتفاق، لا قانون، ولا وازع من ضمير.
مشاهد الأجساد الممزقة والبيوت المهدمة باتت يومية، والطواقم الطبية تعمل بقدرات شبه معدومة في ظل نقص حاد في الأدوية والمستلزمات، بينما يمعن الاحتلال في خنق غزة ومنع إدخال الدواء والوقود.
وأعلنت وزارة الصحة في غزة أن مستشفيات القطاع استقبلت خلال الساعات الأربع والعشرين الماضية جثامين سبعة شهداء، بينهم شهيد جديد وستة انتُشلوا من تحت الأنقاض، إضافة إلى خمس إصابات متفاوتة.
ومنذ توقيع اتفاق وقف إطلاق النار في 11 تشرين الأول/ أكتوبر، ارتفع عدد الشهداء إلى 241 والإصابات إلى 619، فيما جرى انتشال 528 جثماناً من بين الأنقاض. ومع ذلك، تواصل إسرائيل الادعاء بأنها “تحترم” الاتفاق الإنساني، بينما تُغرق غزة بالموت والجوع والدمار.
من جانبه أكد مدير عام وزارة الصحة، الطبيب منير البرش، أن ما دخل من أدوية منذ وقف إطلاق النار لا يتجاوز 10% من الاحتياجات الفعلية، مشيرا إلى أن المسكنات والمضادات الحيوية شبه منعدمة.

تعذيب وقتل وحشي
في مشهد صادم جديد، كشفت الهيئة الجنائية في غزة عن أدلة على انتهاكات مروعة ارتكبها العدو الصهيوني بحق جثامين الشهداء الذين أعادهم مؤخرًا، إذ وُجدت آثار عمليات جراحية وخياطة تمتد من الصدر إلى البطن، وأجساد مشوهة تدل على الدهس أو الإعدام الميداني. وقال المتحدث باسم الأدلة الجنائية، محمود عاشور، إن بعض الجثامين بدت مطبقة الرأس بالبطن، وعليها آثار تقييد في اليدين والقدمين والعينين، في مشهد يحكي عن جرائم ليس لها مثيل في الحروب الحديثة.

القسام تسلم جثمان أسير صهيوني جديد
بالتزامن، كتائب عز الدين القسام، الجناح العسكري لحركة حماس، أعلنت، أمس أنها سلمت جثة الضابط الصهيوني هدار غولدن إلى الصليب الأحمر بعد 11 عاماً من أسره في معارك رفح عام 2014.
وأكدت القسام بخصوص مقاتليها الذين لازالوا في رفح التي يسيطر عليها العدو الصهيوني في بيانها أن «لا استسلام ولا تسليم للنفس».
وأوضحت الكتائب أن الاحتلال يتحمل كامل المسؤولية عن الاشتباكات في رفح، محذّرة من أن استمرار الخروقات سيقود إلى انهيار الهدنة بشكل كامل.
لكن نتنياهو، الذي يترنح تحت ضغط الفشل الداخلي، رفض المقترح المصري القاضي بإخراج مقاتلي القسام من رفح إلى منطقة آمنة، وقال بكل وقاحة إن أمامهم خيارين فقط: “الاستسلام أو الموت تحت الأرض”. إنه منطق القوة العمياء الذي يحكم الاحتلال الصهيوني، والذي لا يرى في الفلسطيني سوى هدف مشروع للقتل والإبادة.
في المقابل، حملت كتائب القسام الوسطاء مسؤولية فشل تثبيت الهدنة، مطالبةً بتحرك عاجل يمنع الاحتلال من التذرع بحجج واهية لاستهداف المدنيين، مؤكدة أن مقاتليها التزموا بالاتفاق الإنساني رغم الظروف القاسية.

جرائم في الضفة
وفي الضفة الغربية المحتلة، يتكرر المشهد الدموي ذاته، ولكن بأدوات مختلفة. الغاصبون هناك يمارسون جرائمهم تحت حماية قوات الاحتلال، في مشهد يعكس نهجا منظما نحو النهب الكامل للأرض الفلسطينية.
وحذر المرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان من تصاعد جرائم «المستوطنين» واتساع رقعة المنظومة الاستيطانية في الضفة الغربية، معتبرا ذلك خطوة متقدمة نحو تكريس واقع الضم الفعلي وطرد الفلسطينيين من أراضيهم.
وأكد المرصد أن جرائم الغاصبين بلغت مستويات غير مسبوقة، حيث قُتل 37 فلسطينياً منذ أكتوبر الماضي، وهُجّر 5200 آخرون من منازلهم. إنها سياسة الطرد الجماعي الصامتة، التي تجري تحت مظلة القوة العسكرية الصهيونية الغاشمة.
وفي القدس المحتلة، أُصيب شاب فلسطيني (21 عامًا) برصاص قوات الاحتلال أثناء محاولته اجتياز جدار الفصل العنصري في بلدة الرام، فيما هدمت قوات الاحتلال منزل الأسير ماهر زهير سمارة في سلفيت، بعد اقتحامه وتفجيره بالكامل، مواصلة بذلك سياسة العقاب الجماعي التي تحرم الأسر من مأواهم بحجة «الأمن».
ليست غزة وحدها من تنزف، فالضفة أيضًا تحترق. أكثر من 1069 شهيدًا و10 آلاف جريح و20 ألف معتقل بينهم أطفال، أرقام تختصر حقيقة الاحتلال الذي يواصل عدوان الإبادة على شعب فلسطين المقاوم.

نقل المدعية العامة العسكرية السابقة «الإسرائيلية» إلى المستشفى بعد محاولة انتحار
وفي مشهد يعكس جانبا آخر من التصدّع الداخلي داخل المؤسسة الصهيونية، كشفت وسائل إعلام الاحتلال عن نقل المدّعية العامة العسكرية السابقة في قوات العدو، اللواء يفعات تومر يروشالمي، إلى المستشفى أمس الأحد، وسط شكوك حول محاولة انتحار محتملة بعد تناولها جرعة زائدة من الأدوية.
وأفادت قناة “كان” أن طواقم الإسعاف هرعت إلى منزلها وقدّمت لها العلاج الأولي قبل نقلها إلى المستشفى لاستكمال الفحوصات. تأتي هذه التطوّرات بعد أيام فقط من قرار المحكمة وضعها تحت الإقامة الجبرية لمدة عشرة أيام، عقب الاشتباه بتورطها في تسريب مواد حسّاسة من ملف التحقيق المعروف باسم “قضية سديه تيمان”، والذي فجّر فضيحة مدوّية بسبب ما تضمّنه من تسجيلات توثّق تعذيب الأسرى الفلسطينيين والاعتداء عليهم جنسيا.
وتشير التحقيقات إلى أن يروشالمي كانت على علم بتلك الانتهاكات البشعة وساهمت في طمسها قبل أن تنقلب عليها المؤسسة العسكرية، في ما يراه مراقبون دليلاً على تفكك المنظومة الإجرامية داخل كيان الاحتلال، حيث يغدو من يشارك في جرائم الحرب ضحيةً لصراعات داخلية لا تقلّ قذارة عن جرائمه.