مشروع «بن غوريون».. الحلم «الإسرائيلي» والكابوس الإقليمي
- محمد أبو راس الثلاثاء , 13 مـايـو , 2025 الساعة 1:19:26 AM
- 0 تعليقات
محمد أبو راس / لا ميديا -
من فترة قريبة صرح ترامب عن المشاريع التي تسعى «إسرائيل» لتنفيذها بهدوء ودهاء. فمشروع «قناة بن غوريون»، الذي يهدف إلى الربط بين البحر الأحمر والمتوسط عبر صحراء النقب، هو مشروع استراتيجي خطير، لا يهدد فقط عوائد قناة السويس، بل يعيد رسم الجغرافيا السياسية للمنطقة.
إن نجاح هذا المشروع، إذا تحقق، سيعني: سحب جزء كبير من حركة الشحن العالمية من قناة السويس، تحوّل «إسرائيل» إلى مركز لوجستي عالمي، يحل محل مصر في الربط بين الشرق والغرب، تهديد مباشر للاقتصاد المصري، خصوصًا وأن قناة السويس تمثل إحدى ركائز العملة الصعبة في البلاد، فرض «إسرائيل» نفسها كلاعب أساسي في ممرات الملاحة الإقليمية، ما يعني تعزيز قدرتها على فرض شروطها في ملفات المياه والطاقة وحتى الأمن البحري.
من هنا، فإن تصريحات ترامب لا يجب أن تُقرأ بمعزل عن هذا المشروع، بل كجزء من محاولة أكبر لتسويق فكرة أن قناة السويس لم تعد «حصرية»، وأنه يمكن تجاوزها، بل والمطالبة بها كحق مجاني.
الإعلام.. جبهة الدفاع الأخيرة: في ظل هذا المناخ المربك من التصريحات والتحركات، يبقى للإعلام دور محوري. فالمعركة اليوم ليست فقط دبلوماسية أو اقتصادية، بل هي أيضا معركة رواية. الإعلام العربي والمصري خصوصا، مطالب بأن يكون أكثر وعيا، وأكثر جرأة، في فضح هذه الأجندات التي تحاول اختراق الوعي الشعبي، وتمرير مشاريع تبدو تجارية لكنها مملوءة بالسم السياسي.
نحتاج إلى خطاب إعلامي وطني وعربي، يُعيد تذكير العالم بأن السيادة ليست منحة، وأن الممرات المائية ليست عقارات، وأن قناة السويس هي عنوان معركة تحررية تاريخية لا يمكن التنازل عنها.
في الختام، تصريحات ترامب، بما تحمله من وقاحة سياسية وسذاجة جيوسياسية، ليست مجرد «زوبعة انتخابية» عابرة. إنها إشارة تحذير واضحة بأن العالم مازال يضم قوى لا ترى في «الشرق الأوسط» إلا ساحة نفوذ وثروات. والرد لا يجب أن يكون فقط بالتصريحات أو البيانات، بل بتعزيز مكانة مصر الجيوسياسية، ودعم مشروعها التنموي، وتحصين وعي شعوبنا ضد محاولات التلاعب والاستتباع.
فالسيادة لا تُنتزع من الأرشيف، ولا تُفرّط على طاولة مفاوضات.. السيادة تُحمى -كما قناة السويس- بالدم، والوعي، والوحدة.
المصدر محمد أبو راس
زيارة جميع مقالات: محمد أبو راس