دموع قذرة!
 

ابراهيم الحكيم

إبراهيم الحكيم / لا ميديا -
شعر الجميع بألم وحسرة، جراء تدمير مطار صنعاء وطائرات «اليمنية». هذا شعور طبيعي لأي إنسان سوي لديه انتماء فطري وولاء وطني، تجاه مقدرات بلاده. لكن غير الطبيعي أن يبدر هذا الشعور فجأة عمّن صفقوا بحفاوة لقصف اليمن وباركوا وبرروا نسف بُناه، طوال 8 سنوات!
يحدث هذا منذ أسبوع، وكان يمكن تفهم الموضوع، لولا أن أكثر من يذرفون الدموع، على تدمير العدو «الإسرائيلي» مطار صنعاء وطائرات «اليمنية»، هم أنفسهم من سبق أن هللوا للعدوان السعودي الإماراتي، وباركوا قصف طيرانه مرارا، مطار صنعاء وتدمير طائرات «اليمنية» و«السعيدة»!...
رأى الجميع وسمع وقرأ لهؤلاء ما ظل يزيد قهر اليمنيين وألمهم أضعافا مضاعفة! بقيوا يتبارون في التبرير لغارات طيران التحالف السعودي -الإماراتي على اليمن، وتحوير واقع عدوانها، وتزوير وقائع إجرامها، وأنها تستهدف «مخازن أسلحة» و»مقرات قيادات» و»معسكرات» و»تعزيزات»... إلخ!
لقد ظلوا يفعلون هذا بكل جرأة طوال 8 سنوات، ومن دون أن يرف لهم جفن من خجل أو وجل! ولأن «الطبع يغلب التطبع» و»مَن شب على شيء شاب عليه»؛ فقد احتفوا بالعدوان الأمريكي على اليمن، واستمروا طوال 53 يوما، يفترون الكذب بسفور، ويمارسون التضليل والتغرير بفجور!
تباكيهم اليوم، كان يمكن أن يفهم أنه صحوة ضمير، أو محاولة تكفير عن ذنب التبرير لقصف العدوان السعودي -الإماراتي المطارات والموانئ، والمصانع والصوامع، والمدارس والجامعات، والمستشفيات والقاعات، ومحطات وشبكات المياه والكهرباء والاتصالات، والطرق والجسور... إلخ ما طاله التدمير!
لكن الواقع أن هؤلاء ينفذون حملة منظمة وممولة بسخاء، ظاهرها «إنساني» وطابعها «وطني» ودافعها «سياسي»، تبث حسرة مزيفة، غايتها شحذ النقمة، ليس على العدو «الإسرائيلي» أو الأمريكي، بل على من يتصدى لهما! وبزعم أن هذا التصدي «هو السبب في استدعاء التدمير لليمن ومقدراته»!
قطعا، مشاعر هؤلاء مصطنعة، ودموعهم مزيفة، لأنها انتقائية موجهة، لأغراض سياسية قذرة! يؤكد هذا، أن هؤلاء وهم يتصنعون «الحسرة» ويتلبسون «الغيرة» ويتدثرون «الحمية» ويتقمصون «الوطنية»؛ يتجاهلون أهوال التدمير الشامل للبنيان والعمران، والقتل المتواصل للإنسان، في غزة!
يتعامون عن قصد، معاناة الحصار وركام الدمار وأكوام الأشلاء في غزة، كما لو أن الفلسطينيين ليسوا بشرا، ولا عربا، ولا مسلمين! يزيدون على التجاهل، التحامل إن جاؤوا على ذكرهم، يحملونهم المسؤولية، ويلقون عليهم باللائمة، لأنهم يؤيدون المقاومة لمحتل مجرم، يقتلهم قصفا وحصارا!
لا تقبل «الإنسانية» الانتقاء، ولا تحتمل أيضا الاستثناء. كذلك «الوطنية» لا تكون بالادعاء أو المراء، وتجسيدها للآخرين لا يكون بالافتراء حد الاستغباء! كذلك الخصومة لا تبرر الفجور، مهما بلغ الخلاف والبغضاء، ينبغي ألا تتجاوز واجبات الولاء للأوطان إلى الارتماء والانتماء لأعداء الأوطان!
يبقى الثابت، أن كل المباني يمكن تعويضها وإعادة بنائها، لكن الحمية والغيرة، النخوة والمروءة، الكرامة والرفعة، الشرف والعِزة، حين تذهب لا تعوض، تحل محلها الضِعة والذِلة، الخسة والدياثة، الخيانة والمهانة. وقد قيل «من يهن يسهل الهوان عليه.. ما لجرح بميت إيلام».. والله المستعان.

أترك تعليقاً

التعليقات