شارل أبي نادر

شارل أبي نادر / لا ميديا -
تتسارع الأحداث، عسكرياً وميدانياً، في الحرب الدائرة حالياً بين إيران وبين كيان الاحتلال. وفي الوقت الذي رأت فيه «إسرائيل» أن ضربتها الأولى الغادرة للجمهورية الإسلامية الإيرانية، والتي استهدفت فيها قادة أساسيين للحرس الثوري وللجيش الإيراني، بالإضافة إلى مروحة الاستهدافات التي طالت مواقع عسكرية ومنشآت علمية ونووية إيرانية، ستكون ضربة حاسمة وستجعل إيران ترضخ وتستسلم، جاءت توقعات الكيان مختلفة بالكامل. وما يجري اليوم داخل عمق الكيان، وعلى كامل جغرافية فلسطين المحتلة، من استهدافات وتدمير وإصابات كبيرة، يؤكد بما لا يقبل الشك أن إيران لم تستعد المبادرة والتماسك والتوازن في القيادة والسيطرة وحسب، أيضاً فرضت على العدو «الإسرائيلي» مناورة هجومية فعالة ومتقدمة، لا يبدو أنه قادر على مواجهتها أو حتى على استيعابها.
هذه المناورة الهجومية الإيرانية ضد الكيان يمكن الإشارة إلى أهم عناصرها، وهي:
أولاً: فرضت الوحدات الجو فضائية الإيرانية مناورة استهداف صاروخي باليستي متصاعدة، بشكل فعال، من خلال العناصر الآتية:
1. توسع في جغرافية الاستهداف، حيث تطال الصواريخ والمسيّرات الإيرانية مدن الكيان ومناطقه كلها، في فلسطين المحتلة، وبشكل تتزايد فيه أعداد الإصابات على نحو لافت وصادم.
2. تنوع في نماذج الصواريخ الباليستية، وبشكل تتصاعد فيه قدرات وفاعلية كل موجة صواريخ عن التي سبقتها، ليأتي في الموجة الأخيرة صاروخ «قاسم سليماني» بميزاته الفعالة، فيكون الصاروخ الأكثر تأثيراً في عمق الكيان، بسرعته اللافتة وبقدرته على المناورة والتفوق على منظومات الدفاع الجوي «الإسرائيلية»، وبقدرته التدميرية الاستثنائية.
3. تنوع الأهداف، حيث توزعت من استهداف للمواقع العسكرية ولمنظومات الدفاع الجوي وللمطارات إلى استهداف مراكز القيادات الأساسية للكيان، إلى استهداف مراكز حيوية ذات طابع استراتيجي، مثل الملاجئ والغرف المحصّنة وشركات الكهرباء والطاقة في حيفا وفي غيرها، بالإضافة إلى استهداف مروحة واسعة من الأبراج السكنية الضخمة داخل مدن الكيان، وخاصة في «تل أبيب».
ثانياً: برهنت القيادة الإيرانية، السياسية والعسكرية، في هذه الحرب أو المواجهة الحساسة والاستثنائية، أنها حضّرت نفسها جيداً لمواجهة كيان الاحتلال، حيث تتصاعد قدرة التدخل الإيراني عسكرياً في الكيان، فتتصاعد معه قدرة التأثير في مستوياته كلها: السياسية والعسكرية والشعبية. ولا يبدو أن القيادة في إيران بصدد التراجع أو تخفيف مستوى تصاعد فاعلية معركتها الهجومية ضد «إسرائيل». وهذه القيادة، أيضاً، تُظهر وتُبرهن صدقية واضحة وفعلية بالالتزام بوعودها بإدخال قدرات صاروخية أعلى وأشد قدرة كل مرة، ليشكّل هذا الأمر (أي صدقية إدخال القدرات بمستوى متصاعد) عامل ضغط إضافي، يزيد الضغط الهائل الذي تفرضه صواريخها الفعالة داخل الكيان.
أمام هذه الفاعلية، وأمام هذه الصدقية، وأمام هذا الثبات على المستويات كافة، والتي تظهرها إيران اليوم في هذه الحرب ضد «إسرائيل»، وأمام ما بدأ يرشح من تفككك ومن فقدان للتوازن داخل الكيان، على مستوى القيادة والجبهة الداخلية، جراء الخسائر الضخمة والمؤلمة وغير المتوقعة، لم يعد لـ»إسرائيل» من خيار غير البحث الجدي والسريع عن مخرج مناسب من هذا المستنقع القاتل الذي أوقعها فيه نتنياهو، ليكون المخرج الوحيد المتبقي لها، وقف الحرب والقبول مرغمة بما كانت تشدد عليه إيران وتتمسك به من حقوق طبيعية وثابتة؛ وهي:
أولاً: إنهاء أشكال العقوبات كلها المفروضة عليها، واستعادتها حقوقها المصادرة من دول خارجية ومؤسسات مالية دولية.
ثانياً: اعتراف الجميع، وخاصة «إسرائيل»، بحق إيران في امتلاك قدرات نووية علمية وتطويرها لأغراض سلمية.

أترك تعليقاً

التعليقات