تكلفة التنازل وتسليم السلاح
 

مريم أزاد

مريم أزاد / لا ميديا -
إن التزام حكومة لبنان بالغرب وميلها نحوه، وخاصة أمريكا، والثقة بوعود ترامب الاقتصادية الفارغة والكاذبة، قد يضع لبنان في وضع خطير قد يؤدي حتى إلى عودة الهيمنة «الإسرائيلية» على الجنوب والتطهير العرقي.
يهدف ترامب من طرح خطته الخادعة إلى إنشاء منطقة اقتصادية في لبنان مقابل نزع سلاح حزب الله، إلى أمله في أن يصبح كل هذا يوماً ما تحت الحكم اليهودي. ولتحقيق هذه الغاية، يجري بناء أكبر سفارة في العالم في لبنان، تحقيقاً لحلم «إسرائيل الكبرى».
إن نزع السلاح في لبنان هو بداية جولة جديدة من التطورات المعادية للشيعة والمعادية للمقاومة في المنطقة من أجل الوصول إلى منطقة خالية من السلاح.
إن الاغتيالات الأخيرة في لبنان وإيران وسورية والیمن، ووصول الحكومات ذات التوجهات الغربية إلى السلطة، أدت إلى تسريع هذا المشروع الصهيوني الأمريكي.
ومنذ طرح قضية نزع السلاح في لبنان شهدنا هجمات من قبل النظام الصهيوني من الجنوب إلى قلب لبنان. ولكن حتى هذه الهجمات فشلت في إيقاظ الحكومة اللبنانية المركزية من سباتها.
لقد أثبتت تجربة كافة الدول أن الثقة وحُسن النية ليس لهما أي معنى عندما يتعلق الأمر بأمريكا والغرب.
إذا كانت التجربة خير دليل، فعلى الحكومة اللبنانية أن تدرك أن التنازل والثقة بأمريكا لا يضمنان الأمن والنمو الاقتصادي، بل سيؤديان إلى نتيجة عكسية. إذا تأملت في دول مثل سورية والعراق وأفغانستان وليبيا، وحتى إيران، ستدرك بوضوح أن أمريكا لا تلتزم بالمعاهدات والمفاوضات، وإلى أن تحقق هدفها الأناني، ستسعى إلى التنازلات والتنمر. أينما تعرضت مصالحها للتهديد ولم تُؤمَّن، ستُظهر طبيعتها العدائية والوحشية. تكلفة التنازل دائماً أكبر من تكلفة المقاومة، وهذا مبدأ تجريبي في المجالات السياسية والعسكرية والاقتصادية.
وتعكس استقالة قائد الجيش اللبناني، العماد رودلف هيكل من منصبه، ثقة الجيش وحاجته إلى سلاح حزب الله وقوته اللوجستية، وإدراكه أنه إذا تم نزع سلاحه فإن الجيش اللبناني الصغير لن يكون لديه القوة الكافية للوقوف في وجه النظام الصهيوني العدواني والمدجج بالسلاح.
هذه الخطة الأمريكية الخطيرة تتجاوز مبدأ السلاح. في الواقع، الهدف الرئيسي هو تدمير خطاب المقاومة. وهي عملية متعددة الأبعاد، ومنها: اغتيال القادة في دول المقاومة، وخلق الكراهية والانقسام من خلال وسائل الإعلام، وتشويه وخلق مشاكل اجتماعية واقتصادية عميقة من خلال العقوبات القاسية وإلقاء اللوم على المقاومة كسبب ومنشئ للمشاكل، وخلق ثنائية التسوية أو الحرب، وغرس شعور بالأمن في المقاومة دون سلاح من خلال الخبراء والمحللين ذوي التوجه الغربي، والمرتزقة الذين سئموا من «إسرائيل» وأمريكا والسعودية، وعلماء شيكاغو والدبلوماسيين الغربيين الوهميين، وأخيراً نزع السلاح الفعلي واعتقال وسجن القادة المتبقين، وخلق خنق سياسي ضد أيديولوجية المقاومة.
إن نزع السلاح ليس إلا بدايةً لفوضى ميدانية هائلة، وتفكيك دول المقاومة. ويجب على الحكومات التابعة لمحور المقاومة الحفاظ على وحدتها وتماسكها وتسليحها في مواجهة تحالف الشر، بل وتعزيز قوتها الرادعة والعسكرية وكفاءتها؛ لأن ما يضمن الأمن هو القوة العسكرية والسلطة الميدانية.
لقد استُخدم سلاح المقاومة في لبنان واليمن وسورية وإيران والعراق على أساس مدرسة الجهاد ومواجهة الاستكبار وحرية الإنسان وفقاً لمبادئ القرآن الكريم. والآن، بما أن بعض دول العالم، بالإضافة إلى دول المحور، وحتى منطقة القرن الأفريقي، التي استعبدتها الإمبريالية والاستعمار لسنوات طويلة، تميل أيضاً إلى هذه المدرسة المناهضة للإمبريالية والساعية للاستقلال والحرية، فليس الوقت مناسباً لانهيار هذه المدرسة الفكرية العميقة والمحررة والمؤثرة في الساحة العالمية. إن سلاح حزب الله ليس مجرد سلاح على أكتافهم، بل هو صرخة مدوية من أجل العدالة والحقيقة والحرية وكرامة واستقلال المسلمين.
*  كاتبة إيرانية

أترك تعليقاً

التعليقات