السعودية..على حافة ثورة الـ(جنوبَين)
- تم النشر بواسطة حلمي الكمالي/ لا

لم تعد انتصارات الجيش واللجان الشعبية في جبهات ما وراء الحدود مجرد ضربات مؤلمة لحظية اA271;ثر للعدو ضمن معركة الدفاع، وإنما ضربات متناسقة تضرب في جدار التاريخ، وتشعل وخزات فتاكة في صميم العدو الممزق قد تعلن نهاية مملكة العدو كلياً.. توغل بندقية المقاتل اليمني داخل العمق السعودي أثار ركام اA271;رض واA273;نسان، ونبذ الخوف العالق في ذاكرة الأهالي، والتفت حولها مظلومية ملايين الناس العالقة بين فكي الرجعية والاستعمار والكهنوتية منذ عقود، حيث أحدثت تغييراً جذرياً في معادلة الصراع التي قد تهوي بمملكة بني سعود إلى اA271;بد.. التطورات اA271;خيرة التي تشهدها محافظات الجنوب السعودي على صعيد تقدم القوات اليمنية التي تسيطر على عشرات المدن والقرى داخل العمق السعودي، تثير الكثير من التداعيات التي تشير بوصلتها إلى أن ثورة شعبية تلوح في اA271;فق قد تقلب المعادلة رأساً على عقب، وهو ما بدا أرقاً سعودياً يتهدد مستقبلها جغرافيا وكياناً.
بندقية الخلاص
A271;سباب كثيرة أهمها طائفية وعرقية، انتهجت السلطات السعودية على مدى عقود من الزمن، سياسة عنصرية بحتة بحق سكان جيزان ونجران وعسير، حيث ارتكبت بحقهم أبشع ممارسات القمع والتهميش والتهجير. وبحسب ما ذكرته تقارير منظمات إنسانية ودولية، فإن 70% من السجناء في سجون المملكة هم من أبناء المناطق الجنوبية والشرقية، وعلى خلفية انتماءات مذهبية، حيث إن سكان تلك المناطق ينتمون للمذهب اA273;سماعيلي الذي تحاربه السلطات السعودية الوهابية.. مظلومية سكان نجران وجيزان وعسير، والرابط الثقافي القبلي الممتد داخل التراب اليمني، جعلهم يرون في بندقية الجيش واللجان الخلاص، وكأقل تقدير تشير تحليلات السياسيين إلى أن أهالي نجران وجيزان وعسير يعتبرون اللحظة القائمة فرصة ذهبية للانتصار على آA275;مهم، في حين يبدو أن السلطات السعودية أدركت خطورة اللحظة الزمنية مبكراً.
تهجير السكان
منذ بداية العدوان اA271;مريكي السعودي على اليمن في 26 مارس 2015م، قامت السلطات السعودية بتهجير واسع لسكان نجران وجيزان وعسير، فحسب إحصائيات نقلتها وسائل إعلام عربية ودولية عن مصادر مسؤولة، هناك أكثر من 150 ألف مواطن تم تهجيرهم من منازلهم في قطاعي نجران وجيزان، خلال اA271;سابيع اA271;ولى من العدوان.
بررت السلطات السعودية آنذاك عملية التهجير بأنها كانت لحماية السكان من الهجمات اليمنية، إA275; أن السبب الحقيقي لم يكن كذلك، فقد تبين A275;حقاً أن السلطات السعودية تخشى من انتفاضة سكان هذه المناطق بحكم ترابطها الجغرافي والقرابي مع أبناء شمال الشمال اليمني، واستمرت عملية التهجير بعد ذلك لفترات متقطعة، وفي أماكن بعيدة عن المعارك. وقد أظهرت فيديوهات الإعلام الحربي استهداف طيران العدوان السعودي لمنازل المواطنين في مدينة الربوعة وفي عدة مدن أخرى، وتدميرها كلياً، وهو ما يراه الكثير بأن السعودية تسعى لاجتثاث المواطنين الذين ترى أنهم لا يبدون أية خصومة ضد قوات الجيش واللجان.
وكانت الحكومة السعودية أصدرت قراراً قبل أشهر من بداية العدوان السعودي، يقضي بإنشاء مناطق عازلة بعمق 20 كيلومتراً على حدودها كافة، ما نتج عنه إزالة المئات من البلدات والقرى، وتهجير سكانها، كما حدث لمحافظة شرورة في منطقة نجران، التي ألغيت بالكامل، وهُجِّر جميع سكانها.
إلى ذلك، نقلت سلطات العدو السعودي مجاميع كبيرة من عصابات داعش والقاعدة إلى قطاعات نجران وجيزان وعسير، حسب ما ذكرته مراكز إعلامية أمريكية، وقد انتشرت العصابات في قرى ومدن الجنوب، ومارست أبشع أنواع الجرائم بحق من تبقى من اA271;هالي، وكانت حادثة تفجير القاعدة لمسجد المشهد بنجران، في أكتوبر الماضي، والتي راح ضحيتها 150 مواطناً، أكبر دليل على المشروع التخريبي اA273;رهابي.
الخاسر الأكبر
وبحساب هزيمة (تحالف العدوان الدولي) الواضحة في معركة اليمن على معطيات الواقع والوقائع، فإن السعودية هي الخاسر الأكبر من مجمل خسائر الحلف الدولي، وعلى كافة اA271;صعدة المادية والمعنوية والاقتصادية، إذ فقدت وتفقد بشكل شبه يومي أجزاء واسعة من جغرافيتها في المدن الجنوبية الحدودية مع اليمن، وليست مشكلة العدو السعودي عجزه التام عن استرداد تلك المناطق وحسب، بل إن المشكلة الحقيقية تكمن في طبيعة علاقة النظام السعودي الحاكم مع سكان المحافظات الجنوبية، القائمة على التهميش والتهجير، فثمة تداعيات كثيرة أيقظتها بندقية المقاتل اليمني المتوغلة داخل العمق السعودي.. هذه التداعيات استدعت جملة من العوامل في نسيج مجتمع جيزان ونجران وعسير القائم على جملة من المشتركات الاجتماعية والدينية والعرقية والجغرافية لسكانها مع الشعب الجار، باعتبارها امتداداً جغرافياً له، والتي كانت ضمن جغرافيته لآلاف السنين وإلى فترة زمنية ليست بالبعيدة.
لعبة الجغرافيا
علاوة على الامتداد الثقافي اA275;جتماعي والديموغرافي المشترك، فإن الجغرافيا تلعب دوراً هاماً في تقدم الجيش واللجان الشعبية داخل العمق السعودي، حيث إن قطاعات نجران وجيزان وعسير تتمتع بسلسلة جبال شاهقة بالقرب من الحدود اليمنية، تطل على المدن الحيوية والقواعد العسكرية، منها جبال منجد والحرث في جيزان، والتي تطل على ميناء جيزان الذي يبعد حوالي 60 كيلومتراً من السلسلة الجبلية التي تسيطر عليها القوات اليمنية، ما يمكنها من استهداف ميناء جيزان والسيطرة عليه نارياً.
الدعوة إلى الثورة
دعوة عضو المجلس السياسي اA271;على يوسف الفيشي، أهالي نجران وجيزان، قبل أيام، للثورة ضد النظام السعودي البائد، عبر منشور في صفحته الرسمية على (فيسبوك)، في هذا التوقيت بالذات، وبالتزامن مع تصاعد العمليات النوعية للقوات اليمنية في جيزان، هذه الدعوة تحمل أبعاداً كثيرة تؤكد انتقال المعركة إلى مرحلة جديدة، حيث يرى الكثير من المحللين السياسيين أنه بجانب أن دعوة الفيشي تشير إلى أن هناك علاقة واضحة بين سكان المناطق الجنوبية وبين القوى الوطنية، فإنها تشير الى أن القوات اليمنية تسيطر على مجمل جغرافية الجنوب السعودي، فيما تناول آخرون إمكانية انفجار ثورة شعبية في نجران وجيزان وعسير، في إشارة إلى مخاوف السعودية التي بدت واضحة في اA271;سابيع اA271;خيرة، حيث صرحت قناة (الحدث)، قبل أيام، بأن قوات الحرس السعودي ألقت القبض على عدة شحنات أسلحة في جيزان ونجران، قادمة من الحدود اليمنية، وإذا ما نظرنا لصحة الخبر، فإن ترويج السعودية لهذا الخبر في هذا التوقيت بالذات، يدل على مخاوف السلطات السعودية التي استشعرت بشكل أو بآخر أن ثورة شعبية قد تنفجر في منطقتها الجنوبية، في حين يذهب آخرون إلى القول بأنه إذا ما صحت المعلومات فإن المنطقة الشرقية السعودية ستنفجر تلقائياً في حال انفجرت ثورة في الجنوب السعودي، مشيرين بذلك للعلاقة الوثيقة بين النسيج الاجتماعي والظلم المشترك الذي يتعرض له أهالي المنطقتين، وحملات الاعتقالات التي طالت شخصيات دينية وسياسية مؤخراً.
وكانت قد تصاعدت على نحو كبير مخاوف النظام السعودي من ثورة شعبية داخلية في المحافظات الجنوبية، غداة الدعوة التي وجهها قائد الثورة السيد عبد الملك الحوثي، قبل أشهر، إلى أبناء نجران وجيزان وعسير، للثورة على طاغوت بني سعود، وإعلانه الاستعداد لمساندتهم، فيما شرع النظام السعودي بعمليات ترحيل لليمنيين المقيمين في محافظة صامطة في جيزان ومناطق أخرى، تحسباً لاضطرابات أمنية، وقد كشفت مصادر إعلامية وثائق كثيرة تثبت ذلك، منها رسالة موجهة من شيخ قبيلة (الدغارير) يحيي حسين دغريري، لمحافظة صامطة، يدعو فيها إلى عدم بقاء اليمنيين في المحافظة.
انقلاب ملكي
التغييرات التي قام بها محمد بن سلمان بحق بعض الوزراء والأمراء في حكومته، وتعيين إخوانه وشخصيات مقربة له، ليست بعيدة عن مجريات التطورات العسكرية في معركة اليمن، واA273;خفاق السعودي الواضح تحديداً في جبهات نجران وجيزان وعسير، والمخاوف من تفكيك السلطة وانهيارها، ففي حين يؤكد محللون أن التغييرات تشير إلى انقلاب واضح لمحمد بن سلمان على حساب محمد بن نايف، يشير آخرون إلى أن بوادر الصراع الداخلي الذي يعصف بأجنحة العائلة المالكة ستسهم وبشكل كبير في تسريع شرارات هذه الثورة، والتي لن تقتصر على هذه المناطق، بل ستتعداها لمناطق عديدة، خصوصاً في شمال الجزيرة العربية ومناطق الحجاز.
حبال النجاة
القوات اليمنية بالرغم من أنها تواجه عدواً غاشماً لم يترك أي مجال A271;ي اعتبارات إنسانية أو أخلاقية، تركت فسحة كبيرة للعدو A273;نقاذ نفسه أكثر من مرة، ولعل الرد العسكري اليمني باتجاه الأراضي السعودية، الذي جاء بعد 40 يوماً من بداية العدوان، دليل على ذلك، إA275; أن العدو الذي لم يملك قرار الحرب، وA275; يملك قرار إيقافها، يصر على أن يقود بلاده إلى الهلاك.
علاوة على ذلك، لم تستفد سلطات العدو السعودية من حبال النجاة التي مدتها القوى الوطنية اليمنية أكثر من مرة، فعوضاً عن أن تمسك بخيط نجاة لتهرب إلى اA271;مام، فهي تبحث اليوم عن أي قيد يثبتها على ما كانت عليه قبل الحرب.
في وقت يرى الكثير أن هزيمة تحالف قوى العدوان على اليمن تجعل السعودية تفكر بالدفاع عن حدودها، فهي الخاسر اA271;ول والوحيد من نتائج استمرار العدوان، ودعوة وزير الحرب اA271;مريكي باتيس إلى توقيف الضربات الصاروخية على اA271;راضي السعودية، تؤكد أن السعودية لم تعد تتحدث عن تحالف دولي يهدف لتحقيق أهدافه المعلنة، من ضمنها إعادة (الشرعية)، بل تقلصت المطامع السعودية وانكمش صوتها، فهي تصرخ اليوم من أبها ونجران وعسير لوقف الهجمات اليمنية.
فعلاوة على غيابها في معارك الساحل الغربي وفي الجنوب اليمني، فإنها فقدت أجزاء واسعة من أراضيها، ما يعني أنها A275; تملك أية ورقة عسكرية تقايض بها على أية طاولة حوار قادمة.
مفاوضات لا تنقذ العدو
بين تصاعد العمليات العسكرية للجيش واللجان في جيزان، والمخاوف السعودية من انفجار ثورة في جنوبها، يبدو أن سلطات العدو تسعى لمفاوضات سريعة، إA275; أن المعلومات تشير إلى أن أية مفاوضات قادمة لن تنهي الخطر الذي يتهدد النظام السعودي، حيث إنه A275; يملك ما يقدمه على أية طاولة حوار يمكنه من الحفاظ على شكله الجغرافي السابق، فأقصى ما يمكن أن يكسبه النظام السعودي هو رفع الخطر على ميناء جيزان مقابل رفع مهاجمة ميناء الحديدة، في حين تظل التأثيرات التي أحدثتها بندقية المقاتل اليمني في المحافظات الجنوبية، وبالتحديد لدى اA271;هالي، A275; يمكن أن تزيلها أية مفاوضات، حتى لو أفضت إلى نهاية العدوان، فإن أثرها سيبقى لعقود قادمة.
في وقت يبدو من المعطيات العسكرية والسياسية في مجمل المشهد اليمني، حسب آراء المراقبين، أن فرصة نجاة العدو السعودي ضئيلة للغاية، حيث إن المفاوضات التي سيلجأ إليها العدو A273;نقاذ نفسه لن تكون هذه المرة إلا نعشاً لمراسيم نهايته على طاولة دولية.
بحكم المعطيات القائمة، فإن توقعات الكثير من المراقبين للمشهد اليمني القائم التي ترجح انهيار مملكة بني سعود جغرافياً وكياناً، لا تبدو متسرعة، في حين تُظهر المؤشرات أن المنطقة بعد العدوان السعودي على اليمن لن تكون كما كانت عليه من قبل، وأن مجمل التطورات قد تغير شكل الخارطة في المستقبل القريب، وA275; يستبعد أن تفقد بعض الدول شكلها الجغرافي المعروف، على أن تتوسع جغرافية بعضها الآخر.
وعلى شفير تهيج شرارة ثورة شعبية في الجنوب السعودي تشتعل نيران ثورة أخرى ضد اA271;جندة التوسعية السعودية جنوبي اليمن بعد رفض الشارع الجنوبي التغيرات اA271;خيرة التي قام بها الفار هادي المدعوم سعوديا بحق قيادات سياسية جنوبية.
وبين شراراتي ثورتين تلوحان في اA271;فق يقف أمراء البلاط السعودي على سرير مهتز بلا أعمدة تقول توقعات المراقبين والمحللين بأنه سيغرق في رمال الربع الخالي عما قريب.
بندقية الخلاص
A271;سباب كثيرة أهمها طائفية وعرقية، انتهجت السلطات السعودية على مدى عقود من الزمن، سياسة عنصرية بحتة بحق سكان جيزان ونجران وعسير، حيث ارتكبت بحقهم أبشع ممارسات القمع والتهميش والتهجير. وبحسب ما ذكرته تقارير منظمات إنسانية ودولية، فإن 70% من السجناء في سجون المملكة هم من أبناء المناطق الجنوبية والشرقية، وعلى خلفية انتماءات مذهبية، حيث إن سكان تلك المناطق ينتمون للمذهب اA273;سماعيلي الذي تحاربه السلطات السعودية الوهابية.. مظلومية سكان نجران وجيزان وعسير، والرابط الثقافي القبلي الممتد داخل التراب اليمني، جعلهم يرون في بندقية الجيش واللجان الخلاص، وكأقل تقدير تشير تحليلات السياسيين إلى أن أهالي نجران وجيزان وعسير يعتبرون اللحظة القائمة فرصة ذهبية للانتصار على آA275;مهم، في حين يبدو أن السلطات السعودية أدركت خطورة اللحظة الزمنية مبكراً.
تهجير السكان
منذ بداية العدوان اA271;مريكي السعودي على اليمن في 26 مارس 2015م، قامت السلطات السعودية بتهجير واسع لسكان نجران وجيزان وعسير، فحسب إحصائيات نقلتها وسائل إعلام عربية ودولية عن مصادر مسؤولة، هناك أكثر من 150 ألف مواطن تم تهجيرهم من منازلهم في قطاعي نجران وجيزان، خلال اA271;سابيع اA271;ولى من العدوان.
بررت السلطات السعودية آنذاك عملية التهجير بأنها كانت لحماية السكان من الهجمات اليمنية، إA275; أن السبب الحقيقي لم يكن كذلك، فقد تبين A275;حقاً أن السلطات السعودية تخشى من انتفاضة سكان هذه المناطق بحكم ترابطها الجغرافي والقرابي مع أبناء شمال الشمال اليمني، واستمرت عملية التهجير بعد ذلك لفترات متقطعة، وفي أماكن بعيدة عن المعارك. وقد أظهرت فيديوهات الإعلام الحربي استهداف طيران العدوان السعودي لمنازل المواطنين في مدينة الربوعة وفي عدة مدن أخرى، وتدميرها كلياً، وهو ما يراه الكثير بأن السعودية تسعى لاجتثاث المواطنين الذين ترى أنهم لا يبدون أية خصومة ضد قوات الجيش واللجان.
وكانت الحكومة السعودية أصدرت قراراً قبل أشهر من بداية العدوان السعودي، يقضي بإنشاء مناطق عازلة بعمق 20 كيلومتراً على حدودها كافة، ما نتج عنه إزالة المئات من البلدات والقرى، وتهجير سكانها، كما حدث لمحافظة شرورة في منطقة نجران، التي ألغيت بالكامل، وهُجِّر جميع سكانها.
إلى ذلك، نقلت سلطات العدو السعودي مجاميع كبيرة من عصابات داعش والقاعدة إلى قطاعات نجران وجيزان وعسير، حسب ما ذكرته مراكز إعلامية أمريكية، وقد انتشرت العصابات في قرى ومدن الجنوب، ومارست أبشع أنواع الجرائم بحق من تبقى من اA271;هالي، وكانت حادثة تفجير القاعدة لمسجد المشهد بنجران، في أكتوبر الماضي، والتي راح ضحيتها 150 مواطناً، أكبر دليل على المشروع التخريبي اA273;رهابي.
الخاسر الأكبر
وبحساب هزيمة (تحالف العدوان الدولي) الواضحة في معركة اليمن على معطيات الواقع والوقائع، فإن السعودية هي الخاسر الأكبر من مجمل خسائر الحلف الدولي، وعلى كافة اA271;صعدة المادية والمعنوية والاقتصادية، إذ فقدت وتفقد بشكل شبه يومي أجزاء واسعة من جغرافيتها في المدن الجنوبية الحدودية مع اليمن، وليست مشكلة العدو السعودي عجزه التام عن استرداد تلك المناطق وحسب، بل إن المشكلة الحقيقية تكمن في طبيعة علاقة النظام السعودي الحاكم مع سكان المحافظات الجنوبية، القائمة على التهميش والتهجير، فثمة تداعيات كثيرة أيقظتها بندقية المقاتل اليمني المتوغلة داخل العمق السعودي.. هذه التداعيات استدعت جملة من العوامل في نسيج مجتمع جيزان ونجران وعسير القائم على جملة من المشتركات الاجتماعية والدينية والعرقية والجغرافية لسكانها مع الشعب الجار، باعتبارها امتداداً جغرافياً له، والتي كانت ضمن جغرافيته لآلاف السنين وإلى فترة زمنية ليست بالبعيدة.
لعبة الجغرافيا
علاوة على الامتداد الثقافي اA275;جتماعي والديموغرافي المشترك، فإن الجغرافيا تلعب دوراً هاماً في تقدم الجيش واللجان الشعبية داخل العمق السعودي، حيث إن قطاعات نجران وجيزان وعسير تتمتع بسلسلة جبال شاهقة بالقرب من الحدود اليمنية، تطل على المدن الحيوية والقواعد العسكرية، منها جبال منجد والحرث في جيزان، والتي تطل على ميناء جيزان الذي يبعد حوالي 60 كيلومتراً من السلسلة الجبلية التي تسيطر عليها القوات اليمنية، ما يمكنها من استهداف ميناء جيزان والسيطرة عليه نارياً.
الدعوة إلى الثورة
دعوة عضو المجلس السياسي اA271;على يوسف الفيشي، أهالي نجران وجيزان، قبل أيام، للثورة ضد النظام السعودي البائد، عبر منشور في صفحته الرسمية على (فيسبوك)، في هذا التوقيت بالذات، وبالتزامن مع تصاعد العمليات النوعية للقوات اليمنية في جيزان، هذه الدعوة تحمل أبعاداً كثيرة تؤكد انتقال المعركة إلى مرحلة جديدة، حيث يرى الكثير من المحللين السياسيين أنه بجانب أن دعوة الفيشي تشير إلى أن هناك علاقة واضحة بين سكان المناطق الجنوبية وبين القوى الوطنية، فإنها تشير الى أن القوات اليمنية تسيطر على مجمل جغرافية الجنوب السعودي، فيما تناول آخرون إمكانية انفجار ثورة شعبية في نجران وجيزان وعسير، في إشارة إلى مخاوف السعودية التي بدت واضحة في اA271;سابيع اA271;خيرة، حيث صرحت قناة (الحدث)، قبل أيام، بأن قوات الحرس السعودي ألقت القبض على عدة شحنات أسلحة في جيزان ونجران، قادمة من الحدود اليمنية، وإذا ما نظرنا لصحة الخبر، فإن ترويج السعودية لهذا الخبر في هذا التوقيت بالذات، يدل على مخاوف السلطات السعودية التي استشعرت بشكل أو بآخر أن ثورة شعبية قد تنفجر في منطقتها الجنوبية، في حين يذهب آخرون إلى القول بأنه إذا ما صحت المعلومات فإن المنطقة الشرقية السعودية ستنفجر تلقائياً في حال انفجرت ثورة في الجنوب السعودي، مشيرين بذلك للعلاقة الوثيقة بين النسيج الاجتماعي والظلم المشترك الذي يتعرض له أهالي المنطقتين، وحملات الاعتقالات التي طالت شخصيات دينية وسياسية مؤخراً.
وكانت قد تصاعدت على نحو كبير مخاوف النظام السعودي من ثورة شعبية داخلية في المحافظات الجنوبية، غداة الدعوة التي وجهها قائد الثورة السيد عبد الملك الحوثي، قبل أشهر، إلى أبناء نجران وجيزان وعسير، للثورة على طاغوت بني سعود، وإعلانه الاستعداد لمساندتهم، فيما شرع النظام السعودي بعمليات ترحيل لليمنيين المقيمين في محافظة صامطة في جيزان ومناطق أخرى، تحسباً لاضطرابات أمنية، وقد كشفت مصادر إعلامية وثائق كثيرة تثبت ذلك، منها رسالة موجهة من شيخ قبيلة (الدغارير) يحيي حسين دغريري، لمحافظة صامطة، يدعو فيها إلى عدم بقاء اليمنيين في المحافظة.
انقلاب ملكي
التغييرات التي قام بها محمد بن سلمان بحق بعض الوزراء والأمراء في حكومته، وتعيين إخوانه وشخصيات مقربة له، ليست بعيدة عن مجريات التطورات العسكرية في معركة اليمن، واA273;خفاق السعودي الواضح تحديداً في جبهات نجران وجيزان وعسير، والمخاوف من تفكيك السلطة وانهيارها، ففي حين يؤكد محللون أن التغييرات تشير إلى انقلاب واضح لمحمد بن سلمان على حساب محمد بن نايف، يشير آخرون إلى أن بوادر الصراع الداخلي الذي يعصف بأجنحة العائلة المالكة ستسهم وبشكل كبير في تسريع شرارات هذه الثورة، والتي لن تقتصر على هذه المناطق، بل ستتعداها لمناطق عديدة، خصوصاً في شمال الجزيرة العربية ومناطق الحجاز.
حبال النجاة
القوات اليمنية بالرغم من أنها تواجه عدواً غاشماً لم يترك أي مجال A271;ي اعتبارات إنسانية أو أخلاقية، تركت فسحة كبيرة للعدو A273;نقاذ نفسه أكثر من مرة، ولعل الرد العسكري اليمني باتجاه الأراضي السعودية، الذي جاء بعد 40 يوماً من بداية العدوان، دليل على ذلك، إA275; أن العدو الذي لم يملك قرار الحرب، وA275; يملك قرار إيقافها، يصر على أن يقود بلاده إلى الهلاك.
علاوة على ذلك، لم تستفد سلطات العدو السعودية من حبال النجاة التي مدتها القوى الوطنية اليمنية أكثر من مرة، فعوضاً عن أن تمسك بخيط نجاة لتهرب إلى اA271;مام، فهي تبحث اليوم عن أي قيد يثبتها على ما كانت عليه قبل الحرب.
في وقت يرى الكثير أن هزيمة تحالف قوى العدوان على اليمن تجعل السعودية تفكر بالدفاع عن حدودها، فهي الخاسر اA271;ول والوحيد من نتائج استمرار العدوان، ودعوة وزير الحرب اA271;مريكي باتيس إلى توقيف الضربات الصاروخية على اA271;راضي السعودية، تؤكد أن السعودية لم تعد تتحدث عن تحالف دولي يهدف لتحقيق أهدافه المعلنة، من ضمنها إعادة (الشرعية)، بل تقلصت المطامع السعودية وانكمش صوتها، فهي تصرخ اليوم من أبها ونجران وعسير لوقف الهجمات اليمنية.
فعلاوة على غيابها في معارك الساحل الغربي وفي الجنوب اليمني، فإنها فقدت أجزاء واسعة من أراضيها، ما يعني أنها A275; تملك أية ورقة عسكرية تقايض بها على أية طاولة حوار قادمة.
مفاوضات لا تنقذ العدو
بين تصاعد العمليات العسكرية للجيش واللجان في جيزان، والمخاوف السعودية من انفجار ثورة في جنوبها، يبدو أن سلطات العدو تسعى لمفاوضات سريعة، إA275; أن المعلومات تشير إلى أن أية مفاوضات قادمة لن تنهي الخطر الذي يتهدد النظام السعودي، حيث إنه A275; يملك ما يقدمه على أية طاولة حوار يمكنه من الحفاظ على شكله الجغرافي السابق، فأقصى ما يمكن أن يكسبه النظام السعودي هو رفع الخطر على ميناء جيزان مقابل رفع مهاجمة ميناء الحديدة، في حين تظل التأثيرات التي أحدثتها بندقية المقاتل اليمني في المحافظات الجنوبية، وبالتحديد لدى اA271;هالي، A275; يمكن أن تزيلها أية مفاوضات، حتى لو أفضت إلى نهاية العدوان، فإن أثرها سيبقى لعقود قادمة.
في وقت يبدو من المعطيات العسكرية والسياسية في مجمل المشهد اليمني، حسب آراء المراقبين، أن فرصة نجاة العدو السعودي ضئيلة للغاية، حيث إن المفاوضات التي سيلجأ إليها العدو A273;نقاذ نفسه لن تكون هذه المرة إلا نعشاً لمراسيم نهايته على طاولة دولية.
بحكم المعطيات القائمة، فإن توقعات الكثير من المراقبين للمشهد اليمني القائم التي ترجح انهيار مملكة بني سعود جغرافياً وكياناً، لا تبدو متسرعة، في حين تُظهر المؤشرات أن المنطقة بعد العدوان السعودي على اليمن لن تكون كما كانت عليه من قبل، وأن مجمل التطورات قد تغير شكل الخارطة في المستقبل القريب، وA275; يستبعد أن تفقد بعض الدول شكلها الجغرافي المعروف، على أن تتوسع جغرافية بعضها الآخر.
وعلى شفير تهيج شرارة ثورة شعبية في الجنوب السعودي تشتعل نيران ثورة أخرى ضد اA271;جندة التوسعية السعودية جنوبي اليمن بعد رفض الشارع الجنوبي التغيرات اA271;خيرة التي قام بها الفار هادي المدعوم سعوديا بحق قيادات سياسية جنوبية.
وبين شراراتي ثورتين تلوحان في اA271;فق يقف أمراء البلاط السعودي على سرير مهتز بلا أعمدة تقول توقعات المراقبين والمحللين بأنه سيغرق في رمال الربع الخالي عما قريب.
المصدر حلمي الكمالي/ لا