
هيكلة وتقليم أظافر القوات المسلحة اليمنية واغتيال وتسريح كوادرها
الفار هادي ينخر مداميك اليمن العسكرية تمهيداً لعاصفة العدوان
لم تكتفِ الولايات المتحدة بكونها القطب العالمي ذا النفوذ الأكبر على امتداد العقدين الماضيين، بل حتمت عليها نزعتها الامبريالية وشركاتها العابرة للقارات، أن تسعى للقضاء على كل قوة رسمية (جيش) للدول مهما كانت بسيطة، لتطيل عمر سيطرتها وتوسع استثمارات شركاتها، والشواهد كثيرة بدءاً بالعراق وليس انتهاءً بالانقلاب التركي الفاشل والإجراءات الأردوغانية التي تبعته وركزت بدرجة رئيسة على تدمير وإهانة الجيش التركي باعتباره آخر قوة حامية للمكتسبات الوطنية التركية.
هكذا تعمل أمريكا، وكانت اليمن جيشاً وشعباً إحدى ضحايا الامبريالية الأمريكية، وبعد الاحتواء الخليجي لانتفاضة 2011، أُفسح المجال واسعاً أمام أمريكا لتقضي على الجيش اليمني، وتطلق الرصاص على جسده، بعد أن كانت قبل ذلك قد حيدته من مهماته الوطنية كمكافحة الإرهاب وغيرها، وعبر الهيكلة والبروباجندا التي عملت على تشويه الجيش ووصمه بصفات تخدش وطنيته، فتارة يكون عائلياً يحمي مصالح العائلات الحاكمة، وأخرى يكون عائقاً يقف أمام الدولة المدنية، مما يكرس لدى البعض موقفاً معادياً للجيش، وأنه لابد من القضاء عليه لتحقيق المدنية الاسكندنافية في اليمن، وعلى ذلك النهج سارت الولايات المتحدة بجيش عتاده وسائل إعلامية ضخمة، وطابور عملاء محليين، وخبراء عسكريون أجانب، يعملون تحت إمرة الدبلوماسية الأمريكية وعناصرها الاستخباراتية من أجل تنفيذ الخطة التي ستحول دون تحرر اليمن من الوصاية الخارجية التي كانت حاضرة وبقوة خلال الفترة الانتقالية، وهكذا كان تفكيك الجيش اليمني تحت دعوى (الهيكلة).
تحولت الهيكلة في مضمونها النهائي إلى أشبه بالمؤامرة على الجيش اليمني ووحداته التي حافظت على وجود الدولة وشرعية النظام الذي أوصل هادي إلى الرئاسة بعد أن كان سقوط النظام في حال لم تكن هذه القوات موجودة سيذهب باليمن إلى ما وراء الجحيم.
فقد أوضح الناطق باسم الجيش واللجان الشعبية العميد شرف لقمان، في لقاء سابق أجرته معه (لا)، أن الهدف من ظهور عبد ربه منصور في فترة حكمه بقصة هيكلة الجيش تحت دعاوى الإصلاح، هو تفكيك الجيش اليمني الذي يعرف الجيش السعودي ويعرف الجيش العربي وتعرف جيوش العالم مدى قوته، وأنه جيش مدرَّب ومؤهل ومُنظم, وأن هيكلته خطة صهيونية أمريكية سعودية.
وبالفعل جرى تفكيك وحدات نموذجية جداً كان الجيش اليمني يُباهي بها، وأزيحت قيادات مؤهلة وكفؤة كان يعوَّل عليها، واستهدفت إما بالاغتيالات وإما بإحالتها للتقاعد.
كما أكد العميد لقمان في اللقاء نفسه أن الجيش كان يملك منظومة دفاع جوي معدة وجاهزة، لكن الفار هادي قام بتعطيل الرادارات التي تعتمد عليها صواريخ المنظومة أثناء هيكلة الجيش في 2012، تحت مبرر أن البلاد ليست مستهدفة، وهذا ما أعلنه حينها على الملأ, ولو لم يقم الفار بما قام به، فإن ما لدى الدفاع الجوي من صواريخ كان كفيلاً بالتعامل مع العدوان الجوي.
مؤامرة الهيكلة لتسهيل الغزو وإبقاء الهيمنة
شهدت اليمن بعد تولي الفار هادي السلطة حوادث أمنية متلاحقة استهدفت المؤسستين العسكرية والأمنية، تبين لاحقاً تعمده افتعالها بهدف ضرب الجيش اليمني وإضعافه وجعله خارج نطاق الفاعلية, وكذلك القرارات الرئاسية التي أصدرها في إطار تنفيذ مشروع هيكلة الجيش، والتي نصت على نقل وعزل قياداته العسكرية واستحداث مهام عسكرية جديدة تدخل ضمن تكوين القوات المسلحة, وقد سبق طرح مشروع هيكلة الجيش زخم إعلامي كبير مضمونه يقتضي تخوين الجيش واتهامه بعدم أداء مهامه الوطنية, وهذا ساعد كثيراً في قبول الشارع اليمني تلك القرارات.
لقد كان هادي أحد المشاركين في إنهاء وجود أحد أهم مكونات الجيش اليمني (قوات الحرس الجمهوري)، حيث ساهم إلى حد كبير في السكوت على مساعي علي محسن الأحمر وحركة الإخوان المسلمين، الرامية إلى إسقاط قوات الحرس من خلال استهداف وحداته في تعز والبيضاء وأرحب ونهم والحيمة وفي مناطق أخرى.
وبعد أن فشلت المليشيات القبلية والإخوانية المتحالفة مع قوات نظامية تابعة لعلي محسن، في إسقاط ألوية الحرس وإسقاط صنعاء عبر بوابة أرحب, تحول المخطط إلى مدخل جديد وشرعي يتمثل في هيكلة الجيش وتشتيت قوات الحرس والقوات الخاصة، وفصلها عن بعض في البداية, ومن ثم تغيير قياداتها ودعم تمردات داخل ألويتها، وصولاً إلى عزل قائدها، وإحلال قوات بديلة لها مشكّلة من ألوية متفرقة تسمى قوات الاحتياط, لا تملك أية مهارات عسكرية تمكنها من التأليف بين وحداتها.
ففي غرة مارس 2012 قام الفار هادي بأولى خطواته في طريق الهيكلة والتخلص من قيادات الجيش التي كان يشغلها أقارب الرئيس السابق علي عبدالله صالح، ودشن مشواره في تنفيذ المؤامرة الخارجية التي حيكت ضد الجيش، حيث أصدر قراراً بتعيين اللواء سالم علي قطن قائداً للمنطقة الجنوبية قائداً للواء 31 مدرع، خلفاً لمهدي مقولة، وبدوره خاض قطن حرباً ضروساً ضد عناصر تنظيم القاعدة في شبوه وأبين، التي كانت حينها تقيم معسكرات تدريبية لرفد عصابات داعش والنصرة في سوريا بالمقاتلين, لتنتهي حياته بعملية اغتيال تبناها التنظيم، تمت يوم الاثنين 18 يونيو، بمحافظة عدن، عن طريق تفجير انتحاري.
وفي 6 أبريل من ذات العام أصدر قراراً رئاسياً بتعيين العميد الركن عبد الرحمن الحليلي قائداً للواء الثالث مدرع حرس، خلفاً للعميد الركن طارق محمد عبد الله صالح، وتعيين العميد صالح محمد الجعيملاني قائداً للحرس الخاص الذي يقوده أيضاً طارق محمد عبد الله صالح, وكذلك تعيين العميد طيار ركن راشد ناصر الجند قائداً للقوات الجوية، خلفاً للواء الركن محمد صالح الأحمر, وتعيين اللواء الركن علي الجائفي قائداً للمنطقة الشرقية، خلفاً للواء الركن محمد علي محسن, ويذكر أن عبدالرحمن الحليلي من ضمن القيادات التي أعلنت ولاءها لشرعية الرياض، وانضمت إلى معسكرات العدوان.
وصدرت في 21 مايو عدد من القرارات الرئاسية في إطار هيكلة المؤسسة الأمنية، قضت بتعيين اللواء محمد جميع الخضر وكيلاً لجهاز الأمن القومي لقطاع الشؤون الخارجية، خلفاً للعميد عمار محمد عبد الله صالح, وتعيين اللواء فضل يحيى بن ناجي القوسي قائداً لقوات الأمن المركزي، خلفاً للواء الركن عبد الملك الطيب, وتعيين العميد حسين محمد حسين الرضي قائداً لقوات النجدة، خلفاً للواء الركن محمد عبدالله القوسي.
واستكمالاً للهيكلة أصدر هادي، في 19 ديسمبر 2012، قراراً يقضي بإعادة تشكيل القوات المسلحة وإنشاء تشكيل الاحتياط الاستراتيجي، كما تضمّن القرار إلغاء قوات الحرس الجمهوري التي كان يقودها العميد الركن أحمد علي، نجل الرئيس السابق، وإلغاء قوات الفرقة الأولى مدرع التي كان يقودها علي محسن الأحمر، ودمج وحداتهما في تشكيلات جديدة سُمّيت بالقوات البرية وحرس الحدود، غير أن محسن الذي صدر له قرار تعيينه مستشاراً لرئيس الجمهورية، أبقى على سيطرته على الفرقة حتى 21 سبتمبر 2014.
وتلخصت المكونات الرئيسية للقوات المسلحة بحسب القرار في:
1- القوات البرية اليمنية
2- القوات البحرية والدفاع الساحلي
3- القوات الجوية والدفاع الجوي
4 - قوات حرس الحدود
5 - الاحتياط الاستراتيجي
ويتكون هذا التشكيل من مجموعة الصواريخ، وتضم الألوية الخامس والسادس والثامن, وكذلك من الحماية الرئاسية، وتضم اللواء 314 مدرع واللواء الأول (حرس خاص) واللواء الثاني حماية واللواء الثالث مدرع, أخيراً العمليات الخاصة، وتضم القوات الخاصة ووحدات مكافحة الإرهاب واللواء الأول مشاة جبلي واللواء العاشر صاعقة.
كما تم توزيع وحدات الجيش على 7 مناطق عسكرية، وتغيير مكان قيادة المنطقة المركزية من العاصمة صنعاء إلى محافظة ذمار.
إن إعادة هيكلة الجيش ضربت (الحرس الجمهوري) بقوة، حيث قضت بنقل 3 ألوية تابعة للحرس مع قوات أخرى من الجيش إلى قوة جديدة تدعى تشكيل الحماية الرئاسية، والتي تكون تحت الإشراف المباشر من رئيس الجمهورية، ونقل لواءين آخرين من الحرس إلى المناطق العسكرية الجنوبية والوسطى. وتعبيراً عن رفض مشروع إعادة هيكلة الجيش، تظاهر المئات من أفراد (الحرس الجمهوري) أمام مبنى وزارة الدفاع بصنعاء.
وتم الإجهاز كلياً على قوات الحرس عندما قضى القرار رقم 16 لسنة 2013 بتشكيل عسكري جديد سمّي باحتياط وزارة الدفاع بقيادة علي علي الجائفي يكون مقر قيادته في (معسكر 48) الذي كان مقرّاً لقيادة قوات الحرس الجمهوري، يتبع وزارة الدفاع والأركان العامة، ويستخدم للقتال بقرار من القائد الأعلى للجيش, وقد تم إدخال ما تبقى من ألوية الحرس الجمهوري في هذا التشكيل.
الغريب في الأمر أن إعلام الإصلاح كان يروّج أن الجيش هو مجرد شركة أمنية لحماية العائلة الحاكمة وأملاكها، على حد تعبيرهم, ودعموا قرارات هيكلة وتفكيك وحداته من قوات الحرس الجمهوري التي لم يكن لهم نفوذ فيها، في الوقت نفسه عارضوا قرارات الهيكلة التي استهدفت الألوية المسيطرين عليها، والتي يعتبر أفرادها مقاتلين بيد قيادة الحزب توجههم حيثما شاءت، وخير مثال هو وقوفهم ضد قرار الرئاسة والدفاع بإقالة قائد اللواء 310 بعمران حميد القشيبي، الموالي لهم، والذي بدوره رفض الانصياع للقرار وتسليم المعسكر, وحين وصلت مسيرة الثورة بقيادة أنصار الله إلى عمران، وقف المعسكر بقيادة القشيبي في طريقها إسناداً لأبناء الأحمر، وقام بتسخير مقدرات الدولة في مواجهة الثوار، وحينها كان وزير الدفاع يقوم بدور الوسيط من أجل وقف الحرب الدائرة هناك, وبعد انتصار الثوار ومقتل العميد القشيبي، قام الفار هادي وقتها بزيارة إلى محافظة عمران، صبيحة قيام الإخوان المسلمين في اليمن بتشييع جثمانه، وقال: (اليوم عمران عادت إلى حضن الدولة)، في إشارة منه إلى أن القشيبي وعلي محسن الأحمر كانا يستغلان مقدرات الدولة للحفاظ على هيمنتهما التي تعتبر امتداداً للهيمنة الخارجية.
وبحسب خبراء عسكريين, فإن هيكلة الجيش اليمني التي كان وراءها أمريكا والسعودية, جاءت ضمن الخطوات التي ساعدت وشجعت على ضرب اليمن وشنّ عدوان عسكري عليه محاولة لاحتلاله.

قتل منتسبي الجيش والأمن.. ثاني خطوات المؤامرة
لم يُشبع جشع العدو الخارجي قيام بيادقه التي قادها الفار هادي بهيكلة الجيش والأمن وإضعافهما, فقام برفع نسبة هرمون عمالتها لتوجه بوصلة الموت صوب قياداته وضباطه وأفراده، وكل من يشعرون أنه أدرك مؤامرة الأعداء للقضاء عليه, فقد وصل عدد من قُتلوا وأصيبوا منهم إلى 804 في أكثر من 144 اعتداءً مسلحًا ومواجهات متفرقة مع عناصر مسلحة شهدتها محافظات الجمهورية خلال عام 2014، حسب ما ورد في تقرير رابطة المعونة لحقوق الإنسان والهجرة السنوي, في مؤشر واضح على إتقان تمثيل مسلسل الانفلات الأمني واستهداف أبناء القوات المسلحة والأمن.
وأشارت المعلومات إلى مقتل 473 جندياً و55 ضابطاً, وإصابة 331 جندياً ونحو 7 ضباط, بينهم 152 شهيداً و480 جريحاً من أفراد قوات الأمن المركزي الذين سقطوا في الحادث الإرهابي الذي استهدفهم أثناء تدربهم في ميدان السبعين استعداداً للاحتفال بعيد الوحدة اليمنية (22 مايو).
وقالت مصادر أمنية إن قيادة الأمن المركزي تلقت أوامر من وزارة الداخلية ورئاسة الوزراء في حكومة باسندوة، تقضي بإخراج الأفراد المشاركين في الاحتفالية للتدرب خارج المعسكر, وهو ما رفضته القيادة في بادئ الأمر، إلا أن إصرار الوزارة ورئاسة الوزراء أفضى إلى تنفيذ تلك الأوامر, وبعد وقوع الحادث الإرهابي الإجرامي صدر قرار رئاسي بعزل قائد الأمن المركزي حينها اللواء الركن عبدالملك الطيب.
من الواضح أن عمليات الاغتيال في اليمن تزايدت مع المراحل المفصليّة من عمليّة الانتقال السياسي التي شهدتها البلاد، أي أنها لم تعد مجرّد أعمال إرهابيّة، وإنما أعمالاً سياسيّة تصبّ في مصلحة أطراف معروفة بعمالتها للخارج. إلى ذلك فإن بعضها أيضاً ذو طابع وظيفي يخدم المجرمين من خلال تضليل العدالة، فبعد اغتيال العميد يحيى العميسي، قائد الشرطة الجويّة، في مدينة سيئون، بإطلاق نار من قبل مسلّحين يقودون دراجة ناريّة, تمّ اغتيال مدير البحث الجنائي العقيد عبد الرحمن باشكيل، أثناء قيامه بالتحقيق في واقعة اغتيال العميد العميسي، وهو ما وقع أيضاً في صنعاء مع العميد عبدالله الأشول، المسؤول الأمني عن التحقيق في عمليّة التفجير الإرهابي الذي استهدف جنود الأمن المركزي أثناء تدريبات العرض الاحتفالي بمناسبة عيد الوحدة, ومع أنه تم إلقاء القبض على اثنين من الذين أوكلت إليهم مهمة تنفيذ العملية, إلا أنه لم يتم الكشف عمن يقف وراء تلك العملية الإرهابية، واكتفى نظام الفار بتنفيذ عقوبة السجن بحقهما، ولفترة قصيرة.
وعلى الرغم من غموض هذه العمليات، إلا أن مؤشّرات التركيز على ضباط مكافحة الإرهاب وضباط الأمن السياسي (الاستخبارات اليمنيّة) تدلّ على نيّة التخلّص من الكوادر الذين يمتلكون كماً هائلاً من المعلومات حول الإرهابيّين كأشخاص وكجهات، والذين يشكّلون خطراً واضحاً على هؤلاء الأخيرين.
الإرهاب يسيطر بعد هيكلة الجيش
في الوقت الذي كانت الكوادر العسكرية فيه أهدافاً سهلة الاصطياد، وجرى تنفيد عديد عمليات إرهابية بحق المؤسسة العسكرية وكوادرها، وصلت إلى استهداف وضرب مبنى وزارة الدفاع بالعاصمة, حيث قام مسلحون انتحاريون، صباح الخميس 5 ديسمبر 2013، بمهاجمة مقر الوزارة بمجمع العرضي، بسيارة مفخخة استهدفت مبنى المستشفى الواقع عند البوابة الغربية للمجمع الحكومي، مخترقة نقاط التفتيش المنتشرة على طول السائلة المؤدية إلى مجمع الوزارة, وقامت باختراق قلب المؤسسة العسكرية اليمنية التي لم يكن أحد يتوقع أن تصل الهجمات المستهدفة للجيش إليها, وهذا الهجوم اتضح أن من يقف وراءه هو رأس النظام الفار هادي من خلال اعترافه في مكالمة هاتفية مسربة مع مدير مكتبه أحمد عوض بن مبارك، تم عرضها على شاشة قناة (المسيرة), كان تساهل السلطة آنذاك مسفراً مع مرتكبي تلك الجرائم، مما زاد من تماديهم, ففي مساء الخميس 13 فبراير 2014، قامت عناصر إجرامية بمهاجمة السجن المركزي بصنعاء، وتمكنت من تهريب 29 من السجناء المدانين بجرائم إرهابية, حيث قال مصدر في وزارة الداخلية وقتها إن المجموعة الإرهابية قامت بتفجير سيارة مفخخة في الجهة الغربية من سور السجن قبالة مبنى رئاسة مصلحة السجون، مما أدى الى إحداث فتحة قطرها نحو 5 أمتار في جدار السجن، واستشهاد حراسة بوابة رئاسة المصلحة، ثم قاموا بإطلاق عدة قذائف (آر بي جي) وإطلاق النار من عدة أماكن على حراسات السجن المركزي.
وتفيد مصادر رفيعة في السجن المركزي بأن رئاسة مصلحة السجون ممثلة آنذاك باللواء محمد الزلب، رفعت عدة مذكرات إلى وزارة الداخلية ورئاسة الجمهورية، تطالب فيها بنقل السجناء المدانين بأعمال إرهابية إلى سجن الأمن السياسي والأمن القومي، قبل العملية بأيام، إلا أنه لم يتم التجاوب مع المذكرات، فرفعت مرة أخرى إلى نفس الجهات تطلب فيها إرسال تعزيزات أمنية لحماية السجن المركزي لوجود عناصر إرهابية تابعة لتنظيم القاعدة في زنزاناته، ولكن لم يتم التجاوب معها أيضاً, وبعد ارتكاب الجريمة وتهريب السجناء أصدرت رئاسة الجمهورية وقتها قراراً بعزل اللواء محمد الزلب، رئيس المصلحة، من منصبه، بدعوى الإهمال في الجانب الأمني للسجن.
عمليات تهريب العناصر الإرهابية، جاءت أيضاً ضمن التخطيط المبسق والإعداد للعدوان السعودي الأمريكي على الشعب اليمني، الهدف منها تمكين اليمن للإرهاب، وجعله بلداً رخواً تنهشه الجماعات الارهابية، ويؤكد ذلك تشكلات أولية لولايات إسلامية في البيضاء قبيل ثورة 21 أيلول، بالإضافة الى أن عصابات المرتزقة في محافظة تعز قامت باقتحام السجن المركزي بالمحافظة وتهريب العناصر الإرهابية، ومنحهم قيادة عصابات المرتزقة التي تقاتل حالياً بصف العدوان في مواجهة الجيش واللجان الشعبية، أبو العباس نموذجاً.
الهيكلة تضرب منظومة الدفاع الجوي والقدرة الصاروخية وصقور الجو
إن الأفعال المتعمدة التي استهدفت قوات دفاع الجو اليمنيّة، غرضها إضعاف القوّة الأكثر قدرة وتأهيلاً، وذات التسليح النوعي الذائدة عن سماء العاصمة من أية هجمات خارجية تستهدف سيادة اليمن, فقد أعطى الفار هادي في فترة حكمه الانتقالية توجيهات متلفزة بإيقاف منظومة الرادارات للدفاع الجوي، وأوقفت، وعندما هجم العدو في ليلة 26 مارس 2015، لم يكن هناك رادار يعمل، وبدأ بضرب المنظومات وهي متوقفة عن العمل، هذا من جهة، ومن جهة ثانية فقد قام الخائن بتسليم السفير الأمريكي بطلب منه أسماء وشفرات منظومات الدفاع الجوية والأسلحة الاستراتيجية، وبدأ بتفكيك منظومات صواريخ، ولو لم يقم هادي بهذا العمل ما قصف الشعب، فالمنظومات الجوية لم تكن ضعيفة، ولكنها تعرضت للخيانة، وحُيدت من قبل الرأس الخائن.
حتى سرب صقور الجو لم يسلم من عمالة الفار هادي، فقد نال نصيبه من المؤامرة التي حيكت ضد مؤسسته التي ينتمي إليها, ففي 19 فبراير 2013 قتل 12 شخصاً، بينهم 3 نساء وطفلان، عندما سقطت طائرة عسكرية من نوع (سوخوي سو-22) فوق عدة مبانٍ سكنية بالقرب من حي الجامعة بصنعاء، وفي 6 مايو من العام نفسه أعلن مصدر عسكرى بوزارة الدفاع اليمنية وقوع انفجار في خزانات وقود الطائرات في قاعدة العند الجوية, وفي نفس اليوم استُهدفت طائرة عمودية (هليوكبتر) في منطقة همدان بصنعاء، وبعد ذلك بيومين، في 8 مايو، لقي 3 طيارين يمنيين يعملون في قاعدة العند الجوية، مصرعهم، في عملية اغتيال بمحافظة لحج.
في 13 مايو من نفس العام سقطت طائرة عسكرية روسية الصنع من طراز (سوخوي) في العاصمة صنعاء، في شارع الخمسين، بالقرب من حي دار سلم، جنوب العاصمة، وقتل فيها قائدها، وأصيب العديد من المواطنين، وأظهرت صور التُقطت لحطام الطائرة ثقوباً في حطامها يشتبه بأنها لطلقات نارية أصابت الطائرة، وأوضح مدير المركز الإعلامي للقوات الجوية وقتها الرائد طيار مهدي العيدروس، أن تحطم الطائرة بفعل فاعل، وأن المؤشرات الأولية لحادثة سقوط طائرة السوخوي تشير إلى احتمالية تعرض الطائرة لطلق ناري أو أن عبوة ناسفة زرعت عليها، وأوضح أن السبب هو خلل أمني، وليس خللاً فنياً.
وبالنسبة لقدرة الجيش الصاروخية فقد حاول هادي تدميرها كما فعل مع سابقتها (منظومة دفاع الجو), اتضح هذا بعد زياراته المتكررة لألوية الصواريخ بعطان، التي تلت تعطيله منظومة سام الحرارية, وهذا أكده الناطق الرسمي باسم الجيش واللجان الشعبية العميد شرف لقمان، في أحد لقاءاته الذي قال فيه أيضاً إن الولايات المتحدة الأمريكية طلبت من هادي التخلص من الترسانة الصاروخية للجيش، لكنه خاف من مواجهة الداخل، فأتت فكرة هيكلة الجيش التي حققت بعضاً مما كانت تصبو إليه الطموحات الخارجية, وفي هذه قام هادي بتفكيك منظومات الدفاع الجوي وكذلك سلّم الأمريكيين أسماء وشفرات المنظومة الصاروخية.
كل هذه الدلالات فضحت حقيقة مشروع الهيكلة وزيف مبرراته, وأن من خطط له هي قوى الظلم والاستكبار بقيادة أمريكا، وأوكلت مهمة تنفيذه إلى أياديها في الداخل، حتى تستطيع شنّ عدوانها السافر على اليمن لتمرير بقية مشاريعها التي تهدف إلى تقسيم اليمن وإبقائها تحت وصايتها بسهولة ويسر دون وجود من يعرقلها.
ويرى مراقبون أن العدوان على اليمن كان يرتب له منذ فترة طويلة من خلال ترتيبات وعمليات سرية, استخدم فيها هادي وعلي محسن ومن معهم في الداخل, وهدفت إلى خلق جملة من الاضطرابات السياسية والأمنية والاقتصادية, وبالتالي تهيئة الأجواء والظروف لغزو اليمن واحتلالها, على غرار الخطة الأمريكية لغزو العراق.
وكما أنقذت ثورة 21 أيلول اليمن أرضاً وشعباً بخلعها للوصاية التي كانت عليه، وإفشالها مشروع التقسيم الذي كان يستهدفه, ومنعت شعبه من دخول مستنقع الحرب الطائفية التي كانت إمبراطوريات الظلم والاستكبار بأذنابها الداخلية تسعى لإدخالهم إليه, كذلك فعلت مع جيشه الذي أنهكت الهيكلة الصهيوأمريكية كاهله وملأت جسده بالجراح, فعملت على شفائه مما أصابه، وجعلته أكثر قوة وبأساً وسط ذهول كل من تآمر عليه.
مسيرة القرآن تنقذ الجيش وتمكنه من صنع أمجاده
إن نجاح ثورة 21 أيلول أربك حسابات المتآمرين وأهدافهم، وأنقذ ما تبقى من جيش، وعمل على إعادته قدر المستطاع, فقد تمكن الشعب اليمني فيها من قراءة المعطيات والمستجدات على الساحة اليمنية, واستطاع بثورته قطع اليد الطولى المتمثلة في علي محسن وقيادات الإصلاح, ثم استقالة هادي وحكومة بحاح وفرارهم جميعاً إلى السعودية, مما أدى إلى خلط الأوراق وإرباك المخطط العدواني الذي تستر خلف العملية السياسية, وصناعة الفراغ السياسي والدبلوماسي, قبل أن يجد نفسه مجبراً على العدوان المباشر بذرائع واهية, انكشف زيفها مع يوميات العدوان.
فقد غاصت ثورة 21 أيلول في أعماق مشروع الهيكلة بعد بداية العدوان السعودي الأمريكي الصهيوني، لتخرج الجيش من قعره قبل أن يختنق، وصعدت به إلى سطح الوطن ليتنفس الهواء القرآني الثوري، ويأخذ منه جرعات روحانية أعادت الحياة إليه وإلى قدرته الصاروخية.
فعندما بدأ العدوان كانت تصريحات متحدثه الرسمي أحمد عسيري تقول بأن مدة الحرب لن تتجاوز أسابيع حتى يتم القضاء على المليشيات الانقلابية، حد تعبيره، إلا أن تحالف عدوانه المكون من 15 دولة مسلحاً بأحدث الأسلحة، والذي سيدخل عما قريب عامه الثاني، عجز عن النيل من كرامة وعزة وشموخ اليمانيين، ولم يمنع الجيش واللجان الشعبية من تغيير موازين القوى على الأرض في مختلف الجبهات الداخلية أو الخارجية في العمق السعودي (الأراضي اليمنية المحتلة)، رغم الفارق الكبير في قدرات الجيش واللجان الشعبية وقدرات قوى تحالف العدوان السعودي الأمريكي المادية والعسكرية، فبعد أن صرح المتحدث الرسمي لجيشهم المكون من أشباه الرجال، بأنهم نالوا من الصواريخ الباليستية للجيش واللجان الشعبية، قامت كتيبة الإسناد الصاروخي بإطلاق باليستي من نوع (سكود) استهدفت به إحدى قواعد العدو السعودي العسكرية في العمق المحتل، تلته عشرات الضربات الصاروخية التي تم توجيهها لجيشه ومرتزقته، وكذلك بارجاته البحرية التي تحولت إلى قطع صغيرة داخل مياه اليمن المحتلة.
لقد أدرك منتسبو القوة الصاروخية جنوداً وضباطاً أنهم عمود المعركة في هذه الحرب، لذلك بذلوا جهوداً جبارة في تطوير الصواريخ الباليستية (أرض - أرض) أحد العناصر الرئيسية التي تستخدم كقوة ردع للغزاة، كما أن امتلاك الجيش اليمني قوة صاروخية فاعلة ونشطة في مسرح الحرب من هذا النوع، يعتبر من أهم الضمانات لردع العدو وسحقه، والمحافظة على الاستقرار العملياتي، إضافة الى إمكانية الاحتفاظ بها في حالة استعداد كامل للحرب المفتوحة، كما أن قسم التصنيع العسكري جعلها أيضاً متفوقة على الغطاء الجوي المعادي، حيث يمكنها تحقيق المهام التي يصعب على القوة الجوية تحقيقها، وهذا ما حدث.
وزاد على تطوير المنظومة الباليستية قيامهم بإدخال منظومات صاروخية جديدة ومحلية الصنع (زلزال3) أثبتت فاعليتها في أرض المعركة، وألحقت بالعدو السعودي خسائر فادحة في العديد والعتاد، حيث تكبّدت القوات السعودية، خلال أقل من شهر، خسائر كبيرة في معارك ما وراء الحدود، كواحدة من عمليات الرد التي ينفذها أبطال الجيش واللجان الشعبية مع استمرار العدوان السعودي الأمريكي على مختلف المناطق اليمنية.
وخلال هذه الفترة، وفي سياق الرد على العدوان، كانت خيارات الجيش واللجان الشعبية في جبهات ما وراء الحدود فاعلة ومؤلمة، انعكست في اهتمام الإعلام السعودي وخشيته من تفاقم الوضع في المناطق الحدودية، عقب الأخبار التي تأتي تباعاً بسقوط أعداد من القتلى، وبفترة وجيزة.
ومن هذه الخسائر:
- تدمير وإعطاب 9 دبابات نوع (أبرامز).
- تدمير 9 آليات ومدرعات مختلفة في كل من نجران وجيزان وعسير.
- إسقاط طائرة استطلاع في منطقة (مجازة) في عسير.
- مصرع وجرح العشرات من العسكريين السعوديين، بينهم ضباط، أبرزهم العقيد بندر بن حمد الرهوي والنقيب عبد الرزاق الملحم، والنقيب عبدالله دغريري.
من جهتها، القوة الصاروخية للجيش واللجان الشعبية أطلقت خلال الأيام الماضية 7 صواريخ باليستية، 6 منها نوع (زلزال3) محلي الصنع، وواحد (توشكا)، توزعت على معسكر رجلاء ومعسكر الحرس الوطني, واستهدف قاعدة (بن يالين) ومعسكر الدفاع الجوي جميعها في نجران.
أما توشكا فكان من نصيب معسكراً مستحدثاً يحوي غرفة عمليات القوات السعودية البرية في منطقة (أحد المسارحة) في جيزان، وخلّف خسائر كبيرة مادية وبشرية في صفوف القوات السعودية.
وأظهرت المعارك الجارية في محيط مدينة نجران وقلل الشيباني بعسير والخوبة بجيزان، حقائق للعالم والشعوب العربية والشعب اليمني بأن زمام المعركة في أيدي الجيش اليمني واللجان الشعبية رغم بساطة أسلحتهم وعدم توفر التغطية الجوية، وأمام الهالة الكبيرة من الأسلحة والآليات المدرعة المتطورة والتغطية الجوية بأحدث أسلحة الجو، لا سيما طائرات إف 16، إف15 وغيرها، وكذا ما تعرف بأسطورة الحرب البرية (الأباتشي).
المشاهد التي نقلها الإعلام الحربي وبثتها قناة (المسيرة (للانتصارات الكبيرة خلال الأيام الماضية، أحدثت جدلاً كبيراً في أوساط الخبراء العسكريين، وكشفت العديد من الحقائق المنصفة للجيش واللجان الشعبية، وحقيقة ضعف قوات العدوان على رأسها القوات السعودية وقوات التحالف العربي الأمريكي المتواجدة على الشريط الحدودي.
خبراء عسكريون أكدوا أن ما يجري في العمق (السعودي) الأراضي اليمنية المحتلة واقع لم يكن متوقعاً، حسب تعبيرهم، في النظرة العسكرية، لأنه من المستحيل أن ينتصر رجل المشاة غير المسنود بالغطاء الجوي وغير المتمرس بأحدث وأقوى الدبابات والمدرعات العسكرية، على جيش متحصن في ثكناته العسكرية ومتمترس خلف جبال وعرة وبأحدث وأقوى الدبابات العالمية وكذا المدرعات، والمحتمي بأحدث الطائرات الحربية والعمودية، إلا أن المشاهد التي عرضت لسقوط مواقع الشرفة بنجران خلقت استراتيجية جديدة للمعارك بطلها المقاتل اليمني.
هذه الاستراتيجية أنجبت واقعاً جديداً في المستوى العسكري، وغيرت القواعد العسكرية المعروفة في العالم، وفي حروب الجيوش المنظمة، وحتى حروب العصابات، وغيرها من أنواع الحروب، ليصبح المقاتل اليمني المقاتل (الأسطورة)، وتوضح للعالم أن الشعب اليمني شعب سلام، لكن متى ما تم الاعتداء عليه وهتك دمه وعرضه، فإنه يتحول الى مارد لن تستطيع أية قوى على الأرض إمساكه.
يتفاجأ العالم اليوم بنتائج مرعبة فاقت التوقعات وعبرت الحواجز وتخطت المستحيلات.. وسطرت بأحرف من ذهب أروع الملاحم الأسطورية.. جيش أجبر الأعداء على الاعتراف بقوَّته وجبروته مراراً، ليس حباً فيه ولا إعجاباً، لكن لمرارة الهزائم التي تلقوها على يده وانكشافها على الملأ.
لقد بات عسيري وكل متحدثي حلف الحيوانات ومن كل المنابر يعلنون بوادر الهزيمة المخجلة، وللتبرير يتداركون تارة بأن سبب الهزيمة هو استخدام السحر، وتارة بأن سبب الاندحار والانسحاب هو تكتيك وخطة جديدة لإيقاع الجيش اليمني واللجان الشعبية، وتارة بأن اليمنيين يمتلكون أسلحة متطورة توازي ما لدى أقوى الجيوش في العالم.
إن عزف الجيش واللجان الشعبية لسمفونيتهم الباليستية الأزلية أرض أرض، بكتيبة إسنادهم الصاروخية، جعلت أرض فيلكا ودلمون تعزف تمجيدها لكل باليستيات اليماني.
ومن تحت الماء إلى أعالي الجبال إلى ما رواء الفيافي عابرة للقارات تنادي يا أباطرة الهيكلة من قام اليوم بهيكلة الآخر؟
المصدر صحيفة لا / شايف العين