عزز قصف العدوان على المدنيين، من حالة التضامن بين أفراد المجتمع اليمني، حيث يلعب المواطنون دوراً مهماً في إسعاف ضحايا الغارات، في ظل النقص الحاد في طواقم وسيارات الإسعاف.. وحيث كان تحالف العدوان يحاول إجبار اليمنيين على الانقسام، أظهر شعب اليمن المزيد من التلاحم، حيث تمثل فرق المسعفين النموذج الأوضح على تماسك اليمنيين وقدرتهم على التكيف وتضميد جروحهم رغم أنف العدوان.
توظيف طاقة التعاطف
وقد تم توظيف حالة التعاطف الاجتماعي في الاتجاه الصحيح، عبر قيام المؤسسات الطبية والصحية بتنفيذ دورات تدريبية لتأهيل آلاف المتطوعين من المواطنين على الإسعافات الأولية لإنقاذ ما يمكن إنقاذه من المدنيين الذين يتعرضون لقصف الطيران، وتلافي القصور الحاد الذي تعاني منه الجهات الصحية في سرعة إجراء الإسعافات في ظل القصف الكثيف الذي يمارسه طيران العدوان ضد المدنيين.

إسهام فاعل
الدكتور زين العابدين الجفري، رئيس أقسام الطوارئ بمستشفى الكويت بصنعاء، أشاد بدور أفراد المجتمع المتطوعين في الإسعافات الأولية، وأشار في حديثه مع صحيفة (لا)، إلى أن تعاون المسعفين المتطوعين يساهم بشكل جيد في مواجهة الكوارث الإنسانية التي يصنعها طيران العدوان في قصف المنازل والمنشآت المدنية، وقال: إن إدارة مستشفى الكويت عملت على تنفيذ دورات تدريبية لتعريف المتطوعين بالإجراءات اللازمة لإسعاف المصابين جراء الغارات، إلى أن تصل طواقم الإسعاف المتخصصة. داعياً المواطنين إلى الحرص في التعامل مع المصابين، حيث يكون تدخل المتطوعين في غير محله مع بعض الحالات الإسعافية.

مستشفى الثورة.. تهرب وتذمر
وعلى عكس التنسيق الحاصل بين طوارئ مستشفى الكويت وفرق المسعفين المتطوعين، لا يوجد في قسم الطوارئ بمستشفى الثورة بصنعاء الكثير من الانسجام بين المسعفين المتطوعين وطاقم الإسعاف بالمستشفى، حيث رفض المسؤولون في طوارئ مستشفى الثورة الخوض في الموضوع، واكتفوا بإبداء التذمر من دور المسعفين المتطوعين، واتهامهم بإرباك العمل وإثارة الفوضى.

خوفاً من غياب الإنسانية
لكن وليد الخلقي، وهو أحد المسعفين المتطوعين الذي كان متواجداً في ردهة الإسعاف بمستشفى الثورة، رد على اتهامات مسؤولي قسم الإسعاف بالقول: نحن نضطر للبقاء مع المصابين حرصاً على أن يتلقى المصابون خدمات لائقة، خصوصاً أن الأطباء والممرضين باتوا يفتقرون للإنسانية المطلوبة للتعامل مع الحالات الإسعافية. ولذلك نحن نحرص على مرافقة المصابين.
التبرع بالدم والأدوية
وأضاف الخلقي: كما نعمل على توفير الأدوية المطلوبة، ففي أحيان كثيرة يكون المصابون مفلسين، ولا يمتلكون ثمن الأدوية، كما أننا نعمل على توفير الدم للحالات التي نزفت كثيراً جراء الإصابة، وهي مسألة نحن نتحمل أعباءها، وهو ما يجعل حضورنا قضية إنسانية وإضافة إلى جهد طواقم الإسعاف في المستشفيات، وليس كما يدعي البعض أننا مجرد عبء.

طوارئ مستشفى الثورة
 بحاجة إلى إسعاف
عندما عدنا لمواجهة المسؤولين في طوارئ مستشفى الثورة بطرح المسعف المتطوع وليد الخلقي، كان المسؤولان المعنيان قد غادرا، رغم أن الساعة لم تكن قد تجاوزت الـ11 والنصف ظهراً.

لا تتركوهم وحدهم
وفي ذات الوقت، لعبت المصادفة دوراً في إثبات صحة ما ذهب إليه المسعف وليد الخلقي، فقد وجدنا في صالة الإسعاف رجلاً مسناً في العقد الـ7 من العمر، وهو يئن، وعندما سألناه عن حاله أجاب بأنه مريض، وصل لوحده، وأخذ يشكو من الإهمال الذي تعرض له في طوارئ مستشفى الثورة.

التضحية رغم المخاطر
تشير إحصائيات وزارة الصحة حتى يونيو الماضي، إلى استشهاد 40 من طواقم الإسعاف الرسمية أثناء أداء واجبها بغارات العدوان، وهي أرقام بالإمكان أن تتضاعف عدة مرات عند مقارنتها مع الضحايا الذين يسقطون في صفوف فرق المسعفين المتطوعين، حيث يعمد طيران العدوان السعودي الأمريكي إلى إعادة قصف المكان عندما يكون قد اكتظ بفرق المسعفين، إلا أن المخاطر الأكيدة لم تمنع المسعفين المتطوعين من الإسراع إلى أماكن القصف والقيام بالواجب الإنساني بأسرع وقت ممكن، حيث أن أي تأخير قد يعني فقدان المزيد من الأرواح.

إسناد شعبي في كل الجبهات
تصاب الاستعدادات الطبية بالعجز وعدم القدرة على تلبية الحاجة للإسعاف في ظل عدوان همجي استهدف المدنيين أكثر من أي شيء آخر، فقصف المنازل والأسواق، ودمر المزارع والطرقات، وقتل الإنسان في اليمن حيثما وجد، دون مراعاة لأبسط القواعد. مما يجعل المراهنة على الإسناد الشعبي مسألة أساسية من أجل المضي قدماً في خوض معركة خلاص اليمن من ربقة التبعية لقوى الطغيان العالمي.