مع انتشار وسائل الاتصال المعاصرة، اختلطت الحقائق على المهتمين بمتابعة الأخبار، مما جعل البعض يحتار في تصديقها، بل إن هناك من يعود لمصادر اشتهرت باحترامها لعقلية المتلقي، ويعتمد عليها دون سواها، وحسب استطلاع الرأي الذي قامت به صحيفة (لا)، وجدت أن النسب تفاوتت في استقاء مصادر الأخبار، خاصة في ما يهم الشأن المحلي، فالأغلبية اتفقوا أن معظم الوسائل الأجنبية تكون أكثر مصداقية في نقل الخبر، كونها اعتمدت الحياد، بينما البعض الآخر حدد وسائل إعلامية محلية بذاتها.. تفاصيل أكثر خلال السياق..

أستبعد مواقع التواصل الاجتماعي
نظراً لعدم مصداقية أغلب الوسائل الإعلامية التي تنقل أخبار الشأن المحلي بكثير من المغالطات والتعتيم، ولا تنقل سوى ما يخدم سياستها، كذلك اعتمادهم على من يسمعون فقط، جعل الأغلبية من المهتمين بالشأن الوطني يتابعون الإعلام المحلي، كونه الأكثر مصداقية.. ذلك ما أكدته د. ابتسام المتوكل ـ رئيس الجبهة الثقافية لمواجهة العدوان، وتضيف: الأخبار التي أعول عليها تأتي من مصادر متعددة؛ منها مواقع إخبارية، ومنها صحف وقنوات وإذاعات، ومنها تحليلات ودراسات. وما أريد التشديد عليه هو استبعاد مواقع التواصل الاجتماعي من مصادر الخبر الموثوقة، وحتى لو حصلت على المعلومة منها، فإنها تبقى قيد التحقق.
أما عن تفضيلها لمصادر معينة تضيف المتوكل: مهنية المصدر وحرصه على جمهوره، بحيث لا ينشر أي أخبار غير مؤكدة، ولهذا أثق كثيراً بإعلامنا الوطني الذي يقدم الخبر موثقاً بتقارير مصورة، وحتى حين أنكرها إعلام العدو أثبتت الأيام صدقيتها.
وتختم د. المتوكل أن ثقتها كبيرة ثبتتها سنوات العدوان التي كشفت كمية الكذب في إعلام العدو بشتى تصنيفاته، وجعلت حتى ساكني الطرف الآخر يثقون بما تبثه مصادرنا الخبرية.

أعتمد على خبرتي الشخصية
غالبية من شملهم الاستطلاع يؤكدون عدم ثقتهم المباشرة في أخذ مصادرهم الإخبارية، وإنما يخضعونها للفحص الشخصي، كما يقول الإعلامي منير الماوري ـ مدير مكتب (العربي الجديد) في واشنطن: بشكل رئيسي من موقع (صحافة نت)، وهو محرك بحث شامل يجمع معظم الصحف والمواقع اليمنية في مكان واحد.. وبصورة ثانوية من مواقع التواصل الاجتماعي والمجموعات: واتس، فيسبوك، تويتر.. أما الوسائل التي يعتمد عليها بأخذ الأخبار فقد حددها في: قنوات، إذاعات، مواقع إلكترونية، مواقع التواصل الاجتماعي، صحف. وعن أسباب تفضيله لها عن غيرها قال: سرعة وسهولة الوصول إلى الوسيلة في الوقت الذي يرغب المتلقي، وليس في الموعد المحدد للنشرات والبرامج الإخبارية.
ويختم الماوري لصحيفة (لا) بأن ثقته مهزوزة في معظم الوسائل التي ذكرها، ولكنه يعتمد على خبرته الشخصية لقياس مدى المصداقية في أي مضمون خبري. 

المهنية هي التي تفضل الوسيلة
فئةٌ أخرى من تلك الآراء تؤكد أخذها الأخبار من مصادرها إن كانت تتعلق بالمرافق الحكومية، وإداراتها الإعلامية، وإن كانت تتعلق بمنظمات المجتمع المدني، فمن المسؤولين عنها، ذلك ما يقوله الزميل يونس الشجاع، ويضيف: وإن كانت تتعلق بشخصيات اعتبارية فمنها مباشرة، أو من يمثلها.
يضيف الشجاع أنه يعتمد على عقله في أخذ الأخبار حين يشاهد القنوات، أو يستمع للإذاعات، أو حين يتصفح الصحف والمواقع، ويقول: عقلي هو الفيصل، أما الوسائل الإعلامية فأغلبها موجهة، حسب رأيه.. يختم الشجاع: المهنية هي التي تفضل وسيلة إعلامية على أخرى، ولا أثق إلا في عقلي، أما مصداقيتها في نقل الخبر فتختلف باختلاف نوع الخبر، فبعض الأخبار يتم نقلها بمصداقية، والبعض يتم وضع بعض البهارات عليه، والبعض الآخر لا مصداقية ولا هم يحزنون.

لا أعتمد على الوكالات
فيما آخرون فضلوا تلقيهم الأخبار من الإعلام الحربي، ومراسلي قناة (المسيرة)، من أولئك الإعلامي محمد الحاضري الذي أوضح أن سبب ذلك يعود إلى أنها أكثر مصداقية من غيرها، خاصة في الشأن المحلي. ويضيف: كذلك من ‏التصريحات الرسمية للمسؤولين. ولا أعتمد إطلاقاً على أي ‏مواقع، أو وكالات عربية أو دولية، في ما يخص أخبار الداخل ‏اليمني، لأنها في معظمها ليس لديها مراسلون داخل صنعاء، ولا ‏تنقل وجهة نظر المواطن اليمني، وهي إما تابعة لدول العدوان، أو ‏منحازة لوجهة نظر دول العدوان باعتبارها الأقوى في ‏الإمكانيات الإعلامية والمالية.‏

كفرت بكل الوسائل الإعلامية
في زمن التشرذم والتعصب كيف يمكن أن أثق بمصداقية الأخبار والمصادر من حولي، ربما نأخذ الأخبار ونلخص مصداقيتها بما نمتلك من خبرة في التحليل والتفسير، لكن لا يمكن أن أثق بما يأتيني بشكل قاطع.. بتلك الكلمات بدأت الإعلامية سامية العنسي، إذاعة صنعاء، وأضافت: مع هذا سأحاول أن أمنطق الإجابة قدر استطاعتي، لأنني كفرت بكل الوسائل الإعلامية المرتبطة ببعض الأطراف السياسية، لكن وسائل الإعلام العربي البعيد عن هيمنة الصراع ربما تكون أكثر انحيازاً للواقع والحقيقة دون تحيز، حسب رؤيتها.. وتضيف العنسي: من خلال هذه المآسي التي يعيشها الوطن علينا أن نؤمن يقيناً بأن مصالح القوى السياسية هي التي تتحكم بموازين القيم والمفاهيم والمواقف الوطنية، وهي التي تخضع الخبر ودلائله لمصالحها، ومن هنا ترتفع نسبة الضبابية على عين الحقيقة ومصادرها.
وعن مواقع التواصل تختم: مواقع التواصل الاجتماعي هي الغثاء بعينه، وهي التي أسهمت في تجهيل المتلقي واستغبائه بدرجة مفرطة في حقه الفكري في الحصول على المعلومة وسلامة الخبر.

ثقتي بوسائلنا... صفر!
نسيبة القباطي ـ إعلامية، تقول إن مصادرها أغلبها مواقع إلكترونية، وتواصل اجتماعي، وقنوات تلفزيونية، وتفضل المواقع الأجنبية، لأنها الأكثر مصداقية، حسب رأيها. وتبرر أن غالبية تلك الأخبار تأتي على هوى أصحابها الذين لا يراعون المصداقية والمهنية. 
يتفق مع رأي نسيبة الإعلامي محمد النقيب الذي يقول: أستقي الأخبار عبر جوالي، غالباً من مواقع إخبارية عربية (ليست محلية).. ومن أصدقاء مقربين موثوقين، وأحياناً من مواقع التواصل الاجتماعي، وسبب تفضيلي للمواقع الإخبارية العربية والدولية، عن المواقع المحلية، لأن المحلية التابعة للطرفين غير موثوق بها وبأخبارها. 

أشعر بالرضا
لدي الكثير من المصادر الخاصة في أكثر من مكان وجهة تزودني بالمعلومة والأحداث أولاً بأول، وبشكل جيد يجعلني أشعر بالرضا في ما أحصل عليه من معلومات، لاسيما المصادر الميدانية التي تزودني بمستجدات المعارك في معظم الجبهات.. ذلك ما قاله جمال الغراب، رئيس موقع (الفجر الجديد)، الذي أضاف: نادراً ما أعتمد على قنوات إعلامية لمتابعة الأخبار، وهذه تخضع للتحليل والتقييم والتأكد من صحتها، أما المواقع الإخبارية والصحف فلا أعتمد عليها إطلاقاً، لسبب واحد، وهو أن جميعها أصبحت وسائل إعلام موجهة، وليست مستقلة، الأمر الذي يجعلني لا أعتمد عليها بأخذ الأخبار.
وبما أن الغراب يرأس موقعاً إخبارياً يضيف: إن كنتِ تقصدين مصادري الخاصة، فإن نسبة ثقتي بها تصل إلى 90%، لأنها أخبار صحيحة، ونادراً ما تزودني هذه المصادر بأخبار ليست صحيحة أو مبالغ فيها.

أبحث عن مصادر محايدة
خالد المقري ـ شاعر - يقول إنه يعتمد على مواقع التواصل الاجتماعي، ويبرر ذلك أن الصحف الورقية متوقفة، وكذلك انقطاع الكهرباء التي يعتمد عليها بأخذ الأخبار، وليس أمامه سواها، أو عن طريق صفحات أصدقائه الإعلاميين. ويختم المقري: رغم الأوضاع التي يعيشها البلد، فأغلب القنوات والمواقع لا تتحلى بالمصداقية والشفافية، وتميل لجهة دون أخرى، مما يضطرني للبحث عن مصادر محايدة، لأنها تنشر الأخبار بعد التأكد من صحتها، لكي لا تخسر متابعيها.

نفتقد الخصوصية
إجمالاً المواقع اليمنية لا تحمل صبغة الأسبقية، والخصوصية في نقل الأخبار، حتى يكون هناك مصدر يعتمد عليه في استقاء الأخبار، هناك عملية تناقل للحدث ذاته في أكثر من موقع، مع تغيير المضامين وفق السياسات، بهذا الرأي المقتضب لخص محمد الحسني ـ صحفي، وختم أنه  يقوم بقراءة الخبر من بعض المواقع، وتجريده من عملية التهويل والمبالغة، والمضامين السياسية، من ثم يحصل بعدها على الخبر.
وعن الوسائل فهي المواقع والقنوات بحكم تسارع الأحداث، والتي تحتاج إلى فورية في النقل، وهذا يصعب توفيره في الصحف والإذاعات أحياناً. الأخبار المجردة دائماً تعمل على زراعة الثقة في المتلقي، وهي التي تجعل الشخص يفضل وسيلة عن أخرى.