شايف العين / لا ميديا

على مدى ثلاثة أعوام ونصف تقريباً وتحالف العدوان الأمريكي السعودي ومرتزقته كلما فشلوا عسكريا أمام أبطال الجيش واللجان الشعبية، ولّت قياداتهم مدبرة إلى خلف المترس الاقتصادي علّها تحقق من خلفه ما عجزت عن تحقيقه بالمرتزقة من معظم دول العالم خلف المترس العسكري.. ومنذ شهرين صعَّد التحالف المعتدي حربه الاقتصادية ضد أبناء الشعب، بعد الفشل الذريع في محاولته احتلال الحديدة. ومع اقتراب موعد المحادثات، المزمع انعقادها في السادس من سبتمبر الجاري في جنيف برعاية الأمم المتحدة بين القوى الوطنية ومرتزقة العدو، يزداد تصعيد الأخير في هذا الجانب لأسباب يبدو أن لها علاقة بالملفات التي ستناقشها المحادثات والتي يستحوذ الموضوع الاقتصادي على المساحة الأكبر في طاولتها.. محللون اقتصاديون وسياسيون تحدثوا لصحيفة (لا) حول هذا الموضوع ونعرضه في هذا التقرير.

تداعيات العدوان الاقتصادي الكارثية منحته أولوية النقاش
لقد سعى تحالف العدوان على الوطن من خلال جرائمه الاقتصادية إلى استهداف القيمة الشرائية للعملة الوطنية، ليفاقم الوضع المعيشي لأبناء الشعب، في مخالفة واضحة لكافة القوانين الدولية والقيم الإنسانية. 
ولم يقتصر عدوانه الاقتصادي على حصار كافة المنافذ البرية والبحرية والجوية وقصف البنية التحتية الاقتصادية ومصادرة ثروات البلد وشل حركة مؤسساته الريعية ونقل بنكه المركزي الذي بدوره منع المرتبات عن 800 ألف موظف في مناطق سيطرة الجيش واللجان الشعبية، بل أمر مرتزقته في فنادق الرياض ببدء الخطوة التالية، وهي استهداف العملة المحلية بطباعتها دون غطاء. وقد بلغت الأموال المطبوعة في روسيا التي استلمتها حكومة الخائن هادي في الرياض حتى الآن 1.5 تريليون ريال سخرت للمضاربة بالعملات الأجنبية وسحبها من السوق، حتى بلغ سعر الدولار الواحد ستمائة ريال مع اقتراب موعد محادثات جنيف.
ولذلك يعد الملف الاقتصادي من أولويات مفاوضات جنيف التي ستعقد بدءا من الخميس القادم برعاية الأمم المتحدة؛ نظراً للتداعيات الكارثية لاستخدام تحالف العدوان وأدواته في الداخل الورقة الاقتصادية كأداة حرب جماعية ضد الشعب اليمني. 
وفي حديثه لـ(لا)، قال المحلل الاقتصادي رشيد الحداد إن الاتفاق في جنيف حول الملف الاقتصادي ورفع الحظر المفروض منذ عامين على الحركة الملاحية في مطار صنعاء، ورفع القيود المفروضة على الملاحة البحرية خصوصاً على ميناء الحديدة، يعد محدداً أساسياً لنجاح المحادثات.
ويرى الحداد أن القوى الوطنية في المجلس السياسي الأعلى وحكومة الإنقاذ لن تقبل باستمرار المحادثات في حال رفض الطرف الآخر المتمثل في العدو الأمريكي السعودي ومرتزقته تحييد البنك المركزي وإعادة صرف رواتب موظفي الدولة، وإيقاف الحرب الاقتصادية، والكشف عن مئات الملايين من الدولارات التي نهبوها من عائدات النفط والغاز وإيرادات الضرائب والجمارك والرسوم الحكومية الأخرى التي صودرت إلى حسابات خاصة ولم تورد إلى البنك المركزي المنقول إلى عدن المحتلة أو أحد فروعه. 

التصعيد لفرض واقع سياسي جديد خلال المحادثات 
يرى الجميع اليوم تصعيد العدو على المستويين الإعلامي والاقتصادي، والذي يهدف -بحسب مراقبين- إلى إلحاق أكبر قدر من الألم والأذية بأبناء الشعب الذين يقاومون عدوانه ورغبته في السيطرة عليهم وعلى بلدهم, وكذلك إثارة الوضع الداخلي اليمني من خلال المرتبات بهدف التأثير في صمودهم وحالة انسجامهم المجتمعي ووحدتهم الوطنية التي تشهدها المحافظات الواقعة تحت سلطة المجلس السياسي الأعلى وحكومة الإنقاذ، وتغييب القضية الأهم وهي العدوان على اليمن وإعلان أمريكا الدخول المباشر فيه.
المحلل السياسي الدكتور أحمد المؤيد يقول: (غرض العدو من تصعيد عدوانه في كافة الاتجاهات قبيل المحادثات القادمة كما تعودنا في سابقاتها هو خلق واقع جديد، عسكري أو اقتصادي أو إنساني، يمكنه من فرض رؤيته السياسية الاحتلالية خلال جولة المحادثات القادمة في جنيف). 
ويشير المؤيد إلى وجود عامل مهم لا يجب إغفاله, وهو أن مرتزقة السعودية أنفسهم والذين يسمون زورا بالشرعية هم أكبر عقبة أمام الحل، بسبب مصالحهم المادية التي لم تكن في انتعاش وازدهار كما هي اليوم بسبب العدوان، وبالتالي فإن من مصلحتهم بقاء الحال كما هو عليه بل وتعقيده أكثر.
وفيما يخص المبعوث الأممي الجديد مارتن غريفيتث، يرى أحمد المؤيد أنه يختلف عن سابقه سيئ الذكر، وأنه يريد أن يحرز تقدما ملموسا في الملف اليمني, من خلال فتح ثغرة في جدار الصمت, والدخول من زاوية الملف الاقتصادي والمرتبات، وربما إذا استطاع فقد يتطرق إلى موضوع مطار صنعاء، وخصوصا أن هذين الملفين إنسانيان.
وعلى ما يبدو فإن سقف التوقعات من محادثات جنيف منخفض جداً، خصوصا حول الملف الاقتصادي، في ظل الفشل العسكري الذي يعيشه تحالف العدوان الأمريكي السعودي ومرتزقته، والذي سيحتم عليهم الضغط على القوى الوطنية اقتصاديا، وليس التراجع أو تقديم التنازلات. 

تحالف العدوان والمجتمع الدولي يسعون للمقايضة في جنيف
إن الأهمية الكبرى التي تعطيها الأمم المتحدة والمجتمع الدولي للملف الاقتصادي في محادثات جنيف القادمة ليست بدوافع وأهداف إنسانية، أي أنهم لا يقصدون تخفيف معاناة أبناء الشعب اليمني، فهم يشاهدون الحرب المسعورة التي يشنها تحالف العدوان ومرتزقته على العملة المحلية لضرب قيمتها مع اقتراب موعد المحادثات ولا يحركون ساكنا تجاهها، كون اليد الطولى في الملف هي يد المعتدي، وبالتالي فالهدف من طرحها لا بد أن يخدم مصالح من اتفقوا على شن العدوان، وقد يكون عبر شكل من المقايضة حول جوانب سيادية تمس بكرامة اليمنيين.
مع كل موعد يعلن فيه انطلاق محادثات سياسية أو مشاورات نرى سعي دول العدوان للضغط على الشعب اليمني اقتصاديا، واتخذت من تصعيد حربها في هذا الاتجاه وسيلة لإركاع الوفد الوطني أمام إملاءاتهم في المحادثات. 
وتطرق الصحفي والمحلل السياسي زيد الغرسي إلى الحديث عن مبادرة قائد الثورة السيد عبدالملك بدر الدين الحوثي، وقال إنها أحرجت دول العدوان أمام العالم وكشفت حقيقة نوايا هذه الدول في السعي لخنق الشعب تماما بإغلاق المنفذ الوحيد المتبقي لديه والمتمثل في ميناء الحديدة، بعد الهزيمة التي منيت بها في معركتها الهادفة لاحتلال الحديدة، وذلك بعيدا عن الشعارات الإنسانية الكاذبة التي ترفعها.. وأكد الغرسي أن العدوان يريد تعويض خسارته العسكرية في الحديدة بوضع الميناء تحت الوصاية الدولية خلال المشاورات القادمة، مستخدما الترغيب والترهيب لتحقيق ذلك. واستدل على ذلك بتهديد السفير الأمريكي للوفد الوطني في مفاوضات الكويت عندما قال لهم: (أمامكم الآن صفقة إما أن توقعوها وإما الحصار الاقتصادي سنحول الريال اليمني إلى ورقة بلا قيمة وسننقل البنك وسنمنع الإيرادات وسنغلق مطار صنعاء)، وبالفعل نقلوا البنك وأغلقوا المطار.
ووجه زيد الغرسي دعوة لحكومة الإنقاذ إلى تحمل مسؤوليتها في مواجهة المؤامرات الاقتصادية؛ كون الجهد المبذول منها ليس بمستوى حجم المخاطر، وعليها أن تكثف جهودها في إيجاد الحلول والانتقال بالمعركة الاقتصادية من مربع الأعداء إلى مربع الشعب.

صنعاء تستطيع حرق 
ورقة العدو الاقتصادية
الاقتصادي رشيد الحداد أشار إلى امتلاك القوى الوطنية الكثير من الأوراق التي قد تشهرها في جنيف، كتجربتها الناجحة في إدارة البنك المركزي خلال الفترة التي سبقت نقله إلى عدن.. من جانب آخر يرى محللون ومراقبون دوليون أن وفد صنعاء بات في يده الكثير من الأوراق العسكرية التي ستمكنه من فرض شروط تجبر العدو على تقديم التنازلات في الجانب الاقتصادي بعيداً عن المقايضة بسيادة البلد، خصوصا ما شهده العالم في الأسابيع القليلة الماضية من استهداف لمطاري أبوظبي ودبي في الإمارات بطائرات (صماد 3) المسيرة. وكذلك نقل العمليات البحرية إلى داخل المياه الاقليمية للعدو ولعل تصريحات الناطق باسم القوات الجوية للجيش واللجان الشعبية التي أكد فيها أن استهدافهم مطاري أبوظبي ودبي بالطائرات المسيرة محلية الصنع يأتي رداً على الحرب الاقتصادية التي يصعدها تحالف العدوان.

وثائق رسمية تؤكد وقوف دول تحالف العدوان خلف انهيار العملة
أكدت وثائق رسمية صادرة مما تسمى شرعية هادي، ضلوع دولة الإمارات في الحرب الاقتصادية على اليمن وانهيار العملة الوطنية.
مركز مصلحة الجمارك التابع لحكومة المرتزقة في منفذ شحن، وثق قيام مواطنين إماراتيين ومغتربين بتهريب كميات كبيرة من العملات النقدية الأجنبية وسبائك الذهب إلى خارج اليمن، بطريقة غير شرعية، في إطار عمليات سحبها من السوق لضرب القيمة الشرائية للعملة الوطنية.
وطبقاً لما ورد في المحاضر التي حصلت (لا) على نسخة منها، فقد ضبط مركز جمرك شحن بمحافظة المهرة، اثنين من المهربين؛ أحدهما إماراتي الجنسية والآخر يمني مقيم في الإمارات، وبحوزتهما 7 ملايين ونصف المليون ريال سعودي، و43 سبيكة ذهب، أثناء محاولتهما مغادرة البلد.