شايف العين / لا ميديا

منذ نجاح الثورة الشعبية في 21 أيلول 2014، أصبح القضاء على أنصار الله الشغل 
الشاغل لكيان الاحتلال  الصهيوني  والقوى الداعمة له. ويزداد أرق العدو الإسرائيلي مع فشل العدوان الذي تقوده 
السعودية والإمارات على الوطن،  في تحقيق أي نجاح يذكر، وهو يقترب من استكمال عامه الرابع.  ولعل ردة الفعل العنيفة للمقاومة الفلسطينية تجاه العدوان الذي شنه الاحتلال، الأسبوع الماضي، على قطاع غزة،  أربكت حساباته تماماً، كونها وبحسب مراقبين
 لم تكن متوقعة أن تأتي بتلك الشدة في هذا التوقيت بالذات، ما دفع العدو للإسراع في وقف إطلاق النار والقبول بهدنة 
توسطت فيها مصر، وانعكست سلباً على حكومته، لتعود إليه من جديد فوبيا المقاومة بشكل أكبر. 

تبدد آمال صهيونية بنيت على مدى ربع قرن
تعمل إسرائيل منذ ربع قرن مضى على منع قدوم اليوم الذي يزداد فيه محور المقاومة العربية والإسلامية الرافضة لوجودها في فلسطين لضمان إتمام (صفقة القرن). 
وبدأت آمالها في إتمام الصفقة باتفاقية أوسلو التي تمت بين رئيس وزرائها حينها إسحق رابين وزعيم منظمة التحرير الفلسطينية الراحل ياسر عرفات، ونصت نظرياً على (حل الدولتين) وتشكيل دولة فلسطينية في حدود 1967 وانسحاب الكيان الصهيوني من أراضي الضفة الغربية، وهو الأمر الذي لم يتحقق شيء منه على أرض الواقع، بل على العكس، عزز شرعية الاحتلال وأضعف حالة المقاومة.
غير أن السنوات الأربع الأخيرة حملت للصهيونية ما تكره، حيث شهدت انخراط حركات وبلدان جديدة ضمن محور المقاومة دفعت المقاومة الفلسطينية إلى استعادة فرصة تحرير أرضها من كيان الاحتلال الإسرائيلي بعد عقود من التآمر العربي والعالمي عليها.

غزة تنهض من بين الركام وترد على العدو بعنف
أطلقت المقاومة الفلسطينية، الأسبوع الماضي، قرابة 500 صاروخ وقذيفة هاون على المغتصبات الإسرائيلية حول قطاع غزة وتجمعات جنود الاحتلال فيها موقعة عدد كبير من القتلى والجرحى في صفوفهم، وذلك بعد القصف الذي شنته طائرات العدو على القطاع عقب تنفيذ عناصر من المقاومة عملية نوعية قتل وجرح فيها عدد من الضباط والجنود الإسرائيليين رداً على اغتيالهم قيادياً كبيراً في المقاومة مع عدد من الأفراد.
ويبدو أن المقاومة استندت في رفع وتيرة ردها على المتغيرات الجارية في المنطقة، خصوصاً اليمن، والذي يحاول الكيان الصهيوني فيه منذ 4 سنوات القضاء على المحور الناشئ والمعزز لقوة المقاومة والممانعة له، متمثلاً في أنصار الله، ومعهم أبناء الشعب اليمني. 

شبح المقاومة يعود بشكل أكثر رعباً 
مع دخول اليمن ازدادت قوة محور المقاومة عما كانت عليه في السابق، وعاد بشكل أكثر رعباً للصهاينة, ولا تخفى الجهود التي يبذلها العدو الصهيوني وحلفاؤه لإضعافه والقضاء عليه, وقد شنوا عدواناً هدفه درء الخطر اليمني المهدد لوجوده، والذي أعلن عنه منذ اليوم الأول لانتصار الثورة بقيادة أنصار الله في 21 أيلول 2014, غير أنهم فشلوا في هدفهم مع اقترابهم من إتمام العام الرابع.
وتركيز العدو على اليمن بشكل رئيس يعود بحسب محللين إلى جدية الخطر الكبير الذي تشكله حركة أنصار الله على وجود إسرائيل، لا سيما وأن قائدها السيد عبدالملك بدر الدين الحوثي قد طالب من الكيان الصهيوني أن يضع اليمن بالاعتبار في أي عدوان يفكر بشنه على محوري المقاومة في لبنان وفلسطين. 
وكثف رئيس وزراء الكيان الغاصب وعدد من مسؤوليه في الآونة الأخيرة زياراتهم إلى بلدان عربية أبرزها عُمان لمناقشة الملف اليمني وكيفية الحيلولة دون إفشاله (صفقة القرن) آخر مراحل تصفية القضية الفلسطينية، والتي يقف أيضاً انتصار محاور المقاومة في كل من لبنان وسوريا والعراق عائقاً أمامها. 

كيان الاحتلال يخضع للقوة
اعتبر مراقبون أن الرد الفلسطيني على العدوان الإسرائيلي هذه المرة مختلف عن المرات السابقة في الحروب الثلاثة من حيث تطور الردع فيه من خلال العملية التي نفذتها المقاومة الاثنين الماضي، باستهدافها حافلة جنود إسرائيليين في مغتصبة (مفلاسيم) شرقي غزة بصاروخ كورنيت، ووثقتها بالعدسة, وتزامن الرد مع متغيرات عديدة حصلت في المنطقة خلال السنوات التي تلت 2011، لا سيما في اليمن. مضيفين أن حكومة الاحتلال أدركت هذا الأمر، ما دفعها للإسراع في إعلان الهدنة وإيقاف إطلاق النار، الأمر الذي انعكس سريعاً عليها.
فبعد إعلان رئيس حكومة الاحتلال بنيامين نتينياهو الموافقة على الهدنة التي رعتها مصر ووقف إطلاق النار، أسرع وزير حربه أفيغدور ليبرمان، الأربعاء الماضي، في إعلان استقالته من منصبه احتجاجاً على ذلك.
حيث وصف ليبرمان، في بيان استقالته، ما أقدم عليه نتينياهو بالهزيمة أمام المقاومة الفلسطينية، الإرهاب حد تعبيره. وهذه الاستقالة تنبئ بتصدع داخل حكومة الاحتلال رآه البعض انتصاراً سياسياً للمقاومة الفلسطينية.
إن إحياء حالة المقاومة العسكرية في الداخل الفلسطيني خصوصاً، والعالم العربي والإسلامي عموماً، يسحب البساط من تحت أمريكا وحلفائها، ويحدّ من تحكمهم بمجريات الأمور، ولا سبيل غيرها لاستعادة الكرامة وتحقيق الإرادة، ودليل ذلك الانتصارات التي حققها محورها طوال السنوات الماضية، والمتمثلة في تحرير جنوب لبنان عام 2000، وهزيمة الكيان الصهيوني في عدوان تموز 2006، وكذلك إخفاق المخطط الذي استهدف سوريا، وصولاً إلى انتصار محور المقاومة في اليمن على العدو التكفيري، وهو ما يؤكد أن المقاومة في نمو مستمر، وتسجل النصر تلو الآخر، كما أنها لا زالت المعبر عن مشاعر أغلبية أبناء الأمة الرافضة للوجود الإسرائيلي في فلسطين العربية، وكذلك الهرولة للتطبيع مع الكيان الغاصب كما تفعل أنظمة دول الخليج آخرها عُمان.