يسرية الشرقي / لا ميديا -

منذ أكثر من 4 أعوام وبلادنا تتعرض لعدوان كوني غاشم، أهلك الحرث والنسل، وهو ما انعكس سلباً على مختلف جوانب الحياة، والعمل الإعلامي هو أحد الجوانب التي تأثرت جراء العدوان، حيث توقفت العديد من وسائل الإعلام في الداخل الوطني عن العمل تحاشياً للظهور في الموقف الوطني المناهض للعدوان، كما أن بعض الإعلاميين فضلوا التوقف عن العمل الإعلامي والمكوث في بيوتهم خوفاً من تصنيفهم كمناهضين للعدوان أو مؤيدين له.

توارٍ عن المشهد الإعلامي
نفس الأمر ينطبق أيضاً على الإعلاميات، اللائي يواجهن معوقات ومشاكل إضافية تعيقهن أداء عملهن، وهو ما جعل العديد منهن يفضلن التواري عن واجهة المشهد الإعلامي لسبب أو لآخر، والتحول صوب ممارسة مهن وأعمال أخرى، تقول الزميلة يسرى الغولي، مذيعة سابقاً في قناة "يمن فيوتشر"، وصانعة أفلام حالياً: في ظل الظروف الراهنة فضلت كإعلامية أن أتجه لصناعة الأفلام، التي تهدف إلى التوعية وغرس المبادئ وإحياء القيم الإنسانية والسلام بين الناس بالرغم من الخلافات.
وتتحدث الغولي عن همومها كإعلامية بالقول: كإعلامية أواجه الكثير من الهموم، وأهمها كيف أستطيع أن أبني مستقبلي، وأنقل صورة جيدة عن بلادي في ظل الظروف الراهنة بطريقة لا أحرق فيها نفسي كإعلامية، ولذلك سبق أن رفضت الكثير من الفرص النادرة، والتي كان بالإمكان أن ألمع فيها في سماء الإعلام، والسبب أنها كانت فرصاً موجهة سياسياً.


مسؤولية وطنية
أما الإعلامية يرستين النهمي (قناة اللحظة الفضائية)، فترى أن العمل الإعلامي ليس مجرد مهنة، بل هو مسؤولية وطنية في ظل الظروف التي تمر بها البلاد، حيث تقول: الإعلام هو صوت الحق وصوت المواطن البسيط الذي يتحمل الجزء الأكبر من ويلات العدوان، وهذه مسؤولية ملقاة على كاهلي كإعلامية، ويجب أن أكون على قدر هذه المسؤولية.
إلَّا أن النهمي تستدرك: لكن في الحقيقة هذه المهمة ليست سهلة خاصة في ظل التضليل الإعلامي الذي يمارسه الإعلام الدولي ضد بلادنا، وثورة تكنولوجيا المعلومات والاتصالات التي تغرقنا بالكثير من المعلومات، أغلبها مزيفة، كل ذلك يُصعّب على الإعلامي القيام بدوره في إيصال الحقائق.

تمييز وتعسف
أما بشأن المشاكل التي تواجه الإعلاميات في مجال عملهن، فتقول يسرى الغولي: أحد أبرز المشاكل التي تقف في طريق الإعلاميات اليمنيات تتمثل في طغيان الوساطة والمحسوبية على الكفاءة والمهنية 
في الجهات والقنوات الإعلامية، وتمييز بعض المخرجين أو القائمين على العمل لبعض الفتيات وفق معايير لا علاقة لها بالعمل الإعلامي، وإنما بالشكل والملابس ومدى الانفتاح الذي لا يتقبله مجتمعنا المحافظ والأهل خصوصاً، والأهم من هذا كله المبادئ الشخصية والقيم والأخلاقيات.
من جانبها، تقر الإعلامية يرستين النهمي بأنها سبق وتعرضت أثناء عملها للعديد من الممارسات التعسفية من قبل مرؤوسيها في مجال العمل، إلّا أنها -كما تقول- لم تكن بمستوى الحزن الذي تشعر به وهي ترى الموت يعصف بوطنها الحبيب، وليست بقدر الألم الذي كانت تجده في وجوه الناس، خلال عملها للتقارير الإنسانية الميدانية.

تشجيع وشروط
وحول دور العائلة في دعم وتشجيع الفتاة على العمل في المجال الإعلامي، تقول النهمي: عائلتي والحمد لله كانت وماتزال إلى جانبي، ومتفهمة جداً للمسؤولية التي على عاتقي في نقل هموم الناس ومشاكلهم، كما أن تشجيعهم المستمر لي كان كفيلاً بتحملي كل المشقات في مجال العمل الإعلامي.
أما الإعلامية الصاعدة سبأ محمد (معدة برامج ومقدمة نشرة أخبار في قناة اللحظة)، التي تعد أول إعلامية يمنية تقدم نشرة الأخبار وهي ترتدي النقاب، فتقول إن أسرتها لم تمانع عملها في المجال الإعلامي شرط أن تلتزم بارتداء النقاب في عملها حتى عند تقديمها نشرة الأخبار على شاشة القناة.
وعبرت الشابة سبأ محمد، عن مدى سعادتها بعملها في المجال الإعلامي، خاصة وأنها استطاعت أن تحقق أكبر أحلامها، المتمثل في أن تقدم نشرة الأخبار، مع الالتزام باشتراطات أسرتها التي تعارض تماماً أن تنزع نقابها، حد قولها.
وها هي سبأ اليوم تتألق في سماء الإعلام وفق طريقتها الخاصة، وتعمل بكل جهد كي توفق بين ظروفها الأسرية والمجتمعية ومهنتها كإعلامية.

بين التشاؤم والتفاؤل
وعن توقعاتهن ونظرتهن للمستقبل تقول يسرى الغولي: المستقبل معالمه غير واضحة وشبه معتمة بالنسبة لي، ولا أفضّل أن يلمع اسمي في ظل الظروف والأوضاع الراهنة.
بينما ترى يرستين النهمي أنه رغم كل الألم والوجع لايزال الأمل موجوداً: لم أفقد الأمل يوماً بأن تشفى جراح الوطن، وذلك بفضل جهود الجميع، وبأصوات الإعلاميين الصادقة التي نتمنى أن تصب في خدمة الوطن الحبيب.
هكذا تبدو الصورة شبه معتمة بالنسبة لبعض المنتسبات للعمل الإعلامي اللائي فضلن الانسحاب إلى الظل، والبقاء بعيداً عن ساحة العمل الإعلامي حتى إشعار آخر، بينما هو أقل قتامة بالنسبة للبعض الآخر اللائي استطعن بكل إصرار ومثابرة إيجاد الطريق لتحقيق أهدافهن، متحديات كل الصعاب والمعوقات.