أطلقت القيادة المركزية الأمريكية فقاعة جديدة، السبت، هي أن الولايات المتحدة تقوم بتطوير عملية دولية تحت عنوان "الحراس" تهدف إلى جعل الطرق البحرية في الشرق الأوسط أكثر أماناً، حسب تعبيرها. ويرى مراقبون أن هذه الفقاعة من المستبعد أن تبصر النور، وأن أميركا تهدف من خلال هذه الطروح إلى حلب بعض الدول ماديا وحسب.
وقالت القيادة في بيان: "تقوم القيادة المركزية الأمريكية بتطوير عملية بحرية دولية... لتعزيز المراقبة والأمن في الممرات المائية الرئيسية في الشرق الأوسط لضمان حرية الملاحة على ضوء الأحداث الأخيرة في الخليج الفارسي".
وزعم البيان أن الهدف من هذه العملية هو "تعزيز الاستقرار في البحر، وضمان المرور الآمن والحد من التوترات في المياه الدولية في جميع أنحاء الخليج الفارسي ومضيق هرمز ومضيق باب المندب وخليج عُمان".
وأضاف البيان: "يواصل ممثلو الولايات المتحدة التنسيق مع الحلفاء والشركاء في أوروبا وآسيا والشرق الأوسط بشأن التفاصيل والقدرات اللازمة لعملية المراقبة لضمان حرية الملاحة في المنطقة وحماية حيوية الطرق البحرية".
يرى مراقبون أن هذه العلمية تهدف لتشديد الخناق على إيران من خلال إيجاد قيادة دولية تعتمد أميركا عليها في عدائها لإيران، وذلك بعد أن بدأت أميركا تجد نفسها وحيدة في مواجهة طهران سياسيا وعسكريا، وبعد أن أثبتت إيران أنها قادرة على ردع أميركا وتحركاتها التخريبية في المنطقة.

انتصارات وهمية
ولعل الرئيس الأميركي، بإعلانه إسقاط طائرة مسيّرة إيرانية، يحاول الإيهام بالرد على إسقاط الطائرة الأميركية بالوسيلة ذاتها. فهو يزعم أنها اقتربت 900 متر من المدمرة الأميركية في مياه الخليج ولم تتجاوب مع التحذيرات، في محاكاة للتوضيح الإيراني بعد إسقاط الطائرة الأميركية.
مساعي ترامب، التي تزعم إثبات قدرته على الرد بالمثل، تثبت العكس من ذلك، أن قوّة أميركا، التي تقتصر على الرد بالمثل ضد إيران في حال كان الرد أمراً واقعاً، قد أصابها الضعف والهوان بالمقارنة مع التهويل الأميركي المعهود إذا تجرّأت طائرة معادية على الإطلالة على السفن الحربية الاميركية. لكن اختلاق ترامب رداً وهمياً، كما يؤكد حرس الثورة الإيرانية بالدليل المصوّر، يدلّ على عجز أميركا التي تلجأ للتعويض عن الشلل باختلاق انتصارات وهمية.
الإدارة الأميركية التي تسعى إلى الإيحاء بقدرة وهمية مصطنعة منذ إسقاط الطائرة، تحاول قلب الوقائع، أملاً في أن تصب المياه في طاحونتها، والدلالة على انصياع إيران تحت وطأة العقوبات والتهديدات الأميركية. فوزير الخارجية مايك بومبيو يزعم أن إيران مستعدة للتفاوض بشأن برنامجها الصاروخي نتيجة تأثير العقوبات عليها. وهو ما تعمّد استخلاصه من عرض وزير الخارجية الإيراني، محمد جواد ظريف، على الفضائيات الأميركية بأن البرنامج الصاروخي الإيراني مرتبط بالدفاع الإيراني في وجه الترسانة الأميركية في المنطقة، في إشارة إلى الدعم الأميركي لـ"إسرائيل".
على هذا المنوال يدّعي ترامب أنه أحرز تقدماً كبيراً مع إيران، نتيجة الضغط الأقسى، لمجرّد إعلان الرئيس حسن روحاني استعداده للتفاوض إذا تراجعت واشنطن عن حرب العقوبات وعادت إلى الاتفاق النووي.
فترامب وإدارته يرسمون في مخيلتهم فرضيّة تخلّي إيران عن البرنامج الصاروخي وعن استقلالها في السياسة والدفاع، وعن تضحيات وإنجازات 40 سنة، استجداءً للعلاقة مع الولايات المتحدة.
الدبلوماسية الإيرانية، التي تملك القدرة على تفكيك الدبلوماسية الأميركية  الهشة في إطلاق المبادرات، تستند إلى قوة حقيقية لردع العدوان الأميركي ومنع ترامب من مغامرة الحرب. فإيران تمسك بزمام المبادرة على الصعيد العسكري، لتحويل مغامرة الحرب الأميركية إلى حرب مدمّرة ضد "إسرائيل" والقوات والمصالح الأميركية في المنطقة، كما أوضح أمين عام حزب الله، السيد حسن نصر الله، استناداً إلى المعطيات والوقائع. وكما تمتلك إيران وحلفاؤها زمام المبادرة في العمل العسكري، تمتلك زمام المبادرة في التحرّك الدبلوماسي بعيداً عن التأويلات والاستنتاجات الأميركية.

دبلوماسية الألاعيب
في المقابل، تضطر الإدارة الأميركية إلى اعتماد دبلوماسية الألاعيب البهلوانية، نتيجة افتقادها زمام المبادرة، بعد أن منعتها إيران من خيار التهديد بالحرب، بسبب الكلفة الباهظة التي يمكن أن تغيّر نتائجُها موقع أميركا في التوازنات الدولية.
وفي هذا السياق تتحرّك الإدارة الأميركية في الفراغ لطمأنة السعودية بـ500 جندي في قاعدة خالد بن سلطان، وتثير الضجيج في الحديث عن تحالف دولي لحماية الممرات المائية من دون أي مقومات لحماية الممرات إذا لم تكن إيران دعامة هذه الحماية في مضيق هرمز.
امتلاك إيران زمام المبادرة قد لا يقف عند احتفاظ إيران باستراتيجية دفاعية إلى أمد غير منظور. فقائد حرس الثورة، العميد حسن سلامي، يشير إلى إمكانية تحوّلها إلى استراتيجية هجومية، إذا ارتكب الأعداء أي أخطاء. وقد يكون بين الأخطاء الجسيمة تصعيد الحرب الاقتصادية.

البنتاغون تعلن عودة القوات الأميركية إلى السعودية بناء على طلبها
من جهتها ذكرت صحيفة "وول ستريت جورنال" الأميركية أن الجيش الأميركي بدأ فعليا نشر جنوده الـ500 في قاعدة الأمير سلطان في السعودية، مضيفة أن عودة القوات العسكرية إلى السعودية بعد غياب 16 عاماً تشكل نقطة تحوُّل الهدف منها الرد على إيران.
وكانت البنتاغون قد أذِنت بإرسال قوات وموارد أميركية إلى السعودية، مؤكدة أن هذه الخطوة تمثل رادعا إضافيا لمواجهة التهديدات في المنطقة. وأعلنت وكالة الأنباء السعودية موافقة الملك سلمان بن عبد العزيز على استقبال قوات أميركية على أراضي المملكة. وأشارت الوكالة إلى أن القرار جاء انطلاقا من التعاون المشترك بين الرياض وواشنطن، ورغبتهما في تعزيز كل ما من شأنه المحافظة على أمن المنطقة واستقرارها وضمان السلم فيها.
وقالت وزارة الدفاع الأميركية أيضاً إن شركة "لوكهيد مارتن" فازت بعقد قيمته نحو مليار ونصف مليار دولار لبيع منظومة ثاد الدفاعية الصاروخية للسعودية. وأضافت أن العقد الجديد هو تعديل لاتفاق سابق لإنتاج المنظومة الدفاعية لمصلحة السعودية، مشيرة إلى أن الاتفاق الجديد يرفع القيمة الإجمالية لصفقة ثاد إلى أكثر من خمسة مليارات ونصف مليار دولار.

واشنطن تحضر لعملية عسكرية
وكشفت القيادة المركزية الأمريكية، أن الولايات المتحدة تحضر لعملية عسكرية تحت مسمى "غارديان"، تحت ذريعة تأمين الطرق البحرية في منطقة الخليج والشرق الأوسط عامة.
وقالت: "القيادة المركزية الأمريكية تعمل على تطوير العملية البحرية الدولية "غارديان" لتعزيز المراقبة والأمن في الممرات المائية الرئيسية في الشرق الأوسط وضمان حرية الملاحة على خلفية الأحداث الأخيرة في منطقة الخليج".