غازي المفلحي/ لا ميديا -

طرق ترابية وعرة مليئة بالحفر والمياه، وأنفاق وأخاديد كبيرة غير مكتملة البناء تملؤها القمامة ومياه الأمطار والمجاري، تسبب زحمة سير وتهدد المناطق المحيطة بها بأخطار عدة وتسبب لها معاناة كبيرة. هذا هو حال المناطق حول بعض الجسور والأنفاق التي تعذر إكمال إنشائها منذ سنوات في العاصمة صنعاء أو تعثرت أعمال مد أنفاق تحتها فعطلتها.

رحلة الخطوة تصبح ألف ميل
تعاني عدد من المناطق والشوارع الرئيسية في العاصمة صنعاء من مظاهر تخدش صورتها كعاصمة ومدينة متحضرة، وتسبب لساكني تلك المناطق والمارين منها معاناة طويلة لا مفر منها، أصبحت جزءاً شاقاً من يومهم خلال عبورهم تلك الطرق والتضاريس الوعرة التي خلفها التوقف عن استكمال بعض مشاريع الطرق والجسور والأنفاق، فعدد منها متوقف منذ بداية العدوان، والأجزاء التي تم إنجازها من بعضها مهددة بالخراب والتلف بسبب عدم اكتمالها.
أحد أكبر نماذج هذه المظاهر هو نفق الجسر الواقع في "منطقة مذبح" شمال غرب العاصمة، والذي يقع نهاية شارع الستين من طرفه الشمالي، أحد أكبر شوارع العاصمة وأهمها ويربط شرق العاصمة بغربها.
وهو من المشاريع التي عول عليها في تخفيف الازدحام وتسريع حركة التنقل بين طرفي مدينة مكتظة وتتمركز معظم المصالح الحكومية في القلب منها، إلا أن إزالة الطريق الاسفلتي الواقع تحت الجسر بغية حفر نفق قد تعطلت عقب ذلك بمدة وجيزة ليتعثر إتمام النفق مع اندلاع أحداث العام 2011،  الأمر الذي أخرج الطريق عن الخدمة نتيجة للحفريات ولم يتبق إلا ضفتا النفق كسبيل للمرور، لتصبح هذه النقطة واحدة من أكثر النقاط اختناقاً، حيث باتت المسافة التي تقطعها السيارات خلال أقل من دقيقتين تستغرق نصف ساعة وأحياناً تصل إلى ساعات بتوقيت الذروة المرورية عند الظهيرة.
جسر مذبح اليوم بات جسراً معلقاً فوق ساحة من الخراب، كان يفترض أن يقطعها شارع بأنفاق ودوار، لكنها في الراهن أخاديد طويلة تتكدس فيها أنواع القمامة، والأسوأ من ذلك أنها تمثل تهديداً جدياً للمنازل المجاورة الآيلة للانهيار والانزلاقات مع استمرار تعثر المشروع وتجريف عوامل التعرية لأرضيته، عدا عن أن الأطفال عرضة للسقوط فيها وكذلك المارة ليلاً، بالإضافة إلى خطرها على أساسات الجسر الذي تتجمع المياه جوار قواعده. 

وعود مرجأة
حسب مهندسين في وزارة الأشغال العامة والطرق فإن مهمة الوزارة محصورة –فقط- في صيانة وإصلاح الطرق والجسور الرابطة بين المحافظات، وقد قامت بإصلاح وترميم عدد من الطرق والجسور التي قوضها قصف العدوان. أما الجسور في أمانة العاصمة كجسر مذبح فهي من اختصاص السلطة المحلية، ممثلة في أمانة العاصمة.
المهندسون قالوا إن الإنشاءات في جسر مذبح وجسور أخرى توقفت مع بداية العدوان، لأن بعضها كان ممولاً من الصندوق العربي. وإن تكلفة إكمال مشروع جسر ونفق منطقة مذبح قد تصل إلى ثلاثة مليارات ريال تقريباً. 
رئيس لجنة الخدمات بمديرية معين، نبيل المنعي، قال إن السلطة المحلية على وشك إنعاش عملية تمويل استكمال مشروع النفق المتعثر تحت جسر مذبح. وذكر أن هناك مؤشرات إلى أن "الصندوق العربي" وافق على معاودة التمويل؛ غير أن المنعي لم يفصح عن طبيعة المؤشرات التي بنى عليها تفاؤله.
الصندوق العربي مؤسسة مالية عربية أنشئ عام 1971 بهدف تمويل المشاريع الإنمائية والاقتصادية والاجتماعية، ويفترض أن يمارس نشاطاته بحيادية تامة بعيداً عن الأحوال السياسية في الدول العربية كما تنص قواعده، إلا أنه أوقف دعمه لبعض المشاريع اليمنية في الفترة السابقة بسبب ضغوط تحالف العدوان.
المهندس عبدالكريم الحوثي، وكيل قطاع الأشغال والمشاريع في أمانة العاصمة قال كلاماً مطابقاً لكلام رئيس خدمات معين، حيث أكد أن أمانة العاصمة توصلت لاتفاق مع "الصندوق العربي" لاستكمال الأعمال في الجسر المتعثر. "الأعمال بدأت فعلياً السبت الماضي"، يقول الحوثي، ويتابع: "يجري حالياً تسييج الموقع ليتسنى مباشرة الأعمال فيه، والمدة المتوقعة للإنجاز سنة من الآن". ويشمل الاتفاق مع "الصندوق العربي" -بحسب الحوثي- استكمال مشروع "جسر النصر" المتعثر هو الآخر. الأمر متعلق بتقديم الضمانات اللازمة من قبل المقاول ليشرع في استكمال العمل بالمشروع ويحصل على دفعة أولية من تكاليف الإنشاء قدرها 20%، حد قول عبدالكريم الحوثي.
ينسب الحوثي تعثر كثير من المشاريع، لاسيما الجسور، إلى الأزمة الاقتصادية التي تسبب بها العدوان وأدت الى إغلاق الباب الرابع من موازنة وزارة المالية المخصص للمشاريع من هذا النوع.
يقول وكيل القطاع بالأمانة: "اضطررنا إلى طرق أبواب تمويل أخرى بأمل استكمال هذه المشاريع".
لم يفصح الوكيل عن نتائج هذه المحاولات لإيجاد ممولين بدلاء، لكن تأكيداته بأن أعمال استكمال مشروع جسر مذبح "بدأت فعلاً السبت" حد قوله، قد اصطدمت بواقع حال المشروع الذي عايناه ميدانياً فبدا كما كان خلال سنوات المعضلة، لتتكسر على أرضية المكان الصلبة والوعرة بوصف هذه التأكيدات "وعوداً رسمية مرجأة بوصل ما انقطع حتى إشعار آخر" ليس إلا.