ما يجري في اليمن بالتأكيد لا يخص اليمن وحده، فالمعركة ليست معركة دولة ضد دولة، أو طرف ضد طرف، وإنما معركة كامل محور المقاومة ومحاربة الإرهاب، الممتد من طهران إلى دمشق، مروراً ببغداد وصنعاء وبيروت وكل عواصم ومدن العرب، والبوصلة هي القدس، ضد محور العدوان الاستعماري الجديد برأسه الأمريكي، وامتداداته الأوروبية وتحديدا البريطانية والفرنسية، وأدواته في المنطقة وبخاصة أنظمة العشوائيات الخليجية وفي مقدمتها السعودية، والإدارة الصهيونية لهذا التحالف العدواني، الذي أطل علينا برأسه من خلال مشروع الشرق الأوسط الجديد، الذي أراد السيطرة على كامل المنطقة وإعادة تقسيمها على أسس عرقية وطائفية، ينتج عنها كيانات وكانتونات هزيلة متناحرة تدور كلها في الفلك الصهيوني.

الرد اليمني على تحالف العدوان السعودي الصهيوأمريكي، اتخذ مع الضربات الموجعة التي وجهها الجيش اليمني واللجان الشعبية لمنشآت عسكرية ونفطية سعودية، تطوراً مهماً سيكون له تأثير كبير ليس فقط على الساحة اليمنية، وإنما على كامل ميادين وساحات محور المقاومة.
ولأن الأمر كذلك كان لا بد من معرفة رأي الشارع السوري بما يجري على الساحة اليمنية، ومشروعية الرد اليمني على العدوان.
وكان هناك حرص على أن يشمل السؤال نماذج من مختلف النخب السياسية والأكاديمية والبحثية والإعلامية، تاركين لكل رأي أن يعبر عن نفسه بما يجري على الساحة اليمنية، وبخاصة الرد اليمني على العدوان.

لا قوة على الأرض تستطيع كسر إرادة اليمنيين
البداية كانت مع الدكتور بسام أبو عبدالله، أستاذ العلاقات الدولية في جامعة دمشق، الذي يؤكد أن الحرب على اليمن هي جريمة العصر بكل معنى الكلمة، وأن اليمنيين لديهم حق مشروع في الدفاع عن النفس بموجب القانون الدولي، بخاصة «بعد الهمجية التي شاهدناها خلال السنوات الماضية من تدمير البنى التحتية واستهداف المدنيين، وكانوا يعتقدون أنهم بهذه الطريقة سيركعون اليمنيين، واليوم الرسالة واضحة لقوى العدوان وعلى رأسها الولايات المتحدة والسعودية، تقول «اليمن سينتصر» بأبنائه الكرام وبمقاتليه الأشداء وبحرصه على كرامته وسيادته واستقلاله، واليمن الذي كانوا يعرفونه طيلة عقود من الزمن انتهى ويجب أن يفهموا ذلك، فلا قوة في الأرض تستطيع كسر إرادة اليمنيين بعد الآن ونحن أمام واقع آخر».
ويوجه أبو عبدالله رسالة إلى اليمنيين من سورية المحاصرة والصامدة أيضاً والتي تتعرض لأبشع أنواع العدوان كما يتعرض له اليمن، ويقول: «رسالتي إلى الإخوة في اليمن أننا منتصرون، مهما بلغ غيهم ومهما بلغ إجرامهم وعدوانهم، فالمعتدون هم الخاسرون، ونحن المنتصرون بإرادتنا، لأننا أبناء الأرض، ومتمسكون بجذورنا، ولأننا أصحاب كرامة وسيادة، ولسنا جالسين على طاولات أصحاب البترودولار، ولا يغرينا كثيراً بعض الفتات هنا أو هناك».
ويضيف: «نحن نريد أن نكون في دول ذات سيادة تحرص على مصالحها ومستقبلها، وهناك زمن آخر سوف ينبلج من اليمن الذي سيحول معادلة المنطقة، وكما سورية ستحول معادلة هذه المنطقة».
ويختتم حديثه بالقول: «الصعوبات كبيرة والتحديات هائلة والقدرة على الصبر تحتاج إلى طاقة هائلة، وأعتقد أن اليمنيين الذين صمدوا سنوات في أقسى عدوان يشن على شعب، هم الآن أكثر ثقة بالنصر، وما لم يتوقف هذا العدوان فاليمنيون مصرون على الانتصار للإرادة الحرة، فتحية لكل الشعب اليمني والجيش اليمني واللجان الشعبية ولكل يمني في كل مكان يؤمن بحقه في الاستقلال والكرامة والتطلع للمستقبل وتحقيق التنمية الحقيقية».

استهداف ثلاثي للعدو
ويرى العميد المتقاعد تركي الحسن، محلل وباحث عسكري واستراتيجي، أن من حق اليمنيين أن يستهدفوا أي أهداف في عمق دول العدوان طالما لم يتوقفوا عن عدوانهم.
ويضيف الحسن: «ما قام به أبطال الجيش اليمني واللجان الشعبية من استهداف المنشآت العسكرية والنفطية السعودية بالطيران المسير والصواريخ الباليستية، هو عمل كانت قد هددت القيادة اليمنية بأنها ستستخدمه ضد الأهداف السعودية إذا لم يتوقف العدوان».
ويوضح أن اليمنيين استهدفوا العدو السعودي في ثلاثة اتجاهات، يفصلها على النحو التالي: «الاتجاه الأول لمصدر التمويل الرئيسي للحرب، وهو النفط، لأن السعودية لا شيء بدون نفط، وبالتالي هم يضربون النفط لأن هذا الأمر يساعد على إنهاء العدوان على اليمن، وفي الوقت نفسه هي مسألة ردع ودفاع عن النفس. أما الاتجاه الثاني فهو استهداف المنشآت العسكرية كالمطارات والثكنات العسكرية. والاتجاه الثالث استهداف المراكز الحساسة، التي تهم النظام السعودي، سواء كان ما يتعلق بها من مراكز أمنية أو ما شابه ذلك».
ويعلق على عملية توازن الردع السادسة بالقول: «العملية الأخيرة ليست الأولى وقد تكررت، ولكن إصرار اليمنيين أنها ستكون سلاح ردع، بمعنى آخر على السعودية وحلف العدوان أن يوقف العدوان والقصف، وفي الوقت نفسه يرفع الحصار، وبدون تحقيق هذين الهدفين لا يمكن لليمنيين أن يتوقفوا عن القصف، وفي ولن يستسلموا، ومن حيث المبدأ استطاع اليمنيون بصمودهم تغيير رأي الإدارة الأمريكية التي كانت جزءاً من الحرب هي وإسرائيل والغرب وبعض الدول الأخرى».
ويختم حديثه بالقول: «الآن الصمود اليمني يتحقق والعدوان يخسر في كل الجبهات، ويكفي أن أشير إلى أن ما يتحقق الآن على جبهة مأرب ورغم تضافر الإرهاب العالمي كداعش والنصرة والإخوان المسلمين وبقايا ما يسمى الجيش السوري الحر، بالإضافة إلى المرتزقة السعوديين والإماراتيين، كل ذلك وفشلوا على جبهة مأرب، واليمنيون يحققون الانتصارات، وأعتقد أن النتائج التي حققوها في جبهة مأرب هي التي دفعت إلى تغيير المواقف، وهي التي دعت الولايات المتحدة لأن تطلب وقف إطلاق النار في مأرب تحديداً من أجل تجنب خسارة السعوديين وإذلالهم، ولحفظ ماء الوجه.

النصر اليمني قريب
ويؤكد الدكتور حسام الدين خلاصي، مسؤول الأمانة العامة للثوابت الوطنية السورية (مجتمع مدني وطني سوري)، أن الرد اليمني هو رد لمحور المقاومة كاملاً على عدوان محور الشر، ويقول: «لا فرق عندي إن كانت هذه الصواريخ من اليمن أو من لبنان أو من سورية.. المهم أنها تتصدى وبكل بسالة للمتغطرس الأمريكي.. هو انتقام واضح من عدوان استمر طيلة سنوات من قبل هذه المملكة الشيطانية على شعب أعزل».
ويشير إلى أن هذه الصواريخ التي أثبتت القدرات اليمنية، فيها رسالة واضحة للولايات المتحدة الأمريكية التي امتدت أذرعها لتدعم حلفاءها من قوى الشر في المملكة السعودية، ويجب أن يوضع حد لهذا العدوان، لذلك فإن الضربات نوعية ومتقدمة تكنولوجيا، وليكن ما يكون، ولا سبيل آخر إلا المقاومة وردع العدوان بما هو أقوى منه.
ويضيف: «هذا اليمن العزيز ضمن هذا المحور النقي الطاهر، يرد على هذه الاعتداءات المتكررة على دمشق وعلى طهران وعلى حزب الله وعلى العراق، وهو جزء من عملية متكاملة، فطوبى لأبناء اليمن الأشاوس، وبإذن الله هذا النصر سيكون قريباً على الوجود الأمريكي في المنطقة».

موقف عربي تافه
الدكتور إليان مسعد، رئيس منصة حميميم للمعارضة الوطنية السورية، يؤكد أنه من الطبيعي أن تدافع الدولة اليمنية عن نفسها، سواء بالطائرات المسيرة أو الصواريخ، وهذا من ضمن التوازن العسكري ورد الفعل المشروع والدفاع المشروع عن النفس، طالما هي تتعرض لعدوان غاشم منذ 6 سنوات من قبل يما يسمى «التحالف لدعم الشرعية» بقيادة السعودية، وبأحدث الأسلحة. 
ويضيف: «الدولة اليمنية تقوم بالدفاع عن نفسها، وتحاول الرد على الغارات التي يشنها التحالف على اليمن والشعب اليمني، وتقول لهم قفوا. فيما معظم الدول العربية والجامعة العربية موقفها تافه، كما حصل في سورية والعراق ولبنان، لأنهم انحازوا ولم يحاولوا حل هذا الموضوع».

منتصر يا يمن العز والفخر
أما حيان نيوف، ناشط إعلامي، فيقول في بداية حديثه: «عندما أطلق التحالف الإجرامي (الوهابي-الإخونجي) حربه الإجرامية على شعب اليمن بتشجيع صهيوأمريكي وتحت مسمّى «عاصفة الحزم»، لم يخطر على بال أولئك الشياطين أن تلك العاصفة ستتكسر على سفوح وقمم الجبال الرواسي التي تعانق السماء في يمن العز.
ويضيف نيوف: «قتل وتدمير وحصار خانق، عشرات آلاف الشهداء من النساء والأطفال والشيوخ والمدنيين، وتجويع وحصار طال الصغير والكبير، هذا وغيره لم يزد أهل اليمن إلا عزة وصبرا وعزيمة وإصرارا على المواجهة والمقاومة، كيف لا يكون ذلك وهم أهل الشهامة والإباء والعزة والشموخ».
ويشير إلى أن ما لم يدركه أجلاف الصحراء وعبيد الصهاينة ومرتزقة البيترودولار، أن غلّهم وأحقادهم ما كانت لتنتصر على أهل الحكمة والصبر والعراقة والتاريخ.. «وبالحكمة ذاتها التي وصفهم بها سيد المرسلين بقوله: «الإيمان يمان والحكمة يمانية»، وبعزيمة الولاء للوطن، وبعبقرية الأسلاف التي تمتد لأكثر من 12 ألف عام، قلب اليمانيون المواجهة من الدفاع إلى الهجوم وردوا الصاع صاعين، وزلزلوا الأرض تحت أقدام الغزاة والمعتدين وزعزعوا أركان ملكهم، فلم تنفعهم أعتى آلات الحروب وأحدثها..».
ويستطرد: «سنوات مرّت على العدوان وها هو اليمن اليوم يعلن انتصاره مدويا، رجال كالأسود هابتهم الجبابرة، أذهلوا العالم بشجاعتهم وبعبقريتهم التي حولوها إلى طائرات مسيرة، وصواريخ باليستية، وصواريخ موجهة، دكت مدن المعتدين وقصورهم وقواعدهم وخلخلت اقتصاداتهم».
ويختتم حديثه بالقول: «اليوم يحار بنو سعود في أمرهم بعد أن تبرأ منهم حليفهم قبل عدوهم خوفا ورهبا، وباتوا يستجدون وقف الحرب خوفا على وجودهم.. ولكن هيهات قبل إعلان الهزيمة.. عزيز يا يمن العز.. منتصر يا يمن الفخر..».