حاوره:طلال سفيان/ لا ميديا -
لطالما كان صخرة دفاع تردع الهجمات في مربع الخطر لفريق الأهلي العاصمي والمنتخبات الوطنية، ولاعب تميز بتسديداته القوية المترجمة لأهداف خارقة للشباك وصعبة الإمساك على الحراس.
جار النادي الأهلاوي الصنعاني، وسليل عائلة "جعرة" التي مدت هذا النادي اليمني العريق بخيرة أبنائها. في طفولته التحق بهذا الكيان الرياضي وانطلق في بداية مراهقته مع كتيبة الإمبراطور الكبيرة والمنتخب الوطني الأول في آن، مقتحماً بعدها صفوف الشباب والأولمبي.
عقدٌ من الزمن تكلل بمشاركات وأهداف مثيرة في المسابقات الكروية المحلية وظهور بارز في المحافل الآسيوية والعربية مع الأهلي والمنتخبات، تخللها إصابات متلاحقة أنهت مشواره الكروي مبكرا، ثم داهمه المرض.
صحيفة "لا" زارت نجم أهلي صنعاء والمنتخبات الوطنية (سابقا)، الكابتن علي جعرة، وأجرت معه وهو على فراش المرض، حوارا مستفيضا عن رحلته مع الإبداع والمعاناة...
 في البداية طمئنا على حالتك الصحية!
- أولاً أشكرك وأشكر ملحق "لا الرياضي" على الاهتمام باللاعبين اليمنيين السابقين والحاليين. بالنسبة لحالتي الصحية، أنا مصاب بالسكري منذ 12 سنة، وهذا ما أدى إلى إصابتي بـ"الإعتراض الطرفي العصبي" من منطقة القدمين إلى منطقة البطن، وهذا يعتبر من أخطر مضاعفات مرض السكري.
 مع معاناتك من المرض، هل وقف معك ناديك أهلي صنعاء؟
- أهلي صنعاء نادٍ كبير ومعروف أنه لا يستغني عن أبنائه، لكن المشكلة في البطء، نحن نعاني من عدم الاستجابة السريعة. إدارة الأهلي مكونة من شخصيات كبيرة، وهي لا تكون دوما متواجدة في مكان واحد، فأوقات يكون رئيس النادي مسافرا أو مشغولا بأمور عمله.
أهلي صنعاء زاروني وأعطوني أدوية؛ لكن هذه الزيارة والأدوية لا تكفي، لأني في مرحلة خطيرة من مضاعفات هذا المرض، ويوجد علاج في مصر هو عبارة عن جلسات علاجية بالأكسجين النشط، وأتمنى من إدارة الأهلي والوزارة واتحاد كرة القدم النظر لحالتي وإعانتي على عمل جلسات الأكسجين النشط في مصر الذي سيغنيني نهائيا عن العلاجات التي أستخدمها هنا وتكلفني مبلغ 40 ألف ريال شهريا، ونتيجة الظروف الصعبة التي يمر بها الوطن لا أقدر على توفير هذا المبلغ شهريا، وطبعا العلاجات التي أستخدمها هي لاستقرار المرض وليس لإنهائه.
 وماذا عن اتحاد كرة القدم ووزارة الشباب...؟
- ثلاثة أشهر وأنا في البيت مريض ولم أتلقّ زيارة أو اتصالا أو حتى سؤالا من الاتحاد أو غيره.
 حالتك نموذج لظروف اللاعب اليمني، وأنت الذي أفنى جهده وشبابه في لعب الكرة مع النادي والمنتخبات الوطنية,..؟
- إضافة لما ذكرته، أيضاً أهملت دراستي التي اقتصرت على نيلي شهادة الصف الثاني الثانوي. كنت أسافر مع النادي وأسافر مع المنتخب، وعام وراء عام كنت أؤجل الاختبارات، لعبت وقدمت مستويات عالية وسجلت أهدافاً على الإمارات والسعودية، وكل هذا تضحية من أجل رفع رأس الوطن عاليا في المحافل الدولية، وفي الأخير لم أحصل من الوطن على شيء ولا على شيء من تاريخي الرياضي.
 ندلف لمشوارك مع الكرة، والبداية من حكاية لعبك مع أهلي صنعاء...؟
- أهلي صنعاء هو بيتي. كان منزلنا يقع جوار النادي الأهلي، التحقت بداية بالفئات العمرية، وتم ضمي رسميا للفريق الأول عام 1998، ومنذ ذلك العام استمررت في اللعب مع فريق الأهلي الأول، وفي العام 2005 انتقلت للعب لمدة موسم واحد مع وحدة صنعاء، وباستغناء مسبق قدمه الوحدة للأهلي، ثم عدت للأهلي في الموسم 2006 واستمررت معه حتى العام 2009، وهو العام الذي توقفت فيه بسبب الإصابة.
 ما سر ذهابك للعب مع فريق الوحدة الغريم التقليدي للأهلي؟
- بسبب إهمال الإدارة الأهلاوية حينها، ومن الطبيعي عندما يحس اللاعب أنه أهمل ينتقل من نادٍ إلى نادٍ للتغيير وتجديد النشاط وبناء العلاقات.
 وكيف جاء انضمامك للمنتخبات؟
- من أول يوم لعبت فيه مع الفريق الأول للأهلي تم ضمي للمنتخبات، وتم تسميتي بالصاروخ، لأني انطلقت بشكل سريع للمنتخبات، وأنا في سن 18 سنة لم ألعب مع فئة الشباب بل لعبت مع فريق الأهلي الأول، وعلى طول تم ضمي للمنتخب الوطني الأول تحت قيادة المدرب الكبير سالم عبدالرحمن ربنا يرحمه، وكانت أول مباراة دولية ألعبها أمام فريق (إل جي) الكوري الجنوبي، ولعبت في منطقة دفاع المنتخب مع نجوم عمالقة كجمال وعبدالله الخوربي وسالم سعيد، وواصلت مع المنتخب الأول حتى 2004 ليتوقف مشواري الدولي نتيجة إصابة حرمتني القتال في اللعب والحفاظ على اسمي ووجودي في الملعب.
 رغم أنك تميزت ببنية جسمانية قوية إلا أنك عانيت من الإصابات. ما السبب؟
- أعتقد أن عيناً أصابتني، وهذا وارد جدا. كانت تلاحقني إصابات غريبة ليس لها دخل بالملعب والاحتكاك مع اللاعبين، بل كانت خارجه. في إحدى المرات تعرضتُ لإصابة في الحرم المكي أثناء قيامنا بالعمرة، إصابات غير طبيعية كنت أتوقف معها عن اللعب لمدة 3 و4 أشهر.
 هل كنت تتعالج من هذه الإصابات أم استسلمت لها لاعتقادك أنها بسبب العين؟
- طبعا كنت أتعالج مع كل إصابة تعرضت لها وفي عدة دول، أثناء ذهابي إلى قطر مع المنتخب الأولمبي ذهبت لأكبر مستشفى عظام هناك، قالوا لي أترك الرياضة وأعمل ثلاث عمليات لركبتي، منها اثنتان في قطر وواحدة في أمريكا، وكأنهم يقولون لي مت، ولم أزل في أول لحظات اللعب مع المنتخبات واسمي يظهر، ومرة في الإمارات وبدون فائدة، بينما استفدت في العراق على يد دكتور مسيحي اسمه فالح فرنسيس الله يمسيه بالخير عندما ذهبت مع أهلي صنعاء لخوض مباراة أمام فريق الطلبة العراقي، لا أتذكر أنها كانت ضمن بطولة آسيوية أو عربية، المهم أن الطبيب العراقي كان تشخيصه مغايراً تماما للتشخيص الذي أجريته في قطر، فقد أخبرني أني لا أحتاج إجراء عملية جراحية وطلب مني التدريب في الغرفة الثانية لعيادته كنوع من التقوية والعلاج الطبيعي، وطمأنني بأني سأرجع ألعب بعدما طلب مني أداء تلك التمارين 45 يوماً.
 بماذا تميزت فنياً أثناء لعبك؟
- بالتسديدات، وأقواها كانت الهدفين الدوليين الوحيدين لي مع المنتخبات الوطنية، هدفاً من تسديدة مباشرة من خارج خط الـ18 على الإمارات، وهدفاً من وسط الملعب على السعودية في بطولة كأس آسيا للشباب بالطائف عام 2000، وهذا الهدف تم مسحه من النت من قبل السعوديين. وهدفي المميز محليا أحرزته في مرمى وحدة في كاس نسيم من تسديدة قوية من وسط الملعب، وحركتي المميزة بعد كل هدف أحرزه، وأطلق على هذا الهدف "الهدف التلفزيوني"، طبعا في كل دوري كنت أهدف وتقريبا هدفت على كل الفرق في الدوري.
 كنت تحلم بإنهاء مسيرتك بمباراة اعتزال. لماذا هذا المشروع لم يرَ النور بعد؟
- قبل عام كانت أنوي أن أعمل مهرجان اعتزال، أغلب اللاعبين والشباب الموجودين على الساحة اليوم لا يعرفون عن تاريخ الكرة اليمنية، وأنا كجزء بسيط من تاريخ الكرة اليمنية أحببت أن أعمل مهرجان اعتزال حتى أظهر كيف كان علي جعرة وكيف كان زملائي الذين لعبوا معي في تلك الفترة، والتعريف بما عملناه، كنت أحاول بمجهود شخصي طباعة كتيب وتجميع صور ولقطات فيديو للمباريات المحلية والدولية، لكني اصطدمت بصخرة كبيرة ولم أحصل على أي تجاوب، سواء من الاتحاد أو النادي أو من أي جهة، ثم تضاعف المرض على جسدي وتوقف هذا المشروع نهائيا.
 حدثنا عن آل جعرة الأسرة الكروية الأهلاوية!
- بيت جعرة من الأسماء العريقة في تاريخ الكرة اليمنية. نحن كلنا نستظل تحت مظلة ابن العم الكابتن يحيى جعرة، كونه الأشهر والأفضل والأكبر والأقدم، هو صنع تاريخ آل جعرة الرياضي ونحن جئنا من بعده.
طبعا من أشقائي: خالد ربنا يرحمه، لعب فترة بسيطة في الأهلي، والكابتن عادل رحمه الله، كان من نجوم اليمن في كرة الطاولة، وكان فوزي قد وصل للفريق الأول لكرة السلة بالنادي الأهلي، ومن أبناء عمي كان معنا هاني جعرة فاكهة الملاعب وأفضل لاعبي خط الوسط والذي يشبه مستواه ويقارن بالكابتن أحمد الصنعاني الله يحفظه، وأيضا كان معنا ربيع جعرة الذي حرمته الإصابة من البروز كنجم كبير من نجوم الكرة اليمنية، وقبلهم كان لدينا ماجد جعرة الذي وصل لمرحلة فئة الشباب ومنعته الظروف من مواصلة المشوار.
 رسائل لمن توجهها؟
- الأولى للاعب اليمني: اهتم بدراستك وعملك وبعد ذلك اهتم بالرياضة، وهذه نصيحة أقدمها للاعبينا بعد أن عانيت أنا وغيري من اللاعبين السابقين من أمر ترك الدراسة. اجعل الرياضة كهواية، وليس كعمل، لأن الإحتراف لم يطرق بعد ملاعبنا.
الرسالة الثانية للقائمين على الرياضة اليمنية: اللاعبون الذين صنعوا التاريخ والذين ما زالوا يصنعون التاريخ لا تتركوهم، هم قدموا حياتهم وأفنوها في الرياضة ورفعوا رأس اليمن في المحافل الدولية، لا أحد يتجمل على حساب اسم الوطن، لكن على مسؤولي الرياضة في الوزارة والاتحادات والأندية أن يعملوا لوائح وقوانين تحفظ للاعب اليمني حقه في العيش والعلاج والتأمين الصحي، لأننا كرياضيين مهملون وسط ظروف يعانيها اللاعب والمواطن بشكل عام في البلد. انظروا أيضاً للاعب الذي انتهت مسيرته الرياضية وقفوا معه في معيشته وفي مرضه، وهذا ما أتمناه منكم كمسؤولين عن الرياضة اليمنية.
 كلمة في ختام الحوار كابتن علي جعرة...؟
- أشكرك أخي طلال على حضورك إلى منزلي المتواضع وأشكر اهتمام صحيفة "لا" بالرياضيين اليمنيين والعالميين، وأيضاً الشكر موصول لأخي حمادة الدركمي وشقيقه نور الدين على هذه الزيارة.