
تقرير- عادل بشر / لا ميديا -
فيما يبدو أن أصداء العملية النوعية للقوات المسلحة اليمنية التي استهدفت عُمق الكيان الصهيوني، بطائرة «يافا» المُسيّرة في 19 تموز/يوليو المنصرم، ستستمر طويلاً، في الولايات المتحدة والغرب، وقبل ذلك في «إسرائيل»، حيث تعكف الكثير من مراكز الأبحاث العسكرية والأمنية والسياسية والمختصة بالصراعات المسلحة، على دراسة الحالة اليمنية، وكيف استطاعت صنعاء التفوق على أحدث التقنيات الدفاعية الصهيونية والأمريكية. وتحدي الهيمنة العسكرية الدولية في المنطقة.
في هذا الصدد نشرت منظمة ACLED الأمريكية، المختصة في تجميع البيانات حول الصراعات في العالم، تحليلاً شاملاً لما وصفته بـ«الاستراتجيات الرئيسية التي يستخدمها الحوثيون في حرب الطائرات بدون طيار».
التحليل الذي أعده اثنان من كبار الباحثين في شؤون منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا والمعتمدين من قبل المعاهد البحثية الأمريكية والأوروبية، ونشرته المنظمة في موقعها، أمس، سلّط الضوء على «القُدرات اليمنية المتزايدة في الاستفادة من تكنولوجيا الطائرات بدون طيار، وتنفيذ ضربات للعدو واستغلال نقاط الضعف الهيكلية لأعدائهم بطرق إبداعية لتحقيق انتصارات على خصومهم».
وذكر التحليل أنه في «19 تموز/ يوليو 2024م، حلقت طائرة بدون طيار تابعة للحوثيين لمدة 16 ساعة تقريبًا من اليمن على مسافة تزيد عن 2600 كيلومتر للوصول إلى تل أبيب، حيث قتلت مواطنًا إسرائيليًا وأصابت ثمانية آخرين على الأقل». مشيراً إلى أن القوات المسلحة اليمنية منذ تشرين الأول/ أكتوبر 2023م، تُطلق طائرات بدون طيار وصواريخ على مواقع للكيان الصهيونـــي في الأراضـــــــــــي المحتلة، إلا أن «هذه تُعد أكثر هجمات الطائرات بدون طيار اليمنية، رمزية حتى الآن، والتي أظهرت قدرة الحوثيين المتزايدة على الاستفادة من تكنولوجيا الطائرات بدون طيار».
طليعة حرب الطائرات بدون طيار
وذكر التحليل أنه «على الرغم من كون الحوثيين جدداً نسبياً في تكنولوجيا الطائرات بدون طيار، إلا أنهم كانوا في طليعة حرب المُسيّرات». موضحاً: «لقد أسسوا إنتاجًا واسع النطاق للطائرات بدون طيار عام 2018، مستفيدين من نقل التكنولوجيا الإيرانية، وحققوا نجاحات عسكرية ملحوظة، مثل إجبار السعودية والإمارات على وقف إطلاق النار في أبريل 2022م. وفي الآونة الأخيرة، فرضوا حصارًا جزئيًا على حركة الملاحة البحرية عبر البحر الأحمر منذ نوفمبر 2023م».
واحتوى التحليل على أرقام ورسوم بيانية للطائرات بدون طيار اليمنية، وأنواعها، وما قال إنه «نشاط الطائرات بدون طيار الحوثية بين كانون الثاني/يناير 2015 وحزيران/ يونيو 2024م». لافتاً إلى أن صنعاء كشفت خلال شباط/ فبراير 2017م، عن امتلاكها برنامجاً للطائرات بدون طيار، وأعلنت عن أول هجوم من «قواتها الجوية» في نيسان/ أبريل 2018. وفي عام 2019، كشفت عن ثلاث طائرات بدون طيار متفجرة جديدة: صماد- 2، وصماد- 3، وقاصف-2ك. 5 وفي حين تم تقديم قاصف-2ك كنسخة محسنة من قاصف- 1، كانت طائرات صماد بدون طيــــار أكثر تقـــــــدمًا ومصممة لاختراق عمق الأراضي السعودية، وفقاً لتحليل منظمة ACLED الأمريكية.
وأفاد التحليل بأن القوات المسلحة اليمنية استخدمت الطائرات بدون طيار في المعارك مع الفصائل الموالية للتحالف السعودي الإماراتي خلال الحرب على اليمن، بشكل مُركز ومُتقن، وخصوصاً في الساحل الغربي، حيث تم تدمير «مراكز القيادة وأنظمة باتريوت الإماراتية في محافظتي الحديدة وتعز في أبريل 2018». إضافة -وفقاً لذات التحليل- إلى استخدام الطائرات المسيرة في جبهات محافظة مأرب عام 2021م.. مؤكداً أن القوات اليمنية «لا تستخدم هذا المورد الاستراتيجي (طائرات بدون طيار) تلقائياً في كل حملة عسكرية، وإنما في جبهات محددة، بحسب أهميتها».
وتطرق التحليل الى الهجمات اليمنية بالطائرات بدون طيار، خارج حدود اليمن، بين عامي 2018 و2022، مستهدفة مرافق هامة في العمق السعودي والإماراتي، من بينها منشأة نفط أرامكو السعودية ومطار أبوظبي الدولي، رداً على عدوانهما على اليمن وحصار مطار صنعاء وميناء الحديدة، حيث أثبتت هذه الاستراتيجية فاعليتها وأُجبرت الرياض وأبوظبي على وقف إطلاق النار والدخول في هدنة منذ نيسان/ أبريل 2022م.
وقال التحليل: «كان إدخال الطائرات بدون طيار متعددة الاستخدامات في عام 2021 نقطة تحول في تطوير تكنولوجيا الطائرات بدون طيار الحوثية، مع تأثير فوري على ساحة المعركة»
معركة إسناد غزة
وأوضح تحليل المنظمة الأمريكية أنه منذ الحرب الصهيونية على قطاع غزة في تشرين الأول/ أكتوبر 2023م، وإعلان صنعاء خوض المعركة إلى جانب الفلسطينيين، اعتمدت القوات المسلحة اليمنية في عملياتها البحرية أو تلك التي تستهدف مواقع للاحتلال جنوبي فلسطين، بشكل كبير على الطائرات بدون طيار.
وقالت منظمة ACLED إنها سجلت «أكثر من 40٪ من الهجمات البحرية نُفذت بطائرات مسيرة، وتمكن التحالف الأمريكي البريطاني من اعتراض 75٪ من هجمات الطائرات المُسيرة، مقارنة باعتراض نحو 16٪ فقط من الهجمات الصاروخية اليمنية».
وأضافت المنظمة في تحليلها: «والواقع أن فرص نجاح الطائرات بدون طيار في إصابة الهدف تأتي في المرتبة الثانية بعد تكتيكات الحوثيين. فبوسع الجماعة تصنيع هذه الأجهزة بكميات كبيرة وبتكلفة منخفضة، وتستطيع إحداث إصابة مباشرة في السفينة المستهدفة، أو إصابة طفيفة أو مجرد تحذير وتخويف، وكل ذلك بحسب التكتيكات التي تتبعها القوات اليمنية».
وأفاد التحليل بأن «تكنولوجيا الطائرات بدون طيار وتطورها السريع لدى صنعاء، منح الأخيرة ميزة تكتيكية، مما سمح لها بالبقاء دائماً متقدمة بخطوة واحدة على العدو».. مشيرا إلى أن القوات اليمنية تمكنت من «تحديد نقاط ضعف العدو واستغلالها وتنفيذ هجمات ناجحة من خلال الابتكار التكنولوجي المستمر، وتوسيع الأهداف العسكرية، وانخفاض ميل خصومها إلى قبول المخاطر المرتبطة بالحرب على أراضيهم وعلى مقربة من مصالحهم المالية».
وخلص التحليل إلى القول بأن اليمنيين نجحوا في استراتيجية تحدي الهيمنة العسكرية الدولية في المنطقة.
المصدر عادل عبده بشر / لا ميديا