البشر والتاريخ في مجرى السيول الجارفـة ..الجهات المعنية تطربل صنعاء القديمة
- تم النشر بواسطة بشرى الغيلي/ لا ميديا

بشرى الغيلي / لا ميديا -
سقوف منهارة، وأساسات متشققة، وغُرف ممتلئة بالطين المتناثر على الأثاث من فُرش وبطانيات، وخوفٌ من مجهولٍ ينتظر قاطني منازل صنعاء القديمة الآيلة للسقوط جرّاء الأمطار الغزيرة التي هطلت على بلادنا، ووجوه حزينة، وخواطر منكسرة لقاطني تلك المنازل وهم يتحدثون لصحيفة «لا» التي شاطرتهم معاناتهم، والتقت البعض منهم في حارةِ شُكر، وأخذت لقطات حصرية من داخل تلك المنازل، فوجدت أن المعاناة كبيرة، خاصة أن معظم أصحاب تلك البيوت لا يجدون البدائل لمغادرتها ريثما يتم إيجاد حلول عاجلة حسب المتاح والمتوفر، والأغرب أن بعض المتحدثين من الجهاتِ المختصة أكدوا على أنهم صرفوا طرابيل لبعض الأسر، بينما البعض الآخر ينتظر دوره بالكشوفات حسب تصريحاتهم ضمن سياق هذا الاستطلاع، مع أن الطرابيل ليست حلا، بل يحتاجون إلى ترميم منازلهم حسب أحاديثهم ضمن السياق..
خطورة البقاء في مكانٍ لا بديل له
فاطمة المحفدي (ربة بيت) تبدأ بسرد قصتها المؤلمة، بالقول إن سقف المنزل تهدّم فوقها هي وبناتها وبنت أختها وتضررت ابنة أختها وتم إسعافها إلى المشفى، وأنه لا يوجد لها مكان بديل تنتقل إليه، رغم خطورة البقاء في ذلك المنزل والأجزاء التي انهارت مع المطر. بينما كان بجوارها أحد جيرانها المتضررين أيضا ويدعى رأفت قصعة يضيف على كلامها: «بلغنا كل الجهات المختصة كهيئة الحفاظ على المدن التاريخية، وعاقل الحارة، ولا مجيب لنداءاتنا، قالوا لنا لوما تبسروا السماء واحنا نجيكم، من مواسم الأمطار السابقة وهم يواعدونا بإصلاح الأجزاء المنهارة في المنازل وما في خبر، وفي أسوأ الأحوال قالوا يصرفوا لنا طرابيل، وحتى الطرابيل ما قد أبسرنا شيء!».
وأضاف قصعة: «معظم منازل صنعاء القديمة تستقبل المطر بالطيسان -الصحون والأوعية البلاستيكية»، وختم برسالةٍ وجهها للجهاتِ المختصة أن يتأكدوا بأنفسهم وينزلوا إلى الميدان، وعليهم ألا ينتظروا حتى يموت الناس في بيوتهم «وبعدين يجوا يصوروا وهذا اللي يعملوه كل عام».
يتركون الأكثر ضرراً
نموذج آخر من المتضررين وأحد سكان صنعاء القديمة إبراهيم المحجري (رب أسرة) يقول: «تهدم بيتي من يومين وذلك نتيجة أمطار سابقة، ولا يوجد لدينا بديل ولا مكان نسير فيه».
ويواصل المحجري أنه قام بإبلاغ الجهات المختصة ولكن لا مجيب، وحسب تعبيره فإن «هناك نوعا من المجاملة لدى الجهات المختصة التي ترمم مباني ليست بحاجة للترميم، ويتركون الأكثر ضررا ويقولون لنا سجلناكم لوما يجي دوركم».
وختم برسالة للجهاتِ المختصة عبر صحيفة «لا»: «أتمنى أن يضعوا بيتي الذي انهارت أجزاء من السقف والأساس ضمن الحالات الطارئة، وأن يجدوا لنا حلولا عاجلة».
التنسيق مع الشؤون الإنسانية
وأثناء تجوال صحيفة «لا» في أزقةِ صنعاء القديمة وتحديدا «حارة شُكر» التقت بعض المختصين الذين أوضحوا دورهم في إيجاد حلول للتخفيف عن المواطنين، ومنهم عبدالله أحمد محيي الدين، مدير إدارة مصارف الزكاة بأمانة العاصمة الذي يوضح في تصريحٍ خاص لصحيفة «لا» بالقول: «دورنا يقتصر في هذا المجال على التنسيق مع المجلس الأعلى للشؤون الإنسانية، ونتفق حول ماذا سيقدمون من جهتهم، وماذا سنقدم من جهتنا، بالإضافة إلى ذلك فإننا نعالج المباني الأكثر ضررا والباقي على الشؤون الإنسانية ولازلنا في بداية التنسيق».
مهمتنا إسعافية
من جهته أكد حمزة الشامي، مدير مكتب الزكاة بصنعاء القديمة أن دورهم في كل موسم أمطار، أنهم يتحركون بالمتاح وقدر المستطاع ويقومون بتوزيع طرابيل حسب الكشوفات التي ترفع إليهم.
ويضيف الشامي: «الطرابيل تكون إسعافية، وليس كتخفيف للضرر، وكإنقاذ وقت الأمطار»، وضرب مثلا بالقول: «كأن يكون المواطن لديه غرفة أو غرفتان ينزل فيها المطر نوفر لهم ذلك، وفي السنواتِ السابقة كنّا نعمل أكثر من ذلك إذا تهدم منزل ننقل الساكنين ونستأجر لهم أماكن مؤقتة، أما حاليا فلم يتم إبلاغنا بشيء الصراحة، وإنما رفعنا بالطرابيل وهناك تنسيق بين الهيئة العامة للزكاة، وهيئة الحفاظ على المدن التاريخية وذلك كون المدينة ذات خصوصية تاريخية ومعمارية وغيرها، واختصاصاتنا إسعافية بالدرجة الأساسية».
واستطرد: «وفي حال بعض البيوت المتضررة جدا نقوم بنقل سكانها إلى فنادق، وأيضا هناك عمليات ترميم في حال وصلت إلينا أوراق، أو مواطن ينزل الفريق لعنده ويصور المنزل المنهار والأضرار التي لحقت به ونرفع للإدارة في أمانة العاصمة وعلى طول أول شيء يحولوا له طرابيل، بحسب الحالة».
وأشار الشامي إلى أن بعض الحالات تكون بحاجة لمبلغ إسعافي يتحركون من خلاله، وقال: «خلال مجيئنا إلى صنعاء القديمة وجدنا منزلا في طريقنا متهدما وأول شيء قامت به الإدارة أنها حولت للأسرة المتضررة مبلغا إسعافيا، وبعض الحالات تكون بحاجة لمبلغ صغير يرممون به السطح وهنا يتم القضاء على الإشكالية».
نصرف طرابيل!
فيما تحدث فضل جابر، نائب متابع الحي الأخير بصنعاء القديمة، بالقول إن دورهم يقتصر على صرف طرابيل عبر الجهات المختصة، وأثناء تصريحه قاطعه أحد المواطنين بأنه لم يحصل على طربال، فأوضح جابر: «إن صرف الطرابيل يتم على دُفع، وأما دورهم فهو رفع الأضرار للجهات المختصة بإيجاد حلول لإصلاح السقوف».
بعد الجولة الاستطلاعية لصحيفة «لا» في أزقة صنعاء القديمة ونزولها إلى حارة شُكر، نؤكد على أن المدينة التاريخية والتحفة الفنية والحضارية تستحق اهتماما كبيرا من الجهات ذات العلاقة بحمايتها والحفاظ عليها، كونها أقدم مدينة في التاريخ تم تأسيسها، ومساعدة وإنقاذ سكانها واجب وطني، نظرا لخصوصية المدينة وأهميتها وليس مجرد طرابيل تحمي سقوفها الآيلة للسقوط..!
المصدر بشرى الغيلي/ لا ميديا