لستم وحدكم أيها الفلسطينيون، تلك هي الصرخة المدوية التي أعلنتها صنعاء منذ اليوم الأول للعدوان الهمجي الصهيوني على قطاع غزة، مثلما هي كذلك من قبل ومن بعد. وها هي صنعاء تحتضن المؤتمر العلمي الدولي الثالث «فلسطين قضية الأمة المركزية»، ويستقبل مطارها المحاصر نخبة من الناشطين والوفود وأحرار العالم المتضامنين مع غزة والمناصرين لمظلومية الشعب الفلسطيني من مختلف بلدان العالم، والذين قدموا إلى عاصمة الإباء والسند والمدد يصنعون مع اليمنيين مشهدا للحرية في الوقت الذي لا يفتأ العدو الأمريكي الصهيوني يشن غاراته العدوانية أملا منه في إسكات الشعب اليمني عن نصرة فلسطين.
بمشاركة محلية وعربية وإسلامية ودولية واسعة، تحت شعار «لستم وحدكم»، انطلقت، أمس، في العاصمة صنعاء، أعمال المؤتمر العلمي الدولي الثالث «فلسطين قضية الأمة المركزية»، والذي تستضيفه صنعاء على مدى ثلاثة أيام، بالتزامن مع ذكرى يوم القدس العالمي.
وعلى الرغم من الحصار المفروض على مطار صنعاء من قبل دول العدوان، إلا أن وفودا عربية ودولية أصرت على المشاركة في المؤتمر تقدمهم رئيس الوزراء العراقي الأسبق عادل عبدالمهدي، ووزير خارجية بوليفيا السابق جاكسن هيريغن، والبرلماني في جنوب إفريقيا زيولفين مانديلا، حفيد الزعيم نيلسون مانديلا، وعضو البرلمان الأوروبي السابق ميك والاس وكلير، وعضو المجلس المحلي المنتخب في أمريكا كريستوف هلالي، وكذا رئيس شبكة RT بمكتب لبنان ستيفن سيوني، والناشط الإعلامي والمخرج التلفزيوني بجمهورية مصر ممدوح علوان عطية، ورئيس مركز دراسات البحر الأبيض بجامعة شانغهاي الصينية ماو شياولين، والمحلل الجيوسياسي البرازيلي ديب سكوبار، والناشطة الإعلامية والمحللة الجيوسياسية اللبنانية الدكتورة سندس الأسعد، ورئيس مركز دراسات القدس في ماليزيا أمينو رشيدي، وآخرون.
وفي الجلسة الافتتاحية للمؤتمر، بحضور عضو المجلس السياسي الأعلى عبدالعزيز بن حبتور، ونائب رئيس الوزراء محمد مفتاح، وعدد من أعضاء مجالس الوزراء والنواب والشورى، وقيادات سياسية ومجتمعية، بالإضافة إلى ممثلي حركات المقاومة الفلسطينية في صنعاء، أكد نائب رئيس اللجنة التحضيرية أحمد العرامي أن المؤتمر الدولي الثالث يقدم اليمن بهويته الإيمانية الصحيحة في ظل قيادة إيمانية قرآنية بعيدا عن التبعية الأمريكية، مشيرا إلى أن معركة طوفان الأقصى أعادت القضية الفلسطينية إلى بعدها الإنساني.

اليمن النموذج الحي للأمة
وفي كلمته التي ألقاها نيابة عن حركات المقاومة الفلسطينية، شدد معاذ أبو شمالة ممثل حركة حماس في اليمن على أحقية المقاومة المشروعة في الدفاع عن نفسها وشعبها وأن العدوان على غزة وتجويع أهلها لن يثني الشعب الفلسطيني والتفافه حول المقاومة باعتباره الخيار الناجح في مقاومة العدو.
وختم أبو شمالة كلمته قائلًا: «إنّ اليمن هو النموذج الحي للأمة، وموقفه في ظل العدوان الأميركي عليه رسالة قوية بأنّ الأمة قادرة على النهوض بمسؤوليتها».

اليمن أثبت أن زمن استفراد العدو بفلسطين قد ولى
بدوره، حيا رئيس الوزراء العراقي الأسبق عادل عبدالمهدي، دور اليمن العزيز في معركة فلسطين وخصوصا دور سماحة سيد الجهاد والمقاومة السيد عبدالملك بدر الدين الحوثي وإدارته للمعركة في مختلف المجالات، مشيرا إلى أن اليمنيين طوروا من أساليب عملياتهم وحصارهم للعدو الإسرائيلي بصورة غير مسبوقة في تاريخ الصراع.
وأكد عبدالمهدي أنه لا حل للتسويات السياسية بل فيما قام به طوفان الأقصى ومعارك تحرير غزة ومعارك جبهات الإسناد قاطبة وخصوصا جبهة اليمن، مشيرا إلى أن اليمن أثبت أن زمن استفراد العدو بفلسطين قد ولى، وأن عصر الاستفراد بأهلنا في غزة انتهى وبدأ عصر جديد ومقاومة جديدة نقلت المعركة إلى قلب الكيان الغاصب.
وأوضح أن مجيء الأساطيل الأمريكية والبريطانية لم يكن له أن يغير من مسار المعركة ولا أن يكسر الحصار الذي فرضه اليمن على كيان العدو، لافتا إلى أن اليمن رغم الحصار ورغم العمليات الحربية ضده، إلا أنه صامد يصعد كلما صعد العدو، ويطور أساليبه في المواجهة، أما العدو فيستهلك مخزوناته التي راكمها خلال السنوات الماضية.

الحرية لفلسطين من البحر إلى النهر
وألقى البرلماني في جنوب إفريقيا زيولفين مانديلا حفيد الزعيم نيلسون مانديلا، كلمة استهلها بالهتاف بالحرية لفلسطين من البحر إلى النهر، معربا عن الشكر والتقدير لمنظمي المؤتمر.
وقال زيولفين مانديلا: «إنه لشرف لي أن أكون في صنعاء، وأن أعرف معنى الإيمان الصحيح والقدرة التي لا تتوانى، نفتخر بأهل اليمن وأن نكون ضمن المشاركين في هذا المؤتمر الذي يجمعنا من أنحاء العالم».
وأشار إلى أن من واجب أحرار العالم هو الحرب الإعلامية للأعداء وبناء تضامن دولي قوي وحشد الدعم لفلسطين، مؤكدا أنه لا تهديد ولا تخويف سيجبر جنوب أفريقيا على سحب دعواها ضد كيان العدو الصهيوني في محكمة الجنايات الدولية.
من جانبه، دعا عضو المجلس المحلي المنتخب في أمريكا، كريستوف هلالي، إلى الاتحاد في مواجهة الحركة الصهيونية العالمية، ونادى بالحرية لفلسطين واليمن، مؤكدا أن اليمن وفلسطين في قلب واحد ويمكن بالكفاح الشامل هزيمة العدو الإسرائيلي.

اليمن يواجه الإمبريالية العالمية
بدوره، قال النائب الإيرلندي ميك والاس وكلير، إن ما نراه اليوم في غزة وحشية مفرطة صهيونية استعمارية وإمبريالية، مضيفا أن الكيان الصهيوني لا يفهم إلا لغة القوة.
وأشار النائب الإيرلندي إلى أن الاستعمارية الغربية لم تذهب فلازالت وتجسدها «إسرائيل»، مضيفا أنهم يبررون جرائمهم بمواجهة ما يسمونها البربرية والتحضر.
وتساءل هل من يرتكب المجازر في غزة متحضرون، هل أمريكا والأوروبيون متحضرون وهم يرون المجازر في غزة، معتبرا أنهم عندما يرون المجازر ويصمتون فإنهم غير متحضرين.
ورأى أن اليمن يواجه الإمبريالية العالمية، وأضاف: لأنكم (اليمن) واجهتم الإمبريالية الغربية وصفوكم بأنكم إرهابيون، معتبرا أن الإمبريالية هي مصدر الإرهاب، وأن أكثر من 90% من الإرهاب في العالم اليوم تنفذه القوى الاستعمارية الغربية وعملاؤها، ولفت إلى أن الأوروبيين بدأوا يعرفون أكاذيب الإمبريالية الاستعمارية الغربية.
وقال النائب الإيرلندي: اليمنيون قاموا في عمليات إسناد غزة بموقف مبهر ولعدة سنوات وقف اليمن ضد الإمبريالية، مضيفا أن على العالم أن يتعلم من اليمنيين الذين يقفوا أمام مجازر الإبادة الجماعية، مؤكدا أن فلسطين ستصبح حرة واليمن ستصبح حرة.
من جانبه قال الصحفي المحلل الجيوسياسي البرازيلي، ديب سكوبار إن الشعب اليمني جسد البطولة في الدفاع عن غزة وهذا نابع من أصالتهم ومبادئهم الحية.
وأضاف سكوبار: سنقف بكل ما في وسعنا لنصرة الشعب الفلسطيني.
وألقى الناشط الإعلامي والمخرج التلفزيوني بجمهورية مصر العربية ممدوح علوان عطية، قصيدة شعرية أشاد بصمود أهل غزة، وكيف عرت داعمي كيان العدو، وفي المقابل كيف كشفت مواقف المخلصين من الأمة الثابتين مع الحق الفلسطيني.
الناشطة الإعلامية اللبنانية سندس الأسعد بدورها أكدت أن المشاركين في المؤتمر جاؤوا «محملين بكل معاني الإباء والصمود وهيهات لنا أن نهنأ بالعيش وشعب فلسطين يذبحون في غزة والضفة».

كلمة المؤتمر
وفي ختام الجلسة الافتتاحية ألقى عضو المجلس السياسي الأعلى عبدالعزيز بن حبتور، رئيس المؤتمر، كلمة أكد فيها أن قضية فلسطين قضية كل أحرار العالم وقد جاء هؤلاء الأحرار إلى صنعاء ليشاركوا الباحثين في هذه التظاهرة العلمية الكبيرة.
وقال بن حبتور: نحن في العام العاشر من العدوان والحصار واستطاع شعبنا أن ينهض ليسجل الانتصارات المتتالية ورفع اسم اليمن عاليا.
وأوضح أن اليمن تساهم بشكل مباشر في الدفاع عن أبناء غزة في ظل استمرار جرائم العدو، مشددا على أن محور القدس والجهاد ثابت على موقفه ولن يكون المجاهد الفلسطيني بمفرده كما أكد قائد الثورة السيد عبدالملك بدر الدين الحوثي.
الجدير ذكره أن المؤتمر الذي يستمر حتى الخامس والعشرين من شهر رمضان على مدى ثلاثة أيام سيناقش 173 بحثاً وورقة عمل تم قبولها من أصل 272 بحثاً وورقة عمل تم التقدم بها لمشاركين وباحثين وناشطين من اليمن وفلسطين ولبنان وتونس وليبيا ومصر والهند وماليزيا، بالإضافة إلى عدد من المشاركين والناشطين من عدة دول أجنبية.