تقرير / لا ميديا -
في غزة، أكثر من 62 ألف شهيد ومفقود و117 ألف جريح، وأمة تراقب من خلف الشاشات بصمت مُخزٍ. قصف لا يهدأ، وجوع يسحق، وأسرى ينهشهم المرض خلف قضبان القهر. في فلسطين، كل حجر يحكي قصة خيانة عربية ودولية، وكل طفل يحفر بدمائه سطراً إضافياً في ملحمة الكرامة.
مع استمرار عدوان الإبادة الصهيوني على قطاع غزة، أعلنت وزارة الصحة في القطاع أن الساعات الأربع والعشرين الماضية فقط شهدت ارتقاء 71 شهيداً واصابة 153 جريحاً جديداً، وهذه هي الأرقام التي وصلت للمستشفيات فقط، لترتفع حصيلة الإبادة الجماعية التي بدأها العدو الصهيوني منذ السابع من تشرين الأول/ أكتوبر 2023 إلى أكثر من 52,314 شهيداً، وأكثر من 10 آلاف مفقود، ونحو 117,792 جريحاً.
هذه الأرقام المفزعة ليست مجرد إحصائيات، بل هي قصص حياة سُرقت بلا رحمة، أحلام أطفال توقفت، وأسر كاملة طُمست تحت الأنقاض.

غزة تموت جوعاً وعطشاً
لم يعد قطاع غزة مجرد منطقة منكوبة، بل تحول إلى معسكر موت جماعي بفعل الحصار الصهيوني القاتل. القصف المتواصل دمّر معظم الأحياء السكنية، وأوقف عمل المخابز بسبب نفاد الدقيق، لتصبح الحياة اليومية معركة بقاء في وجه الجوع والعطش.
برنامج الغذاء العالمي حذّر، في بيان مرعب، من مجاعة حتمية تهدد مليوني فلسطيني، بينما يغلق العدو الصهيوني كل أبواب الأمل ويمنع تدفق المساعدات. مئات الآلاف من المدنيين ينامون على أنقاض بيوتهم المهدمة، بلا طعام، بلا ماء، بلا مأوى... والعالم ينظر بصمت شريك في الجريمة.

إعلام العدو يعترف بمصرع ضابط وجندي
في مقابل الحقد الصهيوني الشامل، تصمد المقاومة الفلسطينية، وتكبد الاحتلال الخسائر المتتالية، إذ أعلنت كتائب القسام - الجناح العسكري لحركة حماس استهداف دبابة «ميركافا-4» شرق حي الشجاعية بقذيفة مضادة للدروع، وتفجير عبوات ناسفة أوقعت قتلى وجرحى في صفوف جنود الاحتلال. كذلك استهدفت سرايا القدس مواقع حوّلها العدو الصهيوني إلى ثكنات عسكرية داخل الأحياء السكنية.
وفي هذا السياق، أعلن العدو الصهيوني عن مقتل ضابط وجندي في معارك حي الشجاعية، فيما تدور معارك شرسة في حي التفاح.

«إسرائيل» تفضل الدم على الهدنة
في المستجدات السياسية، رفض العدو الصهيوني مقترح حركة المقاومة حماس بالتوصل إلى هدنة مدتها خمس سنوات، تشمل إطلاق سراح الأسرى ورفع الحصار وإعادة الإعمار.
ورغم أن المقترح الذي حمله وفد حماس إلى القاهرة تضمن ضمانات دولية ومن وسطاء عرب وأتراك، إلا أن العدو أصرّ عبر «مصدر سياسي رفيع» تحدث الى وسائل إعلام عبرية على المضي قدماً في العدوان، بذريعة أن الهدنة ستمنح المقاومة وقتاً لإعادة بناء قدراتها.
وتضمن مقترح حماس هدنة لمدة خمس سنوات، يتم خلالها رفع كل القيود على عملية إعادة الإعمار. كما يشمل ضمانات تتعلق بعدم استخدام سلاح المقاومة خلال فترة الهدنة طالما التزمت «إسرائيل» بالاتفاق، مع وقف عملية إعادة تأهيل البنية العسكرية في المناطق الحدودية، بما في ذلك الأنفاق الهجومية.
وبرفضه المقترح، كشف الكيان الصهيوني عن وجهه الحقيقي: مشروعه ليس حماية أمنه كما يزعم، بل الإبادة والتهجير وتفريغ الأرض من سكانها الأصليين، في استكمال فجّ لسياسة استعمارية لا تزال تجد غطاءً دولياً مخزياً.
وفي مشهد إضافي من مشاهد الإجرام الصهيوني، اعترفت حكومة الاحتلال بأنها تسعى لتهجير الفلسطينيين من غزة، مستندة إلى خطط أميركية فاشلة ومراهنة على معاناة المدنيين لدفعهم إلى مغادرة وطنهم قسراً. لكن غزة، ورغم جراحها الغائرة، ترفض الانكسار، وتقاوم حتى أنفاسها الأخيرة.

جريمة صامتة خلف قضبان الاحتلال
في سجون العدو الصهيوني، تُكتب مأساة أخرى بعيداً عن عدسات الكاميرا. أكثر من 9900 مختطف فلسطيني يعيشون ظروفاً صحية كارثية، بفعل سياسة متعمدة لنشر الأمراض داخل الزنازين.
بحسب نادي الأسير الفلسطيني، نقلت إدارة سجون الاحتلال عمداً مختطفين مصابين بأمراض معدية، مثل مرض الجرب، من سجن إلى آخر، ما تسبب في انتشار الوباء بين آلاف الأسرى.
الشهادات المروعة للمختطفين تتحدث عن أجساد تنهار تحت وطأة المرض والجوع: دمامل نازفة، حكة مستمرة تحرمهم النوم، تعفن أعضاء الجسد، وفقدان القدرة على الحركة... بينما تواصل إدارة السجون حرمانهم من الرعاية الطبية والملابس النظيفة، وتغلق عليهم الزنازين وسط اكتظاظ لا إنساني.