ما هي الدفاعات الجوية التي يمتلكها «الحوثيون» في اليمن فعليا؟!
- تم النشر بواسطة ترجمة خاصة:أقلام مانع / لا ميديا

جوزيف تريفيثيك - The war zone
ترجمة خاصة:أقلام عبدالملك مانع / لا ميديا -
تشير خسارة ما يقارب 20 طائرة من طراز (MQ-9 Reapers)، والاستخدام المتزايد للذخائر بعيدة المدى، ونشر قاذفات (B-2)، إلى أن الدفاعات الجوية للحوثيين تشكل مشكلة حقيقية.
أثبت مسلحو الحوثيين في اليمن امتلاكهم ترسانة دفاع جوي تُشكل تهديدات حقيقية، كما يتضح من العدد المتزايد لعمليات إسقاط طائرات أمريكية بدون طيار من طراز (MQ-9 Reaper).
ومع ذلك، لا تزال العديد من التفاصيل حول حجم ونطاق قدرات الدفاع الجوي للحوثيين غامضة.
كما يشير استخدام الجيش الأمريكي لمجموعة متزايدة من الذخائر بعيدة المدى التي تُطلق من الجو ضد أهداف في اليمن، بالإضافة إلى استخدام قاذفات الشبح (B-2)، إلى أن الخطر الذي تتعرض له الطائرات أعلى مما هو مُقدّر على نطاق واسع. فما هي قدرات الدفاع الجوي للحوثيين في الواقع؟
إنه سؤال واضح مع إجابة غامضة في أفضل الأحوال؛ ولكن إليكم ما نعرفه.
ترسانة صواريخ «أرض-جو» الحوثية وخسائر طائرة (إم كيو- 9)
تتزايد التساؤلات حول المدى الكامل لقدرات الدفاع الجوي الحوثية منذ أشهر، بعد أن تمكن المسلحون اليمنيون من إسقاط عدد مثير للقلق من الطائرات بدون طيار الأمريكية من طراز (MQ-9 Reaper).
صرح مسؤول دفاعي أمريكي لـ(TWZ) أن مسلحين يمنيين أسقطوا، أو يُشتبه في أنهم أسقطوا، ست طائرات (MQ-9) منذ 15 مارس. وذكرت قناة «فوكس نيوز» أن مسؤولين أمريكيين أقروا بفقدان طائرة «ريبر» أخرى، وهي السابعة منذ بداية الشهر الماضي. وفي مارس الماضي، صرّح مسؤول دفاعي أمريكي لم يكشف هويته لصحيفة «ستارز آند سترايبس» أن الحوثيين أسقطوا 12 طائرة «ريبر» منذ أكتوبر 2023.
زعم الحوثيون أنفسهم تدمير ما لا يقل عن 22 طائرة «ريبر» منذ أكتوبر 2023؛ ولكن لا يمكن التحقق من ذلك بسهولة من مصدر مستقل. ولا يشمل هذا العدد الطائرات المسيّرة التابعة للولايات المتحدة ودول أخرى التي أسقطها الحوثيون قبل أكتوبر 2023.
نفى الجيش الأمريكي مزاعم الحوثيين بشأن إسقاط طائرات (MQ-9) سابقاً، مع إقراره بعدد غير محدد من الخسائر. من المحتمل أيضاً أن يكون عدد من طائرات «ريبر» قد سقط في اليمن ومحيطه خلال الأشهر الأخيرة بسبب حوادث، وهي ليست نادرة الحدوث بالنسبة لهذا النوع؛ لكن هذا لا يُفسر الجزء الأكبر من الخسائر. كما أن الجهة المسؤولة عن طائرات (MQ-9) المفقودة غير واضحة؛ إذ إن سلاح الجو الأمريكي وسلاح مشاة البحرية الأمريكي هما المشغلان الحاليان لهذه الطائرات المسيّرة.
تأتي خسائر طائرات (MQ-9) في ظل هجوم جوي متجدد وموسع ضد أهداف الحوثيين في اليمن، أطلقته إدارة الرئيس دونالد ترامب في مارس. ويشارك الجيش الأمريكي بنشاط ضد المسلحين المدعومين من إيران منذ أكتوبر 2023. وفي ذلك الشهر، شن المسلحون اليمنيون حملة ضد حركة الملاحة البحرية في البحر الأحمر وما حوله، بالإضافة إلى هجمات على «إسرائيل»، رداً ظاهرياً على تدخلها في قطاع غزة. وجاءت العمليات «الإسرائيلية»، بدورها، في أعقاب هجمات إرهابية واسعة النطاق انطلقت من غزة في 7 أكتوبر 2023.
تجدر الإشارة هنا أيضاً إلى أن الحوثيين يتفاخرون باستمرار بأن الجزء الأكبر من ترسانتهم الصاروخية، إلى جانب طائراتهم المسيّرة، مُطوّر ومُنتج محلياً. لا جدال في تورط إيران؛ لكن المسلحين اليمنيين قادرون، إلى حد ما على الأقل، على تطوير وإنتاج و/ أو تجميع الصواريخ وأنظمة الأسلحة الأخرى داخل البلاد.
وقال مسؤول دفاعي أمريكي كبير لـ(TWZ) ووسائل إعلام أخرى في وقت سابق من هذا العام عن الحوثيين: «لقد فوجئنا في بعض الأحيان ببعض الأشياء التي نراهم يفعلونها، وهذا يجعلنا نخدش رؤوسنا قليلاً»، مضيفاً أن الجماعة «ليست متقدمة تكنولوجياً بشكل كبير، لكننا نعتقد أنهم مبتكرون جداً. هناك الكثير مما لا نعرفه عن الحوثيين في الوقت الحالي».
صواريخ أرض-جو من إيران
ومن بين أحدث الصواريخ أرض- جو وأكثرها قدرة، والتي يُعتقد أن الحوثيين يستخدمونها حالياً، هي صواريخ «برق- 1» و«برق- 2»، والتي تم الإعلان عنها في سبتمبر 2023.
يزعم المسلحون اليمنيون أن أقصى مدى لصاروخي «برق-1» و«برق- 2» يبلغ حوالى 50 كيلومتراً (31 ميلاً) و70 كيلومتراً (43.5 ميلاً)، ويمكنهما إصابة أهداف على ارتفاعات تصل إلى 15 كيلومتراً (49,212 قدماً) و20 كيلومتراً (65,616 قدماً) على التوالي. ولا يبدو أن هناك أي تأكيد مستقل لهذه الأرقام.
يعتقد الخبراء والمراقبون عموماً أن صاروخي «برق- 1» و«برق- 2» مبنيان على الأقل على سلسلة صواريخ «تاير» الإيرانية أرض- جو متوسطة المدى الموجهة بالرادار. وتتأثر صواريخ سلسلة «تاير» نفسها كثيراً بصواريخ الاعتراض الروسية الصنع من الحقبة السوفييتية وما بعدها، والمخصصة لأنظمة الدفاع الجوي (2K12 Kub» (SA-6 Gainful) و«9K37 Buk» (SA-11 Gadfly)، إن لم تكن نسخاً مباشرة أو استنساخاً لها.
ليس من الواضح تماماً كيف يستخدم الحوثيون صاروخي «برق-1» و«برق- 2»؛ لكن صواريخ «تاير» التي تستخدمها إيران تُطلق من منصات إطلاق عجلات متنوعة، بعضها مزود برادارات مدمجة للتحكم في إطلاق النار. كما ورد أن بعض أنظمة الدفاع الجوي الإيرانية القادرة على إطلاق صواريخ «تاير» مزودة بكاميرات كهروضوئية و/ أو تعمل بالأشعة تحت الحمراء للمساعدة في رصد الأهداف وتحديدها وتتبعها. كما يمكن استخدام الرادارات الخارجية لتحديد الأهداف وتتبعها، والمساعدة في توجيه صواريخ «تاير» إليها.
في العام 2018، أعلنت السلطات الأمريكية والسعودية أيضاً اعتراض مكونات صواريخ أرض- جو إيرانية من طراز «صياد-٢ سي» في طريقها إلى اليمن. ومع ذلك، لا يوجد حتى الآن دليل واضح على وجود هذه الصواريخ في خدمة الحوثيين.
وفي حين شهدنا اعتراض السعوديين لصاروخ «صياد- 2» في طريقه إلى اليمن، ومعروف أن «صياد-2» في الخدمة لدى جهات غير حكومية موالية لإيران (حزب الله اللبناني)، لم نرَ أي دليل على استخدامه بنشاط من قبل الحوثيين. وهذا يتناقض مع صواريخ سلسلة «تاير»، حسبما صرح فابين هينز، الباحث في تحليل الدفاع والعسكر في المعهد الدولي للدراسات الاستراتيجية (IISS) في المملكة المتحدة، لـ(TWZ). وأضاف: «ليس من الواضح ما إذا كان الحوثيون يشغّلون صياد-2 ولم يظهر ببساطة، أو ما إذا كان الإيرانيون قد غيّروا خططهم».
نشر مسؤولون سعوديون سابقاً ما قالوا إنها صور لمنصة إطلاق محتملة مثبتة على شاحنة لصاروخ «صياد-2C»؛ لكن يبدو أنها أظهرت منصةً لإطلاق صواريخ «بدر- 1». يُوصف «بدر- 1» بأنه صاروخ مدفعية ثقيلة أو صاروخ باليستي قصير المدى (CRBM). تُعرّف الصواريخ الباليستية قصيرة المدى بأنها مجموعة فرعية من الصواريخ الباليستية قصيرة المدى (SRBM) بمدى يقل عن 186 ميلاً (300 كيلومتر).
يشتق صاروخ «صياد- 2» الأساسي، جزئياً على الأقل، من صواريخ (RIM -66) القياسية الأمريكية شبه النشطة الموجهة بالرادار، والتي زُوّدت بها إيران في عهد الشاه. وقد قدّرت مجلة «ذا لونغ وور جورنال»، التابعة لمؤسسة الدفاع عن الديمقراطيات (FDD) في واشنطن العاصمة، سابقاً أن مدى الصاروخ يتراوح بين 80 و150 كيلومتراً، وأنّه قادر على الوصول إلى أهداف على ارتفاعات تتراوح بين 20,000 و30,000 قدم. ولا يزال من غير الواضح كيف يختلف الطراز (2C) عن الإصدار الأصلي.
في الخدمة الإيرانية، تُستخدم صواريخ «صياد- 2» اعتماداً على مجموعة مماثلة من منصات الإطلاق ذات العجلات، بالإضافة إلى رادارات وأجهزة استشعار أخرى، مثل عائلة «تاير». ويُقال إن بعض أنظمة الدفاع الجوي الإيرانية، مثل نظام «سيفوم خرداد» (الخرداد الثالث)، قادرة على إطلاق كلا النوعين. ويُذكر أن نظام «سيفوم خرداد» هو النظام الذي قالت إيران إنها استخدمته لإسقاط طائرة استطلاع بحرية أمريكية من طراز (RQ-4A BAMS-D) تابعة للبحرية الأمريكية كانت تُحلق فوق خليج عُمان عام 2019.
بالإضافة إلى ذلك، زعم الحوثيون سابقاً تطوير صاروخ أرض- جو مشتق من صاروخ «بدر- 1P»، وهو نسخة دقيقة التوجيه من صاروخ «بدر- 1» المذكور. أما التفاصيل الأخرى حول هذا السلاح، المعروف أحياناً باسم «المراج»، فهي شحيحة.
وقال هينز لـ(TWZ): «يشبه صاروخ ميراج إلى حد كبير العديد من صواريخ أرض- أرض الموجهة بدقة والأقصر مدى التي يمتلكها الحوثيون»؛ لكن «لا يزال من غير الواضح ما إذا كان النظام يعمل، وإذا كان الأمر كذلك، فما مدى فاعليته؟».
عادةً، لا تُصمَّم صواريخ المدفعية والصواريخ الباليستية مع مراعاة أنواع المناورة اللازمة لسلاح مضاد للطائرات فعال. كما أن من غير المعروف ما إذا كان صاروخ «معراج» سيستخدم نظام توجيه ومكونات أخرى من صواريخ أرض- جو إيرانية الصنع.
وأضاف هينز أن «المراج/ الميراج قد يمثل جهداً لتوسيع نموذج الانتشار النووي الإيراني، وتمكين إنتاج الصواريخ محلياً، مع استكماله بمكونات توجيه من مصادر خارجية، من مجال أرض- أرض إلى مجال أرض- جو».
وكانت لجنة خبراء تابعة للأمم المتحدة قد قيمت في وقت سابق الصاروخ «بدر- 1» غير الموجه باعتباره سلاحاً محلي الصنع، مصنوعاً «من أنابيب فولاذية من المرجح جداً أن يكون مصدرها صناعة النفط».
من بين قدرات الدفاع الجوي المعروفة للحوثيين، وإحدى القدرات القليلة التي أكد مسؤولون أمريكيون استخدامها في القتال النشط، تصميمٌ غريبٌ من إنتاج إيران حظي بأكبر قدر من التدقيق العام. يُعرف هذا الصاروخ أرض- جو عادةً باسم (358)، ويُطلق عليه أحياناً اسم (SA-67)، ويعمل بمحرك نفاث توربيني صغير، ويُوصف عادةً بأنه تصميم «متسكع»، رغم أن قدراته الدقيقة لا تزال غير واضحة. تستخدم صواريخ أرض- جو التقليدية محركات صاروخية تعمل بالوقود الصلب للدفع.
ظهرت أسلحة (358)، التي يطلق عليها المسلحون اليمنيون أيضاً اسم «صقر- 1»، لأول مرة للعلن بعد أن صادرت البحرية الأمريكية مكونات الأسلحة بعد الصعود إلى سفينة صغيرة متجهة إلى اليمن في بحر العرب في العام 2019. والآن، تم تأكيد أنها في الخدمة لدى الحوثيين. كما تم استرداد أسلحة (358) من وكلاء مدعومين من إيران في العراق ولبنان.
يبلغ طول الصاروخ (358) حوالى تسعة أقدام ويحتوي على ثلاث مجموعات من الزعانف للمناورة والاستقرار أثناء الطيران، واحدة في نهاية الأنف، وواحدة في نهاية الذيل، وواحدة على طول منتصف الجسم الأسطواني للصاروخ.
ويتشارك التصميم في مكونات مختلفة، بما في ذلك حزمة توجيه نظام الملاحة بالقصور الذاتي بمساعدة الملاحة عبر الأقمار الصناعية، وجيروسكوب عمودي، ووحدة بيانات جوية، مع أنواع متعددة من الطائرات بدون طيار الانتحارية الموجودة في المخزونات الإيرانية والحوثية.
ذكرت صحيفة «نيويورك تايمز» عام 2020، نقلاً عن مسؤولين عسكريين أمريكيين لم تُسمّهم، أن «السلاح يطير على شكل رقم ثمانية ويبحث عن الأهداف». وأضافت: «يُعتقد أن اثنتي عشرة عدسة تعمل بالأشعة تحت الحمراء، مُرتبة في حلقة حول الصاروخ، قادرة على إبطال أنظمة البحث الحراري المضادة التي تستخدمها مروحيات التحالف عادةً».
وكما كتب (TWZ) لاحقاً عن هذا السلاح المضاد للطائرات غير المعتاد: «مع ذلك، ليس من الواضح فوراً كيف توصلت مصادر صحيفة «نيويورك تايمز» إلى هذا الاستنتاج، أو كيف سيتغلب هذا النظام على التدابير المضادة. إذا كان صفّا المستشعرات زائدين عن الحاجة، لكنهما يعملان على أطوال موجية مختلفة، فقد يُساعد ذلك في تقليل تأثير نوع من التدابير المضادة على آخر. من الممكن أيضاً أن يكون أحد الصفين مكوناً من مستشعرات الأشعة تحت الحمراء كجزء من أنظمة التوجيه، والآخر عبارة عن مستشعرات صمامات تقارب ليزرية، مثل تلك الموجودة في العديد من صواريخ سام التقليدية وصواريخ جو- جو. ومن الاحتمالات الأخرى أن تعمل مصفوفة «الطوق»، أو على الأقل صف واحد من هذه المستشعرات، على اكتشاف هدف محتمل في البداية، ثم تُوجّه المستشعر الرئيسي في مقدمة الصاروخ نحو هذا الهدف لتمييزه وتنفيذ هجوم إذا لزم الأمر».
من المحتمل جداً، بالطبع، وجود إصدارات متعددة من الصاروخ (358) الآن، بما في ذلك إصدارات تستخدم نظام توجيه سلبي و/ أو قادرة على استقبال تحديثات من أجهزة استشعار خارجية. على الأقل، يوجد نموذج معروف واحد، كما هو موضح أعلاه، مزود بهوائي بارز بشكل خاص في الخلف، ما قد يوفر مستوى أساسياً من التحكم شبه الذاتي.
إجمالاً، لا تزال جدوى هذا المفهوم موضع تساؤل. فسرعة الصاروخ المنخفضة تعني أنه غير مفيد في مواجهة الطائرات المقاتلة سريعة الحركة في العديد من السيناريوهات، وهو أكثر ملاءمةً لاعتراض الأهداف الأبطأ مثل المروحيات والطائرات المسيّرة.
مع ذلك، فإن المفهوم الأساسي وراء صاروخ (358) مثير للاهتمام للغاية. إذا نجح السلاح كما هو موصوف فيمكن إطلاقه على المناطق الأمامية التي يُعرف أو يُتوقع مرور الطائرات المسيّرة أو المروحيات عبرها، ومطاردتها وضربها دون الحاجة إلى أجهزة استشعار إضافية متطورة خارجية. قد يكون هذا مفيداً بشكل خاص في التصدي للطائرات المسيّرة القادمة، والتي قد يصعب رصدها والتعامل معها باستخدام أنظمة الدفاع الجوي التقليدية.
علاوة على ذلك، ستُشكّل مجموعات صواريخ (358)، التي تُحلّق في مدارات على شكل رقم ثمانية، مخاطر إضافية سيضطر الخصم إلى مواجهتها أو محاولة التخطيط لها، وهو ما قد يُشكّل مشكلةً، نظراً لقدرتها على التحليق إلى مواقع نائية. إذا كانت تكلفة صواريخ (358) منخفضة، فسيكون من الأسهل نشر أعداد كبيرة منها دفعةً واحدة لزيادة احتمالية النجاح ومحاولة تعطيل العمليات الجوية للعدو.
في العام 2023، كشف الحوثيون عن صاروخ «صقر- 2»، الذي يفتقر إلى زعانف الذيل الموجودة في «صقر- 1/358». ولا يُعرف ما الذي يميز «صقر- 2» عن سابقه؛ لكن المراقبين لاحظوا أنه يبدو أقصر قليلاً إجمالاً. قد يسمح تصميم أصغر بقاذفات أكثر إحكاماً، ما يُسهّل التعامل مع الصاروخ.
طورت إيران أيضاً صاروخ (359) أكبر وأكثر قدرة، استناداً إلى الشكل والوظيفة العامة لتصميم (358)، ويُزعم أن مداه الأقصى يبلغ 150 كيلومتراً، وسرعته القصوى 1000 كيلومتر في الساعة، وارتفاعه يصل إلى 30 ألف قدم. ويُقال إنه يمكن استعادة (359)، الذي لم يُعرف بعد ما إذا كان في الخدمة لدى الحوثيين، عبر المظلة وإعادة استخدامه إذا لم ينجح في اعتراضه. ومن المحتمل أن تسمح ميزة استعادة المظلة في (359) باستخدامه في دور ثانوي للمراقبة والاستطلاع أيضاً.
صواريخ جو- جو مُعاد استخدامها
بالإضافة إلى التصاميم التي قدمتها إيران، أعاد الحوثيون استخدام عدد من صواريخ جو- جو، من الحقبة السوفييتية والروسية الصنع، لاستخدامها كأسلحة أرضية مضادة للطائرات. ويشمل ذلك صواريخ (R-73E) و(R-27T) و(R-77)، والتي يُطلق عليها الحوثيون في تكويناتهم الجديدة من صواريخ أرض- جو اسم «ثاقب- 1» و«ثاقب- 2» و«ثاقب- 3» على التوالي. سلّمت روسيا هذه الصواريخ إلى اليمن في أوائل ومنتصف العقد الأول من القرن الحادي والعشرين لتُرافق مقاتلات «ميج-29SMT»، وهو أسطول أصبح غير صالح للعمل بشكل متزايد، إن لم يكن قد دُمر بالكامل، خلال العقد الماضي أو نحو ذلك.
إن صواريخ (R-27T) و(R-73E) كلاهما موجه بالأشعة تحت الحمراء. ويُفهم عموماً أن اكتساب الهدف والتوجيه يتمان عبر أنظمة استشعار الأشعة تحت الحمراء المرتجلة على الأرض. يمكن أيضاً استخدام الرادارات للمساعدة في تحديد الأهداف في البداية على الأقل. ومن المعروف أن أجهزة استشعار الأشعة تحت الحمراء جزء من نظام صواريخ أرض- جو (Gravehawk) غير ذي الصلة المستخدم في أوكرانيا، والذي يستخدم أيضاً صواريخ (R-73) المعاد استخدامها كصواريخ اعتراضية. تمتلك القوات الأوكرانية عدداً من الأنظمة الأخرى في الخدمة تطلق أيضاً صواريخ (R-73) في وضع أرض-جو، بما في ذلك مركبات الدفاع الجوي المعدلة (9K33 Osa SA-8 Gecko)، والتي تحتوي على مجموعة من الرادارات على متنها، بالإضافة إلى تصميم قائم على عربة «همفي» وقوارب بدون طيار مُصممة لمكافحة الطائرات.
عند استخدامه في وضعية سطح- جو، يتمتع صاروخ (R-73) بميزة فورية تتمثل في كونه سلاحاً مزوداً بقدرة اشتباك عالية خارج خط التصويب (HOBS). هذا يعني أنه مزود بباحث مفصلي ذي مجال رؤية أوسع بكثير من التصاميم غير المزودة بـ(HOBS)، ما يساعد على التركيز على أهداف أكثر ديناميكية أثناء تحميله على منصة إطلاق ثابتة على الأرض، بالإضافة إلى الاشتباك معها بعد الإطلاق.
أجهزة البحث في صاروخي (R-27T) و(R-73E) سلبية أيضاً. وبالتالي، سيضطر طاقم أي طائرة بدون أجهزة استشعار كهروضوئية للتحذير من اقتراب الصواريخ إلى الاعتماد على رصد التهديد القادم بصرياً قبل فوات الأوان، وهو أمر سنعود إليه في نهاية هذه القصة.
يبدو أن نسخ صواريخ (R-77) التي يبدو أن الحوثيين حوّلوها إلى صواريخ «ثاقب- 3» أرض- جو هي أنواع نموذجية موجهة بالرادار، وقد تتطلب نوعاً مختلفاً من التوجيه الأولي مقارنةً بنظيراتها القائمة على صواريخ (R-27) و(R-73). وقد شوهدت صواريخ «ثاقب-1 و2» قيد الاستخدام من قبل الحوثيين مُحمّلة على منصات إطلاق مُثبتة على شاحنات؛ ولكن لا يبدو أن هناك أي دليل واضح على دخول «ثاقب- 3» الخدمة الفعلية.
ظهر في الماضي مثال واحد على الأقل لصاروخ جو- جو قديم من طراز (R-60)، ذي استهداف حراري، سوفييتي الصنع، مُحمّل على سكة إطلاق مُثبتة على شاحنة «بيك أب» حوثية. ومن غير الواضح ما إذا كان هذا المزيج، الذي لا يُعرف أنه مُصنّف ضمن فئة «ثاقب»، مُعداً للاستخدام في صواريخ أرض-جو أو أرض- أرض، أو ما إذا كان قد استُخدم عملياً أصلاً.
صواريخ سام «الموروثة» من تصميم الاتحاد السوفييتي
عندما أطاح الحوثيون بالحكومة اليمنية المعترف بها دولياً عام 2014، استولت الجماعة أيضاً على مجموعة متنوعة من أنظمة صواريخ أرض-جو مصممة خصيصاً من الحقبة السوفييتية، بما في ذلك صواريخ (S-75) ثابتة الموقع (وفقاً لمعيار SA-2) وصواريخ (2K12 Kub) مجنزرة (SA-6 Gainful)، وكلاهما موجه بالرادار، وصواريخ «ستريلا» المحمولة (SA-7) الحرارية. وكقاعدة أساسية، يُمثل نظام (2K12/SA-6) تهديداً متحركاً خطيراً للغاية، إذ يتمتع بقدرة على مواجهة الطائرات النفاثة المأهولة التي تحلق على ارتفاعات أعلى.
كما انتقلت إلى أيدي المسلحين اليمنيين أنواع مختلفة من رادارات الدفاع الجوي، بما في ذلك طائرات المراقبة الجوية (P-18) المصممة في الاتحاد السوفييتي، وطائرات المراقبة الجوية واكتساب الأهداف (P-19)، وأنواع تحديد الارتفاع (PRV-13).
الوضع الحالي لهذه الأنظمة الصاروخية أرض-جو «الموروثة» غير واضح. من المعروف أن الحوثيين حوّلوا عدداً من صواريخ (S-75/SA-2) إلى صواريخ باليستية من طرازي «قاهر- 2» و«محيط» لاستخدامها ضد أهداف برية وبحرية، على التوالي.
في العام 2014، كشف الحوثيون أيضاً عن صاروخ أرض-جو أطلقوا عليه اسم «فاطر- 1»، وهو على الأقل نسخة أو مُستنسخ من صاروخ (3M9) السوفييتي المُخصص لنظام (2 K12 cob/ SA6). في العام التالي، نشر المسلحون اليمنيون صورة لصواريخ «فاطر- 1» مُحمّلة على مركبة إطلاق «كوب». كما أن من غير الواضح ما إذا كان مخزون الحوثيين من صواريخ «فاطر- 1» قد تضمن صواريخ (3M9) مُجددة من المخزونات اليمنية الحالية، أو نماذج قدمتها إيران، أو صواريخ تم الحصول عليها من مصادر أخرى.
ليس من الواضح ما إذا كان لدى الحوثيين الآن منصات إضافية لإطلاق صواريخ (3M9/Fater-1). وقد شوهدت هذه الصواريخ تُعرض على شاحنات في السابق؛ ولكن لا يبدو أنها منصات إطلاق فعلية. وقد تسمح أوجه التشابه بين تصميم (3M9/Fater-1) وصواريخ أرض-جو «برق- 1، 2» و«تاير» بمشاركة منصات الإطلاق بين هذه الصواريخ أيضاً.
تقييم التهديد الشامل للدفاع الجوي الحوثي
رغم أن الدفاعات الجوية الحوثية تشكل تهديدات حقيقية واضحة لطائرات (MQ-9)، فإن النطاق الكامل ونطاق قدرة المجموعة على التعامل مع أهداف أكثر قدرة في سماء اليمن وحولها يظل من الصعب تقييمه في كثير من النواحي.
أولاً: قدرة الجماعة على استخدام صواريخ أرض-جو بفاعلية ترتبط ارتباطاً وثيقاً بتوفر أجهزة الاستشعار ذات الصلة. ولا تزال التفاصيل المتعلقة بمخزون الحوثيين في هذا الصدد محدودة. وعلى وجه الخصوص، فإن قدرات الرادارات المتاحة، والتغطية التي توفرها، لها تأثيرات مباشرة على نطاقات الاشتباك لصواريخ أرض-جو التي تعتمد عليها في تحديد الأهداف وتوجيهها. منذ أكتوبر 2023، تستهدف القوات الأمريكية رادارات الحوثيين بنشاط، بما في ذلك الأنواع المستخدمة أيضاً في مراقبة السواحل والعمليات المضادة للسفن، ولا تزال تفعل ذلك.
وكان هناك نقاش في الماضي حول ما إذا كان الحوثيون قد يستفيدون من وسائل بديلة لرصد وتتبع الطائرات المعادية، بما في ذلك أجهزة استشعار الترددات الراديوية السلبية التي قد تكون قادرة على العمل كـ«رادارات افتراضية».
في العام 2018، قالت السلطات السعودية إنها «صادرت أنظمة إلكترونية تصنعها شركة بهين باردازان ريزموجسانت الإيرانية (BP-RMS) - على وجه التحديد: جهاز استجواب مرسل (معروف أيضاً باسم جهاز استقبال الرادار الافتراضي، أو VRR) يجمع بشكل سلبي إشارات مراقبة الحركة الجوية التي تصدرها الطائرات العسكرية والتجارية»، وفقاً للتحليل الذي أجراه معهد واشنطن لسياسة الشرق الأدنى، وهو مركز أبحاث في واشنطن العاصمة.
بالاعتماد على أنظمة البثّ الآلي للمراقبة المعتمدة على الأقمار الصناعية، وخيارات التتبع السلبي الأخرى، يُمكن لأجهزة الرادار المرئي المُزوّدة من إيران أن تُساعد الحوثيين على رصد وفكّ تشفير وعرض الموقع الجغرافي بالتحديد، والارتفاع، وزاوية التدحرج/ المسار، والاتجاه، والسرعة، والجنسية، ورمز النداء لجميع طائرات التحالف ضمن دائرة يزيد نصف قطرها على 250 كيلومتراً. ويُمكن بعد ذلك استخدام هذه المعلومات لاستخلاص حلول استهداف لبطاريات الدفاع الجوي، ما يُتيح لصواريخ سام الحوثية العمل دون الانبعاثات المُنذرة التي تنتجها رادارات المراقبة، وفقاً للتحليل نفسه. بفضل هذه القدرة، قد يتمكن الحوثيون من شن هجمات «منبثقة» خطيرة، حيث يستخدم المشغلون أنظمة سلبية لتتبع هدف ثم إطلاق صاروخ في الاتجاه الصحيح. ولا يُفعّل نظام التوجيه بالأشعة تحت الحمراء أو الرادار للصاروخ إلا عند اقترابه من الهدف. بالإضافة إلى تحسين تكتيك الحوثيين في تحويل صواريخ جو-جو الحرارية إلى صواريخ أرض-جو، يمكن لأنظمة (VRR) التي توفرها إيران أن تساعد المتمردين على إطلاق صواريخ أرض-جو باستخدام صواريخ (SA-6) شبه النشطة الموجهة بالرادار.
قال مايكل نايتس، من معهد واشنطن، لشبكة «سي بي إس نيوز» في تقرير نُشر في سبتمبر الماضي: «اعتمد الحوثيون والإيرانيون على أنظمة كهروضوئية؛ لأنها أنظمة سلبية تماماً. من الصعب رصد هذه الأنظمة؛ لأنها لا تحمل أي بصمة قبل إطلاقها».
وفي تقرير غير سري نُشر في يوليو 2024، أكدت وكالة استخبارات الدفاع الأمريكية (DIA) صراحة أيضاً أن المسلحين اليمنيين «استخدموا صاروخ صقر (-1/358)»، مع باحثات الأشعة تحت الحمراء السلبية «لمهاجمة الطائرات بدون طيار الأمريكية».
وقال بهنام بن طالبلو، وهو زميل بارز في مؤسسة الدفاع عن الديمقراطيات، لـ(TWZ): «لقد كان لصواريخ سام (358) الإيرانية، المعروفة في اليمن باسم سام صقر، تأثير كبير على التهديد الجوي الحوثي، وخاصة ضد الطائرات بدون طيار الأمريكية على مدى العام والنصف الماضيين»، و»من المرجح أن تستمر في لعب دور رئيسي في قدرة الحوثيين على زيادة التكاليف على الولايات المتحدة».
نشرت إيران سابقاً لقطات فيديو، تظهر في مواقع التواصل الاجتماعي، تُظهر ما يبدو أنها طائرات حوثية من طراز (358) تعترض طائرات «بريداتور إكس بي» المسيّرة. الإمارات العربية المتحدة هي المشغل الوحيد المعروف لنسخة «إكس بي» من طائرة «بريداتور»، والتي يمكن تمييزها بسهولة عن الإصدارات الأخرى من الطائرة المسيّرة من خلال أجنحتها.
تجدر الإشارة هنا إلى أن طائرات بدون طيار مثل «بريداتور إكس بي» و«ريبر» صُممت في الأصل للعمليات على ارتفاعات متوسطة (تحلق طائرات إم كيو-9 عادةً على ارتفاع يتراوح بين 25,000 و30,000 قدم، بناءً على معلومات متاحة للعامة) في مجال جوي متساهل، وهي غير مُجهزة عادةً بأجهزة استشعار للتحذير من التهديدات بشكل افتراضي. تتوفر الآن خيارات كبسولات الحماية الذاتية لطائرات «إم كيو- 9»، وهو أمر سنعود إليه لاحقاً؛ ولكن لا توجد مؤشرات حتى الآن إلى استخدامها على طائرات «ريبر» التي تحلق فوق اليمن وحوله، هذا إذا كان الجيش الأمريكي قد حصل عليها أصلاً.
وكانت هناك أيضاً بعض الأدلة في الماضي على أن الحوثيين ضربوا طائرات مقاتلة سعودية وإماراتية بصواريخ (R-73) و/أو (R-27) المجهزة بباحث الأشعة تحت الحمراء السلبي المستخدم في وضع أرض-جو.
إن استخدام الأنظمة المتنقلة، وخاصة تلك التي تتمتع بقدرة إطلاق نار سريعة، سيزيد التهديدات التي تشكلها قدرات الدفاع الجوي الحوثية، بغض النظر عن مجموعة أجهزة الاستشعار التي يستخدمونها لتحديد الأهداف وتوجيهها. كما سيزيد الطلب على معدات مراقبة أكثر ثباتاً مثل (MQ-9) للمساعدة في تحديد مواقعهم وتحديدها، بحيث يمكن استهدافهم و/ أو تجنبهم.
في جلسة استماع عُقدت في مارس، صرّح الفريق جيفري كروس، رئيس وكالة استخبارات الدفاع الأمريكية، لأعضاء لجنة الاستخبارات الدائمة في مجلس النواب الأمريكي، بأن الحوثيين حاولوا استخدام أنظمة صواريخ أرض-جو متنقلة من طراز (2K12 Kub/SA-6 Gadfly) ضد الطائرات الأمريكية. ولم يُقدّم كروس أي تفاصيل عن الصواريخ الاعتراضية المحددة التي تستخدمها هذه الأنظمة، ولم يُفصّلها بشكل أكبر.
يعد نظام (2K12 Kub/SA-6)، وخليفته (9K37 Buk/SA-11)، مثالين بارزين على تهديدات الدفاع الجوي ذاتية الاحتواء، والتي تتفاقم بسبب قدرتها على الظهور فجأةً، وتشغيل راداراتها لفترة وجيزة نسبياً، وإطلاق النار، ثم الفرار، وبالتالي، يصعب جداً العثور عليها واستهدافها، فضلاً عن صعوبة التنبؤ بمواقعها المحتملة لاتخاذ إجراءات مضادة أو التخطيط لتجنبها. وتُشكّل أنظمة الدفاع الجوي المتنقلة التي طورتها إيران لعائلتي صواريخ أرض-جو «طير» و»صياد» تحديات مماثلة.
حتى كتابة هذا التقرير، لا يبدو أن المسؤولين الأمريكيين قد أكدوا صراحةً استخدام الحوثيين لأي أنظمة دفاع جوي أخرى، سواءً نجحت أم لا، ضد القوات الأمريكية. ولم يُسقط الحوثيون حتى الآن أي طائرة عسكرية أمريكية مأهولة.
أعلن المسلحون اليمنيون مؤخراً نيتهم محاولة إتلاف أو تدمير قاذفة شبح أمريكية من طراز (B-2)؛ إلا أن قدرتهم على ذلك موضع شك. مع ذلك، حتى طائرات (B-2) لا تعمل بمفردها، بل تستخدم أنظمة الحرب الإلكترونية الخارجية، ودعم قمع وتدمير الدفاعات الجوية للعدو (SEAD/DEAD) أثناء المهام كلما أمكن.
من المهم أيضاً تذكر أن التخفي لا يعني عدم التعرّض للخطر أو عدم القدرة على الاختراق. وقد برهنت القوات الصربية على ذلك بوضوح بإسقاطها طائرة مقاتلة شبحية من طراز «F-117 نايت هوك» تابعة لسلاح الجو الأمريكي فوق البلاد عام 1999. ومنذ ذلك الحين، تأكد أن القوات الصربية نجحت في إتلاف طائرة (F-117) ثانية خلال الحملة نفسها.
إن مجرد إلحاق الضرر حتى بطائرة عسكرية أمريكية مأهولة غير خفية من شأنه أن يشكل انتصاراً دعائياً كبيراً للمسلحين اليمنيين.
كل هذا يثير المزيد من الأسئلة حول ما إذا كان استخدام الجيش الأمريكي لطائرات (B-2) ومجموعة متزايدة من أنواع الذخائر البعيدة المدى ضد أهداف الحوثيين في اليمن مدفوعاً إلى حد كبير بمخاوف الدفاع الجوي أكثر مما تم الاعتراف به علناً.
تُمثل طائرة (B-2) حالياً المنصة الأكثر قدرة لدى الجيش الأمريكي على اختراق الدفاعات الجوية الكثيفة لتنفيذ ضربات عنيفة في عمق الأراضي المعادية. وكما أوضح موقع (TWZ) سابقاً، فإن النشر المتقدم لست طائرات (B-2) في جزيرة دييغو غارسيا بالمحيط الهندي في مارس، بالإضافة إلى استخدام تلك القاذفات الشبحية في ضرباتٍ على اليمن في أكتوبر 2024، يرتبط ارتباطاً وثيقاً برسالة استراتيجية أوسع نطاقاً تستهدف إيران.
منذ مارس، سُجِّلت زيادة ملحوظة، علناً على الأقل، في استخدام الطائرات التكتيكية الأمريكية غير الشبحية أنواعاً أكثر من الذخائر البعيدة المدى ضد الحوثيين. وشهدت الحملة الحالية أول استخدام معروف لقنبلة (GBU-53/B StormBreaker) الانزلاقية، المعروفة أيضاً باسم القنبلة صغيرة القطر الثانية (SDB II)، في القتال، والتي أُطلقت من طائرات (F/A-18E/F Super Hornets) التابعة للبحرية الأمريكية.
في مارس، بدأت تظهر صور تُظهر طائرات «سوبر هورنت» التابعة للبحرية الأمريكية مُجهزة بصواريخ كروز من طراز (AGM-84H) الهجومية البرية بعيدة المدى ذات الاستجابة الموسعة (SLAM-ER) خلال غارات جوية في اليمن. وكانت البحرية الأمريكية قد كشفت سابقاً عن استخدام قنابل انزلاقية من طراز (AGM-154) سلاح المواجهة المشتركة (JSOW) وصواريخ (AGM-88E) الموجهة المضادة للإشعاع المتطورة (AARGM)، بالإضافة إلى ذخائر الهجوم المباشر المشترك (JDAM) التي لا توفر مدىً بعيداً عن الهدف، ضد الحوثيين.
وقال طالبلو، من مؤسسة الدفاع عن الديمقراطيات، لـ(TWZ): «لقد أظهر الحوثيون للعالم بالفعل أنه حتى أكثر الجهات الفاعلة التي تعاني من نقص السيولة في أحد أفقر أجزاء العالم يمكنها أن تحقق نتائج تفوق قدراتها عندما يكون لديها دولة راعية (إيران) على استعداد لتسييل القدرات العسكرية المتقدمة على مستوى الدولة في أيدي جهة فاعلة غير حكومية»، وأظهروا «قدرة الخصم على التكيف والتعلم في ساحة المعركة».
مستقبل (MQ-9)
بالعودة إلى طائرة (MQ-9)، تُثير الخسائر التي مُنيت بها طائرات الحوثيين منذ أكتوبر 2023 تساؤلات أكبر حول استمرار أهمية طائرة «ريبر»، لاسيما في المعارك المستقبلية عالية المستوى التي تشهد تهديدات جوية أكثر كثافة. يُشغّل سلاح الجو الأمريكي وسلاح مشاة البحرية الأمريكي حالياً حوالى 230 طائرة «ريبر»، وتعود الغالبية العظمى منها إلى سلاح الجو الأمريكي.
في العام 2020، أعلن سلاح الجو الأمريكي فجأةً رغبته في التوقف عن شراء طائرات (MQ-9)، مُشيراً إلى مخاوفه من تزايد نقاط الضعف. كما صرّح سابقاً بأنه قد يُحيل هذه الطائرات إلى التقاعد نهائياً بحلول العام 2035؛ ولكنه استمر في استلام شحنات جديدة في غضون ذلك.
لم يبدأ سلاح مشاة البحرية الأمريكي رحلته ليصبح مُشغّلاً كاملاً لطائرات (MQ-9) إلا في العام 2019، ويخطط حالياً لتشغيل هذا النوع في المستقبل المنظور. ويعمل سلاح مشاة البحرية بثبات على إضافة قدرات جديدة إلى طائرات «ريبر» الخاصة به، بما في ذلك نظام حرب إلكترونية مُدمج لحماية الطائرات المُسيّرة من رادارات العدو. وقد اختبر سلاح الجو الأمريكي النظام نفسه سابقاً على الأقل لاستخدامه على طائرات (MQ-9).
طورت شركة «جنرال أتوميكس»، الشركة المصنعة لطائرة (MQ-9)، نظام حماية ذاتية مُدمجاً يتضمن إجراءات مضادة للأشعة تحت الحمراء موجهة، مصممة لكشف الصواريخ الحرارية القادمة وإبطالها. وأعلنت الشركة في العام 2023 أنها على وشك بيع كبسولات الحماية الذاتية، التي تتمتع أيضاً بالقدرة على إطلاق مشاعل وهمية وقشّ وتدابير مضادة أخرى قابلة للاستهلاك، لعميل أمريكي لم يُحدد.
كما أوضحت (TWZ) سابقاً، فإن فقدان أي طائرة مُسيّرة أقل تأثيراً بطبيعته من إسقاط طائرة مأهولة؛ نظراً لعدم وجود خطر إصابة أو مقتل أفراد مُتعاونين. كما تتطلب مهام البحث والإنقاذ القتالية لاستعادة الطيارين وأطقم الطائرات الأخرى الذين سقطت طائراتهم، وخاصةً إذا توغلت في عمق أراضي العدو، موارد بشرية ومادية كبيرة، مما يُعرّضها للخطر.
مع ذلك، فإن خسارة عشرات طائرات (MQ-9) تُكلّف الولايات المتحدة خسائر مالية كبيرة. يُقدّر متوسط سعر وحدة طائرات (Reapers) العاملة حالياً في الخدمة الأمريكية بحوالى 30 مليون دولار، وهو سعر لا يشمل تكلفة أي أسلحة أو أنظمة أخرى قد تحملها والتي لا تُعدّ جزءاً من التكوين الأساسي. إذا خسر الحوثيون 18 طائرة (MQ-9) على الأقل حتى الآن، فإن ذلك يعني إسقاط طائرات (Reapers) بقيمة 540 مليون دولار - وربما أكثر من ذلك بكثير.
سيكون للخسارة المستمرة لطائرات «ريبر» تأثيرٌ عملياتي على الأقل. وقد أشارت (TWZ) سابقاً إلى أن أي حملة جوية مستمرة ضد الحوثيين تتطلب مراقبةً مستمرةً لرصد تحركات الجماعة، بما في ذلك المساعدة في توفير معلومات استخباراتية دقيقة وفعّالة في الوقت المناسب حول الهجمات المحتملة بالصواريخ والطائرات المسيّرة.
وعلى الأقل، فقد أثبت الحوثيون أن لديهم ما يكفي من قدرات الدفاع الجوي لتعريض الطائرات العسكرية الأمريكية لمشروع خطر، وهو ما يبدو أنه يدفع إلى زيادة استخدام الذخائر البعيدة وغيرها من أنواع اتخاذ القرارات المرتبطة بالمخاطر.
المصدر ترجمة خاصة:أقلام مانع / لا ميديا