المدرب الكرواتي الحالي لمنتخب الصين، برانكو إيفانكوفيتش، في حوار لـــ«لا الرياضي»:هدفي الأساسي هو التأهل إلى كأس العالم 2026
- تم النشر بواسطة طارق الأسلمي / لا ميديا

حوار وترجمة:طارق الأسلمي / لا ميديا -
في مدينة فارازدين، شمال كرواتيا، وفي 28 شباط/ فبراير 1954، كانت ولادة أحد الأسماء التي ستترك بصمة واضحة في عالم كرة القدم: برانكو إيفانكوفيتش. عاش طفولة وشباباً في ظل جمهورية يوغوسلافيا الاتحادية، قبل أن يشهد التحولات الكبرى التي عصفت بالمنطقة، ليستقر في وطنه الأم: كرواتيا.
بدأ برانكو مسيرته الكروية كلاعب وسط هجومي في صفوف فريق فارتيكس، الذي خاض معه أكثر من 260 مباراة، قبل أن يقرر الاعتزال عام 1990، ليبدأ بعدها مسيرته التدريبية مع الفريق نفسه.
جاءت الانطلاقة الحقيقية لبرانكو عندما عمل مساعداً للمدرب المخضرم ميروسلاف بلازيفيتش، مع منتخب بلاده في كأس العالم 1998، حيث ساهم في تحقيق إنجاز تاريخي بالحصول على المركز الثالث، ثم قاد هانوفر الألماني فترة قصيرة، ومنذ تلك اللحظة بدأت مسيرته التدريبية تنطلق إلى آفاق عالمية.
في هذا الحوار الحصري، يُبحر "لا الرياضي" مع المدرب العالمي الشهير برانكو إيفانكوفيتش، في مسيرته لاعباً ومدرباً، وفي تجربته الحالية مع منتخب الصين. يكشف لنا إيفانكوفيتش في هذا الحوار أسرار نجاحه، وأبرز محطات تألقه. كما نتطرق معه إلى رأيه حول مستوى المنتخب اليمني وكرة القدم العربية بشكل عام.
الآن وأنت تقود منتخب الصين، كيف ترى فرصه في التأهل لكأس العالم؟
- هذا العام أتولى تدريب المنتخب الصيني في مجموعة تُعد من أصعب مجموعات تصفيات آسيا المؤهلة لكأس العالم. نعلم أن المهمة ليست سهلة؛ لكنني أعمل على تحسين أداء الفريق باستمرار. لدينا فرصة كبيرة للتنافس على التأهل ضمن الأربع فرق المتأهلة، وسنبذل أقصى ما لدينا لتحقيق ذلك.
ما هي أهدافك الرئيسية مع المنتخب الصيني؟ وما الذي تراه ضرورياً لتطوير كرة القدم في الصين؟
- هدفي الأساسي هو قيادة المنتخب الصيني للتأهل إلى كأس العالم، والمنافسة على أعلى المستويات في آسيا. لتطوير كرة القدم في الصين، أرى أن من الضروري التركيز على بناء جيل جديد من اللاعبين الشباب ذوي الجودة العالية.
الخصم القادم هو منتخب إندونيسيا. كيف تنظر إلى هذه المواجهة؟
- إندونيسيا منتخب أحترمه كثيراً. إنهم ليسوا فريقاً آسيوياً تقليدياً، بل لديهم 15 لاعباً محترفاً قادمين من أوروبا، من دول مثل هولندا وبلجيكا وإيطاليا وإنجلترا. لقد قدموا أداءً مميزاً ضد البحرين والسعودية، ويملكون طموحاً كبيراً ليكونوا بين الفرق الأربعة المتأهلة. نحن نحترم إمكانياتهم، ونعمل على الاستعداد لهم بشكل مثالي.
ما هي فلسفتك التدريبية؟ وهل تغيرت رؤيتك لكرة القدم على مر السنين؟
- فلسفتي تعتمد على الأسلوب الحديث في كرة القدم، خاصةً في الضغط على الخصم من منطقة الوسط واللعب بأسلوب هجومي منظم. بالتأكيد رؤيتي للعبة تطورت مع مرور الوقت، إذ أصبحت أركز أكثر على التفاصيل الدقيقة والتكيف مع متطلبات كرة القدم الحديثة.
في كرة القدم الحديثة، ما هو برأيك التحدي الأكبر الذي يواجه المدربين؟
- التحدي الأكبر هو التكيف مع الأساليب الجديدة في كرة القدم. المدربون بحاجة إلى إيجاد التوازن بين النهج الهجومي والدفاعي، والعمل على تحسين الأداء في كل مراحل اللعبة، مثل الانتقال السريع بين الدفاع والهجوم.
هل التدريب مدارس كما يردد البعض؟
- نعم، التدريب مدارس متعددة، وكل مدرب لديه فلسفته الخاصة. ومع ذلك، أرى أن استخدام التكنولوجيا الحديثة أصبح أمراً أساسياً في كرة القدم اليوم. رغم ذلك فإن كرة القدم ليست علماً دقيقاً، بل تعتمد على الإبداع والمرونة لإيجاد الحلول المناسبة لكل فريق.
قمت بتدريب منتخبات وأندية في عدة دول، مثل إيران، الصين، السعودية، عُمان، وكرواتيا. كيف تختلف فلسفة كرة القدم بين هذه البلدان؟ وكيف أثرت هذه التجارب على أسلوبك التدريبي؟
- نعم، كان لي شرف العمل في بلدان مختلفة، ولكل منها أسلوبه الخاص في كرة القدم، وثقافته وتقاليده... بالنسبة لي كمدرب، من الضروري التكيف مع البيئة الجديدة واحترام الثقافة المحلية. لا يمكنك افتراض أن الجميع سيقبل أفكارك مباشرة، بل يجب أن تكون مرناً، وأن تتعلم من المدارس الكروية المختلفة حول العالم.
على سبيل المثال: في البرازيل، هناك تركيز كبير على المهارات الفردية والإبداع، بينما في أوروبا، وخاصة كرواتيا، يتم التركيز على الانضباط التكتيكي. في آسيا، مثل إيران والصين والسعودية، هناك تنوع كبير في الأساليب، ولكن غالباً ما يتم إيلاء اهتمام خاص للجوانب البدنية والتكتيكية. هذه التجارب ساعدتني في تطوير فلسفتي التدريبية، حيث أصبحت أكثر شمولية وقدرة على التكيف مع مختلف المدارس الكروية.
خلال فترة تدريبك في إيران، حققت إنجازات بارزة، مثل الوصول إلى كأس العالم مع المنتخب الإيراني، والتأهل إلى نهائي دوري أبطال آسيا مع فريق بيرسبوليس. برأيك، ما الذي يميز تجربتك في إيران عن باقي تجاربك؟
- كانت تجربتي في إيران من أبرز المحطات في مسيرتي التدريبية، إذ حققت العديد من الإنجازات التي أعتز بها. قدت المنتخب الإيراني لتحقيق المركز الثالث في كأس آسيا 2004، بالإضافة إلى التأهل إلى كأس العالم 2006، وهو إنجاز أسعدني كثيراً، كما حققت بطولة دورة الألعاب الآسيوية مع منتخب تحت 23 عاماً. لم تقتصر مساهمتي على المنتخبات الوطنية فقط، بل امتدت إلى الأندية أيضاً، إذ حققت مع نادي بيرسبوليس سبع بطولات محلية، كما نجحت في قيادة الفريق للوصول إلى نهائي دوري أبطال آسيا 2018. شعرت دائماً بمسؤولية كبيرة تجاه تطوير كرة القدم الإيرانية، وكانت هذه التجربة ثرية ومليئة بالتحديات والإلهام على جميع المستويات.
ما أبرز الإنجازات الأخرى التي حققتها خلال مسيرتك المهنية المميزة؟
- في كرواتيا، حققت لقب الدوري مرتين، مع فريق دينامو زغرب، وحصلت على جائزة أفضل مدير فني في الدوري الكرواتي موسم 2007/ 2008. أما في الصين، فقد توجت بلقب الدوري الصيني مع نادي شاندونج لونينج، إلى جانب الحصول على جائزة أفضل مدرب في الدوري الصيني لعام 2010.
كيف ترى تجاربك مع الأندية والمنتخبات العربية؟ وأي محطة تعتبرها الأهم في مسيرتك التدريبية؟
- تجربتي مع الأندية والمنتخبات العربية كانت مميزة وغنية بالتحديات. في الإمارات أشرفت على تدريب نادي الوحدة، وفي السعودية عملت مع ناديي الاتفاق والأهلي، كما حظيت بشرف قيادة المنتخب الوطني العُماني لمدة أربع سنوات. كل محطة كانت فريدة بطابعها وظروفها.
كيف تقيم مستوى الكرة العربية بشكل عام من حيث التنظيم، المواهب، والبنية التحتية؟
- الكرة العربية شهدت تطوراً ملحوظاً في السنوات الأخيرة، من حيث التنظيم واكتشاف المواهب. هناك بنية تحتية متطورة في بعض الدول؛ ولكن لا تزال هناك حاجة للمزيد من الاستثمار في تطوير الأكاديميات وبرامج تدريب الشباب.
هل تعتقد أن كرة القدم العربية عموماً تخطو خطوات جادة نحو المنافسة العالمية؟ أم ما زلنا نعاني من تأخر واضح؟
- أرى أن كرة القدم العربية تتجه نحو الصعود بشكل واضح. لقد أثبتت الفرق العربية قدرتها على المنافسة، كما رأينا في التصفيات الأخيرة، إذ اقترب العديد من الفرق من التأهل للمرحلة التالية. منتخبات مثل السعودية والأردن والعراق والإمارات، وحتى عُمان، أصبحت تنافس بقوة. لكن لتحقيق المنافسة عالمياً بشكل مستدام يجب التركيز على تطوير المواهب.
هل لديك آراء معينة حول أفضل اللاعبين العرب؟
- الكرة العربية تزخر بالمواهب المميزة التي أظهرت قدرات استثنائية على المستوى المحلي والدولي، ومع ذلك من المهم أن يطور اللاعبون أنفسهم للتكيف مع متطلبات كرة القدم الحديثة. اللاعب الأفضل هو من يستطيع الجمع بين الموهبة والعمل الجاد لتحقيق النجاح. حالياً هناك العديد من اللاعبين العرب الذين برزوا في دوريات كبرى وأثبتوا جدارتهم على الساحة العالمية، ومنهم النجم المصري محمد صلاح.
ما هي المنتخبات العربية التي ترشحها لبلوغ كأس العالم؟
- كما ذكرت سابقاً، هناك منتخبات عربية أصبحت منافسة بقوة على التأهل لكأس العالم، مثل السعودية والأردن والإمارات والعراق، فجميعها تملك حظوظاً حقيقية ضمن التصفيات الآسيوية. أما في القارة الأفريقية، فهناك أيضاً منتخبات عربية قادرة على الوصول إلى المونديال، لما تملكه من جودة فنية وخبرة في المنافسات القارية والدولية.
هناك عدد من المدربين الكرواتيين يعملـــون مــــــــع الأنديــــة والمنتخبــــــات العربيـــــة. كيف ترى حضور المدرسة الكرواتية في المنطقة؟
- المدرسة الكرواتية أثبتت نجاحهـا في المنطقــــــة العربيـــــــة. المدربـــــون الكروات يملكون المعرفة والخـبرة. كمـــــــا أنهــم قـادرون علــى التكيف مع الثقافات المختلفة. وهو ما يجعلهم خياراً مثالياً للعديد من الأندية والمنتخبات.
ماذا تعرف عن الكرة اليمنية، لاعبيها، وأنديتها؟
- لا أملك معرفة دقيقة بأسماء اللاعبين أو تفاصيل الأندية اليمنية؛ لكني لاحظت تطوراً في أداء المنتخب اليمني خلال السنوات الماضية. سبق لي أن واجهت هذا المنتخب في أكثر من مناسبة عندما كنت مدرباً للمنتخب العُماني، وكان له حضور جيد.
بما أنك واجهت المنتخب اليمني أكثر من مرة، ما هو تقييمك لمستواه الفني؟
- المستوى الفني للمنتخب اليمني جيد جداً، وقد أظهر أداءً رائعاً في بطولة كأس الخليج الأخيرة، وخاصةً أمام السعودية. فقط يحتاج اللاعبون إلى الخبرة ويحتاجون إلى المزيد من المباريات الدولية، بالإضافة إلى توفير بيئة تساعدهم على التطور المستمر.
هل هناك لاعب يمني لفت انتباهك؟ وهل تعرف أسماء لاعبين آخرين؟
- شاهدت بعض اللاعبين المميزين في صفوف المنتخب اليمني يمتلكون قدرات جيدة، وأعتقد أن بعضهم ينشط في دوريات خارج اليمن. لم تسنح لي الفرصة للتعرف على أسماء كثيرة؛ لكنني أثق أن هناك مواهب تستحق الاهتمام والمتابعة.
سيد برانكو أتمنى لكم الأفضل في التصفيات، وأن تقدم مشواراً جيداً رفقة منتخب الصين. في الأخير أترك لك الكلمة لتقول ما تريد للجماهير اليمنية والعربية عبر صحيفة "لا" اليمنية؟
- شكـــــراً جزيـــــلاً لكـم على تمنياتكم الطيبة، وعلى هذه المقابلة عبر صحيفتكم المرموقة. أوجه تحياتي الحارة إلى الجماهير اليمنية والعربية كافة، وأتمنى كل التوفيق للمنتخب اليمني وباقي المنتخبات العربية. أتمنى للجميع أيضاً التوفيق، وأن تسير الأمور على أفضل ما يرام.
المصدر طارق الأسلمي / لا ميديا