عادل بشر / لا ميديا -
"الاستسلام للمجرم ترامب، أبعد من عين الشمس" و"التراجع عن إسناد الشعب الفلسطيني، هو المستحيل بذاته"، لم تكن هذه مجرد كلمات قالها سيد الجهاد والمقاومة السيد عبدالملك بدر الدين الحوثي، في خطاب له ذات مساء مطلع أيار/ مايو الماضي، عقب إعلان الهدنة بين  واشنطن وصنعاء، بل كانت تأكيدا لواقع أثبته اليمن في كل مراحل الصراع مع الأعداء، وفي الوقت ذاته محددات لمرحلة أخرى في معركة الإسناد لقطاع غزة، ترجمته على الميدان القوات المسلحة اليمنية، لاسيما بتصعيدها اللافت في الهجمات البحرية ضد السفن المرتبطة بالعدو "الإسرائيلي" في البحر الأحمر.
وأعاد إغراق سفينتي "ماجيك سيز" و"إترنيتي سي" في البحر الأحمر، الأسبوع الفائت، لارتباطهما بالكيان الصهيوني، إلى واجهة الإعلام الغربي ما جاء في خطاب السيد عبدالملك الحوثي بعد يومين من إعلان الرئيس الأمريكي "دونالد ترامب" في أيار/ مايو التوصل إلى اتفاق لوقف النار بين واشنطن وصنعاء عبر وساطة عمانية، وزعم ترامب حينها، أن "الحوثيين استسلموا ولن يقوموا بمهاجمة الشحن البحري"، إلا أن الخبراء كان لهم رأي آخر أكدته تطورات ما بعد الهدنة.
صحيفة "ديلي ميل" البريطانية، نشرت أمس، تحليلاً مطولاً، حول التصعيد اليمني في البحر الأحمر، وارتباط ذلك بجرائم الإبادة التي ينفذها الكيان الصهيوني في قطاع غزة، مؤكدة فشل "واشنطن" و"تل أبيب" في ردع صنعاء أو إضعاف قدراتها العسكرية أو ثنيها عن عملياتها المساندة للشعب الفلسطيني.
وذكّرت الصحيفة بما أعلنه ترامب في أيار/ مايو، عن توصل إدارته إلى اتفاق مع من وصفهم بالحوثيين في اليمن، يقضي بوقف الهجمات على الشحن مقابل توقف الولايات المتحدة عن قصف أهداف في اليمن.
وأشارت إلى أن "إدارة ترامب وصفت حملة القصف، التي استمرت 52 يومًا، بأنها ناجحة في استعادة حرية الملاحة في البحر الأحمر، لكن زعيم الحوثيين، عبدالملك الحوثي، وجّه ضربة سياسية محرجة للرئيس الأمريكي يوم الخميس 8 أيار/ مايو، بإعلانه أنه لا يمكن السماح لأي شركة بنقل بضائع مرتبطة بإسرائيل، وأطلق الزعيم الحوثي جولة جديدة من الهجمات".
وأضافت الصحيفة "وكانت النتيجة: سفينتين جديدتين، Magic Seas وEternity C، ترقدان في قاع البحر الأحمر، بعد أن تعرضتا لهجمات بزوارق مسيّرة وقذائف صاروخية".. لافتة إلى أن "هذه الهجمات تُمثّل فصلاً جديداً في حملة الحوثيين المرتبطة بالحرب بين إسرائيل وحماس".
ووصفت "ديلي ميل" إغراق السفينتين بأنه يأتي أيضاً ضمن حملة "جديدة وأكثر عنفاً" في إشارة إلى أن صنعاء ماضية في التصعيد توازياً مع تصعيد العدو الصهيوني لجرائمه بحق قطاع غزة، بحيث انتقلت القوات المسلحة اليمنية من مرحلة "التحذير والإصابة" للسفن المعارضة لقرار الحظر البحري على موانئ الاحتلال"، إلى مرحلة "الإغراق" عقاباً لأي سفينة تحاول كسر هذا الحظر.

تطور نوعي في الهجمات
الصحيفة البريطانية نقلت عن مونرو أندرسون مدير العمليات في شركة Vessel Protect المتخصصة في تأمين المخاطر البحرية قوله "ما نراه حاليًا يشبه عودة الحوثيين لمعايير استهداف منتصف 2024، حيث يُهاجم أي سفينة لها صلة ولو بسيطة بإسرائيل".
وأشار الخبراء -وفقاً لذات الصحيفة- إلى أن "الهجمات الأخيرة أكثر تعقيداً، إذ شملت في البداية القيام بالإبحار نحو السفينتين المستهدفتين في البحر الأحمر، وإطلاق النار من الأسلحة الصغيرة والقذائف الصاروخية، ثم استخدام صواريخ مضادة للسفن وطائرات بدون طيار جوية وبحرية محملة بالمتفجرات".
ورأى المحللون -بحسب ديلي ميل- أن هذه الهجمات تُظهر فشل "إسرائيل" وأمريكا في إضعاف صنعاء رغم القصف الجوي المكثف.
وأفادت الصحيفة أن "الولايات المتحدة أعلنت أنها أسقطت أكثر من 2000 قنبلة على 1000 هدف في اليمن خلال الأشهر الماضية، وتوعد ترامب (بإبادة تامة) للحوثيين ما لم يتوقفوا عن استهداف الشحن في البحر الأحمر"، مؤكدة أن "تهديدات ترامب فشلت في ردع قوات صنعاء، ولاتزال هذه القوات قادرة على تنفيذ عمليات عسكرية بحرية معقدة".
كما أكدت أن القوات المسلحة اليمنية تتمتع "بخبرة كبيرة في القيام بهجمات باستخدام طائرات الهليكوبتر، وتنفيذ عمليات إنزال إلى سطح السفن المستهدفة، ويمكنهم التغلب بسهولة على أي فرقة أمنية خاصة ترافق السفن".
وفي تحليلها لموازين القوى داخل محور المقاومة أشارت "ديلي ميل" إلى أن قوات صنعاء التي كانت تُعد سابقًا الحلقة الأضعف مقارنة بحزب الله أو حركة حماس، باتت اليوم في موقع متقدم من حيث القدرة على تنفيذ ضربات دقيقة ومؤثرة ما أربك حسابات واشنطن و"تل أبيب" ورسّخ مكانة البحر الأحمر كساحة مواجهة أكثر فاعلية وتأثيرًا في معركة كسر الهيمنة الغربية.
وبالعودة إلى تذكير "ديلي ميل" بالصفعة التي وجهها سيد الجهاد والمقاومة السيد عبدالملك الحوثي للرئيس الأمريكي ترامب، تجدر الإشارة إلى أن السيد القائد في خطابه عصر الخميس 8 أيار/ مايو الماضي، جدد التأكيد على ثبات الموقف اليمني المبدئي بشكل متكامل في الإسناد للشعب الفلسطيني سواء بالقصف إلى عمق فلسطين المحتلة أو بالحظر على السفن "الإسرائيلية".
وتعقيباً على مزاعم "الاستسلام" التي أشاعها ترامب في إعلانه وقف إطلاق النار مع صنعاء، قال السيد الحوثي: "الموقف اليمني لم يكن كما قال الكافر المجرم ترامب بناء على ترجٍ واستسلام من اليمن، فهذا أبعد من عين الشمس وهذا هو المستحيل بذاته، والإعلان الأمريكي ليس نتيجة لترجٍ ولا استسلام، وإنما هو من التهريج الذي يعرف به ترامب".
وأشار إلى أن الأمريكي صعّد في الجولة الثانية من غاراته وقصفه البحري، لكنه فشل ولم يؤثر على القدرات العسكرية ولم يوقف العمليات ولم يؤثر على الإرادة الشعبية لليمنيين الذين يخرجون كل أسبوع، خروجًا مليونيًا عظيمًا في مئات الساحات".
وأضاف "تجاه الفشل الأمريكي في التأثير على القدرات والموقف الثابت، وصل الأمريكي إلى خيار أن يوقف الإسناد حسب ما أعلن عنه الأمريكي، وأبلغ به أشقاءنا في سلطنة عمان".
وأكد أن الموقف اليمني "لم ينقص ولم يتراجع ولم يضعف وسيستمر بكل ما هو عليه من قوة وتكامل"، وأنه "في كل مراحل الصراع لم يخطر ببالنا وليس واردًا على الإطلاق أن نتخاطب مع عدو مجرم بأي لغة استسلام أو ترجٍ أو عبارة ضعف".