عادل بشر / لا ميديا -
في ظل تزايد المخاوف "الإسرائيلية" من تعاظم دور اليمن العسكري في المنطقة، نتيجة لما أثبتته صنعاء خلال موقفها الثابت تجاه حرب الإبادة الجماعية في قطاع غزة، التي ينفذها الكيان الصهيوني بدعم أمريكي وغربي منذ تشرين الأول/ أكتوبر 2023م، وما كشفته الهجمات اليمنية إلى عمق الأراضي المحتلة، وفي البحر الأحمر، من تطوير متواصل لقدرات صنعاء العسكرية، أعاد الإعلام العبري التذكير بالفشل الأمريكي في البحر الأحمر أمام مقاتلين دأب ذات الإعلام على وصفهم بـ"الحفاة".
صحيفة calcalist العبرية الشهيرة، كشفت في تقرير لها، أمس الأول، عن جانب من كواليس وخفايا هزيمة واشنطن أمام صنعاء، وما وصفته الصحيفة بـ"أسباب إعلان ترامب وقف إطلاق النار مع الحوثيين".
التقرير الذي بعنوان (مفاجأة الحوثيين: تعرف على الصاروخ الذي أخاف الرئيس ترامب) ذكر أن الحملة الجوية الأمريكية في اليمن توقفت في أيار/ مايو 2025م، 
وزعمت الحكومة الأميركية أن السبب هو استسلام اليمنيين، ولكن وراء الكواليس هناك أسباب أخرى، من بينها صواريخ يمنية قاتلة كادت تُحدث كارثة لواشنطن.
وأفاد التقرير أن "مقاتلين يمنيين حفاة" تمكنوا من "هزيمة أقوى قوة في العالم"، مشيراً إلى أنه وفي ليلة واحدة، قامت قوات صنعاء بهجوم صاروخي غير مسبوق كان كافيًا لإيقاف حملة عسكرية كاملة، ولإرعاب الرئيس الأمريكي دونالد ترامب.

إعلان مفاجئ
وأوضح التقرير العبري أن "ترامب فاجأ العالم بإعلانه وقف حملة القصف الأمريكية البريطانية في شمال اليمن مطلع أيار/ مايو الماضي، وزعم ترامب حينها أن اليمنيين توسلوا إليه أن يكف عن إمطارهم بالموت التكنولوجي، مقابل إيقاف هجماتهم في البحر الأحمر، إلا أن الواقع على الأرض يكشف عن قصة مختلفة تمامًا، قصة تهديد عسكري صامت كاد ينسف صورة القوة الأمريكية، ويهز ثقة الرأي العام الأمريكي".
وأضاف "مؤيدو ترامب سارعوا لتقديم الإعلان كنصر سياسي وعسكري، يظهره كشخص حاسم ويعيد الهيبة للولايات المتحدة، لكن محللين في إسرائيل والعالم تساءلوا: لماذا لم يشمل الاتفاق وقف إطلاق الصواريخ الباليستية على إسرائيل؟".. لافتاً إلى أن المحللين يتفقون على أن السبب الحقيقي لوقف الهجمات على صنعاء كان اعتبارًا عمليًا، إذ أدركت الاستخبارات الأمريكية أن حملة القصف محكوم عليها بالفشل، خصوصاً وأن المعلومات الاستخبارية حول مخازن الأسلحة ومواقع الصواريخ ومقرات القيادات اليمنية، شبه معدومة، إضافة إلى فقدان عشرات الطائرات بدون طيار طراز MQ9 باهظة الثمن في محاولتها تحديد الأهداف، الأمر الذي تسبب بزيادة متواصلة في تكاليف الحملة.
وكانت القوات المسلحة اليمنية قد نجحت في إسقاط 7 طائرات طراز إم كيو-9 خلال الشهر الأول من حملة ترامب، مِن إجمالي 22 طائرة من ذات الطراز تم إسقاطها في اليمن خلال الـ18 شهراً الماضية.

الخطر الأكبر
ووفقاً للتقرير فإن الخطر الأكبر الذي دفع ترامب لإيقاف الحملة هو التهديد الكبير الذي تعرضت له حاملة الطائرات "هاري إس ترومان"، حيث كاد صاروخ يمني أن يصيبها، ما قد يؤدي لمقتل جنود أمريكيين وتحطيم صورة البحرية الأمريكية عالمياً.
وبينت الصحيفة أن رسالةً حاسمة وصلت إلى دوائر القرار في واشنطن، مفادها أن "ضربة ناجحة واحدة ضد مدمرة أو إضرارا بحاملة طائرات ستُشكّل كارثة معنوية واستراتيجية"، وهو ما رجّح كفة وقف القصف.
ونقلت عن مصادر في المؤسسة الأمنية الأمريكية القول إن ترامب اتخذ قرار وقف النار مع صنعاء، في ليلة "أدركت فيها الولايات المتحدة مدى اتساع الفجوة بين المكاسب والخسائر المحتملة، ليلة كادت فيها أن تخسر شيئًا بالغ الأهمية بالنسبة لها".

الليلة التي كادت أن تغيّر كل شيء
وجاء في التقرير "بدأت ليلة 28 نيسان/ أبريل كما خططت لها البحرية الأمريكية: هاجمت مجموعة حاملة الطائرات هاري ترومان أهدافا شمال صنعاء وعلى طول الساحل، باستخدام أربع طائرات من طراز F-18 ومشاركة مدمرات وسفن حماية قادرة على رصد التهديدات في الجو والبحر"، مشيرة إلى أن القوات المسلحة اليمنية ردت بطائرات مُسيرة وعدة صواريخ، بينها صاروخ باليستي جديد مضاد للسفن، قالت الصحيفة بأنه مثَّلَ التهديد الأكبر والأخطر، ووصفته بـ"الصاروخ الجوكر".
وبحسب التقرير فقد تمكن الصاروخ الباليستي اليمني من اختراق طبقات الدفاع البحري، مما دفع حاملة الطائرات "هاري إس ترومان" للقيام بمناورات تفاد قصوى، ما تسبب بسقوط إحدى طائراتها F-18 في البحر.. واصفاً ذلك بالقول إن "70 مليون دولار من البراعة الهندسية الأميركية -قيمة المقاتلة إف 18- تم التبرع بها لتوفير مساكن بأسعار معقولة للدجاج السلطاني والأخطبوطات في قاع البحر".
وأفادت صحيفة calcalist العبرية بأن الصاروخ لم يصب هدفه، لكنه كاد أن يفعل.. مشيرة إلى أن ذلك  كان كافيا لإطلاق جرس إنذار داخل البنتاغون بأن السلاح الجديد، بسرعته الفوق صوتية ورأسه الحربي البالغ 650 كغ، قادر على إصابة حاملات طائرات أمريكية، وأن ضربة واحدة منه كفيلة بأن تتسبب بكارثة على متن حاملة الطائرات، وإخراجها عن العمل، وهو تطور غير مسبوق في معادلة الردع الإقليمي.
ولفت التقرير إلى أن القوات المسلحة اليمنية تمتلك عدة نماذج من هذه الصواريخ الخطيرة، موضحاً بأن حاملة الطائرات ترومان عندما تعرضت للهجوم، واجهت السفن المحيطة بها صعوبة في الدفاع عنها.

صدمة البنتاغون والإعلام
وأضاف التقرير "رسمياً، تم الإعلان فقط عن سقوط طائرة أثناء مناورة. لكن داخل البنتاغون، بدأ فحص شامل لمسارات الرادارات وتحليل الهجوم، وبعد الانتهاء، أبلغوا الأدميرالات: في المرة القادمة، قد لا تُخطئ الصواريخ هدفها".
وأشار إلى أن الفريق العسكري نجح في إقناع فريق ترامب بوجود خطرٍ هنا، ليس فقط على السفينة والمصالح الأمريكية، بل على قدرة القوة العظمى على إبراز قوتها خارجيًا. وسرعان ما أدرك فريق ترامب أن هناك احتمالًا لضررٍ جسيمٍ على المستوى المحلي أيضًا: فصورة حاملة الطائرات ترومان، رمز القوة الأمريكية، وهي تُسحب مصابةً إلى أقرب ميناء، ستكون كارثة وفضيحة عسكرية عالمية، لذلك جاء الإعلان الرسمي بأن "اليمنيين طلبوا وقف الهجوم"، وهو ما فاجأ حتى اليمنيين أنفسهم.. وفقاً للتقرير.
وأكد التقرير العبري أن المواجهة في البحر الأحمر أثبتت أن "وسائل هجومية منخفضة الكلفة يمكنها فرض استنزاف مالي ولوجستي على قوة كبرى تعتمد اعتراضات باهظة الثمن.
وخلص إلى أن نجاح القوات المسلحة اليمنية لم يأتِ بالضرورة من الإصابات المباشرة، بل من "الاقتراب المتكرر من إحداث ضرر كبير"، وهو ما كان كافياً لـ"فرض حسابات ردع جديدة"، وبذلك، نجحت القوات اليمنية في رفع كلفة الحملة الأمريكية إلى حد دفع الكونغرس لإعادة تمويل ضخم للذخائر وتوسيع الصناعة الدفاعية، ما جعل من البحر الأحمر "درساً قاسياً في معادلة الردع غير المتكافئ".
وكانت حاملة الطائرات الأمريكية "هاري ترومان" قد نفذت عملية انتشار دراماتيكية في البحر الأحمر استمرت ستة أشهر، كانت مليئة بالتحديات، ثم عادت إلى قاعدتها في نورفولك بولاية فرجينيا، بعد أن فقدت ثلاث طائرات إف/إيه-18 سوبر هورنت في سلسلة من الحوادث المكلفة، مما أثار المخاوف بشأن الجاهزية العملياتية للبحرية الأميركية في البحر الأحمر ذي الأهمية الاستراتيجية.