تقرير/ خاص / لا ميديا -
تشهد العاصمة اللبنانية بيروت حالة من الترقب والقلق، وسط انتشار مكثف للجيش اللبناني على جميع مداخل وسط المدينة، في أعقاب التظاهرات الاحتجاجية التي عمّت شوارع الضاحية الجنوبية.
وجاءت الاحتجاجات على خلفية إقرار الحكومة اللبنانية، في جلستها الثلاثاء الماضي، «ورقة المبعوث الأمريكي براك» التي تدعو إلى سحب سلاح حزب الله.
ردّاً على القرار، أعلن وزراء «الثنائي الشيعي» انسحابهم من الحكومة، فيما أصدر حزب الله وحركة أمل بياناً مشتركاً رفضا فيه ما اعتبروه «قراراً أمريكياً إسرائيلياً» يهدف لنزع سلاح المقاومة وتجريد لبنان من «مصدر قوته».
وفي مقابلة إعلامية، أكد النائب محمد رعد، نائب الأمين العام لحزب الله، أن الحزب يرفض «جملة وتفصيلاً» قرار الحكومة، معتبراً أن تنفيذه يعني ضرب قدرة لبنان على مواجهة التهديدات «الإسرائيلية».
ومع تصاعد الأزمة، تبقى السيناريوهات مفتوحة على كافة الاحتمالات:
1 -  مواجهة مباشرة مع «إسرائيل»:
في حال مضت الحكومة في تنفيذ قرار سحب سلاح حزب الله، فإن ذلك قد يدفع الحزب إلى تصعيد ميداني على الجبهة الجنوبية وإعادة ترتيب الأولويات، خاصة إذا شعر بأن هناك ضغطاً دولياً يهدد وجوده العسكري.
هذا السيناريو قد يُستغل «إسرائيلياً» لتنفيذ ضربات واسعة، مستندة إلى الغطاء الأمريكي.
2 -  تصعيد داخلي سياسي وأمني:
قد نشهد صداماً داخلياً إذا حاولت القوى الأمنية أو الجيش تطبيق القرار بالقوة، ما قد يؤدي إلى اشتباكات في شوارع بيروت أو غيرها من المناطق الحساسة.
هذا السيناريو يحمل خطر انقسام المؤسسات، خاصة إذا اتخذت القوى السياسية مواقف حادة متقابلة.
3 -  تجميد القرار والبحث عن تسوية:
قد يتم اللجوء إلى صيغة تسوية سياسية برعاية أطراف إقليمية ودولية، تؤجل أو تعدل تنفيذ القرار، مقابل ضمانات لحماية «مبدأ المقاومة».
هذا السيناريو يتيح تهدئة الشارع وتفادي الانفجار؛ لكنه لا يحل الإشكال جذرياً.
الوضع في بيروت حالياً أشبه ببرميل بارود على فوهة مفتوحة، وأي شرارة -داخلية أو خارجية- قد تشعل مواجهة شاملة. لكن المؤشرات الحالية تفيد بأن حزب الله يفضل تجنب الحرب المباشرة، مع إبقاء كل الخيارات مفتوحة للردع.

لبنان بين ضغوط الداخل وتحديات الخارج
وفي ظلّ التصعيد السياسي والإعلامي الدائر في لبنان، تتجدد محاولات طرح مشروع نزع سلاح المقاومة، وهو مشروعٌ وصفه مستشار الإمام السيد علي الخامنئي، الدكتور علي أكبر ولايتي، بالمؤامرة القديمة الجديدة، مؤكداً أن هذه المحاولات فشلت سابقاً وستفشل مجدداً، وأن المقاومة اليوم أقوى وأكثر رسوخاً، وتحظى بدعم شعبي عابر للطوائف، وهي الضامن لكرامة لبنان وأمنه.
ولايتي ذكّر بتجربة العام 1982، حين وصل الاحتلال «الإسرائيلي» إلى مشارف بيروت، قبل أن يضطر للانسحاب بفعل ضربات المقاومة، محذراً من أن المساس بسلاح حزب الله يفتح الباب أمام العدو لتكرار العدوان وفرض الهيمنة.
في المقابل، أصدرت وزارة الخارجية اللبنانية بياناً شديد اللهجة، رافضة ما وصفته بـ»التدخل السافر» من قبل طهران في الشؤون الداخلية، ومؤكدة أن القرارات السيادية هي حق للبنانيين وحدهم.
لكن على الأرض، تتوالى المواقف التي تحمّل الحكومة اللبنانية مسؤولية إضعاف الجيش، والزج به في مواجهات من دون تجهيزات أو غطاء، تكراراً لسيناريوهات مؤلمة كما حدث في عدوان 2006 حين تعرض موكب عسكري ومدني للقصف «الإسرائيلي» بعد انسحابه من ثكنة مرجعيون.
الإعلاميون والمحللون حذروا من أن بعض القوى السياسية تتماهى مع الأجندة «الإسرائيلية» عبر الدفع نحو تفكيك معادلة الجيش والشعب والمقاومة، وهي المعادلة التي وصفها النائب علي عمار بـ»الثلاثية الذهبية» التي حمت لبنان لعقود.
كما كشف وزير الدفاع اللبناني، ميشال منسّى، في تصريح متلفز، عن تلقي الحكومة «تعليمات إسرائيلية» مرتبطة بخطة نزع السلاح، ما أثار جدلاً واسعاً حول طبيعة الضغوط المفروضة على القرار اللبناني.
وفي خضم الجدل، عبّر السفير الإيراني في بيروت، مجتبى أماني، عن تعازيه بضحايا الجيش، مجدداً دعم بلاده للبنان جيشاً وشعباً ومقاومةً.
ليبقى السؤال مفتوحاً: هل سيبقى سلاح المقاومة خط الدفاع الأول عن لبنان؟ أم أن ضغوط الداخل والخارج ستفرض واقعاً جديداً يغير موازين القوة في المنطقة؟