36 شهيدا و124 جريحا جراء إسقاط المساعدات في القطاع
- تم النشر بواسطة لا ميديا

تقرير / لا ميديا -
في غزة، لا تنتهي الليالي عند الفجر، فالظلام الحالك الذي يفرضه عدوان الإبادة لا تزيله الشمس. في غزة تُولد الطفولة على وقع الانفجارات، وتتعلم الخطوات الأولى بين الركام. كل بيت يحمل قصة فقد، وكل شارع يحتفظ برائحة دم لم يجف بعد. غزة اليوم ليست مجرد خبر عاجل، بل جرح مفتوح في قلب الإنسانية، جرح يفضح العالم الذي يرى ولا يتحرك.
ومنذ السابع من تشرين الأول/ أكتوبر 2023، يعيش قطاع غزة جريمة مفتوحة على مرأى العالم، ارتفعت خلالها حصيلة الشهداء إلى 61,339، معظمهم من الأطفال والنساء، وفق آخر إحصاءات وزارة الصحة الفلسطينية، التي أعلنت أمس كذلك عن ارتقاء 31 شهيدا بنيران الاحتلال في مناطق عدة بالقطاع خلال 12 ساعة. أرقام تضع العدو الصهيوني في خانة منفردة كمجرم يمارس حرب إبادة جماعية غير مسبوقة.
أما حصيلة الإصابات في القطاع فبلغت 152,850، ولا تزال مئات الجثامين عالقة تحت الركام، عاجزة فرق الإسعاف والدفاع المدني عن الوصول إليها بفعل القصف والحصار. ومنذ 18 آذار/ مارس الماضي وحده، وبعد أن خرق الاحتلال اتفاق وقف إطلاق النار، أضافت «إسرائيل» 9,862 شهيداً و40,809 مصاباً إلى سجلها الدموي، بينما يتفرج العالم على مأساة متجددة يومياً.
موائد الموت
حتى المساعدات الإنسانية يستخدمها الاحتلال الصهيوني كفخ موت. مكتب الإعلام الحكومي في غزة وثّق أن إنزالات المساعدات الجوية، التي تروج لها واشنطن وتابعوها من العرب كخطوة إنسانية، تنتهي في مناطق يسيطر عليها الاحتلال أو في أحياء مهجّرة قسريًا، ما يجعل من يقترب منها هدفًا مباشرًا للنيران الصهيونية. ومنذ بدء العدوان، استشهد 23 فلسطينيًا وأصيب 124 آخرون جراء هذه الإنزالات، فضلاً عن غرق 13 شخصًا العام الماضي عندما سقطت شحنات المساعدات في البحر. هذه ليست إغاثة، بل شكل آخر من أشكال «هندسة التجويع» التي تديرها «إسرائيل» بغطاء أميركي -بريطاني.
وفي ظل الجوع القاتل، سجلت مستشفيات غزة 212 وفاة بسبب المجاعة وسوء التغذية، بينهم 98 طفلاً. إنها جريمة مكتملة الأركان، فالتجويع ممنهج، والحصار محكم، والدعم الدولي للعدو الصهيوني غير مشروط.
مليار دولار قيمة كلمة حق
آلة الإجرام الصهيوأمريكية لا تكتفي بخنق الفلسطينيين تحت القصف، بل تمتد إلى الجامعات والشوارع في قلب الغرب. ففي الولايات المتحدة، تواصل إدارة الرئيس دونالد ترامب ابتزاز المؤسسات الأكاديمية التي تسمح باحتجاجات مؤيدة لفلسطين. أحدث حلقات هذا الابتزاز كان فرض غرامة بمليار دولار على جامعة كاليفورنيا، واتهامها بـ»معاداة السامية» بسبب تعاملها مع المظاهرات الطلابية ضد الحرب على غزة.
هذا الرقم التعسفي يساوي خمسة أضعاف ما دفعته جامعة كولومبيا في تسوية مشابهة، ويأتي ضمن سلسلة من الإجراءات العقابية التي شملت تجميد نصف مليار دولار من المنح الفيدرالية. إنها رسالة واضحة: أي دعم لفلسطين أو انتقاد للكيان المجرم في الجامعات الأميركية سيقابله سحق مالي وسياسي.
في بريطانيا، المشهد ليس أفضل حالًا. حكومة لندن لم تكتفِ بالاصطفاف الدبلوماسي خلف «إسرائيل»، بل مضت في حظر مجموعة «العمل من أجل فلسطين Palestine Action» تحت قوانين «مكافحة الإرهاب»، لمجرد أنها قادت تحركات سلمية ضد شركات تزود العدو الصهيوني بالسلاح. وأمس أوقفت الشرطة البريطانية أكثر من 200 متظاهر خلال أكبر احتجاج ضد هذا الحظر، وهددت كل من يرفع شعارًا مؤيدًا للمجموعة بالاعتقال.
ووصفت منظمات حقوقية كالعفو الدولية وغرينبيس هذه الخطوة بأنها «تجاوز قانوني صارخ» و»تهديد خطير لحرية التعبير»، لكن حكومة لندن ماضية في سياسة تجريم التضامن مع الفلسطينيين.
ويرى مراقبون أن الولايات المتحدة وبريطانيا، بشراكة مع العدو الصهيوني، لا تدعم فقط عدوان الإبادة عسكريًا ولوجستيًا، بل تعمل على وأد كل حركة احتجاجية في الداخل الغربي، وتشويه كل خطاب معارض بوسم «معاداة السامية». هذه السياسة المزدوجة -قتل الفلسطينيين في الشرق وقمع المدافعين عنهم في الغرب- تكشف أن الحرب ليست فقط على غزة، بل على فكرة الحرية نفسها.
العدوان الموزاي
في الضفة الغربية المحتلة، يكمل العدو الصهيوني مشروعه الاستعماري بلا توقف، بعمليات اقتحام واعتقال وهدم وتضييق يومي، خصوصًا ضد التجمعات البدوية التي تواجه جرائم تهجير قسري ممنهجة. خلال أقل من عامين من عدوان الإبادة على غزة، وثقت الجهات الفلسطينية 4,820 انتهاكًا ضد هذه التجمعات، من هدم المنازل ومصادرة الأراضي إلى تدمير المنشآت الحيوية وقطع مصادر المياه. ويؤكد مراقبون أن هذه محاولة محكمة لإفراغ الأرض من سكانها الأصليين، تحت غطاء الصمت الغربي ذاته الذي يغطي قصف غزة.
المصدر لا ميديا