تقرير / لا ميديا -
بين ركام المنازل وصرخات الجوعى، تتواصل فصول جريمة كبرى لا يزال العدو الصهيوني يمارسها ضد أكثر من مليوني إنسان في قطاع غزة. منذ 7 تشرين الأول/ أكتوبر 2023 وحتى اليوم، ارتقى أكثر من 61,599 شهيداً، وأصيب 154,088، فيما لا يزال آلاف المفقودين مسحوقين تحت أنقاض المدن المدمرة.
عدوان إبادة مكتمل الأركان، يستخدم فيه العدو الصهيوني سلاح القتل الجماعي والتجويع والتهجير.
خلال 12 ساعة أمس، استشهد أكثر من 67 فلسطينياً، بينهم 14 مدنياً كانوا ينتظرون شحنات المساعدات، بعدما حوّلت قوات الاحتلال طوابير الجوعى إلى أهداف لرصاصها. وحتى أمس، وثقت وزارة الصحة في غزة ارتقاء 227 شهيداً، بينهم 103 أطفال، جراء الجوع وسوء التغذية، في مشهد يعيد إلى الأذهان أسوأ الكوارث الإنسانية في التاريخ الحديث.
ورغم هذه الحقائق، لم تتجاوز المساعدات التي دخلت القطاع في آخر 15 يوماً 1334 شاحنة، أي 14% فقط من الحد الأدنى المطلوب يومياً. تحتاج غزة إلى 600 شاحنة مساعدات يومياً لتأمين القوت والدواء.

وفد من ‎حماس يصل إلى القاهرة
سياسياً، قال مصدر فلسطيني لوكالة «فرانس برس»، أمس الثلاثاء، إن الوسطاء يعملون على صياغة مقترح جديد لاتفاق شامل لوقف إطلاق النار في قطاع غزة.
وقد يشمل المقترح «هدنةً مدتها 60 يوماً، تليها مفاوضات لوقف إطلاق نار طويل الأمد، واتفاقاً لتبادل جميع الأسرى الإسرائيليين، الأحياء والأموات، دفعةً واحدة»، وفق المصدر نفسه.
وأفادت مصادر صحفية بوصول وفد من قيادات حركة ‎حماس، برئاسة ‎خليل الحية، إلى العاصمة المصرية، من أجل التشاور بشأن مفاوضات وقف إطلاق النار في قطاع غزة.
وفي سياق متصل، أكّد مسؤول من حماس لـ»فرانس برس» أنّ الحركة «لم تتلقَّ أي مقترح جديد» من كيان الاحتلال «الإسرائيلي» عبر وسطاء، مضيفاً أنّها «لا تزال مستعدةً للتوصل إلى اتفاق إذا قرر الاحتلال ذلك».
وأضاف أنّ حماس تريد «نهايةً دائمةً للحرب»، إلى جانب رفع الحصار والقيود التي يفرضها الاحتلال على المساعدات، من أجل ضمان تدفقها الطبيعي إلى القطاع.

أوروبا منقسمة.. والضغط الدولي رمزي
على صعيد الأصداء الدولية اكتفت 27 دولة -بينها فرنسا، بريطانيا، وكندا- بدعوة العدو الصهيوني إلى السماح بدخول جميع شحنات المساعدات، مؤكدة أن «المجاعة تتكشف أمام أعيننا». لكن المواقف الأوروبية ما زالت منقسمة؛ إذ واصلت ألمانيا والمجر التمسك بعبارة «حق إسرائيل في الدفاع عن نفسها»، قبل أن تعلن برلين، تحت ضغط الرأي العام، تعليق تصدير بعض الأسلحة التي قد تُستخدم في الحرب على غزة.
من جهتها، وصفت نائبة رئيسة المفوضية الأوروبية الوضع في غزة بأنه «يشبه إلى حد كبير الإبادة الجماعية»، في تلميح خجول وحذِر من مسؤول أوروبي رفيع المستوى إلى الطبيعة الحقيقية للعدوان الصهيوني.

النرويج تبيع استثماراتها في 11 شركة «إسرائيلية»
وأعلنت النرويج، عبر أكبر صندوق ثروة سيادي في العالم، بيع استثماراتها في 11 شركة للعدو الصهيوني، فيما دعت نقابات عمالية بلجيكية إلى مقاطعة الرحلات الجوية المتجهة إلى عاصمة العدو «تل أبيب». هذه التحركات، رغم أهميتها الرمزية، لا تزال بعيدة عن مستوى الضغط المطلوب لوقف آلة القتل.
بالتزامن تواصل واشنطن تقديم الغطاء السياسي والعسكري للعدو الصهيوني ليستمر في الإبادة. تصريحات الرئيس الأميركي دونالد ترامب، أمس، جاءت لتكشف حجم الانحياز، إذ أبدى دعماً لتوسيع الإبادة الصهيوني على غزة، مدعياً أن «حماس لن تفرج عن الأسرى إلا بتغيير الوضع».
ترامب، الذي تجنب انتقاد الخطة الصهيونية لاجتياح غزة، تبنى عملياً منطق المجرم نتنياهو القائم على «زيادة الضغط العسكري»، حد وصفه. هذا الموقف ليس شذوذاً عن السياسة الأميركية، بل استمرار لنهج متجذر يقوم على ازدواجية المعايير، حيث تُرفع شعارات حقوق الإنسان في وجه الخصوم، وتُطوى أمام حلفاء الاحتلال.

الميدان يرد.. المقاومة تصمد
على الأرض، ورغم فارق الإمكانات، تمكنت المقاومة الفلسطينية من توجيه ضربات موجعة لقوات العدو الصهيوني. وأعلنت سرايا القدس - الجناح العسكري لحركة الجهاد الإسلامي تدمير 52 آلية عسكرية في شرق غزة.
وقالت سرايا القدس في بيان: «بعد انسحاب العدو جزئياً من مناطق شرق غزة خلال الأيام القليلة الماضية، وبعد الوصول إلى مسارح عمليات جرى تجهيزها مسبقاً بعبوات ناسفة أرضية من نوع «ثاقب» و»زلزال»، وكذلك قنابل من مخلفات العدو جرى هندستها عكسياً، تبين لنا التالي: انفجار وتدمير ما يربو على 52 آلية عسكرية إسرائيلية في مناطق الشجاعية والتفاح والزيتون بعبوات وقذائف».
وأضافت: «ما كانت كاميرات الرصد الخاصة بنا تستطيع أن توثقه من عمليات كنا نقوم بإعلانه، وهناك الكثير من عمليات تفجير لآليات بالعبوات المزروعة مسبقاً لم يتم الإعلان عنها، لعدم تمكننا من الوصول إلى أماكنها وتوثيقها».
وأكدت: «سنواصل ما تحملنا من مسؤولية في قتال العدو، رغم فارق الإمكانات والحرب غير المتكافئة، ولن نستقبله بالورود».

الضفة تحت النار والاستيطان يتمدد
في الضفة الغربية المحتلة أيضاً، تتواصل حملة الاستيطان والتهجير. وصادق كيان العدو على بناء مئات الوحدات الاستيطانية الجديدة، ضمن مخطط يهدف إلى فصل شمال الضفة عن وسطها، وقتل أي إمكانية لقيام دولة فلسطينية مستقبلاً. عمليات الهدم طالت عشرات المنازل، بينها منزل مرخّص في سلواد، في رسالة واضحة مفادها أن القانون لا يطبق إلا بما يخدم مشروع الاحتلال.

 الأسرى.. جرح مفتوح في جسد فلسطين
ويعيش الأسرى في سجون الاحتلال جحيم الانتهاكات: ضرباً مبرحاً، حرقاً بالسجائر، اعتداءات جنسية وحشية، وإهمالاً طبياً متعمداً...
وقال مكتب إعلام الأسرى، في بيان، إن المختطفين الفلسطينيين يواجهون ظروفاً قاسية داخل زنازين كيان الاحتلال، حيث تتكرر هذه الانتهاكات بشكل ممنهج، ما يزيد معاناتهم ويشكل انتهاكاً صارخاً للقوانين الدولية وحقوق الإنسان.
وأكد المكتب أن هذه الممارسات ليست مجرد تجاوزات، بل سياسة ممنهجة ترمي إلى كسر إرادة الشعب الفلسطيني، في انتهاك صارخ لكل المواثيق الدولية.