الشطرنج السورية.. كش ملك
- تم النشر بواسطة خاص / لا ميديا

دمشق: خاص / لا ميديا -
كل الدلائل في رقعة الشطرنج السورية، التي تشهد هذه الأيام معركة شرسة، تؤكد بأن السلطة الانتقالية المؤقتة بدمشق، برئاسة أبو محمد الجولاني خسرت معظم حجارتها الرئيسية، وأن الخصوم في الداخل والخارج، باتوا ينقلون حجارتهم بكل هدوء، استعداداً للخطوة التالية، في كل لعبة شطرنج (كش ملك).
البيان الصادر عن المؤتمر، دعا إلى اعتماد مبدأ اللامركزية، وصوغ دستور ديمقراطي جديد، وعقد مؤتمر وطني سوري شامل، وتشكيل جيش وطني جديد في البلاد، وهي المطالب، التي تحظى بموافقة معظم شرائح وفعاليات، المجتمع السوري.
ما أثار مخاوف سلطة الجولاني، أن المؤتمر، نجح في تصدير صورة جامعة، لمعظم المكونات السورية، وهي الصورة التي فشلت السلطة في ترويجها، وخاصة في المؤتمر الوطني الشكلي، الذي عقدته بشكل مسرحي، وكان هناك إجماع على فشله، وارتداد هذا الفشل على السلطة، لتراكمه إلى جانب كل ما اتخذته من إجراءات فاشلة، وفي مقدمتها البيان الدستوري، الذي كرس الدكتاتورية والطائفية، والحكومة التي لا يزال يغلب عليها لون جبهة النصرة، وصورة المجازر في الساحل السوري، والسويداء، وتفجير الكنيسة في دمشق، إضافة إلى ما تشهده الساحة السورية، من جرائم قتل وتنكيل وسبي، وفشل اقتصادي، ومؤتمرات ومشاريع وهمية، وتقارير موثقة عن سرقات غير مسبوقة، من الشرع وأشقائه، والدائرتين الأولى الثانية في السلطة، لتجعل تهمة الفساد، تطال كل السلطة، وكوادرها، وشيوخها، التي باتت تهيمن، على كل ثروات ومداخيل الدولة السورية.
وساهم في تعزيز هذه الصورة، أن المؤتمر تزامن، مع صدور بيان لمجلس الأمن الدولي، أدان فيه المجازر، التي ارتكبت في الساحل والسويداء وغيرها، وأعاد إحياء القرار 2254، كإطار أساسي للحل في سورية، وخاصة تشكيل حكومة انتقالية، وهذا يخرج عن سلطة الجولاني، صفة الحكومة الانتقالية، التي وردت في القرار، ويجعلها في موقف نظام الرئيس الأسد، قبل سقوطه.
كما ترافق المؤتمر، مع الإعلان عن عقد لقاء تشاوري في بروكسل «للجنة تنسيق المكونات السورية» تمهيداً لعقد مؤتمر مشابه لمؤتمر الحسكة، في بروكسل.
هذه النظرة من سلطة دمشق لمؤتمر الحسكة، جعلها ترفضه بشكل رسمي، عبر بيان للحكومة، نددت فيه بمخرجات المؤتمر، واعتبرته «ضربة لمسار التفاوض» وأعلنت انسحابها من مفاوضات باريس مع قسد، في إشارة إلى عدم الرضا، عن الدور الفرنسي، في رعاية وتنظيم المؤتمر.
كما سوقت السلطة، لتحليلات عبر وسائل إعلامها، كان التشنج واللاحيادية طاغيين عليها، بشكل لافت، مما بعث برسائل تؤكد عجز السلطة، عن اتخاذ أي إجراء، لحل الأزمة السياسية والاجتماعية في سورية، وهو ما عزز الشعور العام عند السوريين، وما يتم تسريبه، من أروقة وكواليس التحركات السياسية والدبلوماسية، في عواصم الدول المعنية بالملف السوري، بأن ثمة رياحاً إقليمية ودولية، سوف تهب على سوريا، في المرحلة المقبلة، مسنودة بعوامل ومعطيات عديدة، تؤكد أن «شهر العسل» الذي عاشته السلطة، منذ سقوط نظام الرئيس بشار الأسد، نهاية العام الماضي، والذي ترافق، مع الدعم الأمريكي والعربي والأوروبي، بدأ يشهد تراجعاً، وتغيراً في المواقف، بعد مجازر الساحل، والسويداء، وتفجير الكنيسة، وبدأت تظهر مواقف واصطفافات جديدة، مثل الصراع الفرنسي -التركي على الأكراد، والتركي -«الإسرائيلي» على الملف الدرزي، وترتيبات الجنوب، وعودة الدور الروسي إلى سوريا، وغير بعيد أن نرى عودة للدور الإيراني.
تركيا التي تستشعر بحساسية مفرطة، من الوضع في سورية، بسبب ارتباط ساحتها الداخلية، بالساحة السورية، ولتأكدها بأن ما سيحدث في سورية، سيحدث في تركيا، استشعرت بدورها الخطر من مؤتمر الحسكة، والتحركات الأخرى حول سورية، فسارعت لإرسال وزير خارجيتها «حقان فيدان» بشكل سريع إلى دمشق، وقيل عن كلام غير ودي بينه وبين الشرع، حيث ترى تركيا، أن مؤتمر الحسكة، يكاد أن يطيح بكل جهودها، لطي الملف الكردي في تركيا، خاصة وأن المؤتمر، عقد بضوء أخضر أمريكي وبمشاركة فعالة من فرنسا، التي تتخذ مواقف سلبية من تركيا، وهو ما ظهر من مقاطعة السلطات السورية، لجولة المفاوضات المقبلة مع قسد في باريس، كما كان مقرراً.
كما أن تركيا، تأخذ الدعوة السعودية، التي جاءت عبر صحيفة «الشرق الأوسط»، لعقد طائف جديد حول سوريا، على محمل الجد، لأنه سيؤدي إلى إضعاف الدور التركي، في سورية والمنطقة، ويعطي مقابلها، ورقة قوة، تعزز القيادة السعودية للمنطقة.
هذه التطورات المتسارعة، تؤكد أن سوريا، دخلت في مرحلة جديدة، لم تعد تنفع معها شعارات ومفردات المرحلة السابقة، مثل من «يحرر يقرر» واتهامات التخوين، والتكفير، والإجراءات الأحادية، وحكومة اللون الواحد، والمؤتمرات والمشاريع الاقتصادية الوهمية، المترافقة مع تقارير الفساد، وأن المهلة التي أعطيت للسلطة، تنفذ بسرعة، مع كل المؤشرات، التي تؤكد، بأنها لم تقرأ الواقع بشكل جيد، واستمرت في مراكمة الأخطاء الكبيرة، وهو ما يعزز الانطباع العام في الشارع السوري، وفي تقارير وتسريبات الكواليس، في العواصم المعنية بالملف السوري، وكلها تؤكد، بأن سورية على أبواب مرحلة جديدة تؤكد كل التقارير والتسريبات بأن تفاصيل إخراجها تدرس اليوم وراء الكواليس وكلها تسير باتجاه اقتراب خطوة (كش ملك) والأهم أن نتاج هذه الكواليس لن يطول الزمن حتى نراها واقعاً على الأرض.
المصدر خاص / لا ميديا