الإعلامي حسين مرتضى لـ«لا»: اليمن قوة إقليمية عظمى تفرض المعادلات وتربك واشنطن و«تل أبيب»
- تم النشر بواسطة عادل عبده بشر / لا ميديا

موقف صنعاء الداعم لغزة تباركه شعوب المنطقة وأحرار العالم
المقاومة وسلاحها خط أحمر والورقة الأمريكية احتلال للبنان
عـادل عبده بشر / لا ميديا -
تشهد الساحة اللبنانية هذه الأيام تفاعلات سياسية وأمنية متسارعة، مع تصاعد التوتر الداخلي عقب إقرار حكومة نواف سلام للمذكرة الأمريكية الخاصة بنزع سلاح حزب الله الموجه ضد العدو «الإسرائيلي»، في وقت تتشابك فيه الملفات اللبنانية مع تطورات حرب الإبادة التي ينفذها «جيش الاحتلال» في غزة بدعم أمريكي على مدار أكثر من 20 شهراً متواصلة، وتنامي دور قوى إقليمية وعلى رأسها اليمن، في مواجهة مشاريع الهيمنة، وسط محاولات «أمريكية إسرائيلية» لإعادة رسم خارطة المنطقة بما يخدم مصالح واشنطن و«تل أبيب».
وسط هذه التطورات تبرز العديد من علامات الاستفهام حول ما ينتظر لبنان والمنطقة ومحور المقاومة بدرجة أساسية في المستقبل القريب، لاسيما في ظل هرولة الإدارة الأمريكية وأنظمة عربية لإحياء ما تسمى بـ«اتفاقات أبراهام» للتطبيع مع العدو الصهيوني.
يرى الإعلامي والمحلل السياسي اللبناني حسين مرتضى أن لبنان يمر بمرحلة «حساسة ودقيقة جداً»، محملا واشنطن وحلفاءها مسؤولية فرض إملاءات تمس السيادة اللبنانية».
ووصف مرتضى في حديث مع صحيفة «لا» ما يمر به لبنان حالياً بعد ما سُمي بـ»ورقة نزع سلاح حزب الله» بأنها «من أصعب المراحل الداخلية التي عرفها البلد على كل المستويات، وتأتي في ظل تغيرات إقليمية كبرى تجعل من الصعب التنبؤ بكيفية معالجة الأمور».
وأوضح أن «هناك حاليا اتصالات كثيرة في هذا السياق»، لافتاً إلى أن لبنان «دخل في مرحلة حساسة ودقيقة قد تهدد الاستقرار الداخلي».
إملاءات «ورقة براك»
مرتضى وصف الوثيقة التي عُرفت إعلاميا بـ»ورقة توم براك» بأنها ليست مبادرة سياسية أو خطة تفاوضية، بل «شروط أمريكية» تم فرضها على الدولة اللبنانية بصيغة نهائية غير قابلة للنقاش أو التعديل، وهو ما أكدته حتى السفيرة الأمريكية في بيروت عندما رفضت أي ملاحظات لبنانية على الورقة.
وقال مرتضى إن «هذه الورقة هي ورقة ضغط وإملاء سياسي أمريكي، بل إنها تعتبر احتلالا أمريكيا للبنان».
وأضاف أن الورقة «تُعتبر جزءاً من استراتيجية أمريكية أوسع، حيث تعمل واشنطن على استخدام أدوات الضغط السياسي والاقتصادي لتطويع الدول المقاومة لمشروعها في المنطقة»، مشدداً على أن هذا النهج يضع لبنان أمام تحديات سيادية كبرى.
سلاح المقاومة خط أحمر
وعن إمكانية نجاح المشروع (الأمريكي -الإسرائيلي) في تجريد حزب الله من سلاحه وتحقيق ما فشل العدو الصهيوني في تحقيقه خلال الحرب المباشرة، قال مدير مركز سونار ميديا الإعلامي حسين مرتضى «إن المسألة ليست بالسهولة التي يتصورها البعض، فالسلاح والمقاومة بالنسبة لشريحة واسعة من اللبنانيين يعتبر خطا أحمر، وهو مرتبط بمعادلة الردع أمام الاعتداءات الإسرائيلية المستمرة».
وأوضح أن «هناك أولويات، وعلى الدولة اللبنانية والأمريكي وغير الأمريكي أن ينفذوا هذه الأولويات، وعندها يتم تنظيم هذا السلاح في إطار رؤية وطنية تحفظ سيادة لبنان وأمنه، وليس وفق إملاءات خارجية تهدف إلى تجريد البلاد من عناصر قوتها».
وكانت الحكومة اللبنانية، الخميس الماضي، قد أعلنت موافقتها على أهداف الورقة الأميركية، التي تتضمن جدولا زمنيا لما يُسمى «نزع سلاح حزب الله» قبل نهاية العام الجاري، وسط رفض حزب الله وحركة أمل لهذه الورقة التي وصفوها بأنها «استسلام» وخضوع للإملاءات الأميركية والإسرائيلية» في وقت لايزال العدو الصهيوني يحتل خمس تلال لبنانية كان قد سيطر عليها خلال عدوان أيلول/سبتمبر 2024م، فضلاً عن مواصلة شن غاراته الجوية داخل الأراضي اللبنانية، منذ وقف إطلاق النار في 27 تشرين الثاني/ نوفمبر العام الماضي.
الغاز والممرات الاقتصادية
وفي تقييمه لمجريات العدوان الصهيوني على غزة، والسيناريوهات المحتملة وفق المتغيرات الراهنة أوضح الإعلامي والمحلل السياسي حسين مرتضى أنه «لا يوجد هناك أفق للحل في غزة»، مشيراً إلى أن المسألة «ليست مسألة حرب أو معركة ضد فصيل من فصائل المقاومة، بل إنها مرتبطة بمشروع إسرائيلي -أمريكي لإعادة رسم خارطة المنطقة».
وقال: «طالما هناك احتلال في سوريا وفي لبنان وهناك متغيرات كثيرة في خارطة المنطقة، فإن الإسرائيلي سيستمر في مشروعه لاحتلال غزة ولاستكمال خطوط الغاز والممرات الاقتصادية».
وأشار مرتضى إلى أن «إسرائيل» تسعى إلى تثبيت سيطرتها على مسارات الغاز في شرق المتوسط، سواء باتجاه قبرص وأوروبا عبر البحر، أو عبر الأراضي السورية نحو تركيا، مؤكداً أن الولايات المتحدة تشرف على تنفيذ هذه الخطة ضمن مشروع جيوسياسي واسع لإعادة توزيع النفوذ والثروات.
قوة إقليمية
في السياق لم يُخفِ الإعلامي حسين مرتضى إعجابه بالموقف اليمني الداعم لغزة وحركات المقاومة في المنطقة، واصفا اليمن بـ»القوة الإقليمية الكبرى التي أثبتت قدرتها على فرض المعادلات وإغلاق الممرات المائية في وجه إسرائيل دعماً للشعب الفلسطيني، وفرض شروطها على القوى الكبرى».
وأشار إلى أن التجارب العسكرية والسياسية خلال السنوات الماضية أظهرت أن واشنطن و»تل أبيب»، ومعهما ما سُمي بـ»التحالف العربي» الذي قادته السعودية والإمارات بدعم أمريكي للعدوان على اليمن، فشلوا جميعهم في إخضاع صنعاء أو تحجيم دورها».
وقال «نحن اليوم أمام قوة أصبح لها التأثير والدور الكبير، وموقفها من غزة تباركه وتثمنه كل شعوب المنطقة وأحرار العالم»، متوقعاً أن يتسع تأثير الموقف والدور اليمني في الفترة المقبلة وربما يتخذ مساراً تصعيدياً إذا تغيرت المعطيات الإقليمية.
النفوذ الأمريكي
وفي معرض تعليقه على الحديث عن تراجع النفوذ الأمريكي في الشرق الأوسط، رفض حسين مرتضى هذا الطرح، مؤكداً أن واشنطن ما زالت تملك أدوات السيطرة في ملفات حساسة، من فلسطين إلى سوريا ولبنان، وتعمل على خلق أزمات جديدة في العراق واليمن، كما نفذت اعتداءات مباشرة على إيران.
ويرى أن المشروع الأمريكي لم يكتمل بعد، وأنه من المبكر الحديث عن تراجع نفوذها في المنطقة.
الدور السعودي
وحول الحديث عن تطبيع محتمل بين السعودية وسوريا من جهة، و»إسرائيل» من جهة أخرى، اعتبر مرتضى أن ما تقوم به السعودية هو «أخطر من التطبيع» بل إنه «يتجاوز التطبيع الشكلي إلى تبني سياسات تخدم المشروع الأمريكي -الإسرائيلي مباشرة».
وقال: «إذا نظرت إلى السياسات السعودية، اليوم، ستجد أنها تخدم التطبيع أكثر من التطبيع. عندما نشاهد أن السعودي في لبنان هو الذي يضغط لسحب سلاح المقاومة، وهو الذي يريد أن يتحكم بالساحة السورية، وهو الذي يدفع الأموال لقتل الشعب الفلسطيني، من خلال تمويل ثمن الصواريخ والقنابل الأمريكية التي قصفتنا في لبنان وتقصف الآن أبناء غزة، وهي مبالغ بمليارات الدولارات سلمتها المملكة لترامب في زيارته الأخيرة».
وأضاف: «الدور السعودي أخطر بكثير من مصطلح التطبيع، هو جزء أساسي من عملية الهيمنة الإسرائيلية الأمريكية في المنطقة، وجزء أساسي في طمس وإنهاء القضية الفلسطينية، وفي كل ما يجري من إشكاليات في المنطقة، وهو الذي كان رأس حربة في الحرب التي شُنت على سوريا خلال السنوات الماضية».
قضية لا تنتهي بالاتفاقيات
وشدد الإعلامي حسين مرتضى على أن أي اتفاق يُبرم على دماء الفلسطينيين لن يحظى بشرعية شعبية، وأن الأجيال القادمة ستواصل المقاومة دفاعاً عن أرضها وهويتها. وأكد أن القضية الفلسطينية قضية شعب وأرض، ولا يمكن إنهاؤها أو شطبها مهما كانت الضغوط أو الاتفاقيات الدولية.
وقال «نحن هنا نتحدث عن شعب، عن أرض، ونتحدث عن أصحاب هذه الأرض، وهذا الوطن، لذلك لا يمكن لأحد أن يخرجنا من لبنان أو من فلسطين المحتلة أو أن ينهي القضية الفلسطينية، المسألة مسألة شعوب، وطالما هذه الشعوب موجودة، ستبقى المقاومة قائمة ولن يتم إنهاء أي قضية من قضايانا المحقة».
مشهد إقليمي معقد
وفيما يتعلق بتأثير جميع هذه التطورات وهذا المسار على محور المقاومة وتوازن القوى في المنطقة والمشهد السياسي العربي، أوضح المحلل السياسي حسين مرتضى أن «المشهد السياسي في المنطقة ما زال ضبابياً، مع احتمالية التصعيد أكثر في المرحلة المقبلة»، ومن المبكر الحديث عن مسارات وتوازن قوى في المنطقة.
وقال: «طالما لم تتضرر المصالح الأمريكية بشكل مباشر في منطقتنا، سيبقى الأمريكي يلعب هذا الدور الخبيث في دعم إسرائيل والتغطية على الجرائم التي يرتكبها كيان الاحتلال، والتغطية على الأنظمة التي تدعم هذا الكيان».
وأكد مرتضى في ختام حديثه مع «لا» بأن المعلومات المتداولة حول إعادة تفعيل غرفة العمليات المشتركة بين واشنطن والرياض وأبوظبي لإحداث اضطرابات في اليمن، دليل على أن هذه القوى لا تفهم إلا لغة القوة، وأن تحجيم نفوذها شرط أساسي لإنهاء الهيمنة الأمريكية في المنطقة.
المصدر عادل عبده بشر / لا ميديا