تقرير / لا ميديا -
منذ 680 يوما وقطاع غزة أرض تتنفس الموت وتقاومه في آن واحد. وصارت الأيام هناك، تُقاس بعدد الشهداء لا بعدد الساعات، وهناك تحول الجوع إلى سلاح بيد العدو الصهيوني، والماء إلى أمنية، والنجاة إلى معجزة مؤجلة.
في غزة، كل خبر يبدأ بدمٍ وينتهي بركام، وكل رقم هو قصة إنسان، وطفولة مقتولة، وأم ثكلى تنتظر عودةً لن تتحقق.
وفي آخر مستجدات الإبادة خلال الساعات المظلمة والثقيلة الماضية في غزة، أعلنت وزارة الصحة قطاع غزة، أمس، أن 70 فلسطينياً استشهدوا وأصيب 385 آخرون خلال الساعات الأربع والعشرين الماضية جراء القصف المتواصل لقوات الاحتلال، فيما سجلت المستشفيات استشهاد 11 حالة إضافية نتيجة سوء التجويع وسوء التغذية، بينهم طفل، لترتفع حصيلة شهداء التجويع منذ السابع من تشرين الأول/ أكتوبر 2023 إلى 251 شهيداً، بينهم 108 أطفال.
ومع هذه الأرقام المفزعة، ترتفع الحصيلة الإجمالية لضحايا عدوان الإبادة منذ بدايته إلى 61,897 شهيداً و155,660 مصاباً، بينهم 1924 شهيداً وأكثر من 14,288 مصاباً نتيجة المجاعة ونيران الاحتلال التي تستهدف المدنيين المنتظرين للمساعدات.

مجاعة مدروسة وحصار قاتل
منذ الثاني من آذار/ مارس الماضي، أغلق العدو الصهيوني جميع المعابر المؤدية إلى غزة، ما أدخل أكثر من 2.4 مليون إنسان في جحيم المجاعة، رغم تكدس شاحنات المساعدات عند الحدود. وبالترافق مع دعاية كاذبة بدخول المساعدات يسمح العدو الصهيوني بدخول فتات من الإغاثة لا تكفي لسد الحد الأدنى من احتياجات السكان، في حين حذر برنامج الأغذية العالمي من أن ثلث سكان القطاع «لم يأكلوا منذ أيام عدة».
وأكد مدير عام وزارة الصحة بغزة، منير البرش، أن استمرار منع الغذاء والدواء يدخل في إطار «سياسة القتل البطيء»، مشدداً على أن وفيات الأطفال جراء سوء التغذية «تمثل جريمة موثقة أمام العالم».

الاحتلال يمحو حي الزيتون
في موازاة ذلك، كشف المرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان أن قوات العدو الصهيوني ارتكبت خلال الأيام الستة الماضية عملية تدمير ممنهجة في حي الزيتون شرق مدينة غزة، أسفرت عن هدم نحو 400 منزل باستخدام الطائرات الحربية والروبوتات المفخخة.
وأشار المرصد إلى أن العملية العسكرية العدوانية الواسعة التي بدأت في 11 آب/ أغسطس الجاري «تندرج ضمن خطة إسرائيلية لفرض السيطرة الكاملة على مدينة غزة وتهجير سكانها قسرياً»، حيث اضطر أكثر من 90 ألف مواطن للنزوح تحت القصف المكثف.
وأضاف أن «نصف المنازل المدمرة لم تُسجل فيها أي اشتباكات مسلحة، ما يؤكد أن الهدف ليس عسكرياً بل تدمير مقومات الحياة الفلسطينية»، محذراً من أن ما يجري هو «فصل جديد من الإبادة الجماعية المعلنة».
المرصد الأورومتوسطي شدد في بيانه على ضرورة تنفيذ أوامر القبض الصادرة عن المحكمة الجنائية الدولية بحق بنيامين نتنياهو ويوآف غالانت، ومحاسبة قادة الاحتلال على الجرائم المرتكبة. كما طالب جميع الدول بتحمل مسؤولياتها القانونية لوقف الإبادة الجماعية عبر «أفعال ملموسة، لا بيانات إنشائية».

عمليات عسكرية جديدة المقاومة
رغم العدوان الشامل والمدمر على قطاع غزة، واصل المقاومون الفلسطينيون عملياتهم ضد قوات العدو الصهيوني. فقد أعلنت كتائب القسام وسرايا القدس عن استهداف مواقع قيادة وسيطرة لقوات العدو في خان يونس ورفح بعدد من قذائف الهاون. كما أكدت سرايا القدس قصف مقر للاحتلال في حي الزيتون بقذائف «هاون 60».
من جهتها، عرضت كتائب شهداء الأقصى مشاهد لاستهداف مستوطنة «مفتاحيم» بصاروخ محلي الصنع من طراز «KN-103»، فيما أفادت قوات الشهيد عمر القاسم بأنها استولت على مواد متفجرة كان الاحتلال يستخدمها لتفجير منازل المواطنين في شمال القطاع.

احتجاجات وتواطؤ دولي
على الصعيد الدولي، شهدت لندن تظاهرة حاشدة أمام قاعدة سلاح الجو الملكي البريطاني في هاي ويكومب، بدعوة من المنتدى الفلسطيني وشركائه، للتنديد بالدعم البريطاني للاحتلال. واتهم المتظاهرون بريطانيا بـ»التورط المباشر في الجرائم»، عبر تزويد العدو الصهيوني بمعلومات استخباراتية وقطع عسكرية تستخدم في العدوان.
يأتي ذلك فيما قضت المحكمة العليا البريطانية مؤخراً بشرعية تصدير مكونات طائرات «إف-35» إلى العدو، رغم إدراكها أنها ذاهبة لتنفيذ جرائم إبادة بحق الفلسطينيين.

الضفة تحت النار
لم تتوقف جرائم المحتل الصهيوني عند حدود غزة، إذ واصل الغاصبون العربدة في مدن الضفة الغربية المحتلة. فقد أصيب مسن وطفل وشاب أمس في حلحول شمال الخليل باعتداء للغاصبين، كما أضرموا النار في مركبات وكرفانات بقرية المغير شمال شرق رام الله، وهاجموا مناطق في بيت لحم والأغوار.
وقالت وسائل إعلام فلسطينية إن مساحة الأراضي التي استولى عليها الغاصبون بين رام الله وأريحا تعادل 381 كيلومتراً مربعاً، أي أكبر من مساحة قطاع غزة.