تقرير / لا ميديا -
دخلت الإبادة الجماعية التي يقترفها العدو الصهيوني في قطاع غزة يومها الـ688، محمّلةً بسجل دموي من المجازر والتهجير القسري والتجويع الممنهج، في واحدة من أفظع الجرائم ضد الإنسانية في العصر الحديث.
وأعلنت وزارة الصحة في غزة، اليوم، ارتفاع حصيلة الشهداء منذ السابع من تشرين الأول/ أكتوبر 2023 إلى 62,686 شهيداً وأكثر من 157,951 إصابة، فيما لا يزال آلاف الضحايا تحت الأنقاض وفي الطرقات.
منذ استئناف العدوان ونكث العدو الصهيوني اتفاق وقف إطلاق النار في 18 آذار/ مارس الماضي، فقط، ارتقى أكثر من 10,842 شهيداً، جلهم نساء وأطفال، وأصيب نحو 45,910.
بالتزامن، فجّرت قوات الاحتلال، اليوم، روبوتات مفخخة في جباليا، وواصلت جريمة نسف المنازل السكنية في رفح والشيخ رضوان وغرب غزة. كما استهدفت النازحين، إذ قصفت الطائرات خيمة للمدنيين في منطقة السرايا، مخلفةً شهداء وجرحى، في مشهد يعبر عن السلوك العدواني الوحشي للاحتلال الصهيوني.
على صعيد حرب التجويع سجّلت المستشفيات في غزة ارتقاء 289 شهيداً بسبب التجويع، بينهم 115 طفلاً، وهو رقم يختصر وحشية حرب التجويع التي يمارسها العدو الصهيوني الحاقد.
فلا تقتصر آلة القتل الصهيونية على الصواريخ والقنابل، بل هي ممتدة لتشمل التجويع الممنهج. ثمانية شهداء جدد، بينهم طفلان، فارقوا الحياة، اليوم، نتيجة الجوع وسوء التغذية، لترتفع حصيلة ضحايا سياسة «الموت البطيء» إلى 289 إنساناً.

العدو يعد لمرحلة دموية جديدة
في ظل ذلك كله، يستعد العدو الصهيوني لارتكاب المزيد من الجرائم الفظيعة، إذ يحضر لمرحلة جديدة من عدوانه الدموي عبر خطته الإجرامية «مركبات جدعون 2»، التي تهدف لطمس ما تبقى من مدينة غزة بالنار.
ونقلت وسائل إعلام غربية، اليوم، عن مسؤول صهيوني أمني سابق قوله: «الجيش سيتبع في غزة أسلوب: دمر كل شيء أولاً، ثم تقدم ببطء».
مخططات الاحتلال لا تعني سوى جريمة كبرى ضد أكثر من مليوني إنسان محاصرين بأصناف الموت، بلا غذاء ولا ماء ولا دواء ولا مأوى... من جهتها تحذّر الأمم المتحدة من «مجاعة غير مسبوقة» تضرب كل سكان القطاع.

العدو يفجر طاولة السياسة
سياسياً، رغم قبول حركة المقاومة الإسلامية حماس مقترح الوسطاء لوقف إطلاق النار، يصرّ رئيس وزراء الاحتلال، المجرم بنيامين نتنياهو، على إفشال أي اتفاق، ساعياً لاستمرار الإبادة كسلوك دموي إجرامي يراه العدو الصهيوني ضامناً لبقائه.
حركة حماس أكدت مجدداً أن نتنياهو هو «المعطل الحقيقي» لوقف إطلاق النار وصفقات التبادل. واعتبرت، في بيان، اليوم الأحد، أن تصديق رئيس وزراء الاحتلال على خطة احتلال غزة، بعد موافقتها على مقترح الوسطاء، يؤكد إصراره على عرقلة الاتفاق.
وأشارت حركة حماس إلى أنّها وافقت على صفقة جزئية، وأبدت استعداداً لصفقة شاملة؛ لكن نتنياهو يرفض كل الحلول، لافتةً إلى أنّ اعترافات «إسرائيلية» وأميركية تؤكّد أن نتنياهو هو المعطل الحقيقي لصفقات التبادل ووقف إطلاق النار.
من جهة أخرى وصفت حركة حماس استقالة وزير الخارجية الهولندي، كاسبر فيلدكامب، وعدد من زملائه في الحكومة، بأنه «موقف شجاع وأخلاقي»، بعد فشلهم في إقناع الائتلاف الحاكم بفرض مزيد من العقوبات على «إسرائيل»، التي تواصل حربها على قطاع غزة.
وقالت حماس في بيان: «نشيد بموقف فيلدكامب، واستقالته مع عدد من الوزراء».
وأضافت أن «هذا الموقف المبدئي في مواجهة حرب الإبادة والتجويع التي يتعرض لها الشعب الفلسطيني، يجسد القيم الإنسانية، ويؤكد الالتزام بأسس القانون الدولي، ويوجه رسالة قوية بضرورة التحرك لوقف العدوان ضد المدنيين الأبرياء».

أوروبا تتحرك والعرب يلتزمون الصمت
وكان وزير الخارجية الهولندي قدم استقالته، الجمعة، بعد فشله في إقناع الحكومة المؤقتة بفرض عقوبات إضافية على «إسرائيل».
وأعقب ذلك موجة استقالات جماعية لبقية وزراء حزب العقد الاجتماعي الجديد، الذي ينتمي إليه فيلدكامب، بحسب ما نقل موقع «نوس» الإخباري الهولندي، نقلا عن مصادر في الحزب، وذلك احتجاجاً على عرقلة إجراءات ضد كيان العدو الصهيوني على خلفية عدوان الإبادة في غزة، معتبرين أن استمرار المجازر في غزة لا يتيح مجالاً للصمت.
وزير الخارجية الهولندي كاسبر فيلدكامب قالها بوضوح: «الحزبان الآخران في الحكومة يعرقلان أي خطوات لزيادة الضغط على إسرائيل». نتيجة لذلك، انهارت الأغلبية الحكومية وتحولت البلاد إلى حكومة تصريف أعمال.
المفارقة المُرّة أن هذا الموقف الجريء جاء في دولة أوروبية بعيدة جغرافياً وقومياً ودينياً عن فلسطين، بينما في المقابل، يقف كثير من الساسة العرب صامتين، مكتفين ببيانات باهتة وصمت مُخزٍ، في وقت يتعرض فيه ملايين الفلسطينيين للذبح الجماعي. المقارنة موجعة: وزراء هولنديون يضحّون بمناصبهم دفاعاً عن غزة، بينما بعض الحكومات العربية ما زالت تراهن على «العلاقات الاستراتيجية» مع القاتل الصهيوني.

غزة في شوارع عواصم عالمية
من ملبورن أستراليا إلى فيينا النمسا، تشهد العواصم الغربية تظاهرات ضخمة تحمل الأعلام الفلسطينية وتصف ما يجري في غزة بـ»الإبادة». في أستراليا وحدها، خرجت أكبر مسيرة منذ عقود، شارك فيها عشرات الآلاف، مطالبين بطرد «السفير الإسرائيلي» ووقف صفقات السلاح.
وفي النمسا، صدحت أصوات المتظاهرين بشعار «غزة لا بد أن تحيا»، بينما رفعوا صور أطفال غزة الذين حوّلهم الحصار إلى هياكل عظمية قبل أن يقتلهم التجويع أو القصف.
وفي بلجيكا هتفت حشود المتظاهرين بالتحية لكتائب عز الدين القسام.
وأظهرت مقاطع هتافات النشطاء باسم «عز الدين» وهم يرفعون العلم الفلسطيني في العاصمة البلجيكية بروكسل، خلال مسيرة داعمة لغزة والمقاومة، ومنددة بحرب الإبادة والتجويع الصهيونية.
هذه المواقف الشعبية الغربية تضع العالم العربي الرسمي في مرآة محرجة تكشف السقوط الفاضح والمستقبل المظلم الذي تسير نحوه الأنظمة العربية.