تقريـر/ نشوان دماج / لا ميديا -
تصوير/ عادل بشر
في حضرة الشهادة، تنحني الهامات ولا تقف، ووحدها صنعاء تعرف كيف تجعلها تقف شامخة بلا انحناء، لتصطف حشودا أمام النعوش الطاهرة تؤدي صلاة العشق، عشق الذين ارتقوا وهم يؤدون واجبهم الديني والوطني، في الدفاع عن كرامة اليمن، وفي نصرة المظلومين في فلسطين، فكانوا صوت الحق في زمن الصمت، وكانوا جسراً بين الأرض والسماء.
ها هم اثنا عشر كوكبا تزينت بهم سماء الحق، ورقى بهم محراب الشهادة كتابا في عليين يُزفون موكبا واحدا يجسد عظمة التضحية وروح البذل وصمود الموقف.
وها هي صنعاء تتشح بياضا في واحد من أعراسها المهيبة وهي تشيع كوكبة من أبنائها قضوا نحبهم شهداء على طريق القدس بعد أن قتلتهم يد المجرم ذاته الذي يعيث فسادا وقتلا في الأرض.

شيّع اليمن في موكب جنائزي مهيب، أمس، شهداء حكومة التغيير والبناء الذين ارتقت أرواحهم في العدوان الإسرائيلي الغادر والجبان الذي استهدفهم يوم الخميس الماضي في العاصمة صنعاء، وهم:
الشهيد المجاهد أحمد غالب ناصر الرهوي -رئيس حكومة التغيير والبناء.
الشهيد المجاهد القاضي مجاهد أحمد عبدالله علي -وزير العدل وحقوق الإنسان.
الشهيد المجاهد معين هاشم أحمد المحاقري -وزير الاقتصاد والصناعة والاستثمار.
الشهيد المجاهد الدكتور رضوان علي علي الرباعي -وزير الزراعة والثروة السمكية والموارد المائية.
الشهيد المجاهد جمال أحمد علي عامر -وزير الخارجية والمغتربين.
الشهيد المجاهد الدكتور علي سيف محمد حسن -وزير الكهرباء والطاقة والمياه.
الشهيد المجاهد الدكتور علي قاسم حسين اليافعي -وزير الثقافة والسياحة.
الشهيد المجاهد سمير محمد أحمد باجعالة -وزير الشؤون الاجتماعية والعمل.
الشهيد المجاهد هاشم أحمد عبدالرحمن شرف الدين -وزير الإعلام.
الشهيد المجاهد الدكتور محمد علي أحمد المولد -وزير الشباب والرياضة.
الشهيد المجاهد محمد قاسم الكبسي -مدير مكتب رئاسة الوزراء.
الشهيد المجاهد زاهد محمد العمدي -سكرتير مجلس وزراء.
وانطلقت مراسيم التشييع من ميدان السبعين بالعاصمة صنعاء حيث أُديت صلاة الجنازة على جثامين الشهداء التي لفت بالعلم، يتقدمها حرس الشرف، ليتم مواراة الجثامين الثرى في روضة الرئيس الشهيد صالح الصماد.
وجسدت مراسيم التشييع مشهدا مهيبا من الحضور الجماهيري الكبير الذين امتلأ بهم ميدان السبعين، أكبر ميادين العاصمة صنعاء، وسط مشاعر دافقة أولها الفخر والاعتزاز بهؤلاء الشهداء، وآخرها الوفاء لنهجهم وإكمال طريقهم، وحمل دمائهم مسؤولية مع دماء شهداء الأمة من فلسطين إلى لبنان وكل مكان.
وخلال التشييع أكد القائم بأعمال رئيس الوزراء، العلامة محمد مفتاح، أن الشعب اليمني يواجه أعتى امبراطوريات الاستخبارات في العالم، مشيرا إلى أن المنظومة الصهيونية بالكامل من الإدارة الأمريكية إلى الكيان الصهيوني إلى صهاينة العرب، هي من استهدفت الحكومة في سياق الاستهداف لكل من يقف في وجه مشروع الهيمنة الصهيونية على المنطقة.
وتوجه القائم بأعمال رئيس الوزراء، بخالص التعازي لقائد الثورة السيد عبدالملك بدر الدين الحوثي باستشهاد هذه الكوكبة من خيرة رجال الوطن وفي مقدمتهم رئيس مجلس الوزراء ولأسر الشهداء والشعب اليمني الذي له موقف مشرف وعظيم، وأحاط الشهداء بالمساندة أثناء أداء واجبهم.
وقال: «هذا الحضور الشعبي يلحق الهزيمة بالعدو، والحضور في كل الساحات والميادين مشرف»، مؤكدًا أن العالم ينتظر حضور الشعب اليمني العظيم في يوم الملحمة الإيمانية يوم الوفاء لخاتم الأنبياء في ذكرى مولده عندما تجتمع حشود غير مسبوقة في تاريخ الجزيرة العربية، والمنطقة والعالم، في مختلف مناطق اليمن في ملحمة حقيقية لا يصنعها إلا شعب وصفه النبي صلى الله عليه وآله وسلم بأنه شعب الإيمان والحكمة.
وأوضح مفتاح أن الجهاز الحكومي للدولة متكامل ويعمل بروح الفريق الواحد، يسانده الالتفاف الشعبي العظيم والإرادة اليمنية بحكمة القائد العظيم، حيث «لا قلق على أداء الجهاز الحكومي بل سيتقوى، لأن دماء الشهداء تعطينا الحافز والمعنوية والإصرار، فدولة المؤسسات قائمة فعلا وما تم بناؤه خلال 11 عاماً بعد ثورة 21 سبتمبر لن يتأثر، وسيستمر الأداء الحكومي في مواجهة العدوان والتصدي له بإدارة الشأن اليومي للشعب اليمني».
وأشار القائم بأعمال رئيس الوزراء، إلى أنه لن يحدث أي اضطراب أمني ولا تمويني ولا إداري، مطمئنا الجميع بأن الوضع الأمني والتمويني مستقر واحتياطيات الدولة وأداء الحكومة جيد، حيث تجري مراجعة خطة العام القادم والتفكير في مشاريع استراتيجية مهمة في توطين الصناعات المهمة وخاصة المرتبطة بالخامات اليمنية في التعدين وأمور كبيرة جدًا يتم التجهيز والإعداد لها وسترى هذه الخطط النور.
وعبر عن الفخر والاعتزاز بتشييع الشهداء الأبطال، رئيس مجلس الوزراء وتسعة من زملائه الوزراء في الحكومة مع مدير مكتب رئاسة الوزراء وسكرتير مجلس الوزراء، مؤكدًا أن الشهداء كانوا في تمام الرضا والفخر بموقفهم وعلى قناعة كاملة ومطلقة واستعداد للتضحية.
بدوره، عبر مفتي الديار اليمنية، العلامة شمس الدين شرف الدين، عن خالص التعازي لقائد الثورة السيد عبدالملك بدر الدين الحوثي ورئيس المجلس السياسي الأعلى فخامة المشير مهدي المشاط، في استشهاد رئيس حكومة التغيير والبناء أحمد غالب الرهوي، وعدد من رفاقه الوزراء إثر استهدافهم من قبل العدو الصهيوني في ورشة عمل تقييمية لأداء الحكومة الخميس الماضي.
وأكد مفتي الديار اليمنية أن الشعب اليمني ثابت على موقفه المساند للقضية الفلسطينية والداعم للمجاهدين في غزة مهما عظمت التضحيات وبلغت التحديات، مشيرا إلى أن استشهاد رئيس حكومة التغيير والبناء ورفاقه الوزراء، لن يزيد الشعب اليمني إلا مزيداً من الثبات والصمود في مواجهة الكيان الصهيوني الغاصب وشريكه الأمريكي ومواصلة إسناد القضية الفلسطينية والمجاهدين في غزة.
وأضاف: «هناك أمور ينبغي التنبيه عليها، وهي الحفاظ على الوحدة اليمنية، وجمع الكلمة، ووحدة الصف في مواجهة أعداء الله، ونعلم أن أعداءنا يعملون ليلًا ونهارًا، لا ينامون عنا في الدسائس وشراء الذمم، فعلينا أن نتقي الله تعالى، فإن علمنا أن أحدًا ما، سلك هذا المسلك، علينا المسارعة في الإبلاغ عنه، ما لم سنكون من المتسترين عليه، وهذا لا يجوز فالرسول صلى الله عليه وآله وسلم قال من آوى محدثاً لم يقبل الله تعالى منه صرفاً ولا عدلًا».
وتابع العلامة شرف الدين: «ديننا يقضي بأن نكون شهداء بالقسط، إذا علمنا أن أحدًا من أقاربنا يتعامل ويتخابر مع العدوان، فالواجب علينا ديناً أن نسارع في الإبلاغ عنه، حتى نحفظ الكثير من الدماء والأرواح، ونحافظ على وحدتنا وقوتنا ومبدئنا وموقفنا الثابت مع غزة وفلسطين».
واعتبر العلامة شرف الدين الشهادة وساما لا يماثله شيء في الدنيا، وهؤلاء الشهداء العظماء قضوا نحبهم في سبيل الله، واقفين وثابتين وصامدين في وجه العدوان الصهيوني، الأمريكي.
واختتم كلمته بالقول: «هذه الثلة المؤمنة هم أحياء عند ربهم، وفي ضيافته وكرمه، ولا بد لنا أن نتحرك ونجاهد مثلهم حتى نلقى الله على طريق الشهادة ودرب الاستشهاد».
من جانبهم، أكد المشيعون أن دماء الشهداء لن تذهب سدى، بل ستكون وقوداً لمزيد من الصمود في مواجهة العدو الصهيوني الأمريكي، ونصرة المستضعفين في غزة.. لافتين إلى أن اليمن بتضحياته الجسيمة التي يقدمها في سبيل الانتصار لمظلومية أبناء الشعب الفلسطيني الشقيق في قطاع غزة والضفة الغربية، ودفاعا عن المقدسات، يجسد قوة الانتماء لأمته وقضاياه المصيرية وعلى رأسها القضية الفلسطينية.
وعبر المشيعون عن الثقة في أن القوات المسلحة اليمنية بما تمتلكه اليوم من قدرات نوعية قادرة على ردع الأعداء والثأر للشهداء ومواصلة نصرة المظلومين في غزة.. سائلين الله تعالى الرحمة لرئيس حكومة التغيير والبناء ورفاق دربه الشهداء وكافة الشهداء الذين ارتقت أرواحهم على طريق القدس.
وجسد الحضور اللافت لمئات المواطنين من أبناء المحافظات المحتلة والذين حضروا للمشاركة في التشييع تأكيدا على أن هذه الكوكبة من الشهداء تمثل الطيف اليمني الكامل، وأن التضحيات التي بذلوها هي رسالة عظيمة لكل أبناء اليمن، وخصوصًا في المحافظات الجنوبية، بأن الشرف والموقف والكرامة اليوم تنطلق من صنعاء، لا من أبوظبي أو الرياض.
وأشار المشاركون من أبناء المحافظات المحتلة إلى أن هذه الدماء الزكية تعيد التأكيد على أن اليمنيين، بمختلف انتماءاتهم، صف واحد في معركة الدفاع عن القضية الفلسطينية ومواجهة المشروع الصهيوني الأمريكي في المنطقة، وهذه الدماء رسالة إلى الداخل والخارج، ورسائل بالدم من صنعاء إلى غزة، مشددين على أن رسالة الشهيد أحمد الرهوي ورفاقه، الذين ارتقوا وهم في مسار خدمة الشعب وتوفير الخدمات في ظل الحصار والعدوان، هي دعوة لكل أحرار اليمن للالتحاق بمسيرة التحرر الوطني التي تقودها صنعاء.