مواطنون يتحدثون لـ«لا»عن جريمة اغتيال رئيس الحكومة ورفاقه:كلنا مشروع شهادة لأجل القضية الفلسطينية
- تم النشر بواسطة بشرى الغيلي/ لا ميديا

استطلاع: بشرى الغيلي / لا ميديا -
لم تكن جريمة استهداف العدو الصهيوني لرئيس حكومة «التغيير والبناء» وعدد من رفاقه، وارتقائهم شهداء، مجرد حدث عابر، بل تُمثل محطة فارقة في سياق الصراع مع العدو، كما تعيد طرح أسئلة كبرى حول طبيعة المرحلة، وحجم التضحيات، ومسار المعركة التي لم تعد محصورة في بعدها المحلي، بل تجاوزت لتأخذ أبعادًا أوسع على مستوى الأمة.
ومن هنا جاء استطلاع صحيفة (لا) لرصد ردود أفعال مختلف شرائح المجتمع؛ من الشباب، والنساء، إلى العلماء والوجهاء، والتجار، والمزارعين والشباب، حول دلالات هذا الحدث، وكيف أثّر في وعي الناس، وموقف أبناء اليمن في إسناد ونصرة أبناء غزة.. خاصة وأن المواطن اليمني لم يعد يكتفي برفع الشعارات، بل يتحدث اليوم بلغة التضحيات بفخر.. وهنا تُقرأ الشهادة لا كوداعٍ، بل كبداية لعصر جديد من الصمود.
دليل إفلاس للعدو
آراء مختلفة أكدت في مجملها صلابة الموقف الشعبي، والبداية كانت مع أحمد القاضي (رجل ستيني)، الذي شدد على أن «استهداف القادة دليل إفلاس للعدو.. ولن تنال من عزيمة الناس، فكل شهيد يولد معه ألف قائد جديد.. الحرب اليوم حرب جواسيس قبل أن تكون حرب طائرات».
أما عبدالكريم المطري (تاجر) فيؤكد أن «الضربة زادت من إصرارنا وهذا دليل أننا في الطريق الصحيح.. المولد النبوي يذكرنا أن النبي واجه أعظم قوى وانتصر.. اليمنيون اليوم يد واحدة، والخائن منبوذ حتى لو كان من بيته».
من جهتها بدت صفية الحرازي (عاملة) واثقة من صلابة الموقف الشعبي، وتقول: «استشهاد قادتنا في الصفوف الأولى فخر لنا.. ويعطينا قوة أكبر.. الخيانة ما لها مكان بيننا، والدولة لازم تزيد حذرها لأننا نواجه حربا استخباراتية خطيرة».
لن يضعفنا بل يزيدنا قوة
تتقاطع هذه الأصوات لتؤكد أن اليمنيين رغم الجراح ماضون في خيارهم، وأن التهديدات لن تزيدهم إلا تماسكا وهنا آراء لبعض الشباب الذين يحملون القضية في دمائهم الشابة.
يقول أنس الهمداني (طالب جامعي): «ما حدث متوقع، نحن في حرب مع أقذر أجهزة الاستخبارات ومع إسرائيل نفسها، لكن هذا لا يضعفنا بل يزيدنا قوة. دمنا فداء، والكوادر لا تنتهي».
أما زيد السالمي فيؤكد أن استهداف القادة ليس مفاجئًا، لأن «العدو عاجز في الميدان، فيلجأ لضرب الرموز، ومع كل شهيد يولد ألف قائد جديد».
من جهته يوضح يوسف عاطف (طالب جامعي) أن الطلاب على وعي كامل بطبيعة الحرب، «الاستهداف متوقع ونحن في مواجهة مباشرة مع إسرائيل وأدواتها، كوادرنا كثيرة، واليمن كله فداء».
ويختتم آراء فئة الشباب محمد اليريسي بالقول: «هذا طبيعي في حرب كبيرة، إسرائيل تحاول الاختراق، لكننا مستعدون، الطلاب في الصفوف الأمامية، والدم لا يوقفنا بل يشعل الطريق».
نجل وزير العدل ينعى والده ورفاقه
«لقد ارتكب العدو الصهيوني جريمة حرب مكتملة الأركان، تضاف إلى سجله الأسود الحافل بالمجازر، في انتهاك صارخ للقانون الدولي الإنساني، وميثاق الأمم المتحدة، وكل الأعراف والمواثيق الحقوقية، لكننا ندرك أن القانون لا يحمي إلا من يحرسه، وأن دماء الشهداء هي التي تكتب تاريخ الأمم، وتصنع رصيدها الأخلاقي والقانوني أمام العالم».
ذلك ما كتبه على صفحته بالفيسبوك أحمد مجاهد نجل الشهيد المجاهد مجاهد أحمد عبدالله، وزير العدل وحقوق الإنسان..
وختم نعيه قائلاً: «رحمك الله يا والدي الشهيد، ورحم الله رفاقك من الوزراء، أنتم اليوم لستم أسماء في سجل الموت، بل أعمدة في سجل الخلود، ووصاياكم ستظل حية في قلوبنا، أن نتمسك بالعدل، وأن نصون السيادة، وأن نواصل الدرب حتى يتحقق النصر، ويُهزم العدوان، وتشرق شمس الحرية والكرامة على أرض اليمن وفلسطين وسائر أمتنا».
من أجلِ القدس وغزة
بينما يشتد القصف وتتصاعد التحديات، تواصل المرأة اليمنية إثبات حضورها وصمودها، رافعة راية القدس وفلسطين في وجه كل محاولات الإخضاع.. تقول أم هاشم القيسي (سيدة خمسينية): «قدمت ولدي شهيداً من أجل القدس وغزة، وهذا شرف لي، ورغم استهداف القادة، إلا أننا ماضون بثقة تحت راية السيد عبدالملك الحوثي، واحتفالنا بالمولد النبوي رد عملي على العدو».
من جانبها تؤكد الطالبة الجامعية، إيمان العامري أن المرأة اليمنية صنعت من القصف مدرسة للصمود، حيث «درست تحت القصف وتعلمت أن المرأة هنا لا تعرف الخوف، دماؤنا فداء لفلسطين وغزة، واستهداف القادة دليل ضعف العدو».
أما أم الشهيد كميل الشرعبي فتعتبر أن الشهادة أسمى وسام يمكن أن تناله الأسرة اليمنية، وتضيف: «ابني استشهد وهو يهتف للقدس، وأراه فخراً لي، نحن النساء قدّمنا الشهداء وسنقدّم المزيد، لأن فلسطين أمانة في أعناقنا، المولد النبوي مناسبة عظيمة نجتمع فيها رغم القصف، وثقتنا بالله وبقائد المسيرة ثابتة».
لن يخيفونا
في جزئية آراء وتضحيات المرأة.. تضيف أم علي العلفي، وبلهجة لا تعرف المساومة: «استهداف القادة لن يخيفنا، بل يزيدنا يقيناً أن دربنا هو درب القدس، وأن السعودية والإمارات أدوات للعدو، لكن عزيمتنا لن تنكسر».
صوت آخر يفيض بالحماس، الطالبة رحاب القاسمي التي تقول: «حتى ونحن صغار تعلمنا أن دماءنا فداء لفلسطين وغزة، لا مكان للخوف بيننا واحتفالنا بالمولد النبوي يزيدنا قوة».
يستهدفون هوية الأمة
وللصوتِ الأكاديمي مساحة في استطلاعنا هذا، الدكتور عبدالحميد جريد، أستاذ العلوم السياسية، أكد أن ما جرى لا يمكن النظر إليه كقضية يمنية خالصة، لأن «إسرائيل لا تحارب اليمن بذاته، بل لأنها ترى فيه صوتاً عالياً باسم فلسطين والقدس.. ودماء القادة هنا هي دماء الأمة كلها، والمعركة ليست معركة قطر واحد، بل معركة أمة كاملة في مواجهة عدو مشترك».
أما الدكتورة فاطمة صالح (كلية المجتمع) فذهبت إلى زاوية اجتماعية أوسع، وتقول: «هذا العدوان يستهدف هوية الأمة كلها.. نحن لا نُستهدف كأفراد أو كدولة فقط، بل كجزء من أمة الإسلام التي حملت قضية فلسطين منذ عقود.. الشهداء يسقطون باسم الأمة، والمعركة تُخاض باسم الأمة، فيما يتسع الوعي الشعبي ليشمل القضايا المركزية وفي مقدمتها القدس».. هكذا بدا واضحاً أن الاستهداف يتجاوز حدود الجغرافيا، ليصير مواجهة مفتوحة باسم الأمة كلها ضد العدو الصهيوني.
نزداد قوة ورفعة
لم يُنظر إلى استشهاد رئيس الوزراء أحمد غالب الرهوي وعدد من رفاقه الوزراء على أنه حادث محلي فحسب، بل كواقعة أممية حملت صدى كربلاء في ذاكرة الأمة، المنابر القرآنية والخطابية توافقت على أن دماء الشهداء اليوم جسور عز تربط اليمن بالقدس، وتجعل المعركة جامعة لكل المسلمين، الشيخ صالح القدسي تحدث من منبر الولاء والبراء قائلاً: «استهداف الرهوي ليس خسارة لليمن، بل شرف للأمة كلها، نحن نفرح بالشهادة ولا نحزن عليها».
الخطيب عبده عريج (مسجد الستين)، ربط المشهد بجذور التاريخ، حيث قال: «حين يسقط القادة شهداء، نقول لهم هنيئًا لكم كما قلنا للإمام علي والحسين، المعركة ليست يمنية، بل أممية بامتياز، معركة الولاء لله والبراء من أعدائه».
الحافظ محمد داوود أكد أن «الاستشهاد وعد قرآني، يقول تعالى: (ولا تحسبن الذين قتلوا في سبيل الله أمواتًا، بل أحياء عند ربهم يرزقون). لذا فإن رئيس الوزراء ورفاقه في صفوف الشهداء مع علي والحسين، دماؤهم نور، وتثبت للعالم أن اليمن يقاتل باسم القدس وباسم الأمة الإسلامية كلها».
الحافظة أمينة محمد ترى أن المشهد امتداد للهوية القرآنية لليمن، «استشهاد الرهوي عز وكرامة للأمة، دماؤه جسر يربط صنعاء بالقدس، ويجمع الأمة كلها على خط القرآن».
ويقول مجاهد المطري (أحد وجهاء صنعاء): «استشهاد رئيس حكومتنا ووزرائنا وسام عز، لا مجال فيه للحزن، نحن قوم نزداد قوة بالضربات، وهذه دماء رفعتنا إلى مصاف الأمم الحرة».
فيما عبّر معين البحش (أحد وجهاء إب) عن موقف لا يقل صلابة: «نحن لا نخاف بل نصنع الخوف في قلوب أعدائنا.. الرهوي ورفاقه دخلوا التاريخ قادةً لم يختبئوا خلف الشعب، بل تصدّروا الصفوف، ودماؤهم رفعت مقام اليمن».
أما عبدالكريم المرهبي (أحد وجهاء عمران)، فقد أكد أن هذه الدماء تفتح أبواب المواجهة لا الانكسار، «من يظن أن اغتيال قادتنا سيرهبنا فهو أحمق، نحن لا نُشيّع موتى، بل رايات عزة.. الرهوي ورفاقه رحلوا بأكرم نهاية، مواجهة عدو الأمة».
ناجي علي الغادر (أحد وجهاء خولان) جاءت كلماته لتعكس شعور الفخر أكثر من الحزن، يقول: «الرهوي لم يكن مجرد رئيس وزراء، بل مشروع شهادة، اليوم دخلنا عصر القادة الشهداء، ومعركتنا مع إسرائيل لم تعد شعاراً، بل دماءً وشجاعةً تتحدى العالم».
ختامًا يتضح من خلال الاستطلاع أن جريمة استهداف حكومة «البناء والتغيير» لا تقتصر على بُعد سياسي أو عسكري فحسب، بل تمثل حدثًا ذا أبعاد وطنية وإنسانية عميقة، فقد أظهرت النتائج أن شريحة واسعة من المشاركين في الاستطلاع ترى في هذا الاستشهاد تجسيدًا لتلاحم وتكاتف الشعب مع القيادة، ودليلًا على تضحياتها في سبيل الدفاع عن السيادة والكرامة الوطنية.
المصدر بشرى الغيلي/ لا ميديا