تقارير أمريكية تكشف فشل الاحتلال في كسر إرادة اليمن.. اغتيال قيادات حكومة صنعاء.. رصاصة «تل أبيب» ترتد إلى صدرها
- تم النشر بواسطة عادل عبده بشر / لا ميديا

عادل بشر / لا ميديا -
لم يمر اغتيال رئيس وزراء حكومة صنعاء وعدد من الوزراء بغارات "إسرائيلية" على العاصمة صنعاء نهاية آب/ أغسطس الفائت، دون أن يحظى بقراءات معمقة في مراكز الأبحاث والإعلام الأمريكي. فبينما حاول الكيان الصهيوني تسويق العملية كـ"إنجاز نوعي"، كشفت تقارير غربية أن التداعيات تسير بعكس ما أراد الاحتلال، وأن الرصاصة التي أُطلقت على صنعاء، ارتدت على صدر "تل أبيب"، ولم تجد تلك الأبحاث في هذه الغارات سوى أنها مغامرة خاسرة، أشبه بمن يحاول إخماد حريقٍ بصب البنزين عليه.
واللافت أكثر أن مراكز أبحاث وصحفاً أمريكية بارزة، كـ"معهد واشنطن لسياسات الشرق الأدنى" وموقع "Responsible Statecraft"، لم تُجمّل الصورة، بل قدمت توصيفات قاسية أظهرت حجم الخيبة "الإسرائيلية".
"إسرائيل" تلعب بالنار
موقع Responsible Statecraft الأمريكي وصف العدوان الصهيوني على صنعاء بأنه "لعب بالنار"، مؤكدا، في تقرير حديث، أن الاغتيالات لم تؤد إلى إضعاف حركة أنصار الله أو ردعها عن إسناد غزة، بل عززت قناعة صنعاء بأن المواجهة انتقلت إلى مرحلة إقليمية مفتوحة، وأن "إسرائيل" تعيد إنتاج فشل "الرياض وأبوظبي" في الرهان على القوة لكسر صنعاء.
وأشار التقرير إلى أن اغتيال "إسرائيل" لرئيس الوزراء أحمد الرهوي وعدد من الوزراء لم يكن مجرد عملية عسكرية بل "إعلان انخراط مباشر في حرب استنزاف مستمرة منذ عامين بين أكثر جيوش المنطقة تقدماً تكنولوجياً وبين أكثر قوة صلابة"، واصفاً قوات صنعاء بأنها "خصم صلب، بارع في الإخفاء، ومتقن للحرب غير المتكافئة على أرض وعرة كاليمن".
وأوضح أن "الاغتيالات لا تمثل استهدافا لمجرد بنية تحتية منهكة، بل دفعا لإسرائيل نحو مواجهة خصم يتحمل الخسائر البشرية"، مُذكراً بلجوء "واشنطن" للهدنة مع صنعاء مطلع أيار/ مايو الماضي "للخروج من حملة جوية أمريكية مكلفة وغير مجدية".
ووصف التقرير ذلك الاتفاق بأنه مثَّل "نصراً كبيراً للحوثيين"، وأن صنعاء خرجت من الحملة الأمريكية المكثفة، غير مهزومة.
وقال: "الأهم أن الصفقة عُقدت من دون التشاور مع إسرائيل أو الحكومة اليمنية الموالية للسعودية والإمارات، الأمر الذي ترك الطرفين مكشوفين"، مضيفاً "بالنسبة لإسرائيل، يعني الانسحاب الأميركي أنها تُركت وحدها في مواجهة التهديد الحوثي. أما بالنسبة لمجلس القيادة الرئاسي، ذلك الكيان المتصدع، فكان الأمر ضربة مدمرة".
واجهة سياسية مدنية
وفيما أفاد تقرير موقع Responsible Statecraft الأمريكي، بأن الهجوم على اجتماع حكومة صنعاء، يُعد "استعراضاً لقوة إسرائيل"، إلا أن ذات التقرير أكد بأن هذا الهجوم لم يكن ذا أهمية استراتيجية، فمن تم استهدافهم هم "واجهة سياسية مدنية وليسوا جزءاً من القيادة العسكرية والأيديولوجية السرية التي تُشكل مركز الثقل الحقيقي لصنعاء".
تصعيد بلا مكاسب
من جانبه، اعتبر معهد واشنطن لسياسات الشرق الأدنى، في تقرير له أمس، أن الغارات على صنعاء وما أعقبها من استهداف القوات المسلحة اليمنية لسفن "إسرائيلية" قرب ميناء ينبع السعودي ومناطق جديدة في البحر الأحمر، تؤكد أن المواجهة مرشحة للاتساع.
وكما في تقرير موقع Responsible Statecraft، أشار معهد واشنطن إلى أن "إسرائيل أخفقت في إصابة مركز الثقل في صنعاء"، موضحا أن من قتلتهم الغارات الصهيونية "كانوا في معظمهم سياسيين وتكنوقراط غير منخرطين في البنية العسكرية اليمنية".
وفي المقابل، وفقاً لمعهد واشنطن، أفرزت الجريمة نتائج سياسية لصالح صنعاء. فالشارع اليمني التفّ أكثر حول القيادة، وتحول الاغتيال إلى عامل تعبئة جديدة تحت شعار "اليمن في قلب معركة غزة"، وأن الرسالة التي خرجت من صنعاء للعالم كانت واضحة: لا اغتيالات ولا غارات ستوقف اليمن عن إسناد فلسطين واستهداف الاحتلال.
وبخلاف ما كانت "إسرائيل" تتوقعه، فقد زادت هذه الضربة، وفقاً لمعهد واشنطن، "أنصار الله" مناعة، وجعلت استهداف قيادات الصف الأول العسكرية والسياسية، مستقبلاً، مهمة أكثر صعوبة وربما شبه مستحيلة، نظراً لخبرتهم الطويلة في التخفي والعمل السري، إضافة إلى أن جريمة الاغتيال ستدفعهم إلى مضاعفة إجراءاتهم الأمنية، ما يعني أن الاحتلال أغلق بيده آخر النوافذ التي كان يراهن عليها.
موت سريري
إلى جانب ذلك، كشفت التحليلات الأمريكية، لمعهد واشنطن وموقع Responsible Statecraft، عن عمق الانقسامات داخل ما يسمى بـ"مجلس القيادة الرئاسي" الموالي للرياض وأبوظبي، وأنه يعاني شللاً وصراعات داخلية بين رئيسه "رشاد العليمي" المدعوم سعوديا، وحلفاء أبوظبي وعلى رأسهم عيدروس الزبيدي وطارق صالح. هذا التفتت -بحسب القراءة الأمريكية- يحول دون صياغة أي استراتيجية موحدة، قد تبني عليها "تل أبيب" أملاً في إسقاط سلطة صنعاء والقضاء على "أنصار الله".
وأشارت إلى أن قوى المرتزقة لم تستفد من الغارات "الإسرائيلية". بل العكس، زادت الخلافات الداخلية وصراعات النفوذ بينهم. وعززت هذه القراءة ما سبق لبعض المراكز الأمريكية تأكيده بأن ما يسمى بـ"المجلس الرئاسي" يعيش "موتا سريريا". ما يعني أن الرهان على بديل سياسي أو عسكري جاهز لمواجهة صنعاء مجرد وهم، الأمر الذي يجعل من صنعاء "سُلطة بلا منازع".
وخلاصة الأمر في ما تقوله تقارير واشنطن بوضوح هي أن "إسرائيل لم تحقق إنجازاً يُذكر. لم توقف دعم صنعاء لغزة، ولم تردعها عن استهداف السفن الصهيونية أو المرتبطة بالاحتلال في البحر الأحمر، ولم تُضعف قدراتها العسكرية. بل وحّدت جبهتها الداخلية، وأربكت خصومها المحليين، وزادت مناعة قادتها".
هكذا تحولت جريمة الاغتيال في صنعاء إلى رصاصة مرتدة، أصابت صدر "تل أبيب" وأظهرتها عاجزة عن قراءة الواقع. ومع كل خطوة متهورة في اليمن، تغرق "إسرائيل" أكثر في الورطة التي صنعتها بيدها، بينما تبقى صنعاء أكثر حضورا وقوة، في الميدان وفي الوعي العربي المقاوم.
المصدر عادل عبده بشر / لا ميديا